الاتحاد الأوروبي يواصل تدقيقه صفقة بـ13 مليار دولار بين مايكروسوفت وأوبن إيه آي
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
تخضع استثمارات شركة "مايكروسوفت" البالغة 13 مليار دولار في شركة "أوبن إيه آي" للذكاء الاصطناعي لتدقيق متزايد من هيئات مراقبة مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي.
وقالت بلومبيرغ إنه من المقرر أن يستجوب الاتحاد الأوروبي منافسي مايكروسوفت بشأن الاستخدام الحصري لشركة الذكاء الاصطناعي لتكنولوجيا السحابة من مايكروسوفت، وهي خطوة قد يكون لها آثار كبيرة على المنافسة في صناعة التكنولوجيا في القارة.
وأعلنت مارغريت فيستاغر، رئيسة مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، أن الاتحاد الأوروبي قرر عدم التحقيق في الصفقة بموجب قواعد الاندماج الخاصة به، بعد عجزها عن إثبات سيطرة مايكروسوفت على "أوبن إيه آي".
وبدلا من ذلك، يركز المنظمون على البنود الحصرية التي فرضتها "مايكروسوفت" مع "أوبن إيه آي" وتأثيراتها السلبية المحتملة على المنافسة في السوق.
وسيقوم الاتحاد الأوروبي أيضا بتوزيع الأسئلة المتعلقة بترتيب "غوغل" مع شركة "سامسونغ" لتثبيت نموذجها الصغير "جيمني نانو" مسبقا على أجهزة معينة.
وشددت فيستاغر على أن الاتحاد الأوروبي يدرس كيفية استحواذ شركات التكنولوجيا الكبرى على الشركات، لا سيما من خلال التوظيف الجماعي.
وتتبع هذه الخطوة الأولية التحقيق الذي أجرته لجنة التجارة الفدرالية الأميركية في ممارسات التوظيف التي قامت بها مايكروسوفت لموظفي شركة "إنفلكشن".
وقالت فيستاغر "سوف نتأكد من عدم تسلل هذه الممارسات إلى قواعد مراقبة الاندماج لدينا إذا كانت تؤدي في الأساس إلى التركيز".
وتحدد اتفاقية مايكروسوفت مع "أوبن إيه آي" شركة "مايكروسوفت أزور" باعتبارها المزود السحابي الحصري لـ"أوبن إيه آي"، وهو جانب مهم يريد الاتحاد الأوروبي مزيدا من التدقيق فيه.
ومن المحتمل أن تؤدي الأسئلة الأولية من الاتحاد الأوروبي إلى تحقيقات رسمية، مما قد يؤدي إلى أوامر بتغيير الممارسات التجارية أو فرض غرامات على أي سلوكيات محددة مناهضة للمنافسة.
وصرحت مايكروسوفت في بيان لها "نحن نقدر المراجعة الشاملة التي أجرتها المفوضية الأوروبية واستنتاجها بأن استثمار الشركة وشراكتها مع أوبن إيه آي لا يمنحنا السيطرة على الشركة". وأضافت "نحن على استعداد للرد على أي أسئلة إضافية قد تكون لدى المفوضية الأوروبية".
وقد أثار اهتمام الاتحاد الأوروبي بالشراكة بين مايكروسوفت و"أوبن إيه آي" فضيحة تورطت فيها قيادة الأخيرة، وفق ما أكدته بلومبيرغ.
حيث أثار طرد سام ألتمان وإعادة تعيينه لاحقا، مع لعب الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا دورا محوريا، تساؤلات عن توازن القوى بين الشركتين.
وتقوم هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة ولجنة التجارة الفدرالية الأميركية أيضا بدراسة الآثار المترتبة على هذه الشراكة.
وفي جوهر الشراكة بين الشركتين، تبرز قوة الحوسبة الكبيرة المطلوبة لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل تشات جي بي تي.
وأصبحت "أوبن إيه آي" عميلا مهما للخدمات السحابية من مايكروسوفت، مما يزيد الشكوك أكثر على الترابط بين عملياتها.
وبموجب قواعد الاندماج في الاتحاد الأوروبي، يتم فحص الصفقات ضمن أطر زمنية صارمة، ويجب على الشركات معالجة مخاوف محددة تتعلق بالمنافسة.
ويسمح قانون المنافسة الكلاسيكي للاتحاد الأوروبي باستهداف الاتفاقيات المناهضة للمنافسة وإساءة استخدام الهيمنة، مع غرامات محتملة تصل إلى 10% من إيرادات الشركة.
ويتبع هذا التدقيق الأخير تاريخا طويلا من معارك مكافحة الاحتكار بين مايكروسوفت والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الاتهامات الأخيرة بإساءة استخدام السوق فيما يتعلق بتجميع تطبيق مؤتمرات الفيديو "تيمز" مع برامج أعمال أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاتحاد الأوروبی بین مایکروسوفت أوبن إیه آی
إقرأ أيضاً:
هل تستطيع تركيا إنقاذ الاتحاد الأوروبي؟
أنقرة- في خضم التحولات الجيوسياسية التي تعصف بالاتحاد الأوروبي، ومع تصاعد التحديات الأمنية والاقتصادية التي تهدد وحدته واستقراره، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليطرح رؤية جريئة تتمثل في أن بلاده لم تعد مجرد دولة مرشحة للانضمام للاتحاد، بل هي "شريان الحياة" الذي يحتاجه للخروج من أزماته المتفاقمة.
وتعكس تصريحات أردوغان المتكررة، والتي كان آخرها الاثنين الماضي، قناعة تركية متزايدة بأن غياب أنقرة عن المشهد الأوروبي لم يعد خيارا قابلا للاستمرار. فبينما تواجه القارة العجوز تداعيات الحرب في أوكرانيا، وصعود التيارات القومية، وتراجع الدور الأميركي في أمنها، تطرح تركيا نفسها كقوة إقليمية قادرة على سد الفراغ الأمني والاقتصادي والإستراتيجي.
ولا تقتصر تصريحاته على الخطاب السياسي فقط، بل تأتي ضمن حراك دبلوماسي مكثف يهدف إلى اختبار مدى استعداد الاتحاد الأوروبي لإعادة النظر في موقفه من تركيا، بالتوازي مع تعزيز خيارات إستراتيجية أخرى.
ورقة ضغطوفي هذا السياق، وخلال لقائه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بأنقرة في فبراير/شباط الماضي، أشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى أن ملف انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي "يظل معلقا بسبب سياسات الهوية داخل التكتل".
إعلانوقال فيدان إن "الاتحاد لا يشعر بالارتياح إزاء استقبال دولة مسلمة كبرى مثل تركيا، رغم أنه لا يصرح بذلك علنا" وإن "تجاهله مطالب أنقرة قد يدفعها نحو تعزيز شراكاتها البديلة، مثل مجموعة بريكس" في إشارة واضحة إلى أن تركيا لم تعد مستعدة للبقاء رهينة للسياسات الأوروبية.
ويرى المحلل السياسي والباحث في مركز تركيا للأبحاث مراد تورال أن حديث أنقرة عن "إنقاذ الاتحاد الأوروبي" هو بالأساس ورقة ضغط دبلوماسية، إذ تمتلك مقومات تجعلها شريكا مهما في ملفات الأمن والطاقة والهجرة، لكنها ليست قادرة بمفردها على معالجة أزمات أوروبا البنيوية، مثل تصاعد الشعبوية وأزمة الطاقة.
ويؤكد تورال للجزيرة نت أن أنقرة تلعب دورا أمنيا حاسما في أوروبا حتى دون عضوية الاتحاد، بفضل موقعها الجغرافي وقوتها العسكرية كعضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لكنها تواجه عقبات كالصدامات المستمرة مع اليونان وقبرص، إلى جانب التحفظات الأوروبية بشأن سياساتها الداخلية.
وبرأيه، سيبقى التعاون الأمني بين تركيا وأوروبا قائما على أساس براغماتي عبر الناتو والشراكات الثنائية، لكن دون دمجها رسميا في الدفاع الأوروبي ما لم تُحل القضايا السياسية العالقة.
مواقف متباينةمن جانبه، حاول أردوغان تحريك المياه الراكدة عبر لقاءات مباشرة مع مسؤولين أوروبيين، حيث التقى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مؤكدا خلال اللقاء أن الزخم القديم للعلاقات بين أنقرة وبروكسل بدأ يعود تدريجيا، لكنه شدد على أن الاتحاد الأوروبي مطالب "بتصحيح أخطائه" إن أراد إحياء مسار انضمام تركيا.
كما أجرى الرئيس التركي محادثات مع الرئيس الألماني فرانك والتر شتاينماير بأنقرة، في فبراير/شباط الماضي، حيث ناقشا مستقبل العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية، مشيرا إلى أن التغيرات في المشهد السياسي الأوروبي، خصوصا مع صعود أقصى اليمين، قد تفرض على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في موقفه من تركيا.
إعلانولا يزال ملف انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي مجمدا منذ عام 2016، بعد أن قرر الاتحاد وقف فتح فصول تفاوضية جديدة بسبب ما اعتبره "التراجع في سيادة القانون وحقوق الإنسان" والخلافات المستمرة حول القضية القبرصية وملف التنقيب شرق المتوسط.
ورغم أن تركيا لا تزال دولة مرشحة رسميا، فإن مؤسسات الاتحاد تتبنى مواقف متباينة تجاه مستقبل العلاقة معها، حيث يفضل البرلمان الأوروبي وبعض الدول الأعضاء تجميد المفاوضات، بينما تدعو دول أخرى إلى اتباع نهج أكثر براغماتية يأخذ بعين الاعتبار الأهمية الإستراتيجية لتركيا.
وفي السياق، قال ناتشو سانشيز أمور، مقرر شؤون تركيا بالبرلمان الأوروبي، -في مقابلة تلفزيونية، في فبراير/شباط الماضي- إن "تركيا هي الدولة المرشحة الوحيدة التي تشهد تراجعا ديمقراطيا، وإن إحياء مفاوضات الانضمام مستبعد دون تقدم ملموس في سيادة القانون والديمقراطية" مضيفا أن البرلمان لن يدعم أي تحرك بهذا الاتجاه دون إصلاحات جوهرية في الداخل التركي.
قوة صاعدةوفي المقابل، أكدت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، أرانشا غونزاليس لايا، في ندوة بعنوان "الديمقراطيات الأوروبية تواجه عالما مجزأ" عُقدت في فبراير/شباط الماضي، أن "أنقرة باتت قوة عالمية صاعدة لا يمكن لأوروبا تجاهلها" مما يستوجب إعادة تقييم العلاقات معها.
وأوضحت أن التحديات الجيوسياسية الحالية، مثل تراجع الدور الأميركي في أمن أوروبا وصعود قوى عالمية جديدة كالصين وروسيا، تفرض على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في طبيعة علاقته بتركيا، ليس فقط من منظور العضوية، ولكن أيضا من حيث بناء شراكة إستراتيجية أوسع.
ومن جهته، يؤكد المحلل جنك سراج أوغلو أن أنقرة تمتلك أوراق ضغط قوية لكنها تكتيكية أكثر من كونها إستراتيجية، أبرزها ملف الهجرة، حيث تعتمد عليها أوروبا لضبط تدفقات اللاجئين، وهو ما يجعل الاتحاد الأوروبي مضطرا للحفاظ على تفاهمات مع أنقرة.
إعلانويوضح للجزيرة نت أن أنقرة تدرك أن الاتحاد الأوروبي يتمسك بشروطه فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان والتفاهمات مع اليونان وقبرص، مما يجعل قدرتها على فرض أجندتها محدودة. وعلى الرغم من أهمية تركيا كشريك إستراتيجي، فإن الاتحاد الأوروبي لا يبدو مستعدا لتقديم تنازلات سياسية جوهرية.
أما خيار التوجه نحو البريكس كبديل للاتحاد، فيراه سراج أوغلو مناورة دبلوماسية أكثر من كونه تحولا إستراتيجيا. فرغم اهتمام تركيا بتوسيع تحالفاتها، فإنها لا تزال تعتمد اقتصاديا على أوروبا، وستواصل استخدام التلويح بالبريكس لتعزيز موقفها التفاوضي دون القطيعة مع الغرب.