جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-01@17:51:32 GMT

وحدة المجتمع.. ضرورة تنموية

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

وحدة المجتمع.. ضرورة تنموية

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

على مدى أكثر من خمسة عقود مضت من عمر النهضة بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- والنهضة المتجددة تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- تشكّلت لدى المجتمع العُماني قيم اجتماعية تناسقت مع قيم ومبادئ الدين الحنيف، وظهر السلوك المجتمعي المتناسق مع طبيعة الإنسان السوي، ليظهر لنا ثيمة خاصة أصبحت ترافق العُماني حيثما حل، وأضحت هي السمة السائدة والطبيعة المعروفة لدى جميع الشعوب من تسامح وتعايش واحترام وتقبل للرأي الآخر والإيمان بالحريات والحقوق.

هذه السمات التي يتصف بها غالبية العُمانيين هي نتاج عوامل عديدة تكونت من خلالها، ولعل أهم هذه العوامل هي العادات والتقاليد الاجتماعية التي يتصف بها المجتمع من تقارب وعلاقات وارتباط فيما بينه وما تشكله القبيلة من مصدر لهذه العلاقات وما تعززه الأسرة سواء كانت الكبيرة الممتدة أم الصغيرة المحدودة من سلوكيات هي أيضاً مساهم رئيسي في تشكل هذه السمات، التي أخذت في الترسخ داخل الفرد حتى صارت طبيعة خاصة به.

وعندما نرى المُمارسات التي يمارسها أفراد المجتمع من تعاضد وتآزر وتواصل وتكافل وتعاون، ندرك أن هذا المجتمع يمضي في الطريق الصحيح لبناء أمة ذات هوية خاصة، هذه الهوية التي تحدد ملامح المجتمع وسلوك أفراده فتعيدهم دائماً إلى الطريق السليم إذا ما انحرفوا وتعزز لديهم الممارسات والسلوكيات الأخلاقية والاجتماعية الصحيحة، وتنشئ أجيالا من أبناء المجتمع على نفس هذا النهج وفق أسس وضوابط وقواعد مجتمعية ذات طبيعة متوارثة وسليمة.

فلا نعجب عندما يجمع المجتمع بكل مكوناته على صحة أو خطأ أي سلوك يُمارس من قبل فرد أو جماعة من أفراد المجتمع؛ فالمجتمعات التي تصل إلى مرحلة مُتقدِّمة من الوعي وتلك التي تملك هوية خاصة وسمات اجتماعية وقيمًا ومبادئ ثابتة، تستطيع مُمارسة النقد بكل وضوح وموضوعية، فيَمِيزُ أفرادها بين السلوك الصحيح وغير الصحيح بسهولة ودون مزيد من الجدل والتساؤل عن مدى صحة هذا التقييم، هذا النقد هو المعيار الذي يتحدَّد من خلاله المسار السلوكي والقيمي للفرد والجماعة في المجتمع.

لقد تربى العُمانيُّ على الاحترام وتقدير الآخر وتقبل الرأي والتعامل مع المواقف وفق نمط محدد، ولعبت منظومة القيم المجتمعية التي شكلت هذا السلوك دورا مُهما في بناء مجتمع متفاعل بشكل إيجابي بكل مكوناته، هذا التفاعل نتاج وجود تعددية اجتماعية وثقافية ودينية داخل المجتمع، تلقى التقدير والاحترام والقبول من الجميع دون الخوض في تفاصيل هذه التعددية وأسسها ومنطلقاتها؛ بل إنها تعد من المسلمات التي يجب تقبلها وتقدير أفرادها مهما كان الاختلاف والخلاف حولهم.

وقد عضّدت القوانين كل ذلك وجعلت من الحريات وحماية الحقوق أساس العلاقة بين أبناء المجتمع وحرمت المساس بها ووضعت العقوبات الرادعة لمن يقترب من هذا الخط الأحمر الذي هو بداية إفساد نسيج المجتمع المترابط، هذا النسيج الذي يستمد جماليته من اختلاف ألوانه وتعددها وتداخلها فيما بينها وتناسقها الذي يشبه لوحة فسيفسائية تتداخل فيها الألوان والأشكال بشكل عميق.

ووحدة المجتمع العُماني لم تتحقق بمحض الصدفة؛ بل هي عملية استغرقت وقتا طويلا وجهدا عظيما من قبل القيادة الرشيدة والمؤسسة الدينية والمؤسسات الأمنية والمؤسسات الوطنية الأخرى التي عملت لترسيخ هذه المفاهيم بين أبناء الشعب وحافظت على هذه الوحدة من خلال منظومة القوانين والتشريعات التي تحفظ كرامة المواطن وتضمن أمنه واستقراره ومن خلال منظومة القيم والمبادئ التي تشرب بها أفراد المجتمع من خلال الأسرة والمسجد والمدرسة حتى أصبحت جزءا أساسيا من سلوكياته وهويته.

إنَّ الأمم والحضارات تبقى في ذاكرة الزمن عندما تكون ذات تأثير على المحيط، وقد كان الأجداد هكذا عندما نشروا الإسلام في شرق القارة الأفريقية وشبه القارة الهندية إلى آسيا الوسطى وغيرها من البلاد التي وصلوها كتجار إلّا أنهم غادروها كدعاة للدين الإسلامي الحنيف بفضل ما يحملونه من قيم جعلت أبناء هذه البلاد يدخلون الإسلام، ونحن اليوم لا بُد لنا أن نكمل هذا الطريق من خلال ترسيخ الصورة المثالية التي عرف بها العُماني، وهذا الأمر لن يتأتى إلا إذا حافظنا على قيمنا وسماتنا وخصائصنا التي عرفنا بها لنكون أمثلة ونماذج وقدوات.

هذه دعوة لجميع أفراد المجتمع بكل أطيافه وتوجهاته بأن نستوعب معنى وقيمة الإرث الذي نحمله، وأن نحافظ على نسيج المجتمع المتماسك؛ بل علينا أن نزيده متانة وترابطًا وقوة متجنبين مسببات الخلاف والشقاق، مُبتعدين عمّا يمكن أن يضرب لحمتنا الوطنية، متخذين التعايش والتسامح منهجي حياة لنا يحددان مسار العلاقات المجتمعية بين الجميع؛ حيث إن وحدتنا الوطنية هي أحد أركان النجاح الذي تحقق خلال الفترة الماضية، وهو أساس المستقبل المشرق الذي نطمح له.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مسؤول شرطي يوضح مخاطر إيواء المتسللين وتشغيلهم

مسقط-أثير

تشكل ظاهرة التسلل بدخول الأفراد بشكل غير قانوني تحديًا كبيرًا للعديد من دول العالم كونها ليست مجرد قضية تتعلق بمخالفة القوانين والأنظمة والهجرة غير الشرعية بل هي قضية عالمية تحمل في طياتها تداعيات سلبية معقدة ومتعددة الأبعاد سواء على المستوى الأمني أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الصحي.

وفي هذا السياق قال العميد محمد بن ناصر الكندي مدير عام العمليات: هناك العديد من المخاطر الأمنية والمجتمعية لإيواء وتشغيل المتسللين على جميع المستويات والأصعدة حيث يعمل المتسللون على ارتكاب جرائم عديدة ومختلفة مما يؤثر على المستوى الأمني ويسبب تحديات لسلطات التحقيق في اكتشاف مرتكبيها، أما على المستوى الصحي فيتسبب وجودهم في زيادة الضغط على الخدمات الصحية ونشر الأمراض المعدية بين الآخرين، وعلى المستوى الاقتصادي تنشأ تأثيرات اقتصادية من خلال العمل في المهن الزراعية والصيد البحري وغيرها من الموارد المتاحة وتحويل العملات الأجنبية إلى خارج سلطنة عمان، كما أن لظاهرة إيواء وتشغيل المتسللين تأثيرات على الهوية الثقافية من خلال تزايد عدد المتسللين في المجتمعات ونقل بعض العادات والثقافات الغربية التي لا تتناسب مع عادات وطبيعة سلطنة عمان مثل انتشار آفة المخدرات بين أفراد المجتمع والتسول في الشوارع والطرقات وغيرها .


وأوضح العميد مدير عام العمليات بأن شرطة عمان السلطانية تعمل على مكافحة ظاهرة التسلل من خلال توعية فئات المجتمع بمخاطر ظاهرة التسلل وكيفية التعامل معها، إضافة إلى الحملات الأمنية التي تنفذها الشرطة بالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى التي تسهم في ضبط المتسللين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفقًا للقوانين السارية، إلى جانب ذلك تعمل شرطة عمان السلطانية على متابعة التطورات والمستجدات وإعداد الخطط المناسبة لمكافحة التسلل.

وأكد العميد محمد الكندي على أهمية دور المواطن والمجتمع في تعزيز الجهود الوطنية للحد من آثار ومخاطر التسلل من خلال المبادرات التي تسهم في نشر الوعي حول مخاطر التسلل وتوضيح الآثار الأمنية والاجتماعية والاقتصادية على المجتمع وذلك من خلال الحملات الإعلامية والبرامج التعليمية وإدراج الموضوعات التي تتعلق بالتسلل والقوانين المتعلقة بها في المناهج الدراسية، إضافة إلى تشجيع وتحفيز المواطنين والمقيمين على التعاون مع السلطات المختصة للإبلاغ عن المتسللين وأماكن تواجدهم وعدم إيوائهم وتوفير العمل لهم، مشيرًا إلى أن مكافحة ظاهرة التسلل مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود وتعاون كافة شرائح المجتمع للحد من تداعياتها.

وختم العميد محمد بن ناصر الكندي مدير عام العمليات حديثه موضحًا بأن سلطنة عمان نظمت الجوانب المتعلقة بشأن إقامة الأجانب بإصدارها المرسوم السلطاني رقم 16/95 والذي صدرت بشأنه اللائحة التنفيذية من المفتش العام للشرطة والجمارك وينظم الجوانب المتعلقة بإقامة الأجانب والعقوبات المترتبة على مخالفة ما ينص عليه القانون.

مقالات مشابهة

  • البابا تواضروس الثاني يستقبل سفير اليونان بمصر
  • وزيرة التضامن تشهد احتفالية نجاح حملة "من بدري أمان"
  • عُمان تحرضُ فضول الكوريين!
  • ندوة عن «إدارة الوقت» للموظفات بحي ثان الزقازيق
  • عضو بـ«النواب»: «30 يونيو» ثورة قادها ملايين المصريين لاسترداد وطنهم
  • وحدة تكافؤ الفرص بحي ثان الزقازيق تنظم ندوة عن إدارة الوقت
  • مكتسبات ثورة 30 يونيو.. طفرة تنموية في المحافظات الحدودية (فيديو)
  • مسؤول شرطي يوضح مخاطر إيواء المتسللين وتشغيلهم
  • غدا .. انطلاق برنامج الانضباط العسكري بمحافظة ظفار