وليام روتو.. قصة بائع متجول وصل إلى رئاسة كينيا
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
رجل أعمال ورئيس كينيا والقائد العام لقوات الدفاع، ولد عام 1966، وعاش حياة الفقر التي ألهمته طريق السياسة، وكانت سببا لترؤسه البلاد، وذلك لقربه من حياة شعبه ومعرفته بمعاناته. لكن كينيا عانت من أزمة اقتصادية، حاول حلها بقانون للضرائب، مما تسبب باندلاع موجة احتجاجات عامة منتصف عام 2024 اتسمت بالعنف.
المولد والنشأةولد وليام روتو يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 1966، في سامبوت بمقاطعة أوسين جيشو، لأسرة متدينة من عرقية الكالينجين التي تعد أكبر الشعوب النيلية بمنطقة "الصدع الأفريقي" غرب البلاد وثالث أكبر عرقية في كينيا.
عاش الفتى روتو منذ صغره حياة الفقر، ولم يستطع ارتداء حذاء حتى بلغ الـ15 من عمره، وقضى أيامه يبحث ويعمل حتى يجمع مالا يعين به أسرته، فباع الدجاج والفول السوداني بالطرق كما يقول، وقرر البحث عن عمل يغنيه، فعمل على تطوير نفسه وتفوق أكاديميا وأنشأ مشاريع تجارية كوَن منها ثروة، ثم دخل معترك السياسة.
تزوج روتو من راشيل شيبيت عام 1991 وأنجبا 7 أبناء.
روتو مع قوات الدفاع قبل انتشارها بعملية لحفظ السلام شرق الكونغو الديمقراطية عام 2022 (رويترز) الدراسة والتكوين العلميالتحق روتو بمدرسة سامبوت الابتدائية، ثم انضم إلى مدرسة وارينغ الثانوية في إلدوريت، قبل أن ينتقل إلى مدرسة كابسابت الثانوية بمقاطعة ناندي. واستطاع الالتحاق بجامعة نيروبي والتخرج منها متخصصا في علم النبات وعلم الحيوان عام 1990.
وأكمل دراساته العليا بالجامعة نفسها، وحصل على درجة ماجستير العلوم في علم البيئة النباتية عام 2008، ثم درجة الدكتوراه في علم البيئة النباتية عام 2018.
التجربة السياسيةبدأ روتو مسيرته السياسية عام 1992 بانضمامه إلى الجناح الشبابي لحزب "الاتحاد الوطني الأفريقي الكيني" (كانو) وساهم في تأسيسه، ودعم الجناح ترشيح دانيال أراب موي، الذي ترأس البلاد بعدها، وهو من شعب الكالينجين.
برز الشاب روتو من حينها، وظهرت قدراته الخطابية، وأسلوبه في حشد الناس لقربه من مجتمعهم، فقد عاش فقرهم معهم وبات يعرف طموحاتهم وأحلامهم وما يريدون.
اختير روتو لمهمة تعبئة الناخبين في أول انتخابات متعددة الأحزاب، وحينها برزت قدراته حتى قرّبه منه الرئيس آراب موي، وبات روتو تلميذه في عالم السياسة وتعلم على يديه أسرارها.
عام 1997 انضم للبرلمان عضوا عن دائرة إلدوريت الشمالية الانتخابية عن حزب "كانو" واستمر في منصبه 3 فترات حتى عام 2013.
نشط روتو عام 2002 في حملة أوهورو كينياتا من حزب "كانو" لكنه خسر أمام مرشح مجموعة المعارضة الموحدة المتعددة الأعراق مواي كيباكي (صار الرئيس الثالث لكينيا) من تحالف "قوس قزح" الوطني. وعامها تولى روتو منصب وزير الداخلية لفترة وجيزة.
عام 2007 طعن مرشح المعارضة رايلا أودينغا في نزاهة إعادة انتخاب كيباكي، واتهمه بتزوير الأصوات، فاندلعت على إثر هذه الحادثة أعمال عنف ذات طابع عرقي، واستمرت شهرين، وتسببت بمقتل أكثر من 1100 شخص وشرّدت الآلاف.
وتدخل الاتحاد الأفريقي لحل النزاع، واستطاع التوسط باتفاق لتقاسم السلطة، وصوت الكينيون عام 2010 بأغلبية ساحقة لتبني دستور جديد ألغي فيه منصب رئيس الوزراء وعدلت السلطة التنفيذية، وفوضت السلطة والموارد للأقاليم الـ7.
حينها شغل روتو منصب رئيس اللجنة البرلمانية للإصلاح الدستوري بالبرلمان التاسع، وعمل على تشكيل اللجنة. وعام 2005 انتخب أمينا عاما لحزب "كانو" وعامها أجرت الحكومة استفتاء على دستور جديد مقترح.
كان روتو من معارضي الدستور الجديد، فشكّل تحالفا مضادا مع شخصيات بأحزاب بارزة سياسيا، وبدأ حملته في الترويج لرفض الدستور، وعلى إثرها رفض أغلبية الناخبين الوثيقة الجديدة.
وأعلن بعدها رغبته الترشح للرئاسة، لكنه لم يلق دعم حزبه "كانو" فحاول الترشح مع الحركة الديمقراطية البرتقالية، وهو التحالف الذي أنشئ ضد تغيير الدستور عام 2005، لكنه خسر لصالح أودينغا. واستقال من منصبه أمينا عاما لحزب "كانو" رسميا في أكتوبر/تشرين الأول 2007.
نائب رئيس الوزراءوفي انتخابات عام 2007، دعم روتو المرشح أودينغا للإطاحة بكيباكي، وأظهرت النتائج الأولية فوز أودينغا، لكن النتائج الرسمية بعدها أعلنت فوز كيباكي بفارق ضئيل، على إثر ذلك اندلعت احتجاجات عنيفة في البلاد بدعوى تزوير الانتخابات، وأخذت الاحتجاجات طابعا عرقيا، وشاركت فيها عرقية الكيكويو (منها كيباكي) والكالينجين (منها روتو) واللوه (منها أودينغا).
وأدت جهود الوساطة لوقف أعمال العنف، وفي أبريل/نيسان 2008 شكلت حكومة ائتلافية عُيّن فيها كيباكي رئيسا وأودينغا رئيس الوزراء، بينما تقلد روتو وزارة الزراعة بالحكومة الائتلافية عام 2008، وبعد عامين وزيرا للتعليم العالي.
وخلال توليه حقيبة الزراعة، أحيى مشاريع الري وتوفير الأسمدة بأسعار معقولة للمزارعين في قطاعات الذرة وقصب السكر والقهوة والشاي لتعزيز الإنتاجية وتأمين الوصول إلى الأسواق.
وأدى الخلاف مع أودينغا إلى ترك روتو حزب الديمقراطية البرتقالية، والتحق بالحركة الديمقراطية المتحدة، قبل أن يستقر بالحزب الجمهوري المتحد عام 2012.
وبدأت المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في أعمال العنف التي اندلعت عام 2007، وأصدرت في ديسمبر/كانون الأول 2010 قائمة فيها 6 أفراد قالت إنهم المسؤولون عن التحريض للعنف، وكان روتو وكينياتا من بينهم.
وفي يناير/كانون الثاني 2012، اتهم روتو بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فترة ما بعد الانتخابات، واتهم بتنظيم وتنسيق هجمات استهدفت مجموعات عرقية دعمت كيباكي.
وعمل روتو بعدها مع كينياتا وشكلا تحالف اليوبيل عام 2012 مع حزب الجمهورية المتحدة، وترشح كينياتا رئيسا للدولة، وروتو نائبا وأطلق عليهما الثنائي "أوهو روتو" بينما ترشح آخرون من بينهم أودينغا ونائبه ستيفن كالونزو موسوكا.
وفاز الثنائي "أوهو روتو" بأكثر من 50% من الأصوات، وشغل روتو منصب نائب رئيس كينيا في 3 أبريل/نيسان 2013، وبقي فيه حتى سبتمبر/أيلول 2022. وطعن أودينغا في نتيجة الانتخابات.
وفي 10 سبتمبر/أيلول 2013 بدأت الجنائية الدولية بمحاكمة روتو، لكن القضية أغلقت لعدم توفر أدلة كافية لإدانته، وتم إعلان إمكانية إعادة محاكمته بالمحكمة نفسها أو في محكمة وطنية. وبعد انتهاء المحاكمة، رشح روتو نفسه لانتخابات عام 2017.
رئيسا لكينياأعيد تشكيل الأحزاب بائتلاف اليوبيل في سبتمبر/أيلول 2016، مما أدى إلى إنشاء حزب واحد تحت اسم "حزب اليوبيل" وترشح كينياتا وروتو لإعادة انتخابهما بانتخابات 8 أغسطس/آب 2017.
ونجح الثنائي للمرة الثانية، وحصلا على أكثر من 54% من الأصوات. ومرة أخرى طعن أودينغا بالنتيجة، فدعت المحكمة العليا لإجراء انتخابات في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2017، ومع ذلك قاطع أودينغا وأنصاره الانتخابات.
وفاز كينياتا وروتو مرة أخرى، وبأغلبية ساحقة، وكان ذلك بسبب ضعف إقبال الناخبين، وخلال هذه الولاية فترت العلاقة بين الثنائي "أوهو روتو" واقترب روتو من أودينغا أكثر عام 2018.
ومع بدء انتخابات 2022 كان روتو قد خرج من حزب اليوبيل، وصار مرشحا رئيسيا لحزب التحالف الديمقراطي المتحد الذي كان جزءا من تحالف كوانزا الكيني للأحزاب السياسية، وفي فبراير/شباط أعلن كينياتا تخليه عن روتو وقال إنه غير مؤهل للرئاسة، وأعلن دعمه لأودينغا.
وفي أغسطس /آب 2022، انتخب روتو ليمثل الحزب الديمقراطي المتحد، أحد الأحزاب الرئيسية في تحالف كوانزا الكيني. وفاز بأكثر من 7 ملايين صوت، أي 50.49% من إجمالي الأصوات، وحصل منافسه أودينغا على قرابة 6 ملايين صوت مما يشكل نسبة 48.85% من الأصوات، بحسب اللجنة المستقلة للانتخابات.
وأدى روتو اليمين الدستورية يوم 13 سبتمبر/أيلول 2022. ومنذ انتخابه اقترب من القوى الغربية، وقدّم نفسه على أنه تقدمي فيما يتعلق بتغير المناخ، ورفض الانضمام لمعظم الدول الأفريقية في إدانتها الصريحة لإسرائيل بسبب الحرب على غزة، وبدلا من ذلك أعلن موقفا "أكثر حيادية" حسب تقديره.
وبالنسبة للولايات المتحدة على وجه الخصوص، برز روتو باعتباره الزعيم الأكثر قدرة على البقاء شرق أفريقيا، والذي يستحق ولاؤه الدعم، في منطقة تتميز بعلاقات بين واشنطن والرئيس الأوغندي يوري موسيفيني وكذلك رئيس رواندا بول كاغامي متوترة.
وقد انتخب روتو على أساس برنامجه الانتخابي الذي أعلن فيه الدفاع عن العاملين الفقراء في كينيا، لكنه وجد نفسه عالقا بين مطالب ملحة لمقرضين مثل صندوق النقد الدولي، الذي حث الحكومة على خفض العجز حتى تحصل على مزيد من التمويل، وبين السكان الذين يعانون من ارتفاع تكلفة المعيشة.
ولم تكن فترة رئاسته سهلة، فقد اندلعت احتجاجات منتصف عام 2024 ضد مشروع القانون الذي يهدف لجمع ضرائب إضافية بقيمة 2.7 مليار دولار لخفض عبء عجز الموازنة، إذ تستهلك مدفوعات الفائدة وحدها 37% من الإيرادات السنوية، وبلغت الديون 82 مليار دولار، لكن الرئيس أعلن التراجع عن توقيع القانون.
وعانت كينيا من أزمة اقتصادية أدت إلى انخفاض قيمة الشيلينغ (العملة المحلية) بنسبة 22% مقابل الدولار منذ عام 2022، مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والنقل والطاقة، في حين ظل الدخل على حاله إلى حد كبير.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سبتمبر أیلول روتو من أکثر من
إقرأ أيضاً:
في العامين الماضيين..يونسكو: كل 4 أيام يقتل صحافي
قال تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يونسكو، اليوم السبت، تزامناً مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الصحفيين، إن صحافياً واحداً قُتل كل أربعة، أيام خلال العامين الماضيين.
وأشار التقرير إلى أن من بين 162 جريمة قتل للصحافيين في 2022 و2023، تحققت منها بواسطة منظمة يونسكو في باريس، كان أكثر من نصفها في دولة تعاني من النزاع المسلح. وأوضح التقرير أن معظم هؤلاء ماتوا في بلدانهم.وأوضح التقرير نصف السنوي، الذي يحلل وضع سلامة الصحافيين حول العالم، أن الذين لاقوا حتفهم في دول لا تعاني من نزاع، قتلوا بسبب عملهم في مكافحة الجريمة المنظمة، أو الفساد أو أثناء تغطيتهم للاحتجاجات.
وذكر التقرير، أن الاغتيالات الـ 162 بين 2022 و2023 تمثل "زيادة بـ38% عن العامين السابقين، اللذين سجلت فيهما يونسكو 117 جريمة قتل. وهو أيضاً أكبر عدد من جرائم القتل منذ 2016 و2017 ".
وقالت يونسكو، إن الدولة التي شهدت أكبر عدد من جرائم القتل في 2022 كانت المكسيك بـ 19، أما في2023 فسجل أكبر عدد في الأراضي الفلسطينية، بقتل 24 صحافياً
وأفاد التقرير بأن أمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي، والدول العربية، هي المناطق التي شهدت مقتل أكبر عدد من الصحافيين.