حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من حرب أهلية في فرنسا على خلفية الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها، في تصريح اعتبر إدانة له أولا وأخيرا. ويتصدر حزب التجمع الوطني العنصري الفرنسي، استطلاعات نوايا التصويت للجولة الأولى من الانتخابات (في 30 حزيران/ يونيو). ومن الممكن أن يصبح رئيس الحزب اليميني المتطرف، الشاب جوردان بارديلا، رئيسا للوزراء إذا حصل حزبه على الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية الفرنسية في الجولة الثانية المقررة في 7 تموز/ يوليو المقبل.



عندما سئل جوردان بارديلا (28 عاما) عن روايته المفضلة، اختار رواية "الغريب" للكاتب الفرنسي (الجزائري المولد) ألبير كامو. لم يقدم بارديلا سببا لاختياره، هل لقيمة الرواية الأدبية أم إعجابا ببطله "ميرسو" الفرنسي، الذي قتل جزائريا (عربيا) لم يعطه الكاتب كامو حتى اسما؟!

و"الغريب" أن جوردان بارديلا، الذي بزغ نجمه ليرأس حزب "التجمع الوطني" العنصري المعادي للمهاجرين وبشكل خاص المسلمين، والجزائريين بالأخص، هو نفسه من أصول مهاجرة، بل وله جد جزائري. وفيما سعى جوردان بارديلا دائما إلى إبراز أصوله الإيطالية، ظلت أصوله الجزائرية الموثقة معتما عليها، وأشبه بـ"تابو" لا يجب الاقتراب منه؛ في مفارقة غريبة بالنسبة لرئيس حزب أسسه جان ماري لوبان، العسكري العنصري السابق في جيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر، والذي كان يعذب الجزائريين، قبل أن تتسلم رئاسة الحزب ابنته مارين لوبان (الطامحة لرئاسة فرنسا)، وتقوم بتغيير اسمه من "الجبهة الوطنية" إلى "التجمع الوطني" وتسلم قيادته للشاب جوردان بارديلا.

جوردان بارديلا، الذي بزغ نجمه ليرأس حزب "التجمع الوطني" العنصري المعادي للمهاجرين وبشكل خاص المسلمين، والجزائريين بالأخص، هو نفسه من أصول مهاجرة، بل وله جد جزائري. وفيما سعى جوردان بارديلا دائما إلى إبراز أصوله الإيطالية، ظلت أصوله الجزائرية الموثقة معتما عليها، وأشبه بـ"تابو" لا يجب الاقتراب منه
وقد سطع نجم بارديلا في ظرف قصير وسط إبراز وتلميع إعلامي واضح من الإعلام الفرنسي المتواطئ، خاصة الأوساط الصهيونية العنصرية والإسلاموفوبية المناصرة لإسرائيل، التي تسعى بشكل مفضوح، كما ظهر في سياق العدوان على غزة، لتسويق الشاب جوردان وحزبه وإعطائه "عذرية جديدة" رغم الماضي المعادي لليهود والنازي لمؤسس الحزب وباقي مؤسسيه الذين خدم بعضهم في المليشيات النازية الألمانية، وكان بعضهم في المنظمة الخاصة الاستعمارية الفرنسية الإرهابية، التي كانت تقتل الجزائريين.

وبدا التواطؤ مفضوحا في موقف الحزب الداعم لإسرائيل وزعمه محاربة معاداة السامية في فرنسا، وتصريح بارديلا بأنه لو فاز بالانتخابات ووصل إلى السلطة فلن يعترف أبدا بالدولة الفلسطينية. كما صرح في خطابه المعادي للمهاجرين بأنه لن يسمح لمزدوجي الجنسية بتولي مناصب هامة في فرنسا.

واللافت أن هذه الأذرع الإعلامية الفرنسية المتواطئة مثلها مثل بارديلا تسعى دائما لتسليط الضوء على الأصول الإيطالية فقط للأخير، كنموذج للاندماج. لكن تحقيقين لمجلة "جون أفريك" وصحيفة "لوموند" سلطا الضوء على "السر المفتوح" للأصول الجزائرية لبارديلا، وكيف أن الجد الأكبر للأخير كان عاملا مهاجرا جزائريا اسمه محند الصغير مادا، أصله من منطقة القبائل، وقد استقر في فرنسا بمنطقة ليون بداية الثلاثينيات، حيث كان يعمل في الصباغة والبناء.

وذكرت "جون أفريك" أن هذه المعلومات تعتبر "محرمة" في عائلة بارديلا وداخل حزبه، وأن جوردان لم يتحدث عنها أبدا.

وعلى عكس شقيقه بشير الذي هاجر معه، اختار محند الصغير البقاء في فرنسا، وقطع علاقاته مع عائلته في الجزائر. وقد تزوج محند من امرأة فرنسية، تدعى دينيس أنيت جاك، وأنجبا أربعة أطفال، من بينهم ريجان، جدة جوردان بارديلا.

وبحسب المجلة لم يتمكن سوى واحد من أبناء محند الصغير، وهو رولاند رينيه، من إعادة الاتصال بعائلة مادا في الجزائر، وقد تزوجت إحدى بنات الأخير من شاب من عائلة مادا في فرنسا.

وبعد تحقيقها عن الأصول الجزائرية لجوردان بارديلا، كشفت مجلة "جون أفريك" في تحقيق آخر أن جده لأبيه، غيرينو بارديلا، تزوج لأول مرة من ريجان مادا (ابنة الجزائري محند مادا)، وأنجب الزوجان، في عام 1968، أوليفييه بارديلا، والد جوردان.

وبعد ذلك انفصل الزوجان واستقر غيرينو في المغرب، حيث تزوج زوجته الثانية وهي مغربية تدعى حكيمة.

وبحسب المجلة، فإذا كان تاريخ الزواج غير معروف بالضبط، فأقل ما يمكننا قوله هو أنه يعود إلى عدة سنوات، وأن آخر تصريح إقامة في المغرب لغيرينو إيتالو بارديلا تم الحصول عليه بدعوى "لم شمل الأسرة"، تم إصداره عام 2016 لمدة 10 سنوات، مما يعني أنه لم يكن أول تصريح إقامة له في المغرب، بل كان تجديدا له.

وبحسب المجلة يقضي غيرينو إيتالو بارديلا البالغ من العمر 80 عاما منذ 1 نيسان/ أبريل 2024، أياما سعيدة مع زوجته الجديدة في الدار البيضاء بحي بورغندي. وأكدت أن زواجه من المغربية حكيمة يعني اعتناقه الإسلام، وذلك طبقا للقانون المعمول به في المغرب والذي ينص على أنه لا يمكن للمواطنة المغربية أن تتزوج من أجنبي غير مسلم، إذا لم يكن قد اعتنق الإسلام رسميا قبل ذلك أمام "عدول" (سلطة شرعية دينية) وعدة شهود.

ووفق المجلة، يُعرف عن غيرينو بارديلا بأنه نجار وصانع خزائن، ويعمل بشكل خاص في دوائر المغتربين والبرجوازية المغربية، وهو مسجل في المملكة كمواطن إيطالي. وقد اعتاد منذ فترة طويلة على التردد على مطعم الدائرة الإيطالية "شي ماسيمو"، في شارع بير أنزاران، في المعاريف، مثل العديد من مواطنيه الذين يعيشون في العاصمة الاقتصادية للمغرب.

وأشارت المجلة إلى أنه ولد في أفيتو عام 1944، في لاتسيو الإيطالية، من عائلة مكونة من 4 أطفال (لديه أخت، جيوفانا، وشقيقان: أونوريه روجر وسيلفيو أسينزو، والثلاثة متوفون). وقد وصل ابن عامل البناء هذا إلى فرنسا، في منطقة مونتروي عام 1960، بحثا عن مستقبل أفضل، وفي عام 1963 تزوج من ريجان مادا ابنة محند الصغير مادا.

وبحسب المجلة لا يعرف الكثير عن علاقة جوردان بارديلا بهذا الجد الذي اعتنق الإسلام واستقر في المغرب، ناهيك عن علاقته بأصوله الجزائرية، حيث لم يذكرها رئيس حزب التجمع الوطني علنا أبدا.

وقد ولد جوردان بارديلا في 13 أيلول/ سبتمبر عام 1995 في مدينة درانسي في ضاحية سين سان دوني الشعبية في باريس، التي تسكنها جاليات كبيرة من المهاجرين من أصول عربية وأفريقية.

ووالده أوليفيه بارديلا (مواليد عام 1968) يملك شركة لتوزيع المشروبات، ووالدته لوزيرا موتا برتللي (مواليد عام 1962) متخصصة في العمل في دور الحضانة.

وقد عاش بارديلا طفولة متواضعة مع والدته في شقة صغيرة في أحد المساكن الشعبية في ضاحية سين سان دوني، بعد انفصال والديه وهو بعد طفل صغير بعمر سنة ونصف. وقد وصف بارديلا طفولته بالصعبة نوعا ما نتيجة الصعوبات المادية التي كانت تعاني منها والدته.

وقد بدأت مسيرة جوردان بارديلا السياسية وهو في سن الـ17، حين انضم إلى حزب "الجبهة الوطنية" الذي أصبح اليوم "التجمع الوطني"، وأصبح لاحقا سكرتيرا للحزب عن ضاحية سين سان دوني التي يتحدّر منها، وانتخب بعدها عضوا في المجلس الإقليمي "إيل دو فرانس". لكن لم يتم انتخابه في انتخابات المقاطعات الفرنسية عام 2015 ولا في الانتخابات التشريعية عام 2017 بعد فشله في الجولتين.

وبعد حصوله على شهادة البكالوريا بتفوّق، التحق بارديلا بجامعة السوربون في كلية الجغرافيا، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية.

وفي عام 2017 خلال الانتخابات الرئاسية، انضم جوردان إلى حملة مارين لوبن الانتخابية. وفي حزيران/ يونيو 2019، شغل بارديلا منصب نائب رئيسة حزب "التجمع الوطني"، وتم تعيينه في تموز/ يوليو 2019 عضوا في البرلمان الأوروبي.

وفي الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، انتخب جوردان بارديلا رئيسا لحزب "التجمع الوطني" بنسبة 84.8 في المئة من الأصوات.

وفي التاسع من حزيران/ يونيو 2024 تصدّرت القائمة التي قادها جوردان بارديلا، نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي عن حزب "التجمع الوطني"، مسجّلا صعودا تاريخيا لليمين المتطرف، حيث حصل على 32 في المئة من الأصوات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرنسا التجمع الوطني الجزائري فرنسا الجزائر الأجانب اليمين المتطرف التجمع الوطني مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جوردان باردیلا التجمع الوطنی فی المغرب فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

ألمانيا بين الاستقلال عن أميركا وصعود اليمين المتطرف

لم تكن الانتخابات الألمانية هذه المرة مجرد سباق سياسي عادي، بل وصفت بأنها انعكاس لتحولات كبرى في ألمانيا وأوروبا، حيث شهدت الساحة السياسية انهيار أحزاب تقليدية طالما كانت في قلب المشهد، وصعودا دراماتيكيا لليمين المتطرف، الذي تمكن لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية من اختراق الحواجز التي وضعها الألمان لحماية ديمقراطيتهم من تكرار مآسي الماضي.

وفي خلفية المشهد، كان الحضور الأميركي بارزا بقوة، سواء في محاولات التأثير على مسار الانتخابات، أو في رسم ملامح الأولويات السياسية لألمانيا في المستقبل.

يأخذنا هذا التقرير في رحلة لتحليل ما حدث في هذا المشهد الانتخابي المعقد، من سياقاته الدقيقة إلى نتائجه التي قد تعيد رسم الخريطة السياسية ليس في ألمانيا وحدها، بل في القارة الأوروبية بأكملها.

سياق معقد وأمة ساخطة

بحسب تقرير لمراسل أسوشيتد برس جير مولسون، فإن الانتخابات، التي أجريت قبل 7 أشهر من الموعد المخطط له بسبب انهيار ائتلاف المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس، تأتي في سياق معقد اتسم بصراع داخلي متزايد ولد استياء واسع النطاق لدى الرأي العام الألماني.

فقد هيمنت على الحملة المخاوف بشأن الركود المستمر لأكبر اقتصاد في أوروبا والضغوط للحد من الهجرة. والأهم من كل ذلك، حالة من عدم اليقين المتزايد بشأن مستقبل أوكرانيا وتحالف أوروبا مع الولايات المتحدة.

إعلان

فألمانيا الدولة الأكثر سكانا في الاتحاد الأوروبي كانت -بحسب مولسون- ثاني أكبر مورد للأسلحة لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، ويعول عليها بشكل محوري في طبيعة وشكل استجابة القارة للتحديات الراهنة والمقبلة، بما في ذلك التعامل مع التوجهات الجديدة للإدارة الأميركية تحت قيادة دونالد ترامب.

وبحسب افتتاحية لصحيفة لوموند، فقد جرت الانتخابات الألمانية في ظل تحول جذري في العلاقات بين أوروبا وأميركا، مع عودة ترامب إلى السلطة، مصمما على إدارة ظهره لأوروبا ونموذجها الديمقراطي والاقتراب من روسيا التي تشن حربا على أوكرانيا.

ففي هذا السياق المعقد جرت الانتخابات الألمانية لتحمل معها ما وصفته صحيفة لوموند بالصدمة الثلاثية، فقد أسفرت عن تحول كبير يمكن قراءته من 3 عناوين رئيسية:

إضعاف الأحزاب التقليدية

إنها ظاهرة باتت شائعة في كل أنحاء أوروبا، وإن كانت ألمانيا قاومتها بشكل أفضل، فرغم تصدره وحصوله على 28.6% من الأصوات، لم يتمكن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة المستشار الألماني المنتخب فريدريش ميرتس من الوصول إلى نسبة الثلث التي كان يأمل الحصول عليها، حسب الاستطلاعات.

وفي مقال مشترك لعدة صحفيين وباحثين في صحيفة الغارديان بعنوان "لقد تحولت ألمانيا إلى اليمين.. فماذا يعني هذا بالنسبة للبلاد وأوروبا؟" تعتبر الكاتبة مريم لاو أن انتصار الديمقراطيين المسيحيين كان باهتا بل مخيبا للآمال.

وبدوره انهار الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة شولتس، بنتيجة 16.4%، وهو انخفاض حاد مقارنة بنتيجته البالغة 25.7% في عام 2021، بل إن هذه هي أسوأ نتيجة يحققها الحزب منذ عام 1890.

وتكبد حزب الخضر -الذي كان أيضا في حكومة شولتس- خسائر فادحة فلم تتجاوز نسبته 11.6% من الأصوات بتراجع 3 نقاط عن 2021، بينما اختفى ليبراليو الحزب الديمقراطي الحر من البوندستاغ (البرلمان الألماني)، بعد أن عجزوا عن الوصول لعتبة الـ5%.

إعلان

من ناحية أخرى، سجل حزب اليسار الراديكالي الصغير بفعل مواقفه القوية ضد اليمين المتطرف حضورا لم يكن متوقعا حيث حصد نسبة 8.8%.

صعود اليمين المتطرف والدور الأميركي

لقد تمكن حزب البديل من أجل ألمانيا من الحصول على نسبة هي الأعلى لليمين منذ الحرب العالمية الثانية وفاق كل الأحزاب المتطرفة في بقية أوروبا بتجاوزه عتبة 20% وحصوله على 20.8%، وهو ما يضاعف تقريبا نتيجته عام 2021، ويجعله اليوم ثاني أكبر حزب في ألمانيا.

وفي مقال الغارديان تعتبر الكاتبة فاطمة أيدمير أن المقاومة ضد اليمين المتطرف يجب أن تصبح الآن جادة، فالنجاح التاريخي الذي حققه اليمين المتطرف في الانتخابات الألمانية لا يشكل تهديدا لجميع الفئات المحرومة في هذا البلد فحسب بل إنه تهديد للديمقراطية يجب أن يثير قلق الجميع.

لكن دور الهجرة لم يكن العامل الوحيد في نجاح الحزب، إذ ألقى تقرير لمجلة "التايم" الضوء على دور التدخل الأميركي، الذي شكّل نقطة دعم مهمة لـ"البديل من أجل ألمانيا".

ففي تقرير لمجلة التايم الأميركية تضمن مقابلة خاصة مع زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا أليس فايديل، تقول المراسلة سيمون شوستر إن فايديل كادت تسقط مغشيا عليها قبيل عيد الميلاد الماضي عندما قرأت تغريدة إيلون ماسك على "إكس" التي كتب فيها "حزب البديل من أجل ألمانيا وحده قادر على إنقاذ ألمانيا"، ووصفتها زعيمة الحزب بأنها "هدية من السماء".

ماسك أعلن خلال بث مشترك مع فايديل دعمه لحزب البديل من أجل ألمانيا (غيتي)

فلم يسبق لحزب البديل من أجل ألمانيا أن حصل على مثل هذا التأييد القوي من قبل، بل كان دائما على الهامش ومحاصرا من قبل الساسة الألمان الذين يعتبرونه خطرا على ألمانيا بدلا من أن يكون منقذا لها.

فقد صنفت هيئة الاستخبارات الرئيسية في البلاد بعض فروع حزب البديل من أجل ألمانيا على أنها جماعات متطرفة، ووضعت العديد من قادتها تحت المراقبة. لكن كل ذلك، حسب مجلة التايم، لم يمنع إدارة ترامب من احتضان حزب البديل من أجل ألمانيا، فبعد إعلان إيلون ماسك دعمه الصريح لحزب البديل والحملة التي شنها على الأحزاب الألمانية الأخرى جاء الدور على  جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي.

إعلان

ورغم تصنيف هيئة الاستخبارات الألمانية لبعض فروع الحزب كجماعات متطرفة ووضع عدد من قادته تحت المراقبة، لم يكن ذلك رادعا لدعم إدارة ترامب، حسب مجلة التايم، فقد التقى جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي بفايديل على هامش مؤتمر ميونخ للأمن.

وباعتباره منبوذا من المؤسسات الرسمية الألمانية، لم تتم دعوة حزب البديل للمؤتمر، ولم يُسمح لفايديل بالدخول إلى مقر انعقاده، فكان لقاؤها مع نائب الرئيس الأميركي في قبو الفندق الذي يقيم فيه، كما تنقل المجلة عن فايديل أن رسالة فانس كانت بمثابة "جرس إنذار" للمؤسسة الألمانية: "لن تسمح الولايات المتحدة لأوروبا بعد الآن بإبعاد اليمين المتطرف عن سياستها".

وبالفعل نقل فانس هذه الرسالة إلى المجتمعين في ميونخ في اليوم نفسه، وقال من على المنصة إن "إبعاد الناس عن العملية السياسية لا يحمي شيئا، بل إنه في الواقع الطريقة الأكثر أمانا لتدمير الديمقراطية".

وكان الخطاب صادما بالنسبة للمسؤولين الأوروبيين، ووصفه عدد منهم بأنه عمل صارخ للتدخل في الانتخابات الألمانية ودعم واضح من إدارة ترامب لحزب البديل من أجل ألمانيا.

جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي ترامب (رويترز)

وتنقل التايم عن فايديل فرحتها العارمة بدعم إدارة ترامب، حيث تقول "إنه أمر لا يصدق، إنها واحدة من أعظم اللحظات بالنسبة لنا"، وعندما سُئلت عن أسباب دعم ترامب لحزبها قالت فايديل: "قد يكون هناك شيء شخصي وراء ذلك، فإن جده فريدريك ترامب هاجر من ألمانيا إلى الولايات المتحدة في أواخر القرن الـ19، فربما دفعت روابط الدم هذه الرئيس الأميركي إلى النظر عبر المحيط والتساؤل: "ما الذي يحدث في قارة أجدادنا؟".

وحسب التايم يشترك ترامب مع اليمين المتطرف الألماني في ما وصفته بالشعور بالاستياء، فحزب البديل يرفع شعار "العودة إلى العظمة الألمانية" ويسخر من النخب الليبرالية ويسعى إلى تجريدها من السلطة، تماما كما فعلت حركة ماغا في الولايات المتحدة.

إعلان

وتتحدث التايم عن بعد شخصي آخر في العلاقة بين إيلون ماسك ورئيسة حزب البديل فايديل، فلعائلة الأخيرة ارتباطات بالنازيين، حيث "كان جدها لأبيها هانز فايديل عضوا في قوات الأمن الخاصة في عهد هتلر وعينه أيضا قاضيا عسكريا في بولندا المحتلة من قبل ألمانيا، وتطلبت الوظيفة منه إرسال أعداء النظام النازي إلى معسكرات الاعتقال".

أما إيلون ماسك، تضيف التايم، فقد "وُلد ونشأ في جنوب أفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري، حيث وجدت سياسات ذلك النظام دعما بين عائلته، وأعلن جده لأمه، جوشوا هالديمان، تعاطفه مع هتلر وكان مدافعا بشدة عن نظام الفصل العنصري، الذي اعتبره طليعة الحضارة المسيحية البيضاء".

مسار جديد تسلكه ألمانيا

لعل أهم التحولات التي حملتها الانتخابات الألمانية هو ذلك الإعلان الصريح للمستشار المستقبلي ميرتس عن نيته انتهاج مسار جديد تسلكه ألمانيا لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.

ففي أولى تصريحاته بعيد ظهور النتائج مساء الأحد 23 فبراير/شباط 2025، قال ميرتس على شاشة التلفزيون الألماني "لم أكن أتصور يوما أن أتفوه بهذا: سأعمل على تحقيق استقلال بلادي عن الولايات المتحدة"، مما ولّد صدمة سياسية وإعلامية في داخل ألمانيا وخارجها، ومعلنا توجها غير مسبوق للسياسة الألمانية في العصر الحديث.

ووفقا لصحيفة لوموند، فمن الواضح أن ميرتس تعلم الدروس من الزلزال الجيوسياسي الراهن، مضيفة أنه بالنسبة لزعيم ألماني، فإن مثل هذه الخطوة ليست سهلة، وبالتالي فلا بد من الترحيب بهذا الوضوح: فحقيقة أن ألمانيا في هذه اللحظة التاريخية ملتزمة بوضوح وبحزم بالوحدة الأوروبية تشكل أهمية قصوى خصوصا بالنسبة لفرنسا، ولنأمل أن يتمكن المستشار ميرتس من تشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن، فالوقت ينفد، على حد قول الصحيفة.

ويعتبر بول تايلور من صحيفة الغارديان أن أوروبا تحتاج إلى الزعامة الألمانية لإنقاذ حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، ويبدو فريدريش ميرتس عازما على توفير هذه الزعامة، فهو أكثر جرأة وأقل حذرا من المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس، على حد قوله.

إعلان

ويضيف تايلور "لقد قال ميرتس إن أولويته المطلقة ستكون "تعزيز أوروبا حتى نتمكن من تحقيق استقلال حقيقي خطوة بخطوة عن الولايات المتحدة"، مضيفا أنه "لم يكن من الواضح ما إذا كنا سنظل قادرين على التحدث عن الناتو في شكله الحالي، فبعد تقارب ترامب مع روسيا لم تعد أوروبا تستطيع الاعتماد على الحماية الأميركية، ودعا المستشار إلى مفاوضات مع المملكة المتحدة وفرنسا بشأن تقاسم رادعها النووي مع ألمانيا وأوروبا.

كيف يكون شكل الائتلاف المتوقع؟

حسب تحليل على موقع هيئة الإذاعة الألمانية، ترى الكاتبة ساندراين بلانشارد أن الائتلاف الأكثر احتمالا للحصول على الأغلبية في البوندستاغ سيكون تحالف الديمقراطيين المسيحيين مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي بقيادة المستشار المنتهية ولايته شولتس، رغم أنه يتوقع أن تكون المفاوضات معقدة، فهناك نقاط خلاف عديدة تتعلق بالديون والسياسة الضريبية وإصلاح نظام التقاعد، وليس محسوما ما إذا كان ميرتس سيحظى بالأغلبية بالتحالف مع الديمقراطيين الاجتماعيين فقط أم سيحتاج إلى شريك ثانٍ أيضا، والذي من الناحية الواقعية لن يكون سوى حزب الخضر.

وقد أكد ميرتس أنه يعلم أن المفاوضات لن تكون سهلة لكن "الأمر الأكثر أهمية هو إعادة تأسيس حكومة قابلة للحياة في ألمانيا في أسرع وقت ممكن فالعالم الخارجي لن ينتظر مفاوضات مطولة".

وفي حين استبعد ميرتس مرارا وتكرارا إشراك حزب البديل لألمانيا في الحكومة، قالت زعيمته فايديل إن الحزب "منفتح على مفاوضات الائتلاف مع حزب ميرتس، وأنه بخلاف حصول ذلك، فلن يكون ميرتس قادرا على فعل شيء ولن يتمكن من تنفيذ برنامجه مع الأحزاب اليسارية".

وفي السياق ذاته، ترى الكاتبة مريم لاو من الغارديان أن ميرتس نظرا للنتيجة الباهتة التي حصل عليها حزبه، أصبح في مأزق عالقا بين المحافظة والاستبداد، ففي حين يصوره الديمقراطيون الاجتماعيون -الذين سيتعين عليه الحكم في ائتلاف معهم- باعتباره شعبويا يمينيا يمهد الطريق أمام اليمين المتطرف، يصيح حزب البديل من أجل ألمانيا في وجهه: "نحن المستقبل، يا سيد ميرتس! اتبعنا إذا كان لديك أي قوة متبقية".

هوير: إستراتيجية حزب البديل من أجل ألمانيا من الآن هي كسر ما يسمى جدار الحماية الذي يمنعه من الوصول إلى السلطة(غيتي) هل كسر اليمين جدار الحماية؟

ترى المؤرخة كاتيا هوير في مقالها في صحيفة الغارديان البريطانية أن إستراتيجية حزب البديل من أجل ألمانيا من الآن هي كسر ما يسمى جدار الحماية الذي يمنعه من الوصول إلى السلطة، ولذلك أعلنت فايديل للمستشار الجديد أن "بابها مفتوح للشراكة، حتى يمكن تنفيذ إرادة الشعب".

لكن فايديل أيضا تسخر من ميرتس وتقول: "إنه ينسخ برنامج حزبها فقط لكنه لا يستطيع تنفيذه، لأنه يحتاج للحكم إلى ائتلاف مع أحزاب يسارية لا تسمح له بفعل أي شيء".

إعلان

وتتلخص أولويات حزب البديل لألمانيا في ملف الهجرة، حيث يدعو إلى إغلاق حدود ألمانيا أمام طالبي اللجوء والطرد الجماعي للمهاجرين خصوصا أولئك القادمين من العالم الإسلامي.

وحسب صحيفة التايم، فإنه بالنسبة لفايديل، يبدو أن ما يسمى جدار الحماية منهار، فقد فازت بدعم ملايين الناخبين، والآن يبدو أن البيت الأبيض في صفها، وكرمز لامتنانها، تحتفظ بقبعة بيسبول حمراء معروضة في مكتبها، مكتوب عليها "لنجعل ألمانيا عظيمة مرة أخرى".

مقالات مشابهة

  • تقرير يتحدث عن هشاشة سلاح الجو الفرنسي..الرافال لا تكفي
  • رئيس برلمانية التجمع بالشيوخ: قضية الطاقة هي أزمة عالمية ولاتخص مصر بمفردها
  • رئيس برلمانية التجمع بالشيوخ: قضية الطاقة أزمة عالمية ولا تخص مصر بمفردها
  • المنفي يتلقى تهنئة من الرئيس الجزائري بمناسبة رمضان 
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري آخر تطورات الأوضاع في المنطقة والجهود المبذولة بشأنها
  • نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل قيادات القطاع الشرقي الصحي
  • نائب أمير الشرقية يستقبل قيادات القطاع الشرقي الصحي
  • دزيري حرّ / الجزائري كي يشوف السرقة قدامو????????يدخّل روحو ولا لالا ؟
  • نجل «الأسطورة» زيدان يحلم بالدوري الفرنسي!
  • ألمانيا بين الاستقلال عن أميركا وصعود اليمين المتطرف