دخل انتخاب رئيس للجمهورية في شبه غيبوبة ،وهذا ما خلص إليه أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، في ختام لقاءاتهما بالمرجعيات المعنية بانتخاب الرئيس، وهما يلتقيان مع تأكيد مصدر بارز في اللجنة "الخماسية" بأن كل المبادرات لن تحقق الأهداف المرجوة منها ما لم يتعاون اللبنانيون لإنقاذ الاستحقاق الرئاسي.

  وحذر المصدر البارز في "الخماسية"، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، من تراجع الاهتمام الدولي بلبنان، لانشغال عدد من الدول المعنية بمساعدته باستحقاقاتها وهمومها الداخلية، ما يرفع المخاوف من دخول انتخاب الرئيس في "غيبوبة" سياسية.   وقال لـ"الشرق الأوسط" إن السفراء لم يقرروا حتى الساعة طبيعة الخطوة التالية لمعاودة تحركهم، وإن لم يكن هناك ما يمنع لقاءاتهم بالقوى السياسية، نافياً ما يتردد عن وجود تباين بين السفراء الأعضاء في اللجنة، مؤكداً أن التنسيق بينهم هو الآن على أكمل وجه، وأن كل ما يشاع بخلاف ذلك من قبل البعض، يأتي في سياق ترويج الشائعات لرمي المسؤولية على السفراء، لتبرئة ذمتهم من تهمة تأخير إنجاز الاستحقاق الرئاسي، رغم أن أصحاب هذه الشائعات يعرفون جيداً أن السفراء لم يتدخّلوا في أسماء المرشحين، لأن القرار يعود للنواب بتسهيل انتخاب الرئيس الذي هو في صلب صلاحياتهم.
رأى المصدر نفسه أن هناك صعوبة في استقدام الدعم الدولي والعربي لإخراج الاستحقاق الرئاسي من الدوران في حلقة مفرغة ما لم يبادر النواب إلى مساعدة أنفسهم بتلاقيهم في منتصف الطريق، وإلا فإن تقطيع الوقت لملء الفراغ الرئاسي سيرتد سلباً على الوضع الداخلي، الذي يكفيه تراكم الأزمات الذي ما زالت مستعصية على الحل، والمفتوحة على الوضع المشتعل في جنوب لبنان في ظل تصاعد المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل التي تنذر بتوسعة الحرب، ما لم تنجح الوساطات الدولية والضغوط الأميركية في السيطرة على الوضع ومنعه من التفلُّت، شرط وقف النار على الجبهة الغزاوية لينسحب فوراً على جنوب لبنان.   وكرر المصدر في "الخماسية" تحذيره من التكلفة المترتبة على لبنان، مع انشغال الولايات المتحدة الأميركية في انتخاباتها الرئاسية أسوة بانشغال فرنسا وبريطانيا في انتخاباتها النيابية، واحتمال تبدل المشهد السياسي في إيران في ضوء ما ستسفر عنه انتخاباتها الرئاسية في دورتها الثانية، لتعذُّر فوز أحد المرشحين في دورة الانتخاب الأولى، وقال إن الكرة الآن في مرمى الكتل النيابية المدعوة للتخلي عن شروطها والدخول في تسوية تؤدي لتسهيل انتخاب الرئيس، وإلا فإن "الخماسية" عبثاً تحاول دون جدوى، مع أن سفراءها يحثون باستمرار على ضرورة وقف تعطيل انتخاب الرئيس، لأن لبنان لم يعد يحتمل الإبقاء على انتخابه في الثلاجة فيما يعاني من الانهيار الشامل، ويترقب ما سيؤول إليه الوضع على الجبهة الجنوبية.   أما بالنسبة إلى ما تروجه مصادر قيادية في "التيار الوطني الحر" من معلومات تنسبها إلى الرئيس بري، وفيها أنه سيدعو للتشاور النيابي فور تأمين مشاركة 86 نائباً، أي ثلثي أعضاء البرلمان، فإن ما يروّج له، كما تقول مصادر نيابية بارزة لـ«الشرق الأوسط»، ليس دقيقاً، لا بل بحاجة إلى تصويب، لأن رئيس البرلمان لن يوجه الدعوة للتشاور بمن حضر بغياب المعارضة، التزاماً منه بعدم عزل أي مكون سياسي؛ لأنه لا يريد تكرار ما حدث إبان اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 عندما قررت الحركة الوطنية عزل حزب «الكتائب» الذي قوبل برد فعل مسيحي زاد التعاطف معه.
وتتعامل المصادر النيابية مع ما يروج له "التيار الوطني" على أنه يأتي في سياق المنافسة بين رئيسه النائب جبران باسيل ورئيس حزب "القوات" سمير جعجع، موحياً بأنه هو من يسهل انتخاب الرئيس، بخلاف خصمه، محملاً إياه مسؤولية عدم التجاوب لإنهاء الشغور الرئاسي. وأكدت أنه استحال على باسيل في لقاءاته لدى اجتماعه بكتلتي "الاعتدال" و"اللقاء الديمقراطي" إقناعهما بتشكيل قوة نيابية ثالثة تتموضع بين محوري الممانعة والمعارضة، وسألت: كيف يسوق باسيل على طريقته للتشاور وهو يعلم جيداً أن بري لا يؤيده، ولن يدعو له بمن حضر، وهذا ما يشكل نقطة توافق مع "اللقاء الديمقراطي"؟  

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: انتخاب الرئیس

إقرأ أيضاً:

بعد انتخاب عون.. لبنان يواجه تحديات تشكيل الحكومة الجديدة والمتغيرات على الساحة السياسية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

التقى نواف سلام رئيس الحكومة اللبنانية الجديدة، الرئيس اللبناني الجديد العماد جوزيف عون فى قصر بعبدا للتشاور حول تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، إذ تسبب ذلك فى غضب لدى أوساط حزب الله الذي تضاءل نفوذه فى الساحة السياسية اللبنانية.

واستقبل تعيين سلام وانتخاب عون الأسبوع الماضي الشعب اللبناني بالفرح فى العديد من أنحاء البلاد، حيث احتفل الناس فى ساحة الشهداء فى بيروت.

ويُنظر إلى سلام وعون على أنهما منارتا أمل قادرتان على تحقيق تغيير حقيقى بعد الأزمات العديدة التى يشهدها لبنان.

ولكن اختيار الحكومة يشكل مهمة صعبة بالنسبة لسلام، مثله كمثل رؤساء الوزراء الآخرين الذين سبقوه، وقد تستغرق العملية عدة أيام أو أسابيع أو حتى أشهر، فى حين تسعى الأحزاب العديدة فى البرلمان إلى الحصول على تمثيل على المستوى الوزاري.

وبموجب الدستور اللبناني، يتعين على الحكومة أن تأخذ فى الاعتبار التنوع الطائفى فى البلاد، إذ لا يزال حزب الله، الذى تضاءل نفوذه بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان ولم يعد قادرًا على إيصال مرشحيه المفضلين إلى منصبى الرئاسة ورئاسة الوزراء، يتمتع بالقوة.

وحذر رئيس البرلمان اللبنانى محمد رعد من أن الحكومة الجديدة لا بد أن تأخذ فى الاعتبار التنوع الطائفى فى لبنان.

وقال رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامى الجميل، الذى أيد سلام، إن "جميع اللبنانيين شركاء فى بناء لبنان الجديد" وإن أى "إقصاء" ممنوع.

ويتعين على المسئولين الجدد فى لبنان أيضًا أن يشرفوا على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، حيث من المقرر أن تنتهى فترة الهدنة الأولية التى استمرت ستين يومًا بموجب هذا الاتفاق فى أواخر يناير.

ورحب المجتمع الدولى بتعيين سلام، لكن من غير الواضح كيف قد يستقبل الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب رئيس الوزراء الجديد.

وبصفته رئيسًا لمحكمة العدل الدولية، وصف سلام تصرفات إسرائيل بأنها "إبادة جماعية"، فيما يعتبر ترامب من أشد المؤيدين لإسرائيل.

ومن المقرر أن يواجه الرئيس اللبنانى الجديد وحكومة سلام الكثير من التحديات، فى ظل أنهما سيضطران إلى التعامل مع طبقة سياسية تنظر إليهما بحذر، فى ظل التحديات الأخرى التى تواجه لبنان وهى وجود البلاد فى أزمة حرب مع إسرائيل، بجانب ضغوط عربية ودولية لإنجاز المشهد السياسى فى لبنان من جانب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا وقطر ومصر.

يأتي ذلك فى ظل غموض الرؤية حول حقيقة أن رئيس مجلس النواب وحزب الله، وكذلك السياسى المسيحى المارونى جبران باسيل، قد لا يدعمون عون فى الفترة المقبلة.
 

مقالات مشابهة

  • لبنان بعد انتخاب عون رئيساً.. خريطة طريق بدون حزب الله
  • ماذا تحمل زيارة ماكرون للبنان بعد انتخاب عون؟
  • ماكرون يعلن عن مؤتمر دولي حول "إعادة الإعمار" في لبنان
  • الرئيس الفرنسي يصل إلى بيروت في أول زيارة بعد انتهاء الفراغ الرئاسي
  • الرئيس الفرنسي يصل بيروت في أول زيارة بعد انتهاء الفراغ الرئاسي
  • عقب انتخاب عون.. مصرف لبنان يتحدث عن تحسن نقدي وزيادة بالاحتياطي الأجنبي
  • عقب انتخاب عون.. مصرف لبنان يتحدث عن تحسن نقدي وزيادة بالاحتياطي الأجني
  • زيادة الاحتياطي الأجنبي وتحسن نقدي بعد انتخاب الرئيس اللبناني
  • تورك: انتخاب رئيس الجمهورية يفتح الباب أمام إصلاحات
  • بعد انتخاب عون.. لبنان يواجه تحديات تشكيل الحكومة الجديدة والمتغيرات على الساحة السياسية