كيف سينعكس قدوم سفيرة واشنطن الجديدة على المشهد في العراق؟
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
لاتزال تصريحات سفيرة واشنطن الجديدة في بغداد، تريسي جاكوبسون، تثير الجدل في الأوساط السياسية العراقية، خصوصا القريبة من طهران، فكان آخرها خلال خطابها أمام لجنة العلاقات بمجلس الشيوخ الأمريكي.
وحذّرت جاكوبسون، خلال خطابها في منتصف حزيران/ يونيو الجاري، من "نفوذ المليشيات المتحالفة مع إيران، التي تشكل خطرا كبيرا على مستقبل العراق"، مؤكدة أنها "ستعمل بكل الوسائل السياسية المتاحة للتصدي لهذا التهديد وتحجيم النفوذ الإيراني".
"استعراض إعلامي"
بخصوص تداعيات عمل السفيرة الجديدة على المشهد بالعراق، قال المحلل السياسي، فلاح المشعل، في حديث لـ"عربي21" إن "التوجّهات الأمريكية بشكل عام سواء جاكبسون، أو السفيرة المنتهية مدتها، ألينا رومانوسكي، تتقاطع مع التمدد الإيراني في العراق".
وأوضح المشعل أن "الأمريكيين، يصنفون الأشياء بحسب سياستهم الخارجية، من منظورهم لما يحصل في العراق، لكن التساؤل الأهم هل ما يطرحونه سيطبق على أرض الواقع؟".
وأشار إلى أن "تصريحات جاكبسون، أشبه بعملية البيدر والحقل، فهي لاتزال في الحقل، لكن حصاد البيدر عندما تأتي إلى البلاد وتدخل في تفاصيل الوضع العراقي وتشابك الجزيئات بين الطائفي والوطني والديني والعشائري، عندها أعتقد ستخرج باستنتاجات أخرى".
ورأى المشعل أن "مثل هذه التصريحات سبق أن سمعناها من السفيرة الحالية، ألينا رومانوسكي، قبل أن تتسلّم مهامها في العراق، والتي قالت حينها أيضا إنها ستقضي على المليشيات والفساد في البلاد، لكنها لم تستطع فعل أي شيء".
ولفت إلى أن "وضع العراق لا يعالج بدور دبلوماسي، وإنما بقرارات وقوانين، فعندما وضعت وزارة الخزانة الأمريكية ضوابط لبيع الدولار في البلاد، كان الأمر فاعلا، وكشف حقائق كثيرة تتعلّق بعمليات غسيل الأموال، وتبين أن بعض المصارف ليست سوى دكاكين لتهريب العملة".
وأوضح المشعل أن "حديث السفيرة لا يعني شيء، بل أن القانون الأمريكي إزاء العراق كون الولايات المتحدة لاتزال تمتلك الوصاية على هذا البلاد، فإنها تحتاج إلى تشريعات عملية تنفيذية إجرائية وليس مجرد كلام".
ووصف تصريحات جاكبسون، أمام مجلس الشيوخ الأمريكي، بأنها مجرّد "استعراض إعلامي"، لأن ما موجود من عملية سياسية في العراق هي نتاج أمريكي، لكنها لا تنسجم مع ما تريده الولايات المتحدة، لذلك هم عادة ما يهددون باتخاذ خطوات تجاه الوضع في البلاد.
وشدّد المشعل على أن "التصريحات الإعلامية لا تفعل فعلها، إلا في حال ساندها قانون صادر من الإدارة الأمريكية أولا قبل تشريعه، وقد يكون حديث جاكبسون يندرج ضمن الخطاب الموجه للداخل الأمريكي في ظل الصراع الانتخابي بين الجمهوريين والديمقراطيين".
"خطاب للضغط"
في المقابل، قال المتحدث باسم الإطار التنسيقي السابق، عائد الهلالي، في حديث لـ"عربي21"، إن "تصريحات السفير الجديدة لا ترتقي إلى الأعراف الدبلوماسية، ويبدو أنها غير مطلعة على الواقع العراقي".
وأوضح الهلالي أن "العراق قطع شوطا كبيرا في بناء الدولة ومؤسساتها، وحكومة محمد شياع السوداني، اتّخذت خطوات للتقارب مع دول العالم الكبرى، من خلال الاتفاقيات والشراكات الاقتصادية الكبيرة، وكذلك العمل على تهدئة الوضع في منطقة الشرق الأوسط".
وأضاف السياسي العراقي أن "تصريحات السفيرة ربما تكون مقبولة لو أنها جاءت بعد عام 2003، لكن اليوم الجميع عازم على أن تكون هناك دولة عراقية تختلف عن الماضي، وذلك باعتمادها على العمل المؤسساتي، وأن يكون لها دور كبير جدا وإيجابي في الشرق الأوسط والعالم".
ولفت الهلالي إلى أن "دور العراق في المنطقة والعالم يأتي من كونه لاعبا أساسيا في سوق الطاقة العالمي، إضافة إلى أنه بات يشكّل أيضا حلقة وصل بين الشرق والغرب".
وفسّر التصريحات جاكبسون بأنها يراد منها "الضغط على الفصائل العراقية، التي بات لها دور معروف ومساند لحركة حماس في حرب غزة، إذ أن محور المقاومة خلق حالة من التوازن، وبالتالي هذه رسالة للفصائل بأن تنسحب أو تخفف من حالة الدعم التي تقدمها للفلسطينيين".
واستبعد الهلالي أن "ينشب أي صدام بين الفصائل العراقية والقوات الأمريكية في الوقت الحالي، وأن الجميع لا يرغب في حالة التصعيد، لأن المنقطة قد تذهب إلى حروب وعدم استقرار، وبالتالي تحترق بشكل كامل".
وكان خالد اليعقوبي، وهو مستشار رئيس الوزراء العراقي للسياسات الأمنية، قد ردّ على تصريحات جاكبسون، بالقول إنها تدل "عن عدم فهم واضح للعراق الجديد المتعافي وتدخل في شؤونه الداخلية والإساءة إلى جيرانه".
وأكد اليعقوبي عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" إن "على السيدة المرشحة أن تعي حقيقة واضحة أن جملة مما تحدثت به لا يتناسب ومهام عملها الجديد، وأن مهمتها المرتقبة محددة بالاتفاقات والمعاهدات الدولية الواضحة”.
وقبل ذلك، قالت كتلة "صادقون" البرلمانية، التابعة لجماعة "عصائب أهل الحق" إن "تصريحات جاكوبسون تمثل استفزازا للعراق، وتعزز القناعة بأن الولايات المتحدة تتعامل وكأنها تحتل البلاد ووصية عليه. وهذا يمثل تجاوز سافر لأساس العلاقات الدولية".
من جهته، خاطب رئيس المجلس السياسي لجماعة "النجباء" الموالية لإيران علي الأسدي، جاكوبسون، بالقول: "عليكِ أن تعي وتعلمي أن الأيام بيننا ولن تكون صفعاتنا القادمة إلا على الأنوف، وسترين لمن الكلمة الفصل".
واتّهم الأسدي عبر تدوينة نشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "إكس"، السياسيين العراقيين، بـ"التخبط والانجرار وراء المطامع والانتهاكات الأمريكية، والتغافل عن حماية سيادة واستقلال العراق".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراقية القانون الأمريكي الولايات المتحدة العراق الولايات المتحدة القانون الأمريكي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
من سيملأ الفراغ شمال شرق سوريا في حال انسحبت القوات الأمريكية؟
أثارت الأنباء عن احتمال اتخاذ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قرار سحب قوات بلاده من سوريا، تساؤلات عن الجهة التي ستملأ الفراغ في مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية أداة واشنطن المحلية.
وتسيطر "قسد" التي يشكل الأكراد عمودها الفقري على مساحات واسعة من محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، وهي المناطق الغنية بالثروات النفطية والزراعية والحيوانية.
من سيملأ الفراغ؟
الأكاديمي والباحث في مركز "الحوار السوري" أحمد القربي، أشار إلى سيناريوهات عديدة لمستقبل مناطق "قسد".
وفي حديثه لـ"عربي21" أشار إلى ما جرى في العام 2019، عندما اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته السابقة قرار الانسحاب من سوريا، قبل أن يتراجع عنه، وقال قربي: "حينها استفادت روسيا والنظام السوري من قرار الانسحاب، في حين أن تركيا لم تستطع إلا السيطرة على منطقة صغيرة عند حدودها في ريفي الحسكة والرقة (نبع السلام)".
وأضاف قربي: "بالتالي فإن أي انسحاب للولايات المتحدة اليوم يعزز السيناريو السابق ذاته، لأن روسيا تتمتع بعلاقة جيدة مع ترامب، ولأنها تمتلك أوراق قوة أكثر من تركيا، التي لا تمانع عودة النظام إلى حدودها".
وبحسب الباحث، فإن ثمة سيناريو آخر، يتحكم فيه القرار الأمريكي، بمعنى طريقة انسحاب واشنطن، وهل سيتم بالتنسيق مع تركيا التي أعلنت عن استعدادها تولي مهمة القضاء على بقايا تنظيم الدولة (داعش).
بذلك، يؤكد القربي، أن القرار الأمريكي هو المتحكم الأول بالطرف الذي سيملأ الفراغ، روسيا والنظام، أو تركيا.
وكانت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، قد كشفت الأسبوع الماضي، عن اقتراح تركيا على واشنطن أن يتولى الجيش التركي مسؤولية قتال تنظيم "داعش" في سوريا، في حال سحب الولايات المتحدة لقواتها وقطعها لدعمها العسكري عن "قسد".
"قسد" وتحالف عشائري
الكاتب والسياسي والكردي، علي تمي، يرى أن تركيا هي الجهة الأقدر على ملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي، نظراً لانشغال روسيا بما يجري في أوكرانيا، وعدم قدرة النظام السوري على سد الفراغ، غير أنه استبعد أن تُعهد المهمة لتركيا.
وأشار لـ"عربي21" إلى فشل تجربة تركيا مع فصائل "الجيش الوطني" في مناطق الشمال السوري، وقال: "باعتقادي ستعتمد الولايات المتحدة على فصائل التنف والعشائر السورية والذين هم من أبناء المنطقة".
وبحسب تمي، فإن الولايات المتحدة لن تنسحب من كامل سوريا، بل من الشريط الحدودي مع تركيا، والأخيرة ستتولى حماية حدودها.
النظام السوري
أما رديف مصطفى نائب رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين، فشكك في احتمال انسحاب واشنطن من سوريا، واستدرك في حديثه لـ"عربي21" بقوله: " لكن في حال حدوث هذا الانسحاب فإن نظام الأسد هو الذي سيملأ هذا الفراغ".
وأرجع ذلك إلى "العلاقة التي تربط حزب "العمال" الكردستاني الذي يهيمن على قرار "قسد"، بالنظام السوري"، وقال إن "قسد مستعدة للاتفاق مع النظام في حال جرى الانسحاب، وربما تركيا تسد الفراغات في بعض المناطق الحدودية".
تركيا
من جهته، استبعد الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي أن تسحب الولايات المتحدة قريباً قواتها من سوريا، وقال لـ"عربي21": "واشنطن اليوم بحاجة في معركتها مع المحور الإيراني-الروسي في المنطقة إلى تركيا الحليف القديم في حلف "ناتو".
وأضاف أن "واشنطن سمحت لتركيا بضرب قوات قسد، وعلاقة أنقرة بواشنطن قد تتحسن أكثر في عهد ترامب، ولم يخف ذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما قال إنه سيبحث مع ترامب إكمال الحلقات المفقودة من الحزام الأمني على طول الحدود التركية السورية".
فوضى وسباق
أما محمد صالح الباحث في "معهد أبحاث السياسة الخارجية" فتحدث لموقع "بيزنس إنسايدر" عن عواقب انسحاب أمريكي غير مدروس على غرار ما جرى في أفغانستان.
وقال إن "أي انسحاب أمريكي يتم على عجل سيقلب توازن القوى المتقلقل في المنطقة، وقد يفضي ذلك إلى ظهور "سباق محموم" بين إيران وروسيا والنظام السوري وتركيا على مناطق سيطرة "قسد" الغنية بالموارد".
وتحتفظ أمريكا بنحو 900 جندي في سوريا، يتوزعون على المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد" في شمال شرق سوريا، وقاعدة "التنف" عند المثلث الحدودي العراقي الأردني.