محمد عبدالسميع (الشارقة)
تلعب دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً ريادياً في حفظ التراث المحلي والخليجي والعربي، والإنساني أيضاً، والتركيز على هوية الأمة التي يحملها هذا التراث الغني، لذلك تسعى دائماً لتنفيذ مشاريع طموحة تهدف إلى توثيق وإحياء التراث، عن طريق ترميم المواقع الأثرية وإنشاء المتاحف، وتنظيم الفعاليات الثقافية التي تحتفي بالتراث الشعبي.


تركّز الدولة أيضاً على بثّ هذا التراث الغني إلى أكبر عددٍ من الأجيال القادمة، عبر المبادرات التعليمية والتوعوية، لتعزيز الوعي الثقافي والحفاظ بالتالي على الهوية الوطنية، وقد سعت الإمارات، ونجحت في تسجيل العديد من عناصر التراث الثقافي غير المادي على قوائم اليونسكو للتراث العالمي، وهو ما يؤكد حضورها والتزامها بصون وحفظ التراث العربي والإماراتي وإتاحته للأجيال.
وفي أحاديثهم، أكد عددٌ من الكتّاب والباحثين لـ«الاتحاد»، أهمية التراث والمؤسسات العاملة له في الإمارات، وميزة التنوع في أهدافها وتكاملها أيضاً في حفظه وصونه والعمل عليه بشكلٍ مستمر ونوعي، ما جعل الدولة تستحقّ لقب الريادة في هذا المجال واستشراف مستقبله، لتكون نموذجاً يحتذى به في هذا المجال.

حضور وريادة 
يرى الكاتب والباحث في التراث، الدكتور مصطفى جاد، أنّ الإمارات العربيّة المتحدة دولة لها ريادة وحضور في مجال حفظ التراث الشعبي العربي بشكلٍ عام، وتراثها الوطني بشكلٍ خاص، متحدثاً عن دورها في تأسيس مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربي عام 1982، المهتمّ بالبحث في هذا التراث وتوثيقه ونشره، علاوةً على ما قام به هذا المركز من تدريب الكفاءات والكوادر العربية في موضوع جمع التراث الشعبي في منطقة الخليج. 
وأكّد الباحث جاد أنّ رؤية الدولة كانت تذهب إلى التنفيذ من خلال إدارات فاعلة وقائمة على حفظ التراث، استطاعت أن تكتسب الخبرة والتطور عبر السنين، ذاكراً منها: إدارة التراث التابعة لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وما تهتمّ به من شؤون التراث بشكلٍ عام والتراث الشعبي بوجهٍ خاص، وكذلك مركز زايد للتراث والتاريخ الذي تأسس لتعميق الوعي في مجال المحافظة على هذا التراث بالبحث العلمي والأنشطة التراثية ذات العلاقة، إضافةً إلى مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث والمهتمّ بالثقافة والتراث الوطني، وكذلك هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة العاملة على حفظ وتعزيز التراث والثقافة العربية، ومركز حمدان بن محمد لإحياء التراث وحفظه ونشر التراث الوطني داخل الإمارات وخارجها، وفق رؤية تعريف الأجيال به وإتاحته على المستويين الإقليمي والعالمي.

أخبار ذات صلة «سفنتين».. «سفيرة النوايا الحسنة» لدى اليونسكو سرد الزمن.. في لوحات عبد الله إدريس

فكر وإبداع
من جهتها، أكّدت الكاتبة الجزائرية صبحة بغوره، أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة قد ركزت اهتمامها في المحافظة على التراث العربي الإسلامي، بأفكار متطورة اعتمدت على ما أسمته «الواقعية التاريخية»، لمعرفه تأثير الحدث التاريخي وانعكاساته، والعمل على الاهتمام بالتراث المادي وغير المادي من منظور تاريخي، فكانت الدولة تقوم بالعديد، والكثير من المؤتمرات والندوات، وإصدار الدوريات المتخصصة.
وقالت الكاتبة بغوره، إنّ الدولة اهتمت ببقاء التراث محفوظاً في المخطوط والعمارة والفنون وشتى مناحي وتجليات الفكر والإبداع، والتأكيد على التلازم بين الفكر تأليفاً وتصنيفاً وعمارةً وفنوناً وتخطيطاً وبناءً وإنتاجاً، فكان هذا التلازم المهمّ بين التراث العربي والمخطوط والعمارة والفنون، وكان أن سارت الدولة على رؤى واثقة في معرفة العلاقة بين هذه الجوانب وعلاقة المدينة والنمو المعرفي وفقه العمران والتراث وعمارة المساجد والتراث، وهندسة الرّي، ودور التراث المخطوط في تطوّر الحرف، وقراءة البُعد الحضاري في التراث العمراني الفقهي والعلمي والتعاليم الإسلامية في توجيه العمل الإبداعي والفني والجوانب الأخلاقية والعبقرية والجمالية، خاصةً في فن العمارة الإسلامية وتخطيط المدن.

هوية وطنية
ويرى الباحث المغربي الزبير مهداد أنّ التراث يحفظ بلا شك مقومات الهوية الوطنية من الذوبان، بصفته إرثاً إنسانياً بقِيَمِه وفضائله، مستذكراً توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في ندائه الأصيل بالحفاظ على التراث، كونه الأصل والجذور التي يجب أن نتمسك بها، ونوليها كلّ الاهتمام.
تراث شعبي
تحدث الدكتور مصطفى جاد، عن مركز التراث العربي التابع لمعهد الشارقة للتراث، والذي تأسس عام 2015 بالشارقة، باعتباره مركزاً محورياً لمعهد الشارقة للتراث، بما يشتمل عليه من أرشيف للتراث العربي الإلكتروني، موضحاً أن هناك عدداً من المؤسسات التي تقوم على حفظ التراث الشعبي، كالطبّ الشعبي والشعر النبطي، علاوةً على عشرات الفرق الشعبية والجمعيات الأهلية، وقال إنّ معهد الشارقة للتراث، والذي تأسس بإمارة الشارقة عام 2014 هو من أهمّ المعاهد العربية التي تقوم على حصر عناصر التراث الثقافي غير المادي، والعمل على حفظه وتوثيقه، فضلاً عن عمليات حماية التراث الحضاري والطبيعي وصيانته، وكذلك عمليات التوثيق والأرشفة الرقمية وبرامج التعليم والتدريب والنشر العلمي على المستوى العربي، إذ تبنّى مشروع مَكْنز التراث الثقافي غير المادي في العالم العربي.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات التراث العربي التراث الثقافة اليونسكو قائمة اليونسكو للتراث العالمي التراث العربی التراث الشعبی حفظ التراث هذا التراث على حفظ

إقرأ أيضاً:

عدالة الإمارات

إسدال محكمة استئناف أبوظبي الاتحادية دائرة أمن الدولة الستار على قضية العصابة المنظمة المعروفة إعلامياً بـ "عصابة بهلول"، خلال 7 أشهر من ضبط أفرادها، حيث قضى الحكم بإدانة أعضاء ومعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والسجن لمدة خمس عشرة سنة، ولمدة خمس سنوات، وبراءة بعض المتهمين، يشير إلى العدالة الناجزة في دولة الإمارات، والتي تضمن الحقوق بكل عدل.
النظام القضائي في الإمارات هو أحد الأعمدة الأساسية، كونه يهدف إلى تحقيق العدالة، وحماية الحقوق، وضمان سيادة القانون. يلعب القضاء دوراً حيوياً في حل النزاعات، ومحاسبة المجرمين، مما يضمن استقرار المجتمع وحماية أفراده، وهو ما يميز الإمارات، باعتبارها دولة الأمن والأمان، لكل من يطأ أرضها للعيش والعمل، حيث يُعتبر النظام القضائي في الدولة من الأنظمة المتطورة، ويتميز باستقلاليته وفعاليته في تحقيق العدالة، وهو ركيزة أساسية في دعم الاستقرار والتنمية في الدولة.
مع تكشف جرائم «عصابة بهلول» في أغسطس 2024، والتي تضم أكثر من 100 متهم، أمر النائب العام المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي بإحالة أعضائها مباشرة إلى المحاكمة، لارتكابهم جرائم من شأنها المساس بأمن الدولة والنظام العام والسلام المجتمعي، والذي تجسد بتكوين وإدارة والانضمام إلى عصابة إجرامية تهدف إلى ممارسة أعمال غير مشروعة وجمع أموال محرمة واقتسام حصيلتها فيما بينهم، من خلال فرض السطوة وبسط النفوذ في المناطق التي مارسوا فيها جرائمهم.
في الوقت التي تم فيه ضبط هذه العصابة الإجرامية، أكد النائب العام أن النيابة لن تتهاون في تطبيق القانون بكل حزم على من يرتكب أفعالاً تخل بأمن الدولة أو تروع المواطنين والمقيمين الآمنين في الدولة، مشدداً على أن سلطات إنفاذ القانون تعمل بيقظة وتأهب للحفاظ على أمن الدولة وسلامة المقيمين فيها، ما جاء على لسان النائب العام، يوضح قوة العدالة في الإمارات، وأنه لا تهاون مع الحقوق.
النطق بالحكم في القضية يُبرز التزام دولة الإمارات الحفاظ على أمن المجتمع الذي يتشارك فيه أبناؤها العيش بكل سلام ومودة وتسامح وتعايش مع مواطني أكثر من 200 جنسية يقطنون في إمارات الدولة، ويمارسون حياتهم مع أسرهم في بلد الأمن والأمان.
لذا فإن هذا الحكم الذي صدر عن الجهات القضائية المختصة في الدولة يبعث رسالة لهؤلاء المجرمين، أن التصدي سيكون بكل حزم وشدة، لضمان بيئة آمنة ومستقرة للجميع.

مقالات مشابهة

  • باحثون يزعمون اكتشاف معلومات جديدة حول سفينة نوح
  • الطواف العربي في رحاب التغيير : البحث عن دور
  • هل سافر ابن بطوطة إلى الصين؟ باحثون يروون من جديد حكاية الرحالة المغربي
  • رمضان في الإمارات.. عادات وتقاليد تجسد روح التلاحم والتراحم المجتمعي
  • أطفال الإمارات.. حماة التراث
  • حملة لرفض بيع ثالث أكبر بنك حكومي مصري للإمارات.. وخبراء يقدمون البديل
  • عدالة الإمارات
  • البرلمان العربي للطفل: تجربة الإمارات في رعاية الطفولة نموذج يُحتذى
  • البرلمان العربي للطفل: تجربة الإمارات نموذج يُحتذى به عالمياً في رعاية الطفولة
  • نقيب المقاولين بغزة لـ«البوابة نيوز»: مصر تلعب دورًا محوريًا في مشاريع إعادة إعمار القطاع