أشارت دراسة لمؤسسة بحثية أميركية رائدة إلى أن العلاقة بين روسيا والصين أشبه ما تكون بعلاقة "زواج سيئة" ولا ينبغي للغرب أن يحاول تفكيكها.

وقالت الدراسة التي أعدتها مؤسسة "راند" للأبحاث بشأن التعاون الصيني الروسي إن الشراكة بين بكين وموسكو مليئة بالتحديات التي تحد من فعاليتها وقوتها.

وأضافت الدراسة أنه خلال أحلك أيام الحرب الباردة، في خمسينيات القرن العشرين، كان الغرب يشعر بالقلق من توحيد قوى الاتحاد السوفييتي والصين لتشكيل كتلة شيوعية ضخمة.

لكن ثبت أن هذه المخاوف مبالغ فيها، حيث سرعان ما تحولت بكين وموسكو من حليفتين إلى عدوين لدودين اشتبكا فيما بينهما في مناسبات عدة.

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والرئيس الصيني شي جين بينغ وهما يعقدان اجتماعا في بكين في 9 أبريل 2024.

فالعلاقات العسكرية المتنامية في السنوات الأخيرة أثارت مرة أخرى شبح التحالف الصيني الروسي الذي يوحد اثنتين من أقوى الدول في العالم، وفقا لموقع "بزنس إنسايدر".

وفقا للدراسة فإن الشراكة العسكرية الحالية بين البلدين لا تشكل تحالفا قويا مثل حلف شمال الأطلسي المبني على الدفاع المتبادل وقابلية التشغيل المشترك لقواته.

تقول الدراسة إن "أفضل وصف للعلاقة الصينية الروسية هو عبارة عن زواج بين شريكين غير متكاملين لديهما رؤية ساخرة للنظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة".

ومع ذلك "لدى الطرفين في كثير من الأحيان رؤى متباينة للنظام الذي يعتقدون أنه يجب أن يحل محل النظام الدولي الحالي" بحسب الدراسة.

منذ عام 2005 أجرى الجيش الروسي وجيش التحرير الشعبي الصيني نحو 25 مناورة مشتركة شملت السفن والطائرات والقوات البرية، كما تعاون البلدان في تسيير دوريات مشتركة.

كذلك أصبحت الصين عنصرا مهما ورئيسيا في حرب روسيا في أوكرانيا، مع حرمان موسكو من مكونات رئيسية مثل الإلكترونيات نتيجة العقوبات الغربية، برزت الصين وقاعدتها الصناعية الواسعة كمورد رئيسي لروسيا فيما يتعلق بالمعدات الإلكترونية الدقيقة وأجزاء الطائرات المسيرة ومكونات أخرى.

تنافس بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى في الفضاء

لكن هذا كله لا يعادل على سبيل المثال، العمليات المشتركة التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا في الحرب العالمية الثانية، حيث خدمت القوات الأميركية تحت قيادة قادة بريطانيين والعكس صحيح، وكذلك تلك التي تمارسها منظمة حلف شمال الأطلسي اليوم.

تحذر الدراسة من أنه "يجب على صناع السياسات والمخططين تجنب المبالغة في تقدير حالة التعاون العسكري والتكامل العملياتي القائم بين روسيا والصين".

فالصين مثلا لم ترسل سوى بضعة آلاف من القوات إلى المناورات الحربية الروسية الضخمة عام 2018 والتي شارك فيها ما يقدر بنحو 300 ألف جندي.

جرى وصف المناورات التي تشارك فيها القوات الروسية والصينية بأنها "متوازية" أكثر منها "مشتركة"، مما يعني أنه تم تكليف الجيش الروسي وجيش التحرير الشعبي الصيني بمهام وجداول زمنية محددة وتنفيذها بطريقة متزامنة، ولكن بشكل مستقل.

بالتالي كانت النتيجة عبارة عن تعاون عسكري رمزي أكثر منه عملي. 

تقول الدراسة إن "التزام الصين بالتدريبات كان منخفض نسبيا، حيث أرسل حوالي 3200 جندي إلى مناورة فوستوك الروسية عام 2018 والتي يبلغ قوامها 300 ألف جندي، و1600 جندي فقط إلى مناورة تسينتر عام 2019 والتي أرسل فيها الجانب الروسي ما يقرب من 130 ألف جندي".

وتشير إلى أنه يبدو أن الجيش الصيني مهتم أكثر بـ التعلم من روسيا بدلا من تبادل الأفكار حول قدراتها العسكرية أو التدريب كشركاء متساوين.

روسيا والصين .. الصراع الصامت

في المقابل فإن الهدف بالنسبة لروسيا هو تقديم صورة للتعاون المشترك مع الصين للغرب لمواجهة الانطباع بأن موسكو معزولة وضعيفة.

ويقارن الباحث مارك كوزاد، الذي شارك في تأليف الدراسة، هذه المعطيات مع حلف شمال الأطلسي أو التكامل العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. 

يقول كوزاد لموقع "بزنس إنسايدر" إن "حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية يخططون للقتال كتحالفات، مما يعني أن التدريب يحتاج إلى تطوير وتدريب القيادة والسيطرة المشتركة والاستهداف والاستخبارات والاستطلاع والخدمات اللوجستية والعمليات من بين مجالات أخرى". 

ويضيف: "كما أن هناك نهجا أكثر صرامة للتدريب في هذه التحالفات، مما يعني أن التدريب بشكل عام أكثر واقعية مما نراه مع الروس والصينيين".

تقترح مؤسسة "راند" أن الاستجابة الأفضل لمواجهة علاقة "الزواج السيء" بين الصين وروسيا تتمثل في أهمية قيام الولايات المتحدة وحلفائها بالتحالف بشكل أوثق.

وأوصت الدراسة بأن "الطريقة الأكثر فعالية للولايات المتحدة لمواجهة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين هي ضمان صحة تحالفاتها والسعي إلى تعاون أكبر مع أهم حلفائها وشركائها" في المستقبل.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة حلف شمال الأطلسی روسیا والصین

إقرأ أيضاً:

هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها بدون دعم أميركي؟

 

أظهرت دراسة نشرت الجمعة أن أوروبا يتعين عليها إنفاق نحو 250 مليار يورو (261.6 مليار دولار) سنويا في استثمارات دفاعية لتأمين نفسها دون دعم من الولايات المتحدة، وهو مبلغ يمكن للكتلة أن تتحمله بفضل قوتها الاقتصادية.

وأشارت الدراسة التي أعدها معهد بروجل للأبحاث ومعهد كيل للاقتصاد العالمي إلى أن ذلك الإنفاق الذي يعادل 1.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي سيسمح لأوروبا بإعداد نحو 300 ألف جندي للدفاع عن نفسها ضد روسيا.

ودعت الدراسة إلى التنسيق على نحو أفضل وأجراء عمليات شراء مشتركة، مشيرة إلى أن تنسيق الأمور الدفاعية بين جيوش التكتل لا يزال يمثل تحديا كبيرا رغم القدرات المالية لأوروبا.

وتعرضت أغلب الدول الأوروبية لضغوط متزايدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لتعزيز قدراتها العسكرية، كما حذر وزير الدفاع الأمريكي الأسبوع الماضي أوروبا من التعامل مع الولايات المتحدة على أنها “ساذجة” عبر جعلها مسؤولة عن الدفاع عنها.

واقترحت الدراسة زيادة الإنفاق الدفاعي في أوروبا إلى ما يعادل أربعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، من اثنين بالمئة حاليا. وأوضحت أن نصف المبلغ يمكن تمويله عبر ديون أوروبية مشتركة واستخدامه في مشتريات جماعية، كما يمكن تخصيص النصف الآخر عبر ميزانيات الدول.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة جونترام وولف في بيان “من الناحية الاقتصادية، هذا أمر يمكن القيام به… وهو أقل بكثير مما كان يتعين جمعه للتغلب على أزمة جائحة كوفيد على سبيل المثال

 

مقالات مشابهة

  • مصدر يوضح لـCNN علاقة الصين بتمسك أمريكا بصفقة المعادن النادرة الأوكرانية
  • الانتخابات الألمانية من منظور دولي: كيف ترى كل من الولايات المتحدة، روسيا والصين الحدث؟
  • «حرب الذكاء الاصطناعي».. OpenAI تحظر حسابات في كوريا الشمالية والصين.. اعرف الأسباب
  • هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها بدون دعم أميركي؟
  • السعودية تحظى بـأسبوع كبير في الدبلوماسية الدولية.. ما علاقة ترامب؟
  • مع تخلي ترامب.. أوروبا تحتاج لـ"300 ألف جندي" لمواجهة روسيا
  • هل نحن على مشارف صدام حتمي بين أميركا والصين؟
  • واشنطن: يمكن تخفيف العقوبات عن روسيا ضمن محادثات أوكرانيا
  • ترامب: الرئيس الصيني وجميع الزعماء سيأتون لواشنطن في نهاية المطاف
  • التعامل مع الحروق ضمن ندوة علمية في مشفى دمشق