مئوية ثورة 1924.. أيقونة في مهب الرياح


“كانت ثمرة صراع حول من له التعبير عن إرادة الأمة السودانية وقيادتها ضد الاستعمار الإنجليزي والمصري الثنائي على البلاد”

عبد الله علي إبراهيم

ملخص
جاء العيب لثورة 1924 أخيراً من باب أنها حجر الزاوية الـتأسيسي لحصر هوية السودان على العروبة والإسلام لتنطبع بهما دولته المستقلة في عام 1956، مستبعدة هويات أقوامها الآخرين.

فكانت مهمة التحرير الوطني وقعت على جيل الثورة والجيل الذي تلاه من صفوة الشمال النيلي والأوسط العرب المسلم، في حين تغيبت عنها صفوات الأقوام الأخرى لأسباب مختلفة.

مرت منذ الـ19 من يونيو (حزيران) الجاري الذكرى المئوية لثورة 1924 ضد الاستعمار الإنجليزي في السودان. وصارت فيناً أيقونة وطنية ساهرة. ولكن تمر مئويتها تحت نار حرب يحاكم فيها طرف “قوات الدعم السريع” دولة 1956 التي غرست بذرتها هذه الثورة كباكورة نضال الحركة الوطنية الحديثة لأجل الاستقلال. وسبق لصفوة الحركة الشعبية لتحرير السودان أن رأت منذ التسعينيات عواراً في ثورة 1924 أخرجت به أثقالاً عرقية بها حيال أفارقة السودان.

التعبير عن إرادة الأمة

كانت الثورة ثمرة صراع حول من له التعبير عن إرادة الأمة السودانية وقيادتها ضد الاستعمار الإنجليزي والمصري الثنائي على البلاد. فتنازع فريقان تلك المنزلة وهما قوى الأعيان من زعماء الطوائف الصوفية والقبائل وبيوت المراتب التقليدية عامة، وقوى “الأفندية” التي خرجت من معطف الاستعمار الذي غلب فيه الإنجليز، فحصلت على الوظائف الدنيا في جهاز الدولة من كتبة ومحاسبين ومترجمين ومساحين ومعلمين من خريجي كلية غردون (1902). وكان ميل الأعيان لإنجلترا، أرادوها وصياً يأخذ بالبلد حتى تبلغ الحكم الذاتي مستقبلاً، في حين مال الأفندية إلى مصر. وقوى عزائم الأفندية السياسية نجاحهم في تكوين تنظيم سياسي علني هو “اللواء الأبيض” في 1924 ليحمل رأيهم في مالآت بلادهم.

عقيدة الأفندية

وكانت عقيدة الأفندية هؤلاء ليس أن الأعيان طبقة متخلفة عن الحداثة التي شوقتهم لها المعارف الجديدة في المدارس، التي زودتهم باللغة الإنجليزية للاطلاع على مجريات العالم فحسب، بل إنهم أيضاً استذلوا للإنجليز بخلاف عنهم “وفي صحائفنا ما في صحائف من باعوا ضمائرهم للغاصب النهم”. أما الأعيان فاستنكروا من الأفندية طلب قيادة الأمة وهم على ما فيهم من ضعة في الأصل والفصل، فما عرف عنهم الصدارة في القوم دينياً ولا قبلياً.

وخرجت أول تظاهرة للثورة في الـ17 من يونيو 1924، إثر قرار القوتين المستعمرتين المتشاكستين التفاوض في ما بينهما حول وضع السودان. فهرع كل من الأعيان والأفندية لجمع التوقيعات من السودانيين لتعزيز وضع المفاوض الذي يحظى بتأييده. وحدث أن ألقت الإدارة الاستعمارية القبض على مندوب “اللواء الأبيض” الذي حمل توقيعات تعزيز الجانب المصري في المفاوضات قبل بلوغه مصر. وأعادوه للسودان ليعد “اللواء الأبيض” تظاهرة محدودة لاستقباله في محطة السكة الحديد بالخرطوم. وقامت التظاهرة على رغم غياب المندوب لأن الإنجليز أنزلوه في محطة الخرطوم بحري، ثم أعقبتها تظاهرة أخرى أكبر في الـ19 من يونيو في تشييع مأمور مدينة أم درمان المصري عبدالخالق حسن، دعا فيها الخطيب الحاج الشيخ عمر الطالب بمعهد أم درمان العلمي إلى إطاحة الإنجليز والوحدة بين مصر والسودان.

تعلق الثورة بمصر

كان تعلق الثورة بمصر بالغاً فحمل أنصارها في تظاهراتهم علم “اللواء الأبيض” وعليه رسم نهر النيل من منبعه إلى مصبه والعلم المصري على جانب منه. بل حمل ثوارها العلم المصري نفسه في تظاهرات تلت التظاهرة الأولى حين اشتد نكير الإنجليز عليهم. وكانوا يهتفون باسم الخديوي فؤاد ملكاً على مصر والسودان وبحياة سعد زغلول.
ولم تقتصر التظاهرات على الخرطوم، فعمت البلاد حتى اضطر الإنجليز لاستدعاء فرق إضافية للمعاونة في حفظ الأمن الذي فلت. وما عمم التظاهرات في أنحاء القطر شمالاً وجنوباً أمران، هما خلايا “اللواء الأبيض في نواحيه وفرق الجيش المصري المبثوثة فيها. فخرجت التظاهرات في بحر أغسطس (آب) وشملت بلدات من الصعب القول إنها شاركت حتى في ثورات السودان المتأخرة. فتظاهرت بورتسودان، وشندي والأبيض وحلفا وأم روابة ودنقلا وأبودليق وأبو حمد وأرقو وكبوشية ودلقو والدامر والفاشر وبارا والدلنج وتلودي وأم روابة وشركيلا وسنجة والكاملين والحصاحيصا والدويم والقطينة وكوستي وواو والرنك وشامبي وكدوك وملكال. وغالباً ما كانت هذه التظاهرات لغرض استقبال معتقل من قادة الحركة مر بواحدة من هذه المدن.

واتخذت التظاهرات صورة عسكرية مرتين، فتظاهر طلاب الكلية الحربية بالزي التشريفي للجيش، ولكنهم مسلحون إذا طرأ ظرف. وحملوا صورة الملك فؤاد والعلم المصري. وساروا حتى دار علي عبداللطيف الضابط السابق وزعيم الحركة المعتقل ليحيوا العازة، زوجته. وانتهوا معتقلين في باخرة على النيل.
أما الصورة العسكرية الأكثر عنفاً وتضريجاً فكانت بعد اغتيال السير لي استاك، الحاكم العام الإنجليزي للسودان في القاهرة في عام 1924. فقررت الحكومة الإنجليزية تفكيك الوجود العسكري لمصر في السودان. ولم تقبل الفرق السودانية في الجيش المصري ذلك القرار. ففي الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) تمردت الفرقة 11 بقيادة ستة ضباط و120 جندياً وطلبت أن تغادر مع فرق الجيش المصري يداً بيد. وبالفعل تحركت تلك الفرقة إلى الخرطوم بحري لتنضم إلى الجيش المصري هناك لترحل معه. وخاطبهم هيوبرت هدلستون الحاكم بالإنابة فرفضوا السماع له وطلبوا أن يخاطبهم ضابط مصري. ونشبت معركة بينهم وبين الجيش الإنجليزي خلدتها الوطنية والشعر السودانيين، لضروب البطولة التي أظهروها في الدفاع عن أنفسهم.

تأسيس هوية السودان

وجاء العيب لثورة 1924 أخيراً من باب أنها حجر الزاوية الـتأسيسي لحصر هوية السودان على العروبة والإسلام لتنطبع بهما دولته المستقلة في عام 1956، مستبعدة هويات أقوامها الآخرين. فكانت مهمة التحرير الوطني وقعت على جيل الثورة والجيل الذي تلاه من صفوة الشمال النيلي والأوسط العرب المسلم، في حين تغيبت عنها صفوات الأقوام الأخرى لأسباب مختلفة. وأعظم تلك الأسباب هو الإدارة الإنجليزية التي اقتطعت جنوب السودان وجبال النوبة ومنطقة النيل الأزرق وجزء من دارفور عن شمال السودان، في ما عرف بـ”المناطق المقفولة” (1922) و”السياسة الجنوبية” (1930). ورتب الإنجليز لتلك المناطق خطة للحكم مستمدة من تقاليدها وعقائدها في سلسلة وحدات عرقية قبلية، وإن لم يمنع ذلك من إيكال التعليم فيها للتبشير المسيحي. ولم يرجع الإنجليز عن هذه السياسات إلا في عام 1946 أي قبل عقد من استقلال السودان. وحاربت الحركة الوطنية في المركز تلك السياسات لأنها قطعت أواصر الوطن لحجب التأثيرات الإسلامية والعربية التي تقع بالخلطة بين الناس في الوطن.
وكانت حصيلة تلك الجغرافيا السياسية الاستعمارية أن استقلت صفوة المتعلمين الشماليين بـ”تخيل الأمة”، في مفهوم الأكاديمي بنيدكت أندرسون، في غياب كامل تقريباً لممثلين من الجماعات السودانية الأخرى، فخلا لهم الجو ليتخيلوا الأمة من “قماش هويتهم الإسلامية العربية”، في قول لإحدى المؤرخات، ولتصادر هويات مختلفة لآخرين شركاء في الوطن. فحتى غير العربي المسلم في تلك الصفوة مثل النوبي خليل فرح، حادي ثورة 1924، لم يجد كدراً من النسبة للعرب:

أبناء يعرب حيث مجد ربيعة وبنو الجزيرة حيث بيت إياد

متشابهون لدى العراك كأنما نبتت رماحهم مع الأجساد

ووجدت تلك الصفوة في مجد إسلامهم التليد العزاء لهوانهم تحت الاستعمار:

فيا نعم عيش بالشآم وأمرة ببغداد حيتها السعود البواسم

وكائن ترى بالنيل من متملك وبالسند مندوب الخلافة حاكم

وقد نبغت يوماً بأندلس لنا شؤون أبانت للفرنجة ما همو

وبدت هذه الهوية العربية الإسلامية لمن جاؤوا لحقل العمل العام من قوميات المناطق المقفولة بآخرة وكأنها مؤامرة حبكت من وراء ظهورهم. ولكن الخطأ بالحق ليس في منشأ الهوية العربية الإسلامية أول مرة في مثل ثورة 1924، بل في لؤم التمسك بها، بعد من جاء يعرض هويته المختلفة ويطلب أن تزين قوس قزح الوطن مثل غيرها.
أما باب عيب ثورة 1924 الثاني فجاء من العناصر الشمالية في الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة العقيد جون قرنق. فدخلوا عليها مدخلاً عرقياً أخذها من حقيقتها كحركة وطنية ضد الاستعمار إلى كونها معرضاً آخر لعرقية الشماليين العربية وحزازتهم على أفارقة السودان. فانتخبوا من كل الحركة رمزها القائد علي عبداللطيف وعمدوه ممثلاً للجنوب، الذي لم يره إلا بوصفه ضابطاً في الجيش المصري، لأنه منه أصلاً غير أن الرق نزع أهله للشمال. وركزت هذه الصفوة الشمالية في الحركة الشعبية على المتاعب التي لقيها في قيادته للحركة الوطنية للأفندية. ووجدوا نصاً في صحيفة “حضارة السودان”، التي كانت لسان حال الأعيان، هاجم حركة 1924 وجاء فيه:

“البلاد أهينت لما تظاهر أصغر وأوضع رجالها دون أن يكون لهم “مركز” في المجتمع، وأن الزوبعة التي أثارها الدهماء قد أزعجت طبقة التجار ورجال المال، وأنها لأمة وضيعة تلك التي يقودها أمثال علي عبداللطيف، وذلك أن الشعب ينقسم إلى قبائل وبطون وعشائر ولكل منها رئيس أو زعيم أو شيخ وهؤلاء هم أصحاب الحق في الحديث عن البلاد، فمن هو علي عبداللطيف الذي أصبح مشهوراً حديثاً وإلى أي قبيلة ينتسب؟”.
وضيقت هذه الصفوة واسع النص حين لم توطنه في صراع الأعيان والأفندية حول القيادة ولمن هي في الأمة. فصبت الهجاء الذي جاء فيه في كلياته على عبداللطيف بقرينة السؤال عمن هو وإلى “أي قبيلة ينتسب؟” وقالوا إن ذلك، وهو بيت القصيد، ما عاناه العقيد جون قرنق الجنوبي حين سأل بعض الناس لماذا نتبعه في دعواه لقيام “السودان الجديد”. وحملت ذلك محمل العرقية مثل التي عاناها علي عبداللطيف.
ومهما كان من أمر قرنق فنص صحيفة الحضارة أكثر خطراً من مطاعنة علي عبداللطيف عرقياً. فكان في جوهره رأياً ثقيلاً في ثورة 1924 جمعاء. فبدأ بالتعريض بـ”الدهماء” الوضيعة التي تظاهرت بما أزعج طبقة التجار ورجال المال تريد مركزاً في البلاد ليست أهلاً له. وهم، في نظر الأعيان، الأفندية الذين خرجوا ينازعونهم القيادة الوطنية التي ورثوها كابراً عن كابر، ثم طعن النص في عرق علي عبداللطيف واستحقاقه القيادة كما لا مهرب لمن يريد أن يزري بالثورة جملة واحدة ومن نقطة ضعف اتفقت للكاتب وجماعته.

ويسأل المرء لماذا قصرت صفوة “الحركة الشعبية” مشاركة الجنوب على رمزها علي عبداللطيف الذي زعمت أن له منزلة في الجنوب لم تطرأ له. بينما مساهمة الجنوب في الثورة متاحة لو لا بد لمن أراد تحريها. فخرجت في الثورة مدن جنوبية كما تقدم، بمبادرة ضباط سودانيين في الجيش المصري، فسعت خلية للواء الأبيض بقيادة الضابط فرج الله إبراهيم في مدينة واو ببحر الغزال لجمع توقيعات سلاطين في الإقليم لتسند مصر في التفاوض مع الإنجليز. وكان نفس الضابط من وراء التظاهرة في ملكال بعد نقله إليها. وخرجت أيضاً كتيبة سودانية في الجيش المصري في استعراض رفعت فيه صورة الخديوي فؤاد.
وصح السؤال أيضاً عن لماذا قصرت صفوة الحركة الشعبية مساهمة الجنوب في الحركة الوطنية على دور علي عبداللطيف في ثورة 1924. فكانت للجنوبيين بحق مساهمة فيها خرج المؤرخ لجنوب السودان لازاروس ماووت (1950-2009) لبيانها في كتابه “مقاومة الدينكا للحكم الثنائي” (1983). وماووت واع بأنه قادم إلى كتابة تاريخ للحركة الوطنية السودانية في إقليم قل من أخذ دوره فيها مأخذاً جدياً. فحتى أكثر الجنوبيين الذين عانوا من حكومة المركز في الخرطوم تواضعوا على أن سياسة المناطق المقفولة الإنجليزية كانت رحمة بهم لأنها حمتهم من “استعمار” الشمال. وخلافاً لهؤلاء يعتقد لازاروس أن الاستعمار كان واقعة صادمت الوطنية الجنوبية فاستنهضت هممها للمقاومة. وعرض لضروب المقاومة التي شنها شعب الدينكا ضد الاستعمار الإنجليزي في الأعوام ما بين 1902 و1934.
وخلافاً لمن طابقوا بين علي عبداللطيف وقرنق للتعريض بالعرقية في ثورة 1924 سأل الصحافي ضياء الدين البلال صفوة الشمال في الحركة إن كانت رمزية علي عبداللطيف في الثورة خيار الجنوبيين أم خيارهم هم. فإن كان خيارهم هم لا الجنوبيين، فلربما لأنهم استصعبوا هم أنفسهم قبول قيادة جنوبية مثل قرنق عليهم بغير مسوغ من التاريخ.
يقال إن العقل أولى ضحايا الحرب. وصح القول أيضاً إن ضحيتها الأبرز هو التاريخ. بل هو الضحية الأولى التي تسبق الحرب نفسها. فرأينا كيف جرجرنا واقعة بنت زمانها ومكانها في الماضي إلى صراعات عاقبة لها أفرغتها من دلالتها في زمانها. ولا يعرف المرء إن كانت هذه الجرجرة، على عواهنها، أعانت قاموا بها على فهم حاضرهم.

نقلا عن “اندبندنت عربية”

الوسوماللواء الأبيض ثورة 1924 جون قرنق علي عبداللطيف مصر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اللواء الأبيض ثورة 1924 جون قرنق علي عبداللطيف مصر فی الجیش المصری الحرکة الشعبیة اللواء الأبیض علی عبداللطیف فی ثورة 1924 فی الحرکة فی عام

إقرأ أيضاً:

نحن السودانيين اعداء انفسنا بتدخلنا في ما لايعنينا (2)

لبنان كانت اكثر الدول العربية تمتعا بالديمقراطية وقبلة السواح وتدفق الاستثمارات الاجنبية والعربية. اللبناني كان فخورا ببلده طبيعتها ثقافتها واعجاب العالم بهم .الوضع في لبنان صاحبة المساحة الصغيروالاختلافات العرقية والدينية كان هشا . المسلمون ينقسمون الى شيعة سنة وبعض المجموعات الصغيرة . الدروزتحت قيادة آل جنبلاط كانت لهم ديانة يصعب وصفها بالاسلامية ولهذا وجود وضعا مميزا في اسرائيلوكان الدرزي يمكن ان يكون ظابطا في الجيش .
الاجانب الذين سكنوا في لبنان منذ مئات السنين كانوا يونانيين ارمن ارثودكس وبعض الكاثوليك متمثلين في النفوذ الفرنسي على لبنان . الاكراد كانوا اقلية ليست بالصغيرة وهم من السنة . احتاجهم لبنان لانهم كانوا من الفعلة . الكل كان يعرف مكانه بحذر حتى لا تنهار الدولة .
في السبعينات بعد توفر فلوس البترول لدول الخليج والسعودية صارت للفلسطينين قوة عسكرية واقتصادية في لبنان . الدول العربية وعلى رأسها السعودية ساعدت المسلمين باستثماراتهم وكان للفلسطينيين نصيب الاسد . انعكس هذا في بنك انترا وسيطر عليه ،، الفلسطينيون ،، . المنظومة القديمة كانت البنوك ورؤوس الاموال تحت سيطرة المسيحيين، والمسلمون لا يجدون الا الفتات من الاقتصاذ اللبناني والقوة السياسية . كان من المفروض أن يرفد المسلمون الاقتصاد اللبناني بالعمال المزارعين والفعلة . احس المسيحيون ان قبضتهم تتراخى على الحكم فقد صار للفلسطينيين عضلات عسكرية واقتصادية . بدات الحرب بمهاجمة اقتصاد المسلمين في شكل بنك انترا الذي امتلك الكثير من الاراضي البنانية خارج بيروت في مواقع استراتيجية ستحتاجها العاصمة عند التطور .بنك انترا ،، الفلسطيني ،،لان مديره كان الفلسطيني يوسف خليل بودس وصار قوة اقتصادية .
اقتباس
أوائل شهر تشرين الأول/أكتوبر 1966، انتشرت تسريبات مفادها أن بنك إنترا متعثّر صدرت في بادئ الأمر هذه الشائعات عن القصر الجمهوري ومكتب رئاسة الحكومة، ثمّ عن مؤسسات مالية منافسة لإنترا. وتسبّب ذلك بتهافت الناس لسحب أموالهم من البنك، وكان على مصرف لبنان أن يتدخّل، بيد أنه لم يحرّك ساكنًا.
نهاية اقتباس
بدأت الحرب باشاعات ان بنك انترا في وضع اقتصادي غير سليم مع توأمه البنك الآخر المتخصص في التجارة الخارجية سينهارا بسبب عدم السيولة . لا يوجد بنك في الدنيا يمتلك كل الودائع في خزائنه والا لما كان بنكا . البنوك تستثمر الودائع في تمويل التجارة وحتى الدولة والحصول على العمولات التي يعود بعضها لصاحب الوديعة كارباح . بسبب الشائعات وتدخل الحكومة ضد البنك انهار البنك . تصرف مصرف لبنان كانت اشبه بسياسة على وعلى اعدائي، فعندما ينهار بنك يضعف اقتصاد البلد .التدخل الاجنبي الطائفية الهوس الديني والشوفينية اوردت لبنان مورد الهلاك . ونفس الشئ حدث في السودان ولكن بصور هى الابشع في العالم اليوم .
. اندفع الناس لاسترداد ودائعهم من البنك .انهار بنك انترا هرب مديره يوسف خليل وتم اعادته بالانتربول وسط اعلام ضخم ا. تلك كانت بداية الصراع ونهاية لبنان المعجزة التي حافظت على ديمقراطيتها واقتصادها الذي حير الكثيرين . كان عند بيار الجميل الاب مشروعا ضخما شمل الضمان الاجتماعي التعليم السياحةوحقوق المرأة الخ . لبنان كان حالة اقتصادية فريدة يصعب تفسيرها .اتت الحرب الاهلية ، القتل على الهوية نهب البنوك بواسطة خبراء اتوا من خارج البلاد استطاعوا فتح الجزائن العملاقة بينما الجميع يقتتلون، كما حدث في السودان وسوق الذهب .
فقد العرب ما كانوا يفتخرون به . كان التدخل الاسرائيلي والاحتلال الصهيوني والتحالف مع الكتائب وهى حزب وقوات عسكريةشبه نازية كونهاالجميل الاب متأثرا بهتلربعد زيارة المانيا .بلغ عدد قوات الكتائب70 الف عنصر في بلد صغير تعداده 2،2 مليون نسمة .
مر لبنان بظروف كارثية هرب الكثير من اللبنانيين من بلادهم . الفلسطينيون عاشوا في لبنان وصاروا يحلون ويربطون . الاخ رتشارد المسيحي تواجد في ملهى مع زوجته السويدية . قام الفلسطينيون باختطافه وزوجته وتم اغتصابها . هذا ما حكته شقيقته التي كانت تعيش في مدينتنا . الاخ ميشيل كرباج المسيحي وزوجته منيرة حكوا لنا عن ظهور ما اسموهم بالمقاتلين السودانيين الذين تبرعوا للحرب بجانب المسلمين . يقال انهم اربيتريون وصوماليون ليسوا سودانيين ، الا انهم عرفوا بالسودانيين لان السودانيين يتدخلون في حروب لاتخصهم .
كانت الكتائب عندما يأسرون ما عرفوا بالسودانيين يصبون البترول على شعرهم الكثيف ويشعلون النار . اللبنانيون كانوا يقولون ما الذي يأتي بالعبيد الى حرب لبنان ؟؟!!
مذبحة صبرا وشتيلا من ابشع االمذابح . من المجرمين ايلي حبيقة المسيحي الذي قتل الفلسطينيون خطيبته وبعض اهله . تم اغتيال بشير الجمبل زعيم المسيحيين . سمح المجرم الاكبر اللواء أرييل شارون والذي صار رئيسا لاسرائيل فيما بعد للمسيحيين لدخول صبرة وشتيلا ولم يتركوا فلسطينيا على قيد الحياة . الاحتلال الاسرائيلي كان في 1982.
تقرر خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان . كل الدول في العالم والعربية من اصحاب الثروات والامكانيات العملاقة ، لم يحركوا ساكنا .كما حدث مع الثوريين وتهليل السودانيين لاستقبالهم ببهجة وكأنهم رسل التقدم الرخاء التعليم الصحة الخ . رحب السودنيون ب 7الف مقاتل فلسطيني . هلل الشعب السوداني الذي كان برزح تحت الفقر والمصائب والمواطن يشقى للحصول على ماء الشرب ناهيك عن العلاج المأكل المسكن والملبس ..... تصور ! اغضب هذا التصرف بعض الدول الاوربية والعربية خاصة التي كانت تعتبر ،، المشكلة ،، الفلسطينية خميرة عكننة وبلطجة عليهم . السوداني لا يربيد ان يتعلم من غلطات الآخرين او غلطاته الكثيرة التي اوردته مورد الهلاك . حتى الصومال لم تصل الى القاع الذي وصلناه .
بعد اغتيال الدبلوماسيين الغربيين في الخرطوم بعد مؤتمر اللائات الثلاثة اضطر السودان لاطلاق سراح الفلسطينيين !! في 1977 شاهدت الرصاص على مدخل مطار ابوظبي عندما حاول بعض الفلسطينيين اغتيال خدام وزير خارجية سوريا . هرب خدام واختبأ في مطبخ المطعم وهو يشهر مسدسة . تعرض للمهاجمين وزير الخارجية الامارتي السويدي . كان يحسب ان مساعدة الامارات للفلسطينيين تمنع المهاجمين من أن يسفكوا دمه .
اضطرت الامارات لاطلاق سراح ،،الابطال ،،الفلسطينيين . قبل ركوبهم الطائرة الى الحرية كانوا يسخرون ويهددون القاضي السوداني الذي وجه لهم تهمة الحرابة .
احضار 7الف شاب فلسطيني محارب رفضهم اخوتهم العرب كانت غلطة كعادة السودانيين الذين يتحملون مصائب الآخرين، وعندهم من المصائب ما لا تتحمله الجبال ..... هل هذا عبط ؟
الفلسطينيون الذي شيد لهم السودان المعسكرات واعطاهم خيرما عندهم وعاملهم كأبطال . خرجوا في مظاهرات تهتف .... جحيم لبنان ولا السودان ...... هل نسينا ؟؟ كما تحرشوا بالفتيات السودانيات . بعضهم حضر الى اوربا قابلناهم في الدنمارك المانيا السويد بريطانيا الخ . كانوا ينشرون افظع الاشياء عن العبيد السودانيين.احدهم رجل دميم قميئ .كان يقول.... ياعمي كانت حياة قرف ، اضطرينا نتزوج عبدات وبعدين زتيناهم واطفالهم وفلينا .
نحن نقف ضد تغول اسرائيل ومعاملتهم الفلسطينيين كحيوانات كما تقول ديانتهم عن العرب والمسلمين ....أنهم دواب للركوب وهم عبيد واحفاد الجارية هاجر لا يصح ان تدخلهم منزلك كضيوف. ولكن نستغرب معاملة الكثير من الفلسطينيين للسودانيين بعنصرية .
هل سيتعلم السودانيون الدرس، بعد تعرضهم لما يعرف اليوم بافظع مصيبة انسانية ؟؟ انا اشك في هذا؟؟
لقد ادمنا عادة ظلم انفسنا وتقديم مصلحة الآخرين . لقد قال ،، نجركوك ،، الميرغني والذي تقلد منصبا رئاسيا وهو واسرته المتخمة ويعيشون في مصر وسيعيشون في مصر ولن تطاردهم الشرطة المصرية التي تطارد السودانيين. قال نجركوك افندي ..... مصلحة مصر خط احمر...... . ماذا يا ايها المنتمي الى الطفيليات التي عاشت لقرنين على دماء الوطن، عن مصلحة السودان ؟؟
سينسى السودانيون كل الدول التي تنكرت لهم اليوم طالما امثال ساطع ينتمون للحزب الناصري الذي لفظه المصريون ، وعلى رأسها المحروسة ام الدنيا . نحن شعب ،، يستمخ ،، بالاضرار بنفسه .يا سادتي نحن نشتري اجود السياط من جلد فرس البحر لكي نسيل دماءنا في ما عرف بالبطان وهو الجلد الى ان تسيل دماءنا ونحن فخورون وسط زغردة النساء .... تصور .
صرف السودان مبالغ هائلة يحتاجها ، في مؤتمر الخرطوم الذي رفع الروح المعنوية للعرب واعاد الروح لعدو السودان الدكتاتور جمال عبد االناصر. اقنع المحجوب الملك فيصل عدو ناصربسبب حرب اليمن وتواجد 60 الف جندي مصري على حدوده الجنوبية والصباح وحتى ابن السنوسي ملك ليبيا للتبرع لمصر ب 150 مليون دولارمن كل دولة . عندما اقترح البعض دعم السودان رفض المحجوب والآخرين تقبل اى مساعدة!!!المس راسك .
قال ناصر للمحجوب بانه سيكافئ السودان على العمل العظيم . بعد سنتين كانت المخابرات المصرية قد نظمت كارثة انقلاب مايو وصار ناصر ملك السودان. غادر المحجوب الى انجلترة للعلاج ولم يكن عنده ثمن العلاج . اتصل المحجوب بصديقه جوليوس نايريري طالبا دعما ماديا . اعتذر نايريري لانه لا يملك سوى مرتبة الصغير ، وسيرسل 10 جنيهات لسفيره لشراء زهور للمحجوب .
بلغت البجاحة بناصر انه امر باحضار عبد الخالق محجوب والصادق المهدي الى مصر كمعتقلين ...... هل نسينا . الشيوعيون اشتركوا في الانقلاب المايوي !!
بعد مؤتمر الخرطوم قاد السودان حملة لمقاطعة الدول الرأسمالية التي وقفت مع اسرائيل . سحب السودان امواله ،، الطائلة ،، من النوك البريطانية 6 مليون جنيه استرليني .وفي نفس الوقت كان الصباح يهدي بلدية لندن كل العمولة على حسابات الودائع الكويتية لانه لا يقبل بالربا .المبلغ كان 50 مليونا من الجنيهات .السودان كان البلد الذي قاطع اضر بسمعته اقتصاده . العرب كانوا مع الغرب سمن على عسل .
المانيا الغربية اعطتنا التلفزيون في الخمسينات وصرنا من اول الدول الافريقية التي تشاهد التلفزيون . كان المواطن السوداني يدخل المانيا بدون تأشيرة دخول . اعطتنا المانيا التدريب المهني. لالمانيا حب واحترام للسودان بسبب الجنود السودانيين الذي واجهوهم في ليبا . المانيا كانت ملزمة بواسطة اتفاقية نهاية الحرب وتعويض اليهود والدول التي شاركت في الحرب . نحن في السودان استلمنا 6 مليون دولارنصفها ذهب الى مزارع القطن في انزارا ومصنه للغزل . الالمان كانوا يدفعون لليهود رغم انفهم . اليوم يدفع الالمان الى ناميبيا بسبب المذابح التي ارتكبوها في بداية القرن السابق .
بكل رعونة اعترفنا بالمانيا الشرقية التي كانت جد معزولة ومتخلفة . قطعنا علاقاتنا الاقتصادية مع بريطانيا وارسل كل المبعوثين الى شرق اوربا التي كانت تعاني من الضعف العلمي وانعدام التحديث . شرق اوربا كانت ترسل علماءها الى الغرب ونحن نرسل علماءنا الى شرق اوربا .
اليوم يتعامل العالم بالكثير من الاحتراممع الصين حتى اليابان التي احتلت الصين وقتلت فقط في مذبحة واحدة 300 من الصينيين . لقد كتبت عن ما عرف في الصين بقرن الذل وكيف تعرص الصينيون لقرن كامل من الذل الاحتقار الاستغلال لدرجة ان كل الدول الكبرى وحتى اليابان قد حاربوا الصين وعاملوا اهلها مثل الكلاب . تراكمت الفضة في خزائن الامبراطور الصيني من جراء بيع الشاي الذي لم يعد البريطانيون على مقدرة على التوقف عن شربه . ارادوا ارجاع فضتهم والتحكم في الصين وبيع الشاي الصيني تحت سيطرتهم .صادر الامبراطور الافيون الذي كانت بريطانيا تصدره للصين كما قام بطرد تجار الافيون البريطانيين . اعلنوا الحرب على الصين وحطموا مدنها فرضوا على الصين شراء الافيون الذي زرعته بريطانيا في مستعمرتها الهند. اجبروا الصين للتوقيع على التخلي من هونق كونق لمدة 99 سنة . كانت ابشع حرب في العالم ، وهى حرب الافيون . وصار جزءا كبيرا من الصينيين من المدمنين والضائعين .وتدفق المال الى جيوب البريطانيين .
يمكن ان نتعلم من الصين التي صارت قوة جبارة في ستين عاما . تذكروا كلام الامبراطور الحكيم الصيني ،،ينق شنق ،، الذي نصح شعبه باقتناء المدافع القوية التي هزمتهم وجعلتهم شعبا ذليلا لقرن كامل . اقول لكم اتحدوا وليكن ولاءكم وانتماءكم فقط للسودان . وسنصير مثل الصين وربما اكثر .
قبل انقلاب البرهان كتبتموضوع قرن الذل والهوان .

اقتباس
مقالات سياسية
متى سينتهي قرن الذل والهوان في السودان؟
شوقي بدري5 أكتوبر، 2021
1
فيسبوك ‫X‬‬
شوقي بدري
عانت الصين لقرن كامل من الذل والهوان منذ منتصف القرن التاسع عشر الى منتصف القرن العشرين . ويعود الصينيون دائما الى قرن الذل والهوان . وأنقذت الثورة الاشتراكية بقيادة الحزب الشيوعي وقيادة ماو تسي تونق الرئيس شوين لاي رئيس الوزراء ولى شاوشي وآخرين الخ الصين ، بالرغم من الغلطات المميتة التي ارتكبها النظام الشيوعي والتي سببت المجاعة التي اودت بحياة 30 الى 40 مليون صيني .
تم استباحة الصين بواسطة الدول الكبري مثل بريطانيا ، فرنسا امريكا روسيا وحتى اليابان التي تدين للصين بنقل الديانة البوذية الحروف للكتابة والثقافة الخ . بعد تحطيم كانتون اعظم مدينة في وقتها واحتلال الصين واهانة اهلها قال الامبراطور الصيني الحكيم ،، ينق شنق ،، لاهله ….. عليكم أن تشتروا المدافع القوية التي هزمتنا وأن تصنعوا مثلها وأن تكونوا جيشا قويا وستنهض الصين .
لا يمكن أن ننسى المذابح الغير مسبوقة التي ارتكبها اليابانيون في الصين قبل واثناء الحرب العالمية الثانية ضد المدنيين. كان العالم يتعامل مع الصينيين على اساس انهم شعب بليد وضيع لا يستحق الحرية والعيش وان الصيني لا يمكن ان يكون جنديا ناجحاز الصيني يمكن ان يكون حمالا طباخا جيدا تحت امرة آخرين .العبودية وبيع البشراستمر في الصين الى انتصار الثورة في 1949 . ويمكن أن يجد الانسان وصفا دقيقا في كتاب الكاتب الامريكي ادجار اسنو الذي توفى في بداية السبعينات وكان يوم وفاته مأتما في الصين . الكتاب الاول هو النجم الاحمر فوق الصين …. رد استار اوفر تشاينا ، والآخر هو …..ريد تشاينا تودي الصين الحمراء اليوم ….. والكتابان من الكتب التي لم افرط ابدا فيها . ادجار سنو تابع ماو تسي تونق في مسيرته التي غطت 29 الف ،، لي ،، وحدة قياس صينية او حوالى 10 الف كيلومتر محاربا الكمومنتانق وحكومة شيك كايشيك الصينية والمحتلين اليابانيين في نفس الوقت . شيك كايشيك تراجع الى جزيرة فرموزا في نهاية الحرب واحتلها وقام الامريكان بحمايته ولا يزالون . وتعرف الجزيرة اليوم باسم جمهورية تايوان . وقعت في حب مدينة كاوشونق الجميلة ذات المناخ شبه الاستوائي في جنوب فرموزا عندما زرتها في الثمانينات ، وعشمي أن تعود الى حضن الام . ولا تزال الصين تخطط لاسترجاعها . من عبط الامريكان انهم جعلوا من تلك الجزيرة الصغيرة الممثل لبليون من الصينيين في الامم المتحدة واعطوها حق الفيتو الذي تتمتع به امريكا بريطانيا فرنسا وروسيا فقط .وعدد سكان فرموزا لم يزد عددهم عن 20 مليونا . العالم لن يستعيد عافيته قبل أن يزول الجهل والغباء الامريكي .
نهاية اقتباس
وضح في الستينات ان السودان يمكن ان يكون بلدا عظيما . قام الجميع منالتقرب الى السودان . قام الرئيس الامريكي جون اف كندي بدعوة الرئيس عبود وطاقم ضخم من رجال الدولة .ارسل كندي طائرته لاحضار عبودوالوفد. طاف الوفد بالكثير من المواقهع المهمة وبعض المدن . في نهاية الزيارة كان كندي في اجتماع مع عبود والوفد . توقع كندي أن يقدم له الوفد مثل كل الوفود الاخرى قائمة طويلة بطلباتهم . الرد كان ان السودان لا يحتاج لشئ . وسيكون السودان سعيدا بمساعدة امريكا .
عندما صار طلعت فريد وزيرا للمعارف اتى وفد امريكيوكانوا يريدون تغييرمسار التعليم السودانيالى تعليم فني وصناعيوكانت عندهم خطة كاملة . كان
الاجتماع بحضور المربي الكبير هاشم ضيف الله الذي درس في جامعة ليدز ولعب في فريقها لكرة القدم . اخذ الامروقتا طويلا في النقاش الذي لم يكن الجنرال طلعت فريد والذي اغرق حلفا ودبسنا باسوأ اتفاقية لمياه النيل مستوعبا للنقاش . فجأة يقف الجنرال طلعت فريد ويدق صدره قائلا بالعربية لهاشم ضيف الله . تعليمنا مالو ؟ يكفي انه خرجني انا !!!خرج الجنرال وسط دهشة الوفد الامريكي الذي اراد أن يعرف لماذا خرج الوزير قبل نهاية الاجتماع . قال لهم هاشم ضيف الله ... سعادة الوزير قال انه احس بقبضة والم في صدره ولهذا خرج .
بعد الحرب العالمية قام الامريكان بتشييد المدرسة الصناعية بالحج والطوب بالقرب من صهريج الكهرباء على شاطئ النيل . هذه المدرسة الصناعية خرجت الكثيرين احدهم العم الصناعي ادريس الهادي صاحب المسلة في تقاطع شارع العرضة مع الاربعين . وبعد نهاية دراسته كان من الطلاب الذي ابتعثوا الى امريكا . عندما استلم الامريكا قاعدة وادي سيدنا وقام ببناء الجملونات . المامه بالانجليزية جعلته
جتعامل مع الظباط الامريكان والبريطانيين صار صديقا للظابط ماكنماراالذي وجه دعوة لادريس الهادي لزيارته فيامريكا. العم ادريس كان يقول ان وقته لم يكن يسمح له . ماكنمارا صار وزيرا للدفاع اثناء حرب فيتنام ثم رئيسا للبند الدولي 1970والمظاهرات في الدنمارك عند زيارته . ..... نحن السودانيين لا نعرف كيف بغتنم الفرص او نستفيد من علاقاتنا الخارجية .
احد غلطاتنا هى اننا نرسل الطلاب باضعف مجموع للدراسة الفنية والعكس هو الصحيح . بما اننا لا نصنع الكثير فحاجتنا للصيانة اكبر من حاجتنا للمهندسين .لهذا تجد المهندسين يجلسون في المكاتبيؤدون عملا غير موجود .
لم تنتهى المسرحية الغريبة عدم تفديم لائحة الطلبات . لقد ذهب عبود الى الصين وكأنه يقول للامريكان اذهبوا الى الجحيم وكان الصينيون فرحون باعتراف السودان بالصين الشيوعية التي قاطعها الكثيرون .ابتدر الصينيون عبود بالترحيب ثم اضافوا ...... لقد انتظرناكم طويلا لنشكركم ....... اخبرني الرجل العظيم الجنتلمان محمد طه الفيل وزوجته الاخت الاستاذة ام سلمة خال العيال الذان سكنا في الصين وولد ابنهم الطبيب في بكين في الستينات . لم يفهم عبود في البداية انهم كانوا يقصدون بشكرونا لقتل الجنرال غردون الذي شارك في الحرب ضد الصين وفتك بالصينيين . اكبر وصمة في جبين الغرب واليابان هى القضاء على ثورة البوكسر الصينية 1899 الى 1901 عندما تكالبت الدول الكبري مع اليابان على سحق الثورة وفرض قيود اثقل على الصين . ما يحدث اليوم من جانب الصين ضد الغرب هو انتقام بسبب قرن من الذل .
كركاسة اثناء زيارة الوفد كنديوامريكا . اجتمع بهم ماكنمارا وزير الدفاع الامريكي بالسودانيين بعاطفاء الانوار ، عرضت عليهم خريطة السودان واشار ماكنمارا على حلايب وطلب من السودانيين اعطاءهم قاعدة في حلايب . بكل عفوية قال كما تداول بعد الزيارة ان المقبول الامين الحاج قال بعفوية ....... ما تدو اولاد الش.... قاعدة في حلايب ..... ماكنمارا عاش في القاعدة الامريكية في امدرمان كان يعرف بعض اللغة السودانية خاصة ما كان يتداول بين العمال السودانيين .
غضب وزير الدفاع الامريكي تمت اضاءة الاضواء . وانتهى الاجتماع . نحن شعب على نياته كما يقوا اهل السكك الحديدية ماشين بدون تابلوت .
امريكا وكل العالم حتى الشركة التي استلمت 3 مليون دولا دفعتها مصر اثيوبيا والسودان لدراسة بخصوص سد النهضة . رفضت مصر استلام الدراسة لانها شملت حلايب في خارطة السودان . الشرك العالمية تقول انها الخريطة المعتمدة من الامم المتحدة . امريكا تعترف بسيادة السودان على حلايب ، والا لما طلبوا قاعدة من السودان .
شوقي

shawgibadri@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • لا يحق لقائد الجيش تشكيل حكومة
  • ليلى عبداللطيف عن شيرين عبدالوهاب: "لا أحد يستطيع أن يوقفها"
  • أكاديمي إسرائيلي يستعرض تاريخ الصراع مع حماس.. لن ترفع الراية البيضاء
  • أمراء الحرب يدمّرون السودان وشعبه
  • الحركة الوطنية: ثورة 30 يونيو نجحت في استعادة الدولة المصرية من براثن الإرهاب
  • عادل عسوم: إلى الذين أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ
  • فيلم ظلام رجل.. مطاردات ضابط انتربول في خريف العمر
  • نحن السودانيين اعداء انفسنا بتدخلنا في ما لايعنينا (2)