قداسة البابا تواضروس الثاني يكتب: في ذكرى 30 يونيو.. تحديات وأمنيات
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
سنة ميلادية كاملة عاشها المصريون (من نهاية يونيو ٢٠١٢ إلى آخر يونيو ٢٠١٣) شعر معظمهم فى خلالها بتغيرات غريبة تخالف المزاج العام لهم على كافة المستويات.
فعلى الرغم من التنوع الثقافى والاجتماعى والفكرى الكبير الذى يزخر به المجتمع المصرى، وهو تنوع يتسم بالتباين إلى حد التضاد فى بعض جوانبه، إلا أن المصريين وقتها اجتمعوا على حقيقة واحدة ألا وهى أن محاولات التغيير الجارية فى المجتمع، تمثل تعدياً واضحاً على هويتهم وإرثهم المتجذر فى وعيهم ووجدانهم.
الأمر الذى دعاهم للخروج إلى الشوارع والميادين بطول مصر وعرضها يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ معلنين تمسكهم بهويتهم حمايةً لثوابتهم الراسخة.
أردت مما سبق، أن أذكِّر الأجيال الناشئة بتلك الثورة التى أنقذت مصر من مصير مظلم، نراه صار واقعاً حولنا شرقاً وغرباً وجنوباً، ذلك المصير الذى حمى المصريون بلدهم مصرَ منه، بتكاتفهم معاً مستندين على الدرع الواقى للوطن، وهو الجيش المصرى صاحب التاريخ ناصع البياض فى ساحات الوطنية.
من هذه الصفحة من ماضى مصر القريب يمكننا الانطلاق إلى الحديث عن مصر المستقبل. وسأتناول فى هذا السياق، ثلاث نقاط، كالتالى:
١- إنجازات:
لا يجب أن نغفل عن أن ما جرى فى مصر من تنمية وتطوير، عبر الإحدى عشرة سنة الماضية أمر غير مسبوق فى تاريخ مصر.
وأن «الجمهورية الجديدة» صارت لها ملامح واضحة، تبشِّر بمستقبل أفضل.
وللحق أقول إن الطريق ما زال طويلاً وأن طموحات المصريين أكبر بكثير مما تم إنجازه حتى الآن، ولكن لا بد أن نعلم أن مسيرة بناء الدول والشعوب تتطلب وقتاً وتضحيات.
أعلم بالطبع أن المعاناة التى نشعر بها كمصريين واضحة لكل ذى عينين.
لكن كذلك يجب علينا الانتباه جيداً إلى أننا نسير نحو الأمام وأن الجهود المبذولة من الحكومة المصرية، والمنظمات الفاعلة فى المجتمع المصرى حتماً ستثمر واقعاً أفضل للمصريين.
ولا ننسى أننا عشنا عقوداً وعهوداً كنا نسمع فيها وعوداً لم تكن تتحقق، ونرى كلاماً عن إنجازات لا وجود لها على أرض الواقع، ونقرأ عن خطط خمسية وعشرية لا ينفذ منها سوى القدر اليسير، مما خَلَّفَ تركة ثقيلة قررت الدولة المصرية حملها بشجاعة والتصدى للتخلص منها، والانطلاق نحو المستقبل.
كما يجب أن نضع فى الاعتبار أن الأزمات العالمية المتوالية، إلى جانب جائحة كورونا، دفعت ثمنها الدول الناهضة ومن بينها مصر.
وهنا أذكر على سبيل المثال مشروعات البنية التحتية وتطوير العشوائيات وتحسين حياة شريحة من المجتمع المصرى كانت الأكثر تضرراً عبر عقود، إلا أنهم لم يكن لهم صوت، ولم يشعر بهم أحد، هؤلاء أحدثت الدولة المصرية نقلة كبرى فى حياتهم، من خلال المبادرات والتحالفات مثل مبادرة «حياة كريمة» و«التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى» الذى تسعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعضويته من خلال ذراعها التنموية، أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية والتنموية.
٢- تحديات:
أعود فأقول إن الضغوط متعددة، والمعاناة مداها ممتد، والشكوى مستمرة، ما بين ارتفاع الأسعار، وأزمة عدم توافر بعض السلع منها سلع أساسية.
وهو ما يمثل التحدى الأكبر الذى يواجه الحكومة المصرية والشعب المصرى فى آنٍ واحد.
ولكن يجب أن نعلم أن الحكومة والشعب لن يستطيع أحدهما أن يتجاوز هذا الوضع بمفرده.
لذا فإن التكاتف ضرورة والتزام. ويجب أيضاً أن ندرك الظرف الراهن وتحدياته.
ويجب أن ننتبه إلى أننا قطعنا شوطاً لا بأس به، بل هو الشوط الأصعب فى المسيرة.
٣- أمنيات:
أتمنى، بثقة فى صلاح الله، أن يأتينا المستقبل بخير كثير، وأن تصبح رؤية دولة ٣٠ يونيو الوطنية للجمهورية الجديدة، حقيقةً وواقعاً.
ولنتذكر أن سر نجاح ثورة مصر منذ ١١ عاماً كان تكاتف الشعب ومؤسسات الدولة واجتماعهم على قلب رجلٍ واحدٍ من أجل صالح البلاد.
وفى نفس الوقت فنحن فى أمَسِّ الحاجة لأن يؤدى كل مسئول وكل فرد فى هذا الوطن، عمله بكل إخلاص.
مع ضرورة الاهتمام بأن نبحث عن الكفاءات ومن يتحلون بالأمانة ونهيئ لهم ظروفاً مواتية لينهضوا بالوطن وليصلوا به إلى غاياته، فلن نستطيع أن نتجاوز هذا الوضع الصعب، إلا بيد أناس أكفاء أمناء.
ولن يتقدم أى مجتمع إن لم يتحمل أفراده -جميع أفراده- مسئولياتهم بكل جدية وأمانة وإخلاص.
وهو ما أصلى لأجله دوماً، وأثق أن يثبته الله فى قلوبنا لاجتياز كل التحديات وتخطى كل العقبات وتجاوز كل المعطلات لنصل بمصر الوطن الغالى إلى ما تستحقه وما يليق بها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو إنجازات الثورة الأمنيات التحديات یجب أن
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس لسفير نيبال بالقاهرة: وحدة النسيج الوطني المصري ممتدة منذ عهد الفراعنة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة، اليوم الأربعاء، السفير سوشيال كومار لامسال، سفير دولة نيبال بمصر.
تناول حديث قداسة البابا مع ضيفه موضوع الحضارات السبع التي مرت بها مصر عبر تاريخها، مشيرًا إلى قوة العلاقات التي تجمع بين جميع المصريين، ووحدة النسيج الوطني الممتدة منذ عهد الفراعنة وحتى اليوم.
كما أكد على العلاقات الطيبة التي تربط الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئيس الجمهورية والحكومة والبرلمان، بالإضافة إلى الأزهر الشريف وكافة الكنائس داخل مصر وفي كل العالم.
من جانبه، قدم السفير لامسال لمحة عن دولة نيبال، موضحًا أنها دولة علمانية تحتضن تعددية دينية يعيش أبناؤها في تفاهم وتعايش، على غرار ما تشهده مصر. مشيرًا إلى وجود عدد من المواطنين النيباليين الذين يعملون ويدرسون في مصر.
كما تناول اللقاء دور الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في خدمة المجتمع النيبالي.
في ختام الزيارة، دعا قداسة البابا السفير إلى زيارة الأديرة القبطية، موضحًا أن مصر شهدت نشأة الرهبنة المسيحية، حيث يعد القديس الأنبا أنطونيوس أول راهب في التاريخ، ويعتبر ديره أول دير في العالم.