سلط الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية نيك كيمبل، الضوء على استراتيجية السعودية التي وصفها بالناجحة الرامية لاستقطاب أفريقيا، مستفيدة من التغيرات والتوترات الجيوسياسية الجارية في العالم حاليا.

جاء ذلك في تحليل نشرته مجلة إنترناشونال بوليسي دايجست، وترجمه الخليج الجديد.

وذكر كيمبل، أن السعودية التي ظلت طيلة العقد الماضي، تتنافس بشدة على انتزاع الزعامة الإقليمية مع تركيا وإيران وقطر الأصغر نسبيًا والإمارات، تنجح الآن بمهارة في ترجيح كفتها في هذا الصدد.

وأشار إلى أن الصراع في أوكرانيا دفع السعودية مرة أخرى إلى دائرة الضوء العالمية؛ بسبب القيمة الاستراتيجية لمواردها وسط أزمة طاقة عالمية.

ولفت إلى أن السعودية بدورها انتهزت هذه الفرصة لتنأى بنفسها عن الخلافات الماضية، وتكشف عن رؤية إقليمية جديدة تتمحور حول المناورات الدبلوماسية وفن الإدارة الاقتصادية الرشيدة.

يتضح هذا التحول في الإستراتيجية بشكل خاص في النفوذ المتنامي للمملكة العربية السعودية في أفريقيا، مما يعزز مكانتها كقوة مالية ناشئة.

علاقات مزدهرة ومتجذرة

ووفق كيمبل فإن السعودية تشترك مع القارة الأفريقية، التي تفصل بينهما بضع مئات من الأميال، في تاريخ عميق الجذور.

وذكر أن السعودية لديها علاقات مزدهرة مع دول الاتحاد الأفريقي البالغ عددها 55 دولة.

وفي الوقت الحالي، تنتشر حوالي 40 سفارة أفريقية في العاصمة الرياض، بينما لدى السعودية 35 سفارة في جميع أنحاء أفريقيا، مما يؤكد ثقل هذه التحالفات.

ويشار إلى أن 25 دولة من أصل 57 دولة كاملة العضوية في منظمة التعاون الإسلامي ومقرها جدة تنحدر من أفريقيا.

اقرأ أيضاً

بـ4 مناطق اقتصادية جديدة.. عين السعودية على أسواق آسيا وأفريقيا

ومنذ تولي العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز الحكم في السعودية، توافد عدد من رؤساء الدول الأفريقية على المملكة، ما يبرز التفاعل الدبلوماسي الحاسم.

ووفق كيمبل فإن صندوق التنمية السعودي، الذي يقود مشاريع التنمية العملاقة في العديد من البلدان الأفريقية، يعتبر مثالاً واضحا على ازدهار التعاون السعودي الأفريقي.

وأضاف أن السعودية ساهمت باستمرار في كل تجديد لموارد صندوق التنمية الأفريقي.

والجدير بالذكر أن معظم قروض البنية التحتية كانت موجهة نحو السودان وموريتانيا والسنغال والجزائر والمغرب وتونس.

بالنظر إلى أهمية التعاون والتنسيق الأفريقي السعودي، هناك توقعات واضحة وملموسة للقمة السعودية الأفريقية المقبلة، المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا العام في الرياض.

منافع سعودية

استفادت السعودية من أفريقيا للتغلب على نقاط الضعف الحاسمة، لاسيما فيما يتعلق بتحديات تأمين الإمدادات الغذائية.

وذكر كيمبل أن السعودية بسبب إنتاجها المحلي المحدود وضعفها بسبب الاعتماد على الموردين البعيدين، تحولت إلى الأراضي الأفريقية لتلبية احتياجاتها الزراعية.

يستند التكتيك السعودي إلى مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج، التي أُنشئت في عام 2008 لتشجيع السعوديين على شراء الأراضي في الخارج.

وضاعفت هذه المبادرة بشكل كبير من عدد المستثمرين السعوديين في إثيوبيا والسودان.

إضافة لذلك يمثل النفوذ الاستراتيجي للسعودية في أفريقيا، ولا سيما في القرن الأفريقي، نعمة أمنية قيّمة.

فبعد اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي عام 2017 وعقود دفاع مماثلة تم توقيعها مع دول أفريقية، وسعت السعودية وحليفتها الخليجية الرئيسية، الإمارات من حزامها الأمني في المنطقة المجاورة مباشرة.

علاوة على ذلك، فإن تعهد السعودية بتقديم 20 مليون دولار من النفط بأسعار معقولة لزامبيا يؤكد استخدامها الذكي لاحتياطياتها الهائلة من النفط والغاز لكسب التأييد وتحقيق الأهداف الاستراتيجية، ويحتمل أن يؤمن هذا التكتيك الدعم الدبلوماسي من الدول المستفيدة.

قوة ناعمة

علاوة على ذلك، سخرت السعودية هويتها الدينية لتوسيع نفوذها في أفريقيا، التي تضم حوالي 446 مليون مسلم، معظمهم من السنة.

وقال كيمبل إن هذه الاستراتيجية تتضح في تدخل السعودية في الشؤون الداخلية لنيجيريا، لا سيما من خلال دعمها لحركة إيزالا السنية، وهي محاولة لتأسيس موطئ قدم إستراتيجي وأيديولوجي بين السكان المسلمين في أفريقيا.

وأشار كيمبل إلى أن الحاجة لتأمين الإمدادات الغذائية دفع السعودية للانخراط بشكل جزئي في أفريقيا، ومع ذلك، فإن استراتيجية القوة الناعمة، التي انعكست في نمو العلاقات الدينية والسياسية، تهدف في المقام الأول إلى مواجهة خصمها اللدود إيران.

وسعت السعودية إلى تضخيم نفوذها من خلال الاستفادة من الصراع الطائفي. ومن خلال دعم المساجد والمؤسسات الإسلامية، أقامت شبكات واسعة في جميع أنحاء أفريقيا واستغلت هذه الروابط لتبرير مشاركتها.

على سبيل المثال، أدى دعم الرياض المالي والسياسي للفصائل السنية والشيعية المحلية إلى تفاقم الانقسام الطائفي في نيجيريا.

علاوة على ذلك، فإن تطلع إيران إلى إنهاء عزلتها العالمية، دفع طهران إلى التركيز على القرن الأفريقي، حيث عانت هناك من عزلة دبلوماسية مماثلة.

يوضح التحالف الاستخباراتي والعسكري بين إيران والسودان هذا النهج، حيث سمح السودان لإيران بتسليح وكلائها، واكتسب أهمية استراتيجية. كما شكلت إيران تحالفات استراتيجية مماثلة مع الصومال وإريتريا.

ونتيجة لذلك، شكلت رغبة إيران في الحصول على موطئ قدم في أفريقيا تهديدًا مباشرًا للمصالح السعودية، مما قد يؤدي إلى توسيع نفوذ إيران العالمي من خلال السيطرة على مضيقين استراتيجيين حاسمين هما باب المندب وهرمز.

رداً على ذلك، استخدمت السعودية الحوافز المالية والضغط الدبلوماسي لإقناع هذه الدول بقطع العلاقات مع إيران، وهي استراتيجية تم تكرارها بنجاح في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

صراعات النفوذ

وبعيدا عن إيران، تتصارع السعودية مع دول أخرى، بما في ذلك مصر وتركيا، من أجل النفوذ في أفريقيا.

ومن المثير للاهتمام أن تدخل السعودية في شرق أفريقيا يتعدى على مجال نفوذ القاهرة.

أثارت المحاولات السعودية لتأسيس موطئ قدم عسكري في جيبوتي واهتمامها بموارد الطاقة الإثيوبية شكوكا المصرية.

في الوقت نفسه، من المقرر أن تصطدم مناورات السعودية في أفريقيا بالمصالح التركية، حيث برزت أنقرة، مدفوعة بمدارسها ومؤسساتها، كمنافس هائل للقيادة السنية في المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أن التوتر يتصاعد بين دول مجلس التعاون الخليجي في ظل تنافسهم على الهيمنة في أفريقيا.

اقرأ أيضاً

فعلتها السعودية وتركيا.. فهل عثرت إيران على شركاء في أفريقيا؟

 

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية القرن الأفريقي السعودیة فی أن السعودیة فی أفریقیا على ذلک من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

السوداني:العراق تحول إلى بيئة استثمارية ناجحة ومواكبة رقمية متسارعة

آخر تحديث: 17 شتنبر 2024 - 9:57 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، مساء امس الاثنين، خلال استقباله شركة أبل الامريكية بأن العرق يشد تحولا في الواقع الرقمي، فيما بين أهمية العمل على رفع مستويات القدرة الرقمية والتكنولوجية للشباب.وذكر المكتب الإعلامي للسوداني، في بيان ، أن “السوداني استقبل وفد شركة  أبل الأمريكية، بحضور رئيس هيأة الإعلام والاتصالات علي المؤيد“.واضاف ان “اللقاء جرى خلاله مناقشة المواضيع المشتركة”، لافتاً إلى أن “رئيس مجلس الوزراء أشار إلى أن العراق يشهد اليوم تحولات في الواقع الرقمي حيث تحدث عن عمل اللجنة العليا للتحول الرقمي في العراق برئاسته“.وبحسب البيان، أشار السوداني إلى “تحول العراق لبيئة استثمارية ناجحة تعمل فيها الكثير من الشركات الكبرى، وهو ما يتطلب مواكبة رقمية متسارعة”، مؤكداً “أهمية العمل على رفع مستويات القدرة الرقمية والتكنولوجية للشباب، بما يوسع فرص العمل والتوظيف ويعمل على تطبيق برامج الحكومة الهادفة إلى إنجاز جميع التعاملات، من خلال بيئة رقمية متكاملة“.من جانبه، اقترح وفد الشركة “العمل في إطار الإسهام بتطوير قدرات الشباب، والاهتمام بالمطوّرين في حقول التكنولوجيا بالتعاون مع الجامعات، وكذلك تسجيل الهواتف التي تدخل للعراق بما يجعلها تكون بأسعار تنافسية، ولأهمية منتجات الشركة من الهواتف، لأنها تدعم التحولات الرقمية الخاصة بالاقتصاد والمال“.

مقالات مشابهة

  • جامعة حلوان تعزز جهودها لاستقطاب الطلاب الأردنيين
  • كلب بوليسي يحبط محاولة تهريب حبوب مخدرة من قبل مسافر إيراني في منفذ المنذرية
  • السوداني:العراق تحول إلى بيئة استثمارية ناجحة ومواكبة رقمية متسارعة
  • متى أعرف أن القصة ناجحة؟
  • رئيس «الغرف السعودية»: العلاقات بين مصر والمملكة وصلت لمستوى شراكة استراتيجية
  • رئيس المخابرات السعودية الأسبق يحشد ضد الحوثيين بعد إفشال إيران الصفقة مع المملكة
  • رئيس الاستخبارات السعودية السابق: المملكة تشعر بخيبة أمل من إيران مع تزايد تهديد الحوثيين
  • «حملة ترامب»: خطة جديدة لاستقطاب ناخبي الولايات المتأرجحة
  • عُمان تشارك في معرض "Seatrade Cruise Med" لاستقطاب السفن السياحية
  • نبوءة مثيرة للعرافة ‘‘ليلى عبداللطيف’’ بشأن مباراة السوبر الأفريقي في السعودية: هذا النادي سيحقق فوزًا ساحقًا