يقول خبراء ومحللون إن تصريحات الجيش الإسرائيلي بشأن صعوبة القضاء على كتائب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة يعكس حالة التضارب التي تعيشها إسرائيل بين السياسيين والعسكريين.

فقد أكد قائد اللواء الـ12 الإسرائيلي العامل في رفح، هيفري الباز أن القضاء على حماس في رفح يتطلب عامين على الأقل، وأن الحركة تدير حرب عصابات مستقلة في المدينة.

وقال القائد العسكري الإسرائيلي إن من يعتقد أن صفارات الإنذار ستتوقف خلال العامين المقبلين فهو "يذر الرماد في العيون"، في حين أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن مواصلة الحرب هي السبيل الوحيد لاستعادة الأسرى من القطاع.

وتعليقا على هذا التضارب في التصريحات، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي إن كل سياسي في إسرائيل يحاول ترجمة كل شيء على أنه نصر له، مؤكدا أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حاولت تحقيق هدفين في القطاع، لكنها فشلت في ذلك.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال جبارين إن الجيش حاول تدمير القطاع للقضاء على حماس عسكريا وإداريا دون منح نتنياهو فرصة استغلال هذا الأمر سياسيا للبقاء ملكا على رأس إسرائيل. لكن الأمور -كما يقول جبارين- خرجت عن السيطرة وكأن السحر قد انقلب على الساحر بالنسبة للجيش.

تاريخان مهمان

ووفقا لجبارين، فإن نتنياهو حاليا يقترب من تاريخين مهمين أولهما 28 يوليو/تموز المقبل وهو موعد انتهاء دورة الكنيست والتي يحاول رئيس الوزراء الوصول إليه دون سقوط الحكومة مهما كان الثمن الذي ستدفعه إسرائيل، وثانيهما السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل وهو الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى والتي لا يمكن له بلوغه، في حين أن الأسرى الإسرائيليين ما زالوا في غزة.

ويرى جبارين أن نتنياهو يدرك جيدا أنه لن يتمكن حتى من مواجهة اليمين المتطرف الداعم له إذا وصل إلى 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل دون القضاء على حماس واحتلال غزة وإعادة الاستيطان فيه.

وخلص جبارين إلى أن نتنياهو -المعروف بمهارته السياسية- صنع فخا (تعزيز قوة اليمين) لكنه وقع فيه "لأن العسكريين يضعون خططا إستراتيجية ويحتاجون قيادات سياسية للاستفادة منها، وهو ما لم يحدث خلال هذه الحرب".

الرأي نفسه ذهب إليه الباحث السياسي سعيد زياد بقوله إن جيش الاحتلال أدرك أنه لن يكون قادرا على المقاومة التي فشل في القضاء عليها بعد استخدام كل ما لديه من قوة ودعم أميركي، مؤكدا أن الجميع في إسرائيل -باستثناء نتنياهو- بات يتعامل مع حماس كأمر واقع يجب التعايش معه كما هي الحال مع إيران، وفق تعبيره.

وأكد زياد أن تصريحات قائد اللواء 12 تكتسب أهمية كبيرة "لأنها صادرة على قائد لواء له باع في الحروب الإسرائيلية السابقة منذ نكبة 1948، وتؤكد قناعة الاحتلال أن ما كان قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي لن يكون كما بعده أبدا".

ويرى زياد أن إسرائيل تبحث عن آلية للخروج لكنها في الوقت نفسه تعاني التشرذم وغياب الرؤية، مشيرا إلى أن وزير الدفاع يوآف غالانت هو الوحيد الذي يطرح خططا لما بعد الحرب "لكنها خطط فاشلة"، حسب وصفه.

في المقابل، يقول زياد إن المقاومة -وباعتراف الإسرائيليين- "قادرة على التكيف مع الواقع الميداني وتغيير خططها ومواجهة جيش قوي لكنه بطيء، فضلا عن أنها سلبته الزخم الناري وأصابته بعمى استخباري وأصابته بالذعر وجعلته عاجزا عن الدخول إلى مكان دون استخدام قصف سجادي (تدمير جوي ومدفعي كامل) لتمهيد عملية الدخول".

وفي ظل هذه المعطيات، فإن فرص التوصل لاتفاق عبر المفاوضات أصبحت ضعيفة جدا ما لم تتزايد الضغوط الميدانية والإقليمية والدولية على نتنياهو لدفعه إلى وقف الحرب، كما يقول زياد.

المقاومة لا تزال قوية

ومن الناحية العسكرية، يقول العقيد ركن حاتم الفلاحي إن رفح كانت المعركة الوحيدة التي شارك فيها اللواء الـ12، وبالتالي فإن تصريحات قائده تعكس ما وجده على الأرض من حرب عصابات.

وفسر الفلاحي حديث قادة إسرائيل العسكريين بأنها دليل على قناعتهم بأن الحرب استنفدت أهدافها وأن استمرارها يعني مزيدا من استنزاف القوة دون مقابل، مشيرا إلى حديث عضو مجلس الحرب المستقيل غادي آيزنكوت الذي قال إن مواصلة الحرب تخدم نتنياهو ولا تخدم إسرائيل.

وأكد الفلاحي أن "كل الإنجازات التكتيكية التي حققها جيش الاحتلال تآكلت بسبب طول أمد الحرب وعدم استغلالها سياسيا، وأن بقاءه في القطاع قد يغرقه تماما".

ويرى الخبير العسكري أن نتنياهو يحاول مواصلة الحرب من أجل تحقيق أهدافه المعلنة متجاهلا حديثه عن أن معركة رفح -التي قال إنها المحطة الأخيرة قبل النصر المطلق- لم تحقق شيئا.

وختم بالقول إن تفكك مجلس الحرب الإسرائيلي والاتهامات الموجهة لرئيس الأركان بالخيانة والفشل وحديث الجيش عن صعوبة القضاء على حماس "دليل على حالة الخلاف الكبيرة بين نتنياهو والمؤسسة العسكرية"، مؤكدا أن أهداف الحرب حاليا "أصبحت سياسية بامتياز، لأنه لم يعد بالقطاع مكان لم يذهب إليه جيش الاحتلال".

وخلص الفلاحي إلى أن المرحلة الثالثة من الحرب التي تتحدث عنها إسرائيل غير منطقية، لأن المقاومة أعادت بناء قوتها في المناطق التي خرجت منها قوات الاحتلال في الشمال والوسط، فضلا عن السعي لإيجاد قوات أميركية وعربية يتناقض مع المواقع التي يقول إن المقاومة لا تزال موجودة فيها بقوة على الأرض.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جیش الاحتلال القضاء على على حماس

إقرأ أيضاً:

نتنياهو: لن ننهي الحرب في غزة حتى نحقق كل أهدافنا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

علق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، على مساعي الوسطاء لتجديد المفاوضات بين حركة حماس وإسرائيل بشأن صفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب في قطاع غزة.

وقال نتنياهو في بداية اجتماع الحكومة:"ملتزمون بالقتال حتى نحقق جميع أهدافنا: القضاء على حماس، وعودة جميع المختطفين لدينا، والوعد بأن غزة لن تشكل بعد الآن تهديدا لإسرائيل، والعودة الآمنة لسكاننا في الجنوب والشمال إلى ديارهم".

وأضاف: لكل من يشكك في تحقيق هذه الأهداف، أكرر: لا بديل عن النصر، مقاتلونا لم يسقطوا عبثا، ولن ننهي الحرب حتى نحقق كل أهدافنا".

وتابع "بالنسبة للمهمة المقدسة المتمثلة في تحرير رهائننا: فلا يوجد تغيير في موقف إسرائيل فيما يتعلق بالخطوط العريضة التي رحب بها الرئيس بايدن. واليوم يعرف الجميع حقيقة بسيطة: أن حماس هي العقبة الوحيدة أمام إطلاق سراح الرهائن".

وقال: لدينا مزيج من الضغط السياسي والضغط العسكري، وفوق كل شيء الضغط العسكري، سنعيد جميع المختطفين الـ 120 لدينا، أحياء وأمواتا".

واقترحت الولايات المتحدة صياغة جديدة لسد الفجوات في المناقشات بشأن وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن بين إسرائيل وحركة حماس، حسبما قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية.

 

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: إسرائيل تتقدم إلى نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس في غزة
  • تفاصيل خطة إسرائيلية لإدارة قطاع غزة
  • خبير أمني فلسطيني للجزيرة نت: إسرائيل فشلت في القضاء على حماس وستعجز عن احتلال غزة
  • ‏نتنياهو: إسرائيل ملتزمة بالقتال حتى تحقيق جميع أهداف الحرب
  • نتنياهو: لن ننهي الحرب في غزة حتى نحقق كل أهدافنا
  • نتنياهو: ملتزمون بالقتال حتى القضاء على حماس وعودة جميع المحتجزين في غزة
  • ‏يديعوت أحرونوت: الجيش الإسرائيلي يقول إنه في حالة الحرب مع لبنان سيكون الأمر صعبا في إسرائيل
  • التقسيم والفقاعات.. تعرف على سيناريوهات إسرائيل لإدارة غزة بعد الحرب
  • سيناريو التقسيم والفقاعات.. هذه خطط إسرائيل لغزة بعد الحرب