مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تبدو الجماهير الأمريكية أكثر انقساما بين  الرئيس الحالي جو بايدن، والمرشح المحتمل دونالد ترامب.

في الأسابيع الماضية، نشر مركز "بيو" للأبحاث نتائج استطلاعات رأي في 34 دولة، ووجد أن "متوسط ​​43% يثقون في قدرة بايدن على فعل الشيء الصحيح فيما يتعلق بالشؤون العالمية، في حين أن 28% فقط يثقون في "ترامب".

وفي جميع الدول التي شملها الاستطلاع باستثناء خمس دول، أعرب عدد أكبر من الأشخاص عن ثقتهم في بايدن مقارنة بترامب.

وفي بعض الحالات، كانت الفجوة هائلة، بما في ذلك السويد وألمانيا وبولندا وهولندا، حيث سجل بايدن أعلى من ترامب بأكثر من 40 %.

إن الفجوة المؤيدة لبايدن، في بلدان أخرى في آسيا وإفريقيا وأوروبا الشرقية أصبحت أضيق، لكن أداء بايدن لا يزال جيدًا،  وفي الهند، يتفوق بايدن على ترامب بنقطتين مئويتين فقط، ويتعادلان في بنجلاديش.

ومن بين 34 دولة شملها الاستطلاع، أعرب المشاركون في ثلاث دول فقط عن ثقة أكبر في ترامب مقارنة ببايدن، وفي تركيا، لم يسجل أي من ترامب أو بايدن نتائج جيدة، حيث أعرب 8% فقط عن ثقتهم في بايدن و10% في ترامب.


وبينما يفضل الكثير من الناس حول العالم بايدن على ترامب، يظهر استطلاع "بيو"، أيضًا انخفاضًا في ثقة الناس في بايدن في دول متعددة مقارنة بعام 2023، ومن بين 21 دولة حصل مركز "بيو"، على بيانات عنها من العام الماضي، وهذا العام، انخفضت الثقة في بايدن.

ويواجه بايدن أيضًا انتقادات بشأن بعض القضايا العالمية الرئيسية، وفقًا لاستطلاع مركز بيو، وتنقسم الآراء بالتساوي تقريبًا حول كيفية تعامله مع تغير المناخ والمشاكل الاقتصادية العالمية.

إن عدد الأشخاص الذين يرفضون نهجه في التعامل مع الصين والحرب الروسية الأوكرانية أكبر من عدد الموافقين عليه،  57 % من المشاركين لا يوافقون على نهج بايدن تجاه الحرب في غزة.

على الرغم من بعض التراجع، يمكن أن يشعر بايدن بالإيجابية بشأن مدى نظرة عامة الناس إليه، لكنه يواجه صعوبة أكبر مع الجمهور الذي سيحدد ما إذا كان سيفوز بولاية رئاسية ثانية؟.

في أحدث متوسط ​​استطلاع لـ FiveThirtyEight، يتقدم ترامب على بايدن بنسبة 1.1 نقطة مئوية بين الناخبين،  ويظهر متوسط ​​الاستطلاع أيضًا أن 56.5% من المستطلعين لا يوافقون على أداء بايدن كرئيس، بينما يوافق 38% فقط.

وبالمقارنة، فإن 53.8% لديهم وجهة نظر سلبية تجاه ترامب مقابل 41.5% لديهم وجهة نظر إيجابية، ومع ذلك، وجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب في مايو الماضي، أن الأمريكيين منقسمون بالتساوي من حيث الأفضلية، حيث أعرب 46% عن وجهة نظر إيجابية تجاه ترامب و46% آخرين لبايدن.


وفي حين يهتم الرأي العام العالمي بشكل أكبر بالسياسة الخارجية الأمريكية، فإن الرأي العام الأمريكي يهتم عادة بالسياسة الداخلية بشكل أكبر.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز "بيو"، في أبريل أن 83 %من الأمريكيين قالوا إن "بايدن يجب أن يركز على القضايا الداخلية أكثر من التركيز على السياسة الخارجية".

وجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "غالوب" في مارس 2024، أن 40% من البالغين الأمريكيين يوافقون على وظيفة بايدن كرئيس، لكنهم صنفوا أداءه في السياسة الخارجية (33% موافقة) والصراع الإسرائيلي الفلسطيني (27% موافقة).

دخل بايدن، البيت الأبيض، وهو يتمتع بسمعة طيبة كزعيم ذو خبرة في السياسة الخارجية وحصل في البداية على درجات عالية من الجمهور الأمريكي، ومع ذلك، فإن الطبيعة الفوضوية للانسحاب من أفغانستان في عام،2021 بدأت تلحق الضرر بآراء الأمريكيين بشأن سياسة بايدن الخارجية.

في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، أيد العديد من الأمريكيين دعم بايدن لكييف، لكن الاستقطاب الحزبي المتزايد في المواقف تجاه الحرب - إلى جانب الجمود العسكري والصعوبات المتزايدة التي تواجهها أوكرانيا - قوض الإجماع الأمريكي بشأن هذه القضية.

ثم واجه بايدن تحديات جديدة حيث اكتسبت الحرب في غزة اهتمامًا غير متوقع بين الجمهور الأمريكي، حيث عارض العديد من الديمقراطيين دعم بايدن، القوي لإسرائيل، بينما انتقده الجمهوريون لعدم بذل المزيد من الجهد لدعم تل أبيب.

في الواقع، تشير استطلاعات الرأي إلى أن نهج بايدن في التعامل مع الحرب في غزة، يؤدي إلى تراجع وجهات النظر حول سياسته الخارجية بين الأمريكيين والخارج.


وفي حين أن الكثير من دول العالم لديها ثقة أكبر في بايدن كزعيم عالمي مقارنة بثقة ترامب، فإن آراء الأمريكيين أكثر تباينا.

أحد الأسباب المهمة وراء الاختلاف في وجهات النظر العالمية مقابل وجهات النظر الأمريكية… هو الطبيعة الحزبية المتزايدة للسياسة الأمريكية، حيث ينظر الأمريكيين غالبًا إلى الرئيس وسياساته من خلال عدسة الهوية الديمقراطية أو الجمهورية.

وهناك عامل آخر يتلخص في أن الرأي العام الأمريكي يركز بشكل أكبر على السياسة الداخلية، والدافع الأقل وضوحا، لكنه لا يزال مهما، هو الشعور العام بالإحباط بين الأمريكيين، والذي يبدو أنه يضر بالرئيس الحالي وربما يفيد منافسه.

إن استطلاع آراء الرأي العام الأجنبي يقدم رؤى مثيرة للاهتمام حول الكيفية التي ينظر بها العالم إلى الولايات المتحدة وقيادتها.

ولكن في النهاية، سيحدد الناخبون الأمريكيون ما إذا كان بايدن أو ترامب سيشكلان السياسة الخارجية الأمريكية في المستقبل.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: احمد ياسر الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 اخبار فلسطين غزة الشرق الأوسط الخليج العربي الصين النفط دونالد ترامب جو بايدن روسيا أخبار مصر الاقتصاد حرب غزة الدولار السیاسة الخارجیة الرأی العام فی بایدن

إقرأ أيضاً:

عبد السلام فاروق يكتب: صراع العمالقة بين الإبرة والمطرقة

في عالم يبدو أنه تحول إلى ساحة معركة تجارية، تتصدر الصين وأمريكا المشهد كخصمين لا يعرفان التراجع، لكن هذه المعركة ليست بالضرورة معركة دبابات وصواريخ، بل هي معركة إبرة ومطرقة. 

الصين، بإبرتها الدقيقة، تخيط اقتصاد العالم بسلع رخيصة تفتح شهية المستهلكين، بينما أمريكا، بمطرقتها الثقيلة، تحاول أن تدق أبواب الحماية التجارية بغضب.

والسؤال هو: من سينتصر في هذه المعركة؟ الإبرة التي تخيط بلا توقف أم المطرقة التي تدق بلا هوادة؟

الصين: الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس!

الصين بلا شك أصبحت "الماكينة" التي تدور حولها عجلة الاقتصاد العالمي. 

بفضل قدرتها الإنتاجية الهائلة، تنتج الصين سلعا أكثر مما يحتاجه العالم وكأنها تقول: "إذا لم تشتر منا، فمن أين ستأتي بسلعك؟". 

هذه الاستراتيجية، التي يسميها الاقتصاديون "فوق الطاقة الاستيعابية" (Overcapacity)، جعلت الصين تتحكم في أسواق العالم بسلاسة، فلماذا تنتج ألمانيا أو أمريكا سلعا بتكلفة عالية عندما يمكن للصين أن تقدمها بأسعار تكاد تكون مجانية؟

لكن هذه الإبرة الصينية ليست مجرد أداة للخياطة، بل هي سلاح فتاك. عندما تستورد الدول السلع الصينية بأسعار أقل من تكلفة إنتاجها المحلي، تبدأ الشركات المحلية في الانهيار واحدة تلو الأخرى.

والنتيجة؟ بطالة، انخفاض في مستوى المعيشة، واقتصادات محلية تتحول إلى أطلال. 

الصين، بهذه الطريقة، لا تحتاج إلى غزو الدول بالدبابات، بل تغزوها بالسلع الرخيصة. 

إنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، لأن مصانعها تعمل 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع.

 أمريكا: المطرقة التي تدق على أبواب الحماية

أما أمريكا، فلها استراتيجية مختلفة، بدلًا من أن تنافس الصين في الإنتاج، قررت أن تلعب دور "الشرطي العالمي" في التجارة.

بقيادة دونالد ترامب، الذي يعتقد أن الجمارك هي الحل لكل مشكلة، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في فرض رسوم جمركية على السلع الصينية. وكأنها تقول: "إذا لم نستطع أن ننتج مثلهم، فلنمنعهم من بيع منتجاتهم هنا".

لكن هذه الاستراتيجية، التي تبدو كضربات مطرقة ثقيلة قد تكون ضربات في الهواء، فرغم أن الجمارك قد توفر حماية مؤقتة للصناعات المحلية إلا أنها لن توقف الصين عن التحكم في الاقتصاد العالمي. 

الصين تعتمد على ميزة نسبية طورتها لتصبح ميزة تنافسية، وهي تعرف كيف تلعب هذه اللعبة ببراعة. أمريكا من ناحية أخرى تبدو كمن يحاول إصلاح ساعة باستخدام مطرقة.

 الحرب التجارية: من يختار طريق الندامة؟

الحرب التجارية بين الصين وأمريكا ليست مجرد صراع بين دولتين، بل هي صراع بين نموذجين اقتصاديين. 

الصين تعتمد على الإنتاج الضخم والأسعار المنخفضة، بينما أمريكا تحاول أن تحمي صناعاتها المحلية بفرض الجمارك، لكن السؤال الأهم هو: من يدفع ثمن هذه الحرب؟

الجواب بسيط: العالم كله. عندما تفرض أمريكا الجمارك على السلع الصينية، ترتفع الأسعار على المستهلكين، وعندما تخفض الصين أسعارها أكثر، تزداد البطالة في الدول الأخرى. إنها حلقة مفرغة من الصراع الذي لا يبدو أن له نهاية.

 الإبرة أم المطرقة؟

في النهاية، يبدو أن الصين قد وجدت طريقة للتحكم في الاقتصاد العالمي دون أن تطلق رصاصة واحدة. بإبرتها الدقيقة تخيط العالم بسلع رخيصة تفتح شهية المستهلكين وتدمر الصناعات المحلية. 

أمريكا، من ناحية أخرى، تحاول أن تدق أبواب الحماية التجارية بمطرقتها الثقيلة، لكنها قد تكتشف أن هذه الضربات لا تؤدي إلا إلى مزيد من الخراب.

ربما يكون الحل في العودة إلى المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، حيث يمكن للدول أن تتفاوض على حلول عادلة. لكن حتى ذلك الحين، يبدو أن الصين ستستمر في حياكة اقتصاد العالم بإبرتها، بينما أمريكا ستستمر في دق أبواب الحماية بمطرقتها. 

والسؤال الذي يبقى معلقا هو: من سينتصر في النهاية؟ الإبرة أم المطرقة؟ أم أن العالم سيكون هو الخاسر الأكبر في هذه المعركة؟

في النهاية قد نكتشف أن هذه الحرب التجارية ليست سوى فصل آخر من فصول صراع العمالقة، حيث الإبرة والمطرقة تلعبان دورا في مسرحية لا يعرف أحد كيف ستنتهي.

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية: تصنيف ” الحوثيين” مجرد استعراض لإدارة ترامب لمحاولة تمييز نفسها عن بايدن
  • عبد السلام فاروق يكتب: صراع العمالقة بين الإبرة والمطرقة
  • نيوزويك: الخارجية تحذر الأمريكيين من السفر إلى ليبيا
  • الخارجية الأمريكية: ترامب ملتزم بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي
  • ترامب يتهم كندا بخداع المزارعين الأمريكيين عبر الرسوم الجمركية على منتجات الألبان
  • الخارجية الأمريكية تؤكد حرص ترامب على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في أقرب وقت
  • أحمد ياسر يكتب: دراما الحرب بالوكالة في أوكرانيا
  • الخارجية الأمريكية: روبيو يؤكد لنظيره الأوكراني ضرورة اتخاذ خطوات لتحقيق سلام دائم
  • اليمن يكتب نهاية أسطورة الطائرات الأمريكية بدون طيار
  • الخارجية الأمريكية: إدارة ترامب أنقذت 38 محتجزا من غزة