جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-08@11:33:33 GMT

أجمل يوم لم يأتِ بعد!

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

أجمل يوم لم يأتِ بعد!

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

أجمل ما في هذه الحياة أن نعيش ونحيا بالأمل الذي يعني لنا المستقبل المشرق والذي من خلاله نودع الماضي بأحزانه، والحاضر بكل ما يحمله من سكون وقلق وتوتر من الواقع الأمر الذي صاحبنا طوال ما مضى من العمر، وننطلق نحو الأفق الجميل ونترك خلفنا الزوايا المظلمة إلى الأبد.

وفي حقيقة الأمر أن أثمن الإنجازات التي تحققت للإنسانية عبر تاريخها الطويل؛ هو العمل بجهد واجتهاد لمد جسور من الأمل على ضفاف أنهار من اليأس؛ فالبوساء هم المعذبون في الأرض الذين تساقطت أحلامهم مثل أوراق أشجار الخريف ووصلت بهم إلى طريق مسدود، والأمل هو أجمل ما في هذا الكون؛ فهو عكس القنوط واليأس اللذيْن يعنيان ببساطة معولًا لهدم المشاريع المستقبلية والدخول في دروب مظلمة من المعاناة التي تُنهى مشوارنا في هذه الدنيا الجميلة، التي أوجد الله فيها الإنسان ليُعمرها ويعمل بجد وإخلاص لتحقيق طموحاته الواعدة التي لا يمكن لها أن تتحول إلى حقيقة إلّا بالإرادة الصلبة والعزيمة القوية.

لا شك أن الناس قد وُجِدَت للعمل والتعمير؛ ولا يوجد في قاموس الحياة من يُحقق أهدافه بدون خطط واضحة المعالم، ومثابرة وجهد مضنٍ، فلا يوجد طريق مفروش بالورود في هذا الكوكب. ومن هنا يجب أن يدرك الجميع بأن أجمل يوم في حياتنا لم يأتِ بعد؛ بل هو ذلك اليوم الدافئ والواعد والذي يحمل لنا في طياته الكثير والكثير من الأماني التي تتحقق فيها الآمال الكبرى والإنجازات العظيمة والتي سوف يفتخر فيها كل من وقف معنا وشجعنا، ونقصد بهم هنا أولئك الذين أخذوا بأيدينا في أحلك الظروف وأصعبها على الإطلاق، ومن سوء الحظ أن هؤلاء قلائل في هذا الزمن الصعب؛ فالحصول على أشخاص يمكن أن نعدهم في حياتنا بأنهم أملنا وسندنا للولوج إلى قادم الأيام الجميلة أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع.

والإنسان إذا فقد الأمل يمكن تشبيهه بالورد أو النبات بدون ماء، فنهايته الفناء والذبول الأبدي. فلا شيء أقوى وأفضل لقهر التحديات والعقبات التي تواجهنا في مختلف محطات الحياة إلا الإيمان بالله الذي أوجدنا لتعميرالكون؛ ولا يُمكن أن يتخلى عنَّا، ثم القوة السحرية التي أذهلت الفلاسفة وعلماء النفس والاجتماع عبر التاريخ، فهي سر وقوة الابتسامة الواثقة التي تظهر على شفاهنا ووجهونا أمام الآخرين من حولنا من الأصدقاء والأعداء على حد سواء مهما كانت الظروف، فهي سلاح فتَّاك يزلزل الجبال ويُحقق النصر الساحق أمام الهزائم المفترضة التي تجعلنا نستسلم لمن خذلنا أو أراد لنا الاندحار والتوقف عن السعي في سبيل الرزق وتحقيق النجاح. كما أن الصبر والصمود والثبات في مسيرة حياتنا الملئة بالأحداث الدراماتيكية؛ من أهم مفاتيح النجاح التي يمكن أن تصنع الفارق بل المستحيل.

كم هو عظيم هذا الإنسان الذي يقهر اليأس والظلم بالابتسامة الصادقة التي تعنى ببساطة بأن هناك رباً يدبر الأمور في هذه الحياة؛ ولا يمكن بأي حال من الأحوال؛ أن يخذل عبده المؤمن بالأقدار الإلهية، فهناك قاعدة ربانية صادقة نومن بها جميعا أشد الإيمان مفادها بعد العسر يسر، يقول الله تعالى في سورة الطلاق "سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا"؛ لِمَ لا فقد ذكر الله تعالى الأمل في القرآن الكريم أكثر من مرة، إذ قال جل جلاله في سورة الكهف "وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا".

الأمل هو النافذة الصغيرة التي تفتح لنا آفاقًا رحبة في الحياة، فعند ما نزف خبرا سارا لصديق  قد ضاق صدره من الحزن والألم؛ نجده قد كتب له حياة جديدة في رحاب الأمل ودروبه، فيكون رد فعله لذلك الخبر هو (بشر). بالطبع لولا أملنا في الغد لتحطمت اشرعة سفننا العابرة للمستقبل على الصخور الصماء في أعماق البحار؛ والتي تهلك الحرث والنسل، ولكن بالأمل تستمر الحياة، فكل إنسان في هذا العالم الواسع المترامي الأطراف يطمح إلى تحقيق أحلام ومشاريع مؤجلة. وهذه القاعدة تنطبق على جميع البشر كبيرًا وصغيرًا، فكل واحد فينا يتطلع إلى إضافة المزيد من الإنجازات المستقبلية المتمثلة في الشهرة والسمعة الطيبة، وكذلك زيادة الأرصدة البنكية والأموال بشكل عام؛ والحصول على المراتب العليا في المناصب، هذا بالنسبة للطبقة المخملية، بينما عامة الناس تجاهد للحصول على مصدر رزق أساسي يغطي مصاريف الحياة اليومية فقط، هذا إذا كان الانسان العادي محظوظا في هذه الدنيا التي تتلون بالألوان الرمادية الباهته وتفتح أبوابها واذرعها للبعض فقط.

ومن المفارقات العجيبة هنا، أن تجد كل من رحل من هذه الدنيا يحمل في نفسه طموحات وآمال يتمنى تحقيقها قبل الموت؛ فهؤلاء الذين استقر بهم الحال في المقابر كان كل واحد منهم عنده قائمة طويلة من الأعمال المستقبلية والتي لم تر النور انتظارا لأمل قد لا يتحقق، على الرغم بأن كل فرد من حقه أن يحلم وينظر بعين نحو السماء لعل ذلك يتحقق يومًا ما!

من المؤسف حقًا بأن هناك من البشر في هذا العصر من يصابون بخيبة أمل وانزعاج شديد؛ عندما يرون غيرهم من الناس قد حققوا مكاسب مالية، ومناصب رفيعة، وشهادات عُليا من أعرق الجامعات، حتى ولو كانت مكاسب هؤلاء المغضوب عليهم، سوف تعود بالنفع للوطن والمجتمع بشكل عام. من هنا أتذكر كلامًا مُعبِّرًا عن هذا الواقع المرير؛ للعالم المصري الراحل أحمد زويل الذي قال "الأوروبيون ليسوا أذكى منّا، لكنهم يقفون ويدعمون الفاشل حتى ينجح، أما نحن فنحارب الناجح حتى يفشل". بالفعل هناك أعداء النجاح في كل المنافذ والزوايا المحيطة بنا، والذين يتمنون أن يعُمَّ الفشل الجميع دون تمييز، لكي يتساوى معهم الناجحون والمجتهدون، ويتقاسم الجميع الأصفار. إنها خيبة أمل ونظرة سلبية للأمور، فمنطق هؤلاء الحُسَّاد أنهم لا يحبون الخير لغيرهم؛ فهم لا يتحملون أن تنزل النعم على من حولهم من العباد!

وفي الختام.. يجب التأكيد على قاعدة مُهمة؛ وهي أن السعي في الأرض والمثابرة والاجتهاد والأخذ بالأسباب التي تدفع بصاحبها إلى الغايات الكبرى، كل ذلك من أهم أساليب النجاح المقرونة بالأمل الصادق، وإذا اعتقد البعض أنه يمكن الركون على الأمل الذي يُصاحبه الكسل والانتظار، ففي حقيقة الأمر السماء لا تُمطِر ذهبًا ولا فضة، فلكل مجتهد نصيب في هذه الحياة.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بريطانيا.. جراحة ثورية تعيد الأمل لضعاف النظر

أصبح بإمكان المرضى الذين يعانون من ضعف النظر الحصول على "رؤية خارقة"، بفضل أول عملية جراحية مخصصة للعين تعمل على إنشاء نسخة رقمية ثلاثية الأبعاد لعين المريض، وتصميم العدسة المناسبة لها، وفق احتياجات كل شخص.

يمكن لهذه التقنية الثورية، التي يتم إجراؤها لأول مرة في المملكة المتحدة، أن تحقق نتائج غير مسبوقة لآلاف المرضى، الذين يعانون من ضعف النظر، وفقاً لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

واستغرق تطوير هذه التقنية نحو 20 عاماً، وفقاً لجراح العيون ديفيد آلامبي، معتبراً أنها قفزة كبيرة إلى الأمام، لأنها تسمح بإجراء الجراحة افتراضياً، وقبل تطبيقها العملي على العين، والتأكد من النجاح تماماً.

تفاصيل التقنية

تتم هذه الجراحة من خلال إجراء الأطباء استنساخاً رقمياً، أطلقوا عليه "آي فاتار" Eyevatar ، بحيث يتناسب مع الضعف الذي يعاني منه المريض، ثم يختبرون النسخة الرقمية ليتمكنوا من توفير قدرة النظر فائقة القوة للمريض، عندها يجرون الجراحة فعلياً على عينيه.
 تبلغ تكلفة هذه العملية حالياً 8250 دولاراً، وتوفر قدرة على استعادة النظر بمعدل 20/20، أو رؤية حتى فوق طبيعية في بعض الحالات.


تعزير الرؤية الليلية

خلال التجارب العملية، حققت 50% الاختبارات رؤية بنسبة 20/12.5، ما يعني قدرة المريض على رؤية أشياء تبعد 6.09 أمتار بوضوع، بينما الآخرون يرونها واضحة على مسافة 3.81 أمتار.
وسجل حوالى 8% من المُختبرين معدل 20/10، أو ما يُعرف بـ "الرؤية المثالية"، والتي لا تحققها في الطبيعة البشرية إلا 1% من الناس. 
كما أشارت النتائج المخبرية إلى أن هذه التقنية قد تعزز الرؤية الليلية، وهو أمر لم يسبق له مثيل في جراحة العيون بالليزر من قبل.


نتائج إيجابية على 6 مرضى

كشف طبيب العيون ديفيد ألامبي، الذي أجرى العملية على 6 مرضى كنوع من الاختبارات الأولية أن النتائج أثبتت قدرة هذه التقنية على تحقيق مسار متطور جداً في جراحات العيون التصحيحية.
وذكر أن مديرة الاتصالات ريبيكا هاكورث (50 عاماً)، كانت من أوائل من خضعوا لاختبار هذه التقنية، بعد حاجتها الضرورية إلى نظارات القراءة لوضوح رؤية النص.
وتوقع نجاح الجراحة بشكل كبير، بعدما عالج عينها اليمنى باستخدام التقنية التصحيحة الحديثة، بينما تركت عينها اليسرى دون تصحيح، من أجل إجراء مقارنة في الرؤية المختلطة، وتحديد مسافة واضحة للقراءة دون نظارات.

مقالات مشابهة

  • بريطانيا.. جراحة ثورية تعيد الأمل لضعاف النظر
  • علاج البواسير..ما هي الخطوات التي يمكن اتباعها للتخفيف من حدتها؟
  • أزهري: التسامح من أجمل صفات إنسانية وقيم بشرية وضعها النبي
  • ما الذي يمكن أن تقدمه القوات المصرية في الصومال؟
  • «الزني» يوقّع على بيان الشبكة العالمية لتنافسية الأمل للشباب في البحرين
  • الأمل الوحيد.. هكذا ينظر الديمقراطيون إلى مجلس النواب
  • شاهد بالفيديو.. مصريون يرقصون ويشاركون جارهم السوداني بالحارة الأفراح وأحدهم يكتب عن مشاركته: (السودانيين أجمل ناس وطيبين أوي أوي)
  • أجمل سفن العالم.. ميناء بورسعيد السياحي يستقبل عايده بلو وعلي متنها 1500 سائح
  • حكاية زلزال شكَّل أجمل غابة في العالم.. ما سر الحدائق الغارقة؟
  • أجمل نباتات العالم.. 7 معلومات عن زهرة منقار الببغاء المهددة بالانقراض (فيديو)