إذا أردت أن تعرف مدى حرية مجتمع ..فانظر ماذا يحدث في مسرحه
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
ترجمة ـ أحمد شافعي -
«يجدر بالمسرحية أن تكون فعلا أخلاقيا من أفعال الخيال». هكذا قال الكاتب المسرحي البريطاني إدوارد بوند الذي وافته المنية قبل ثلاثة أشهر، والذي كان على مدى عمره أحد دعاة حق المسرح المطلق في معالجة أصعب قضايا زمنه.
ولعل إعادة عرض المسرحيات أيضا جديرة بأن تعد عملا أخلاقيا من أعمال الخيال.
شارك في كتابة العرض المسرحي كل من آلن ريكمان وكاثرين فاينر التي تشغل حاليا منصب رئيس تحرير صحيفة جارديان، وقد قاما بجمع مادتها من يوميات ورسائل إلكترونية، ويمثل العرض المسرحي لقاء بالحاضر بقدر ما هو لقاء بالماضي. لقد سرت القشعريرة في أوصالي وأنا أستمع إلى ما كتبته من يوميات عن الدبابات، والأطفال الموتى، والأهوال اليومية للعيش في رفح وخان يونس، وكلتاهما من المدن التي نراها الآن في الأخبار وقد انتهت إلى ركام.
تكتب أن «هؤلاء بشر يواجهون الزوال» فتبدو إذ تتكلم عن العقاب الجماعي، وتدمير مصادر المياه، وإطلاق الرصاص على مدنيين غير مسلحين، وضرورة سحب الاستثمارات، وكأنها الكاهنة والعرافة كاسندرا. بمشاهدة هذا العرض بعد قرابة عقدين من تقديمه الأصلي أجد نفسي أفكر في قيمة مسرحيات الماضي السياسية، وبخاصة تلك المسرحيات التسجيلية التي تحتل مكانة لا يشاركها فيها غيرها، فهي وثائق تاريخية تصاغ في قالب فني.
كيف سنشاهد على سبيل المثال مسرحية نيكولاس كينت التسجيلية (فشل النظام) على سبيل المثال في غضون أجيال قليلة؟ وما معنى أن ننصت إلى كلمات امرأة أمريكية، شديدة التحديد والخصوصية، عن صراع تحول على مدار عقدين من الزمن ليصبح عنفا وضيعا نراه يجري أمام أعيننا الآن في غزة؟ قد يعده البعض، نظرا لتوقيته، فعلا من أفعال النشاط السياسي، أو إنسانيا، في ضوء أن مبيعات التذاكر سوف تخصص لمساعدة أسرة فلسطينية منكوبة بسبب القصف الإسرائيلي.
ثمة فارق محدد في هذه الإعادة له تأثير على المعنى، ويتمثل الفارق في أن فريق العرض من اليهود، ومنهم المنتجة والممثلة ساشا شيندر، والمنتجة والمخرجة صوفي روزن فلولادي، وهي من أصول يهودية إسلامية إيرانية مختلطة. وتضمن الجمهور فلسطينيين جالسين مع يهود.
ومع ذلك، فقد قيل لي إن بعض الفنانين عزفوا عن المشاركة في العرض خوفا من أن يشوه ذلك سمعتهم ويقلل فرصهم في العمل بعد ذلك. تقول روزن فولادي إن العمل برمته اتسم بالقلق، فالوقت عصيب، والتمويل شحيح، وثمة خطر في المسرحيات السياسية القوية المماثلة لهذه في ما يبدو.
ولكن عرض مسرحية سياسية يمثل في نظري مقياسا لمدى حرية مجتمع في واقع الأمر، و(مسرح بيلاروسيا الحر) مثال لذلك، فقد منع من العرض في وطنه، لكن هناك حملات قمع للمسرح والفنون في أماكن كثيرة أخرى تمضي نحو الاستبدادية.
بعد أسابيع قليلة من اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر من العام الماضي، تحدثت إلى مصطفى شتا، مدير عام مسرح الحرية في الضفة الغربية، عن شخصيات ثقافية في المنطقة تم وضعها رهن «الاعتقال الإداري» دونما توجيه تهمة، ومن أولئك بلال السعدي رئيس مجلس إدارة مسرح الحرية، وفنان السيرك محمد أبوشقة. ولم يمض وقت طويل على حديثنا حتى اعتقل شتا، ولا يزال مسجونا إلى الآن دونما توجيه تهمة إليه. قال لي «نحن نخشى أن نتحدث بحرية لكننا سنظل فنانين».
بصفة أعم، لا أعرف ما الذي كان يمكن أن يقوله إدوارد بوند عن شجاراتنا الأخيرة المتعلقة بالغرض من الفن في أعقاب قيام بايلي جيفورد ـ وهو من رعاة الفنون ـ بسحب استثماراته من صناعة الوقود الحفري إثر حملة ضغط من فنانين. لا شك في أن بوند كان ليرى أنه لا وجود لشيء اسمه المسرح الخالي من السياسة، وذلك كان رأي جورج أورويل، وهو من آباء الكتابة السياسية الروحيين. كتب يقول إن «القول بأن الفن لا ينبغي أن تكون له علاقة بالسياسة هو في ذاته موقف سياسي». ومن يظن أن الثقافة يمكن أن توجد بمفردها في فقاعة غير مسيسة هو في نظري ساذج إلى أبعد الحدود، فتلك مفارقة رومنطيقية مفرطة العاطفية.
إن منطلق أي مشروع إبداعي، بالنسبة لأورويل، هو دائما الإحساس بالظلم. فالمسرحيات السياسية تمثل سجلا للنضال والتفاوت في المجتمع: ومسرح الاستجابة السريعة للعنصرية خلال حركة «أهمية حياة السود» سنة 2019 مثال لذلك، وكذلك مسرحيات حملة «وأنا أيضا» أي حملة MeToo الخاصة بفضح التحرش بعد إدانة هارفي وينشتين مثال آخر. وإني أتفق مع الكاتبة المسرحية جوربريت كاور بهاتي التي أثارت مسرحيتها (بيزيتي) شغبا في بريمنجهم سنة 2014 حينما تقول إن المسرح الذي لا يحرض هو مسرح لا يقوم بعمله: «فالكتابة فعل خطير، وتحريضي».
في عام 2006، وبعد أن قوبل بنجاح كبير في لندن، تهيأ عرض «اسمي راشيل كوري» المسرحي للانتقال إلى نيويورك قبل أن تؤجل الفرقة المسرحية المستضيفة له عرضه إلى أجل غير مسمى. كان العرض وثيق الصلة باللحظة أكثر مما ينبغي. لكن أليست هذه هي الغاية من المسرح، أن يعرض أشد المواضيع الآنية سخونة، وأن يتيح فرصة للاستماع لـ«الأشياء»، بحسب تعبير أورويل، في وقت حدوثها في العالم؟ إن من يعيدون إحياء هذا العرض يرجون أن تسنح لهم فرصة عرضه في مسارح أخرى، وأن يحملوا الناس على مناقضة مواضيع باتت مرة أخرى مواضيعنا الخاصة.
يسمح الحكي للجمهور برؤية التناقضات، وبالتعاطف، بل وبتغيير الرأي في بعض الأحيان. وهو وسيلة مهمة لتناول الحياة الواقعية. تقول شيندر إن أباها مثال لذلك، فقد شعر أن المسرحية معادية للسامية حينما قرأها للمرة الأولى، ولكن معانيها وصلته حينما شاهدها. وإذن فقد تحققت المهمة.
تقول كوري إن «القادة هم الذين يصنعون الحروب، وإن الفن هو الذي يوثق ويكشف ويأسى لآثارها على البشر».
عارفة أكبر كبيرة نقاد المسرح في صحيفة جارديان.
عن الجارديان البريطانية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بسبب جروس| أزمة داخل نادي الزمالك.. ماذا يحدث؟
شهد الفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك عددا من الأزمات خلال الفترة الماضية، وذلك بعد رحيل مدرب الفريق بشكل مفاجئ دون أي تمهيد، مما أجبر إدارة النادي على التعاقد مع السويسري كريستيان جروس مرة أخرى.
رحيل الجهاز الطبي بالزمالكقال إبراهيم عبدالجواد، في تصريحات تلفزيونية عبر فضائية "أون تايم سبورتس": "هناك استياء لدى الجهاز الطبي لنادي الزمالك بقيادة الدكتور محمد أسامة، بعد تصريحات كريستيان جروس، المدير الفني للفريق الأبيض، في المؤتمر الصحفي عقب مباراة سيراميكا، فيما يخص إصابة ناصر ماهر".
وأضاف عبد الجواد: "جروس، قال إنه حصل على الضوء الأخضر من الجهاز الطبي بأن ناصر ماهر، جاهز بنسبة 100% للمشاركة في المباراة وأنه لا يعلم سبب تجدد إصابة اللاعب".
وتابع: "الجهاز الطبي زعل من تصريحات جروس، عن إصابة ناصر ماهر، لأنه شعر أن هذا تشكيك في قدرتهم وتشكيك في عملهم، بالبلدي كده (جروس سلمهم على الهواء)".
واختتم عبدالجواد: "محمد أسامة، قال إنه أبلغ الإدارة في أكثر من وقت سابق برغبته في الرحيل، فلو جروس، يرى أن الجهاز الطبي ليس على قدر الكفاءة أو عنده ملاحظات على الجهاز الطبي، هو من الممكن أن يرحل، ويترك المهمة لجهاز طبي أخر".
أكد الإعلامي الرياضى اسلام صادق أن السويسري كريستيان جروس المدير الفنى غير مقتنع باللاعب زياد كمال لاعب نادى الزمالك.
وأضاف صادق، أن مدرب الزمالك عندما شاهد زياد كمال فى التدريبات، أبدى عدم قناعة به، ولا سيما أنه سوف يعطية فرصة فى الفترة القادمة، للحكم عليه بصورة جيدة.
مباراة الزمالكيواصل فريق الزمالك الاستعدادات لمباراة طلائع الجيش ضمن منافسات الأسبوع السادس من عمر مسابقة الدورى العام، والمقرر لها يوم الثلاثاء القادم.
صفقات الزمالك الجديدةتجديد عقد نجم الفريق أحمد سيد زيزو من أبرز الصفقات التي يسعى الزمالك لحسمها خلال الأيام القليلة المقبلة لضمان استمراره مع الفريق في المواسم القادمة.
إلى جانب تجديد عقد زيزو، تعمل إدارة الزمالك أيضًا على تدعيم باقي المراكز في الفريق عبر مجموعة من الصفقات المنتظرة في فترة الانتقالات الشتوية.
وبناءً على التوصيات الفنية من المدير الفني، تهدف الإدارة إلى ضم لاعبين في مركز الهجوم والمُتوسط الدفاعي، لتحسين أداء الفريق وزيادة قدرته على المنافسة في البطولات.