الوطن:
2025-03-15@07:25:50 GMT

د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز

11 عاماً مضت على ثورة 30 يونيو، إذا أردت لها وصفاً دقيقاً فإنها سنوات التحدى والإنجاز، منذ اللحظة الأولى كانت التحديات فوق الاحتمال، فقد تربص أبالسة الشر بتلك الثورة المباركة المؤيدة من الله تعالى، تربصوا بها رغبة فى عرقلتها ووقف مسيرتها.

وكلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله تعالى بقدرته، فهم يجهلون أنهم يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين، كما أنهم يجهلون أن الله من ورائهم محيط، لذلك وجدنا التحديات تتوالى والنصر من الله لعبور التحديات لا يتوانى، وهذا ما أفقدهم صوابهم وشتت جمعهم وأفقدهم البصيرة والبصر، فلم يجدوا سوى الأكاذيب الممزوجة بالشبهات حتى يخدعوا البسطاء بدعواهم التى يفوح منها الكذب، لكنهم يخادعون الله وهو خادعهم.

ولأن فطرة المصريين نقية فلم تنطلِ عليهم تلك الأكاذيب، ووقفوا وراء دولتهم ومؤسساتهم الوطنية الصادقة بالتأييد فى أصعب الظروف، وتحمّلوا التحديات والصعاب سعياً إلى تحقيق الإنجاز الذى يليق بمقام مصر ومكانتها بين دول العالم والمنطقة بتاريخها ومقامها وأزهرها الشريف وعلمائها والبركة والنور الإلهى الذى اصطفاها الله تعالى به منذ خلق الأرض ومن عليها.

كنت أول المؤمنين أن الإخوان لن يكملوا عاماً واحداً فى مكانهم، فكما أن الحق عليه دلائل فإن الباطل لدى العقلاء معروف، وعندما تتعرض لحادثة من الحوادث غير المنطقية فعليك بقراءة التاريخ وربطه بعلوم الطبائع البشرية وعادات وأخلاق الشعوب، وإذا حققت تلك المقدمات فإن النتائج تصل بك إلى يقين أن شعب مصر معدنه طيب أصيل يأبى التحزب ويرفض التناحر الطائفى.

ولذلك عندما جاء الإخوان بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر من الحقد والغل والبغضاء وتصفية الحسابات وإرهاب المخالفين، كانوا يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يخطر على بال عاقل، أرادوا مصر ولاية إرهاب.

لكن الصالحين من أبنائها أعلنوا النفير العام ضد المستعمرين الذين يتخذون الدين مطية لتغييب العقول، ولأنهم كذبوا على ربهم لذا فإن الله تعالى كشف للناس باطلهم، ولم تمض السنة العجفاء التى تولوا فيها حكم مصر حتى جاء نصر الله والفتح بتلك الثورة المباركة التى قام بها شباب وحمى ظهرهم جيش لا يتأخر عن تلبية نداء شعبه للدفاع عن أرضه ضد الاختطاف الداخلى أو العدوان الخارجى.

منذ جاءت هذه الجماعة المنحرفة إلى الحكم أيقنت أنهم سيصابون بحالة من الفصام فى بداية الأمر، حيث يقولون شيئاً ويفعلون نقيضه تماماً، يحاولون مخادعة الناس بابتسامات صفراء، لكن يجهلون أن صفحات الوجوه كاشفة لبواطن القلوب، لذا فإنهم حرصوا على التمكين لأذنابهم فى جميع المؤسسات، ووقتها تحدث الإعلام عن منهجيتهم فى أخونة الدولة.

وبدأوا فى الإعداد للسيطرة على مفاصل العملية السياسية فى الدولة من خلال إنشاء حزب الحرية والعدالة وتدشين مقرات له بالمراكز والمحافظات، وتحققت لهم الأغلبية الكاسحة فى مجلس النواب، وبدأوا تصفية الحسابات مع الجميع، وأنا من جملة من حاولوا تصفيتهم جسدياً، وكان ذلك يوم جمعة، خير يوم طلعت عليه الشمس، وأثناء توجهى لأداء الصلاة بمسجد فاضل، المجاور لمسكنى.

ورغم أننى أجلس مستمعاً لأحد الأبناء يؤدى خطبة الجمعة، فإننى فى ذلك اليوم حرصت على صعود المنبر لأداء خطبة الجمعة لأعلمهم أننى جندى فى صفوف المصريين الشرفاء الذين لا يخافون فى الحق لومة لائم، وهذه الطباع الإرهابية كشفت للمجتمع مدى تأصل تلك الجماعة وأذنابها فى العنف، وأنهم لا يراعون فى مؤمن إِلَّاً ولا ذمة.

ولا يؤمنون بحرمة الدماء ولا الأعراض، وأذكر أن من جملة الأسباب التى جعلت الشيخ الشعراوى، رضى الله عنه، يعدل عن المضى فى طريقهم بعدما حاول حسن البنا احتواءه، أنه رأى بعينيه عبدالرحمن السندى، مؤسس الجناح العسكرى لجماعة الإخوان، يعتدى على حسن البنا بالدفع حتى كاد أن يسقط نتيجة خلافهما على دعم النحاس باشا أو إسماعيل صدقى فى الانتخابات، ووقتها أذكر كلام الشيخ الشعراوى بأنه علم أن تلك الجماعة هدفها الحكم وليس الدعوة، وأنهم لا علاقة لهم بالإسلام من قريب أو بعيد.

الحق دائماً تتم محاربته، ومن قرأ التاريخ جيداً يعلم أن دعوات الحق واجهها أهل الباطل بكل ما يستطيعون إليه سبيلاً من تكذيب وافتراءات حتى وصلت إلى الدماء، وحينما نطالع السيرة النبوية نجد عجباً عجاباً من اتهامات وتشنيع على خير خلق الله تعالى، وحينما لم يجدوا سبيلاً فى صده عن الدعوة التى يحملها ويؤمن بها قرروا التخلُّص منه صلى الله عليه وسلم.

واتفقوا على ضربه ضربة رجل واحد حتى يتفرق دمه بين القبائل، لكنهم جهلوا حقيقة «والله يعصمك من الناس»، وهذه العصمة الإلهية ثابتة فى حق أصحاب الدعاوى وحاملى مشاعل التنوير، وهذا لا ينفى أن هناك من دفعوا أرواحهم ثمناً، والتاريخ القديم والحديث ملىء بأمثال تلك النماذج، أبرزهم فى تاريخنا الحديث فضيلة الشيخ محمد حسين الذهبى حينما واجه جماعة التكفير بالفكر.

لكن الفكر يزعجهم لأن بضاعتهم كاسدة قليلة لا تتفق مع العقل المستقيم ولا الفطرة السوية، لذلك قرروا الهجوم على بيته ليلاً واختطافه وسط أبنائه، وتصفيته جسدياً، والعجيب فى تلك الحادثة أنهم بعدما اختطفوا الشهيد الذهبى طالبوا بعدة مطالب مثل الإفراج عن أتباعهم والحصول على مبلغ مالى قدروه وقتها بنحو 200 ألف جنيه، لكن الغريب مطالبتهم أن تقوم الصحافة المصرية بتجميل صورتهم ونشر كتاب شكرى مصطفى «الخلافة» على حلقات.

وعندما لم تتم الاستجابة لمطالبهم قتلوه قاتلهم الله أنى يؤفكون، لذلك فإن سُنة الله ماضية بأن الحق يحاربه أهل الباطل، وسنظل نحاربهم لنحمى شبابنا وبلادنا ونحمى الناس أجمعين من شرهم، حتى نلقى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونُبلغه بأننا أدينا الأمانة التى حَمَّلنا إياها كاملة غير منقوصة.

هنا يجب التوقف عند نقطة محددة دفاعاً عن الإعلام، حيث تعرض الإعلام والإعلاميون لهجمة إخوانية شرسة نالت منهم ومن شرف مهنتهم، وقد دفع بعض الإعلاميين حياتهم فى ثورة الـ30 من يونيو مثل الحسينى أبوضيف والصحفية ميادة أشرف، وقد حاول وقتها الإخوان وأذنابهم أن يلصقوا التهمة بالثائرين عليهم رغبة فى تغيير دفة الريح، لكن تاريخهم الملىء بالدماء فضح كذبتهم، وكانت دماء هذين الإعلاميين بمثابة الوقود الحقيقى لثورة الـ30 من يونيو.

وأذكر أن الإخوان كانوا يتطاولون فى مهاجمة الإعلاميين بأوصاف نابية، ولأنهم يؤمنون بمبدأ: من ليس معنا فإنه علينا، لذا فإنهم يجهلون مفهوم رسالة الإعلام، فرسالة الإعلام كاشفة وليست منشئة، بمعنى أن الإعلام حينما يتعرض لوضع معين فإنه لا يختلقه وفق أسس الإعلام الصحيحة، وكما يصف الإعلاميون حقيقة منهج الرسالة الإعلامية بأنهم مرآة عاكسة لما تراه من جمال أو قبح.

وأن هذه الصورة التى تبدو فى مرآة الإعلام يفترض أنها بمثابة نقل الواقع بتفاصيله دون إضافات مدعومة بالغرض أو الهوى، وهذا ما حدث بالفعل فى وسائل الإعلام المصرية المقروءة والمسموعة والمرئية، فإذا كانوا يحاولون تكذيب الصحف والمواقع الإلكترونية بدعاوى الاختلاق، رغم أنهم فى دعواهم كاذبون، لكن دعنا نفترض جدلاً صدق دعواهم، فهل الاختلاق أيضاً فى اللقاءات التليفزيونية الموثقة بالصوت والصورة والحركة؟!

لذلك فإن الإعلام المصرى كان بمثابة الوقود الذى يُحرك المشاعر ويفتح بصائر المصريين على الواقع المأساوى الأليم الذى يلقونه حال استمرار تلك الجماعة فى حكمهم

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو الله تعالى

إقرأ أيضاً:

علي جمعة يكشف كيفية شفاعة الرسول لنا يوم القيامة

كشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفتى الجمهورية الأسبق، عن كيفية شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين يوم القيامة، وذلك خلال إجابته عن تساؤلات الأطفال والشباب، حيث سأل طفل عن كيفية شفاعة الرسول لنا يوم القيامة؟.

وقال الشيخ على جمعة خلال لقائه التلفزيوني، أن "شفاعة الرسول لنا بأنه يتوسل إلى الله"، موضحا "أن يوم القيامة وبعد سنوات طويلة نحاسب خلالها، نبحث عن أنبياء الله آدم ونوح وإبراهيم وعيسى وموسى للتخفيف من هذا اليوم، ولكن كلهم سيقولون لست أنا؛ فنذهب للنبي ويلهمه الله بمحامد كثير، وسيدعو الله أن يخفف هذا اليوم عنا وهذه هي الشفاعة".

كما رد على سؤال آخر من طفل: "ازاى الميت بيحس بينا لما نزوره؟"، قائلاً "ايه المشكلة في كدة، وازاي انت بتفتح التليفزيون وتشوف الراجل وهو بيتكلم في أمريكا، وكلمة ازاي بعد التكنولوجيا اللي حصلت بقت غريبة".

متى يبدأ الحساب بعد الموت أم يوم القيامة؟.. علي جمعة يوضح الحقيقةلماذا يخاف الناس من الموت؟.. رد مفاجئ من علي جمعةعلي جمعة: 3 منح أعطاها الله لكل إنسان للعبور من ابتلاء الدنياللصلوات الخمس والتراويح.. جدول أئمة الحرم المكي والمسجد النبوي اليوم الجمعة

علي جمعة: 3 أشياء أعطاها الله لكل إنسان

وكان الدكتور علي جمعة، أكد أن الحياة الدنيا هي دار ابتلاء وامتحان، موضحًا أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأعطاه العقل والاختيار والقدرة على الفعل أو الترك، كما بيّن له طريق الهداية من خلال الوحي الإلهي المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، خلال تصريحات له، اليوم الجمعة، أن الدنيا دار ابتلاء، والابتلاء معناه الامتحان والاختبار، والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأعطاه العقل، وأعطاه أيضًا الاختيار، وأعطاه القدرة، إذن، فلديه ثلاثة: عقل، واختيار، وقدرة على أن يفعل أو لا يفعل، وهديناه النجدين، قدرة على أداء التكاليف، ثم أعطاه أيضًا البرنامج في سورة الوحي، الذي ختمه بالكتاب، وبتفسير ذلك الكتاب من السنة النبوية المشرفة: "وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى". 

وتابع: "رسول الله ﷺ معه وحي متلو، وهو القرآن، ووحي مفسر لهذا المتلو، وهو السنة: خذوا عني مناسككم، صلوا كما رأيتموني أصلي، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، برنامج متكامل، واضح، جلي، بيّن، وأسهل من شربة ماء في يوم حر، عقل، واختيار، وطاعة، وقدرة، وأيضًا أعطانا البرنامج: افعل ولا تفعل، وهو حقيقة التكليف، عندما يتبع الإنسان هذا البرنامج، يفهم كل يوم أن الله قد أنقذه في هذه الحياة الدنيا بقوانين وضعها سبحانه وتعالى".

وأضاف: "أيضًا، يقول له: قم صلِّ الفجر، فيقوم، سواء كان بدويًا في الصحراء، أو في الريف، أو حضريًا في المدينة، فيصلي الفجر، عندما يقوم الإنسان من النوم قد يكون ذلك ضد راحته أو رغبته، أو ربما لديه شهوة بأن ينام، لكنه يخالف ذلك، ومن هنا سُمي هذا التصرف مشقة، الطبع يقول عنها إنها مشقة، لكنه يؤديها امتثالًا لله، ثم، لا يجد شيئًا يدفئ به الماء، والدنيا شتاء فيتوضأ، وعندما يطس وجهه بالماء البارد، وهو لِتَوِّهِ قد استيقظ، يشعر بالثقل، فيقال: الوضوء على المكاره، أي الأمور التي لو خُيِّر الإنسان، لما اختارها، فقد أعطاني الله العقل والاختيار، ولو كنت مخيرًا، لبحثت عن وسيلة لتدفئة الماء قبل أن أتوضأ".

مقالات مشابهة

  • بأرقام قياسية.. المغربي حمد الله يكتب التاريخ بالدوري السعودي
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: قاموس الأفكار
  • رئيس مركز الفكر الإسلامي والدراسات المعاصرة: على المسلم مجاهدة نفسه على طريق الحق
  • علي جمعة يكشف كيفية شفاعة الرسول لنا يوم القيامة
  • 114 خيلاً تخوض التحدي في سباق مضمار العين
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك
  • رئيس جامعة الأزهر: القرآن يصوّر المنافقين بأبلغ التشبيهات ويحذر من نفاق القلوب
  • آه يا وطن .. محب اخر لك يغادرنا .. وداعا بشرى الشيخ
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (12) للسيد القائد 1446
  • ليه الحجاب فرض على النساء؟.. علي جمعة يكشف