جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-17@19:22:01 GMT

الإرهاب الأمريكي الإسرائيلي

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

الإرهاب الأمريكي الإسرائيلي

 

حاتم الطائي

 

◄ أمريكا دولة الإرهاب الأولى في العالم وتاريخها الأسود خير شاهد

◄ إسرائيل تمضي على خطى أمريكا في ممارسة الإرهاب بأبشع صوره

◄ الإدارة الأمريكية تتحمل المسؤولية المباشرة عن حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة

 

من المفارقات الساخرة والعابرة لحدود المنطق والعقل، أن الدول التي تتغنى بأنها تكافح "الإرهاب" وأنها تتولى "حماية النظام العالمي" أو حتى تحول دون نشوب الحروب والصراعات، هي نفسها الدول التي تمارس الإرهاب في أبشع صوره، وتُشعل الحروب والصراعات بلا توقف، وتتسبب في انهيار المنظومة الأمنية الدولية وزعزعة الاستقرار العالمي، والأكثر سخرية في هذا السياق أن الدولة الأولى التي ترتكب الإرهاب هي الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ورائها ربيبتها دولة الكيان الصهيوني الشاذة المارقة المُجرمة، وكلاهما أياديهما مُلطخة بدماء العرب والمسلمين وغيرهم في بقاع الأرض، من أقاصي آسيا إلى "جمهوريات الموز" في أمريكا الجنوبية، كما يصفها الأمريكيون أنفسهم!!

أمريكا دولة الإرهاب الرسمي في العالم، منذ أن أطلقت أول قنبلة نووية على اليابان، وحصلت على وصمة العار التاريخية التي لن تُمحى، بأنها أول دولة تُدمر الحرث والنسل وتتسبب في موجات إشعاعية ذرية ما زال اليابانيون يعانون منها حتى اليوم.

أمريكا دولة الإرهاب الرسمي في العالم، بعدما أقحمت نفسها في حرب فيتنام، فاستحالت مستنقعًا سحيقًا مرغ أنف الولايات المتحدة في الوحل، وتسبب في نكسة تاريخية ما تزال تمثل شبحًا يؤرق مضاجع القادة العسكريين والسياسيين، وأي رئيس أمريكي، إذ إن الفشل الذريع في حرب فيتنام يتجلى ويتكرر في كل حرب عدوانية تشنها الولايات المتحدة خارج أراضيها وتنتهي بخسائر مُذلة وفادحة.

أمريكا دولة الإرهاب الرسمي في العالم؛ حيث احتلت أفغانستان وتسببت في قتل ما يزيد عن 100 ألف مدني وإصابة مئات الآلاف من الأفغان واعتقال أكثر من 50 ألف مواطن أفغاني في السنوات الثلاثة الأولى، وحدث ولا حرج عن الوفيات الناجمة عن المرض ونقص الغذاء والدواء والمياه. بينما خسر الجيش الأمريكي 2442 جنديًا منتسبًا له، بخلاف أعداد المرتزقة الذين لم تُدرجهم الإحصائيات الرسمية في خسائر أمريكا، كما أصيب 40 ألف جندي أمريكي وانتحرت أعداد كبيرة من الجنود لم يتم ذكرهم في إحصائيات، ومقتل 4 آلاف متقاعد أمريكي، وغير ذلك الكثير من المآسي، والأهم من ذلك كله تدمير بلد بأكمله وزعزعة الاستقرار الإقليمي في تلك البقعة من العالم.

أمريكا دولة الإرهاب الرسمي في العالم؛ في ظل جرائم الحرب البشعة التي ارتكبتها في العراق، وقتل رئيس دولة عربية وتعمُّد إعدامه في يوم عيد الأضحى لمزيد من الإهانة والإذلال للشعوب العربية والمسلمة، وتدمير دولة اشتهرت بأنها أرض الثقافة والعلوم والتنوير والقوة العسكرية. دمّرت أمريكا العراق بزعم امتلاكه أسلحة نووية، إلّا أن الهدف الأساسي تمثّل في تدمير الجيش العراقي الذي كان يعد واحدًا من أقوى جيوش المنطقة، ووأد أي مشروع تنموي يُحقق الريادة للعراق أو محيطه الإقليمي. الحرب الأمريكية على العراق التي كلفت الخزانة الأمريكية 2.8 تريليون دولار، تسببت في مقتل أكثر من 250 ألف مدني، علاوة على مئات الآلاف من المصابين والمُعتقلين.

في كل هذه الحروب مارست أمريكا إرهاب الدولة، وإرهاب المُحتل، تمامًا كما تفعل دولة الكيان الإسرائيلي الغاصب. عذّبت أمريكا العراقيين والأفغان في سجون سيئة السمعة، واستخدمت أبشع صور التعذيب بحق الأبرياء في سجن أبوغريب وسجن جوانتانامو، ليس أقلها إطلاق الكلاب المسعورة لتنهشهم وهم عرايا، ولا باستخدام طريقة تعذيب "الإيهام بالغرق"، ولا التهديد بالقتل، ولا التجويع! ومن المؤسف والمخزي أن طرق التعذيب التي لا نعرفها أكثر مما نعرفه.

إسرائيل لم تخالف أمريكا في هذه السياسات الإرهابية؛ سواء بقتل المدنيين العُزل دون تمييز، أو بدفن السكان في غزة أحياء تحت ويلات القصف البربري الغاشم، بذخائر أمريكية الصنع تزن 2000 رطل، وصواريخ موجهة دقيقة قادرة على اختراق التحصينات. إسرائيل مُجرمة وإرهابية مثل أمريكا، تقتل الفلسطينيين ليل نهار، دون خشية من عقاب دولي أو أي ملاحقة قانونية، وتنفذ حرب الإبادة الجماعية بحق شعب غزة دون أن يهتز جفن لقادتها المُجرمين، ليقينهم التام بأنهم مُحصّنين بغطاء أمريكي ضد أي محاكمة دولية. وما يحدث في محكمة العدل الدولية أو حتى الجنائية الدولية، إلا دليل على عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ أحكام هذه الهيئات القضائية الدولية، في أقبح صور التخاذل العالمي.

وفي انعكاس لمستوى التدني السياسي والأخلاقي الذي بلغته أمريكا، ما شاهده ملايين الناس حول العالم خلال المناظرة العبثية بين الرئيس الحالي جو بايدن، ومنافسه الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب؛ حيث بدا أن مستقبل أكبر دولة في العالم يُحدد مصيره رئيس حالي يُعاني من حالات ضعف عقلي وفقدان ذاكرة وتلعثم، وبين رئيس سابق يسعى للعودة إلى المكتب البيضاوي رغم الفضائح التي ارتكبها ووقع فيها، ليس أسوأها قضايا التحرش الجنسي ولا الممثلة الإباحية، ولا حتى التحريض على اقتحام مبنى الكابيتول والتسبب في احتمالية نشوب حرب أهلية أمريكية.

لكن من الواضح أن بايدن قدم أقصى ما يُمكن للصهيونية، وأنه يتعين أن يخسر حتى يُقدِّم ترامب أيضًا أقصى دعم لدولة الكيان الإسرائيلي، ولذلك نجد الصحافة الأمريكية وتحديدًا "نيويورك تايمز" دعت بايدن إلى الانسحاب؛ وذلك لأنهم يريدون ترامب. ولا نستبعد أن يمنح ترامب إسرائيل المزيد من الذخائر المدمرة أو أن يُشعل حربًا إقليمية تأكل الأخضر واليابس في الشرق الأوسط.

ويبقى القول.. إنَّ أمريكا وإسرائيل وجهان لعملة الإرهاب الواحدة، كلاهما يمارسان الإرهاب الدولي، وكلاهما يقتلان الأطفال والنساء والمدنيين بدم بارد، وكلاهما يدمران الدول، وكلاهما يمارسان أسوأ أنواع التعذيب والاعتقال التعسفي والتنكيل والبطش، وكلاهما يستخدمان الأسلحة المُحرّمة دوليًا، وينفذان أبشع المذابح في أي حرب يشعلانها، دون أدنى اعتبار للقوانين الدولية وحرمة قتل النفس وغيرها من الجوانب الإنسانية التي لا يعلمون عنها شيئاً ولو مثقال ذرَّة، والإدارة الأمريكية اليوم تتحمل بشكل مباشر مسؤولية حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ولو أن هذا العالم تحكمه قوانين عادلة، لكانت هذه الإدارة الآن تُحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أي الملوك دام؟!.. المصير الأمريكي (1)

مات جالتونج ولم تمت أمريكا..

لكن هل دام قيصر؟

وهل يبقى سرمديا إقرار سيارتاكوس (اليائس المستنكر) في قصيدة أمل دنقل: لا تحلموا بعالم سعيد، فخلف كل قيصر يموت، قيصر جديد؟

مسافة هائلة بين تشاؤم سبارتاكوس وهو معلق على مشانق الصباح، وبين نبوءة يوهان جالتونج التحذيرية التي أعلنت سقوط الإمبراطورية الأمريكية هذا العام (2025).

جالتونج عالم رياضيات في الأساس، لكنه اتجه لعلم الاجتماع وأسس مدرسة علمية مختصة بسبل إقرار السلام في العالم، واعتبر أن أمريكا تجسد نموذجا لشيطان الحرب الذي يهدد السلام العالمي، وفي مقال شهير نشر عام 2009 تنبأ جالتونج بسقوط أمريكا عن عرش العالم في عام 2025، ومع تولي ترامب رئاسة أمريكا في الفترة الأولى عجل جالتونج بموعد الموت الأمريكي إلى عام 2020، مرجحا أن سياسات ترامب وأفكاره الشعبوية اليمينة الحمقاء ستشعل فتيل النهايات بوتيرة أسرع، مؤكدا تراجع القوة العالمية للولايات المتحدة وظهور بودار التفكك داخل بنية النظام الأمريكي قبل انتهاء ولاية ترامب، ولما أوشكت الفترة الرئاسية الأولى على الانتهاء وظلت أمريكا تهيمن على العالم سئل العالم الذي توقع قبل سنوات بأحداث بارزة مثل تفكك الاتحاد السوفييتي وانتفاضة ميدان "تيان ان من" في الصين، فقال إن السقوط ليس لحظة فاصلة، لكن الشواهد تؤكد أنه يحدث بالفعل داخل النظام الأمريكي.

وأورد جالتونج حيثيات حكمه تفصيلا في كتاب "سقوط الإمبراطورية الأمريكية.. ثم ماذا؟"، الذي أشار فيه إلى صعود الفاشية داخل أمريكا كمؤشر واضح لتراجعها وانحلالها، واستشهد بتصريحات وسياسات ترامب عن المناهضة للمهاجرين والمنتقدة بجهل استراتيجي لمكونات حلف الناتو والدول الأعضاء لأسباب مالية وليس عسكرية أو استراتيجية.

وأوضح جالتونج أن الانهيار لا يحدث بصورة ثابتة مثل تفكك الولايات كما حدث مع الاتحاد السوفييتي أو الزوال والانقسام المتشظي كما حدث لنموذج الإمبراطورية الرومانية القديمة، لكن للانهيار وجوه متعددة، منها نظرة الدول الأخرى للاستمرار في التعاون لأنها تكتشف أنك لست حليفا جيدا، وتبدأ المشاكل مع الشركاء ويستمر التباعد حتى تضطر لخوض حروبك ونزاعاتك في العالم وحدك أو من خلال مرتزقة ودول سيئة السمعة.

وأوضح جالتونج أن المتابع الجيد يمكن أن يلاحظ بوادر هذا كله، فأمريكا تكتفي في السنوات الخيرة بالقصف من ارتفاعات عالية، واستخدام طائرات بدون طيار تُدار بواسطة أجهزة كمبيوتر من مكاتب خفية مكيفة، وتجنب الحروب النظامية بالاعتماد على شركات مرتزقة وقوات خاصة تقتل في كل مكان بأسوب القتلة المأجورين. وباستثنا دول شمال أوروبا، التي تدعم الحروب الأمريكية، فإن بقية العالم لا تتورط مع أمريكا في جرائمها العسكرية المسيئة للسلام العالمي. ورجح جالتونج ألا يستمر الدعم الأوروبي لمغامرات أمريكا العسكرية بعد عام 2020.

ربما تأخر الموعد الذي حدده جالتونج (رحل عن عالمنا العام الماضي) بعد أن أكد أن اقتحام المتطرفين اليمينيين لمقر الكونغرس الأمريكي هو الإعلان الأوضح لسقوط النظام الأمريكي، حتى لو لم يكتمل السقوط شكليا، لكن الفكرة طرحت نفسها، وكان من الممكن أن ينال السوس من عصا سليمان فيبدو الموت معلنا، لكن النظام مات وإن ظلت جثته واقفة استنادا على عصا مؤقتة.

التشبيه بحالة سليمان يخصني، لكنه يعبر عن المعنى الذي شرحه جالتونج بكلمات واستشهادات كثيرة.

المقال لا يركز على عرض كتاب جالتونج ولا سيرته العلمية، لكنه يركز على سؤال "المصير الأمريكي"، ويستخدم في ذلك محتوى الكتاب ونبوءة العالم النرويجي الذي ظل مرشحا طويل الأمد لجائزة نوبل دون أن يحصل عليها لأسباب مفهومة. ومن المعروف أن الحديث عن موعد السقوط الأمريكي قديم ومتكرر، وهناك أبحاث ودراسات كثيرة ناقشت ذلك، لكنها ظلت لفترة طويلة تعتمد على افتراضات نظرية ومقارنات تاريخية، وأحيانا أمنيات فكرية للمعارضين والمحذرين لنموذج الهيمنة الأمريكي، كما أن عددا من مستودعات الأفكار ومراكز الدراسات الاستخباراتية داخل أمريكا اهتمت بأسئلة المصير لتجنب التعجيل بالسقوط.

فالقوة البراجماتية التي تحكم أمريكا تعرف أن لكل دولة دورة معروفة؛ تبدأ بالميلاد والطفولة ثم الفتوة والشباب وصولا إلى الشيخوخة والوهن، لذلك انشغلت تلك المراكز البحثية في مهمة مد فترة القتوة والشباب وتأجيل الشيخوخة لأقصى مدى، عن طريق آليات التجديد والإحلال وامتصاص الدماء من الشعوب الأخرى، وإضعاف دول العالم لتظل أمريكا الأقوى والأكثر سيطرة

عاد ترامب إلى البيت الأبيض مجددا بعد فترة هزلية مأساوية أظهر فيها المرشح الجمهوري جو بايدن الصورة الحقيقية للنظام، على طريقة الصورة الحقيقية لدرويان جراي في رواية أوسكار ويلد، كشاب ارستقراطي مستهتر يبيع روجه للشيطان مقابل صفقة يظل فيها على جمال مظهره وشبابه بينما تتحمل صورته كل جرائمه وآثامه، ويظل دوريان يخدع الناس ويحرص على إخفاء صورته القبيحة في قبو مظلم أسفل القصر، لكن درجة القبح وصلت إلى درجة لا تحتمل وتهدد بفضح حقيقته في يوم ما، فيقرر التخلص منها، وهو لا يدرك أنه يساعد بنفسه في التخلص من نفسه.

ومن هنا تتكشف لنا القصة المأساوية العميقة خلف شعار ترامب عن ضرورة العمل من أجل "عودة أمريكا عظيمة مرة أخرى". الشعار يتضمن اعترافا بسقوط أمريكي جزئي، والادعاء بأن دوريان جراي وحده هو القادر على حل كل المشكلات واستعادة العظمة المفقودة والمجد الضائع..!

القصة الواقعية للحال الأمريكي الآن وللمصير الأمريكي المنتظر خلال سنوات قليلة أكثر إثارة من حديث الافتراضات النظرية في السنوات السابقة، ومن استشهادات الأدب وأفلام الغزو الفضائي للأرض، خاصة بعد الدعم الأمريكي الوقح للإبادة في فلسطين عموما (غزة والضفة أيضا)، وانكشاف الصورة القبيحة للوجه الأمريكي في التعامل مع مفارقة (غزة/ أوكرانيا)، وترحيل مقيمين ومهاجرين يدرسون في الجامعات الأمريكية لاسباب تتعلق بالتظاهر الاحتجاجي السلمي والإدانة الإنسانية للإبادة، كذلك حديث ترامب عن ضم جرينلاند والتعامل المتغطرس مع العالم كله وليس أمريكا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط فقط.

فالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على العالم أعادت للأذهان أسلوب الجزية الرومانية التي مهدت مع عوامل داخلية وخارجية بسقوط روما، وهو ما تناقشه هذه السلسلة من المقالات للتعرف العلمي والواقعي على المصير الأمريكي.

وفي المقال المقبل نواصل..

[email protected]

مقالات مشابهة

  • لجنة نصرة الأقصى تدعو للخروج الجماهيري الكبير بمسيرات “ثابتون مع غزة في مواجهة التصعيد الأمريكي الإسرائيلي”
  • الخارجية الأمريكية تؤكد: نعمل بشكل نشط من أجل إقامة دولة فلسطينية
  • كونكاكاف يرفض تنظيم كأس العالم بـ64 فريقاً في أمريكا الجنوبية
  • أحمد موسى: الإجراءات الجمركية الأمريكية الأخيرة تستهدف الصين
  • رئيس برلمان أمريكا الوسطى يشيد بالتنمية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية في لقاء مع الطالبي العلمي
  • بعد اعلان حماس فقدان الاتصال بآسري الجندي الأمريكي الإسرائيلي.. من هو عيدان ألكسندر؟
  • ترامب.. الرئيس الأمريكي الأضعف والأغبى..
  • في ظلّ ما يجري في أمريكا: العالم إلى أين؟
  • صواريخ اليمن تصل إلى العمق الإسرائيلي.. عدوان أمريكا بلا نتائج
  • أي الملوك دام؟!.. المصير الأمريكي (1)