كتبت بولا أسطيح في "الشرق الأوسط":   رغم أن البيانات الصادرة مؤخراً عن عدد من السفارات ووزارات الخارجية، والتي تدعو رعاياها لعدم زيارة لبنان، كان لها وقعها على عدد كبير من اللبنانيين الذين عادوا يتساءلون يومياً عمّا إذا كانوا أقرب من أي وقت من حرب إسرائيلية موسعة، فإنه لم يتم تسجيل أي مظاهر خوف أو هلع، بل بالعكس، وصل نحو 400 ألف مغترب إلى البلد خلال شهر حزيران وحده.

  وقال مدير عام الطيران المدني، رئيس مطار بيروت فادي الحسن، لـ"الشرق الأوسط"، إن "أرقام الوافدين إلى لبنان، وهم بأغلبيتهم الساحقة من اللبنانيين، شبه مماثلة لأرقام الوافدين في الفترة نفسها من العام الماضي"، لافتاً إلى أنه "منذ مطلع الشهر الحالي حتى الرابع والعشرين منه، وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي 363623 شخصاً، علماً بأن الوافدين يومياً تتراوح أعدادهم بين 10 آلاف و16 ألفاً، وكان قد بلغ عدد الوافدين في الشهر نفسه، العام الماضي، 427355".   وأوضح الحسن أن "كل التطورات الأخيرة لم تؤثر على أعداد الوافدين، علماً بأننا لم نصل بعد للفترة التي تشهد عادة أكبر حركة وصول إلى المطار".   وكان رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود، أعلن أنه "مع اقترابنا من فصل الصيف، ابتداءً من 4 و5 تموز، فإنّ حركة المطار ستكون في ازدياد، وسترتفع الحجوزات والملاءة، وستصل إلى 100 في المائة، حيث إن حركة الوافدين ستتعدى الـ12 أو الـ13 ألف راكب يومياً، وعدد الطائرات سيتعدى الـ80 أو85 طائرة يومياً".   وفيما أثارت تحذيرات مسؤول إسرائيلي في مجال الطاقة من سهولة تعطيل شبكة الكهرباء في شمال إسرائيل من قبل "حزب الله" قلقاً كبيراً وسط سكان هذه المنطقة، ما أدى لارتفاع الإقبال بشكل غير مسبوق على شراء معدات توليد الكهرباء، لم يُسجل في المقابل أي إقبال متزايد لدى القسم الأكبر من اللبنانيين على تخزين الغذاء أو الأدوية، بالرغم من تحذير مسؤولين إسرائيليين من أن قرب انتهاء العمليات الكبرى في غزة يعني اقتراب المواجهة الواسعة مع لبنان. وأشار نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، إلى أنه "منذ بدء عملية (طوفان الأقصى)، يعيش هذا القطاع ما يشبه حالة الطوارئ، ولاسيما بُعيد أزمة البحر الأحمر وارتفاع سعر الشحن وتأخر وصول البضائع".   وفي حديث عبر "الشرق الأوسط"، قال بحصلي: "صحيح أننا دخلنا في مرحلة معينة في نوع من الاستقرار، لكن المخاوف تفاقمت مجدداً مؤخراً، وإن كنا لا نزال نعتقد أن احتمالات الحرب تساوي احتمالات عدم حصولها".وأوضح بحصلي أن "هناك تجاراً استوردوا بضائع إضافية تحسباً، بينما قسم آخر يعمل بشكل اعتيادي، تماماً كما أن بعض المواطنين في فترات معينة لجأوا إلى تخزين المعلبات والزيوت والمياه وأغراض الأطفال والأدوية، فيما رأى قسم آخر أن لا حاجة لذلك على الإطلاق، والناس في معظمهم يستعدون لصيف واعد".   ولفت بحصلي إلى أن "الأمن الغذائي هو وجود الغذاء، والوصول إليه وسلامته"، وقال: "حالياً الغذاء موجود، لكن في حال حصول حرب موسعة قد يتعذر الوصول إلى الغذاء في المستودعات وتوزيعه".   من جهته، أوضح حسّان عز الدين، عضو نقابة المتاجر ورئيس مجلس إدارة واحدة من أكبر سلاسل "السوبر ماركت" في لبنان، أن "قسماً من اللبنانيين لجأ إلى التخزين في شهر تشرين الأول 2023، ولكن بعد ذلك لم تسجل أي حركة إقبال غير اعتيادية"، لافتاً في تصريح لـ"الشرق الأوسط" إلى أن الإقبال المتزايد اليوم هو من قبل المغتربين الذين بدأوا بالتوافد إلى البلد، والذين يستخدمون بشكل أساسي البطاقات المصرفية".  

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: من اللبنانیین الشرق الأوسط إلى أن

إقرأ أيضاً:

التغيرات المناخية.. أزمة تُعرقِل التنمية

 

د. أسماء حجازي **

في الفترة الأخيرة شهد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موجة شديدة من التغيرات المناخية التي تمثل تحديًا يهدد بتفاقم حالة الهشاشة والنزاعات، النزوح، التهميش وكذلك الفساد، حيث من المتوقع ان تشهد المنطقة درجات حرارة أعلى بنسبة 20% من المتوسطات العالمية. وهي بالفعل المنطقة الأكثر ندرة في المياه في العالم ومن المتوقع أن تؤدي درجات الحرارة المتزايدة إلى المزيد من الجفاف الحاد والمستمر.

ولم تقتصر تأثيرات التغيرات المناخية فحسب على درجات الحرارة والموارد المائية فحسب، وانما لها العديد من التأثيرات حيث تهدد بتزعزع استقرار الدول الاقتصادي والسياسي والأمني وكذلك الاجتماعي، حيث ان منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة مرشحة لتكون من أكثر الدول شحًا بالموارد المائية حول العالم جراء التغيرات المناخية.

والعديد من الدول في الشرق الأوسط شهدت حروبًا وصراعات كثيرة، بسبب ما نتج عن التغيرات المناخية من جفاف واوبئة وجوع وفقر وغيرها من المظاهر الأخرى مثل دولة جنوب السودان، ولم يتوقف الأمر عند ذلك ولكن كابوس التغيرات المناخية يحد من قدرة الأجيال في الحاضر والمستقبل على التمتع بالحق في الحياة، والحق في التعليم والحق في المسكن نتيجة النزوح المستمر في الدول التي تشهد موجات عارمة من الفيضانات والسيول وارتفاع درجات الحرارة والتي ينتج عنها بطبيعة الأمر جفاف وانعدام في الأمن الغذائي.

ففي تونس، على سبيل المثال، شهد مطلع مارس 2024 ارتفاعًا في أسعار مياه الشرب بنسبة تصل إلى 16 بالمئة في مواجهة الشح المائي نتيجة جفاف طيلة السنوات الخمس الماضية. وفرضت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، منذ العام الماضي، نظام الحصص في مياه الشرب، وحظرت استخدامها في الزراعة، وبدأت قطع المياه ليلًا.

وفيما يتعلق بمعدلات النزوح "تؤكد أرقام البنك الدولي على خطورة تغير المناخ، حيث يتوقع أن يدفع ملايين الأشخاص، بما في ذلك 19.3 مليون في شمال أفريقيا، إلى النزوح داخل بلدانهم بحلول عام 2050. هذه الأرقام تسلط الضوء على العواقب الوخيمة لتغير المناخ على المجتمعات والاقتصادات."

وفي هذا الإطار تظهر في الشرق الأوسط ثلاث أزمات مياه تعتبر الأكثر حساسية وإلحاحًا، لاسيما وأنها ترتبط بالأمن المائي لأكثر من نصف مليار إنسان موزعين على الدول المعنية بهذه الأزمات، وهي: أزمة مياه دجلة والفرات بين العراق وتركيا وإيران، أزمة نهر النيل بين مصر والسودان وإثيوبيا، وأزمة المياه المشتركة بين الأردن وإسرائيل.

قامت إيران بقطع روافد نهر دجلة بشكل كامل مثل نهر الزاب، وروافد سد "دربندخان"، مما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن المائي للعراق. وقطع تلك الروافد وتسببها في جفاف حوض ديالى بنسبة 75%، مما أدى إلى معاناة شرق العراق وجنوبه من أزمة جفاف خانقة لاسيما عام 2021 وصيف عام 2023، حيث بلغت إطلاقات المياه من الجانب الإيراني صفرًا

وتشير التقديرات إلى أن 71% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة مهدد بشدة بسبب ندرة المياه، بينما قد تشهد الغابات زيادة في مساحة الاحتراق بنسبة تصل إلى 87% و187% مع ارتفاع درجة حرارة الأرض درجتين أو ثلاث درجات مئوية على التوالي، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

ورغم مواجهة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتحديات جمة، إلا أنها تمتلك إمكانات هائلة لقيادة التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والابتكار. ويمكن لدول المنطقة، من خلال جذب الاستثمارات وتسهيل نقل التكنولوجيا، أن تتبوأ مكانة رائدة في التنمية الخضراء. تسعى هذه المقالة إلى استكشاف كيفية استغلال هذه الإمكانات لمواجهة التغيرات المناخية، وتسليط الضوء على الآثار المتعددة لهذه التغيرات على المنطقة على الصعيد السياسي والاجتماعي والحقوقي والاقتصادي.

وبالتالي.. لا بُد من اتخاذ إجراءات لمواجهة تغير المناخ في بدايته. وبالتالي، يجب على الحكومات في الشرق الأوسط أن تكثف أهدافها للتكيف مع تغير المناخ وخفض مساهمتها في الاحترار العالمي على حد سواء. ووفق أحدث دراسات أجراها صندوق النقد الدولي عن التكيف وتخفيف الآثار، يتعين استثمار ما يصل إلى 4% من إجمالي الناتج المحلي سنويًا لتعزيز الصمود في مواجهة تغير المناخ بالقدر الكافي وتحقيق أهداف خفض الانبعاثات بحلول 2030.

** مدرس مساعد بالبحث العلمي وباحثة حقوقية ومتخصصة في الشأن الأفريقي

مقالات مشابهة

  • نجوى كرم تواكب موضة البدل النسائية لـ 2025
  • أي شرق نريد؟
  • مجلس الأمن يعقد اليوم جلسة حول القضية الفلسطينية
  • جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية
  • جلسة لـ مجلس الأمن اليوم حول الوضع في الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط وأوكرانيا على طاولة "مجموعة السبع"
  • التغيرات المناخية.. أزمة تُعرقِل التنمية
  • المخمل يعكس رشاقة نجوى كرم (صور)
  • «بوريل» يطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لإنهاء النزاع في الشرق الأوسط
  • خلف: عملية الإنقاذ لا تكون إلا بالشراكة بين جميع اللبنانيين