أعلنت شركة غوغل الأميركية إضافة 110 لغات جديدة، من بينها الأمازيغية، إلى خدمتها للترجمة، ضمن هدفها لإتاحة 1000 لغة جديدة في خدمة الترجمة الإلكترونية الأكثر استخداما عالميا.

وتأتي الخدمة الجديدة بغرض تسهيل ترجمة الأمازيغية المكتوبة بالخط اللاتيني وخط تيفيناغ، وكلاهما يدعمهما ترجمة جوجل.

و"تيفيناغ" حرف تقول بعض الروايات والأبحاث التاريخية إن الأمازيغ استعملوه في عصور ما قبل الميلاد للتعبير عن لسانهم، ثم اختفى لتقتصر شعوب المنطقة على الحكي الشفهي، وتستعين لاحقا بالحرف العربي لكتابة لغتها إثر الفتوحات الإسلامية، قبل بروز نقاش حاد في نهاية القرن الماضي بين نخبة مطالبة بالعودة إلى الحرف العربي وتيار فرانكفوني متمسك بالحرف اللاتيني، حسمه في المغرب العاهل محمد السادس عام 2003 بحل وسط من خلال المصادقة على "تيفيناغ"، ليكون حرفا رسميا وحيدا لكتابة الأمازيغية في المغرب.

الترجمة الإلكترونية

وقالت غوغل إن خدمتها للترجمة تتخطى الحواجز اللغوية لتعزيز التواصل وفهم العالم بشكل أفضل، وتسعى لمساعدة الناس على التواصل عبر استخدام أحدث تقنيات الذكاء الصناعي.

وظهرت منذ الخميس الماضي اللغة الأمازيغية في خدمة الترجمة الخاصة بغوغل، وتعد اللغات الجديدة المضافة لخدمة الترجمة التوسعة الأكبر للخدمة على الإطلاق منذ تأسيسها، لتشمل أكثر من نصف مليار شخص.

وقالت الشركة في مدونتها الرسمية إنها في عام 2022 أضافت 24 لغة جديدة باستخدام الترجمة الآلية بدون نماذج (Zero-Shot Machine Translation)، حيث يتعلم نموذج التعلم الآلي الترجمة إلى لغة أخرى دون الحاجة إلى رؤية أي أمثلة سابقة، كما أعلنت الشركة عن مبادرة "1000 لغة"، وهي التزام ببناء نماذج الذكاء الاصطناعي التي ستدعم اللغات الألف الأكثر انتشارا في العالم.

وأضافت الشركة أن هذه اللغات الجديدة المضافة يتحدثها أكثر من 614 مليون إنسان، ما يفتح المجال للترجمة لحوالي 8% من سكان العالم، وتشمل اللغات الجديدة لغات عالمية رئيسية تضم أكثر من 100 مليون متحدث، بالإضافة إلى لغات يتحدث بها مجتمعات صغيرة من السكان الأصليين، وبعض اللغات الأخرى، التي لم يتبقَّ لها إلا عدد قليل جدا من المتحدثين الأصليين، ولكن هناك جهود نشطة لإحيائها.

ترجمة نص عربي للأمازيغية بخط تيفيناغ عبر خدمة غوغل للترجمة (الجزيرة)

ويأتي حوالي ربع اللغات الجديدة من إفريقيا، وهو ما يمثل أكبر توسع للغات الأفريقية حتى الآن، ومن أمثلة اللغات الجديدة المضافة إلى ترجمة جوجل، العفرية، وهي لغة نغمية يتحدث بها في جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا، والكانتونية التي كانت واحدة من أكثر اللغات المطلوبة لترجمة جوجل، والمانكسية وهي اللغة الكلتية لجزيرة مان، وكادت تندثر تماما بوفاة آخر متحدث أصلي لها عام 1974، ولكن بفضل حركة إحياء على مستوى الجزيرة، أصبح هناك الآن الآلاف من المتحدثين بها.

وأيضا لغات النكو وهي شكل موحد للغات الماندينغية في غرب أفريقيا، والذي يوحد العديد من اللهجات في لغة مشتركة، وتم اختراع أبجديته الفريدة عام 1949، ويوجد مجتمع بحث نشط يعمل على تطوير موارد وتقنيات لها حتى اليوم، والبنجابية وهي لغة السكان الذين يعيشون منطقة البنجاب التاريخية في باكستان وشمال غرب الهند، وتكتب بالخط العربي الفارسي، وغيرها من اللغات.

وقالت غوغل إن هناك الكثير مما تجب مراعاته عند إضافة لغات جديدة إلى ترجمة جوجل، بدءا من التنوعات اللغوية واللهجات، وحتى قواعد الإملاء المعيارية، إذ تحتوي اللغات على قدر هائل من التنوع، بما في ذلك التنوعات الإقليمية واللهجات ومعايير الإملاء المختلفة.

الأمازيغية في المغرب

وفي العقود الأخيرة انتعشت اللغة الأمازيغية، وكان من نتائج ذلك اندماجها في التعليم المغربي منذ عام 2003، حيث إن 20% من تلاميذ المستوى الابتدائي يدرسون اليوم الأمازيغية، وأطلقت شعبة مستقلة بها في بعض الجامعات. واعترف دستور 2011 بالأمازيغية لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية، وصار لها حضور في الإعلام من خلال قناة ناطقة بها.

وفي حديث سابق للجزيرة نت، يعزو محمد أفقير، الأستاذ في شعبة الدراسات الأمازيغية بجامعة ابن زهر بأكادير التطور في الإنتاجات الأدبية باللغة الأمازيغية إلى الواقع الجديد للأمازيغية بالمغرب، بعد الاعتراف الرسمي بها وما تلاه من إجراءات أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في تطور الإبداع الأدبي الأمازيغي، ومن ذلك تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ودمج الأمازيغية في جزء من التعليم الابتدائي، وتأسيس مسالك للإجازة (الليسانس) والماجستير خاصة بالدراسات الأمازيغية ببعض الكليات، إلى جانب تأسيس تكتلات تجمع الأدباء والكُتاب الأمازيغ على شكل اتحاد جهوي للكتاب، وتنظيم مسابقات للإبداع الأدبي ومنح جوائز للفائزين.

ويبدو أن التنوع الإثني الذي تتمتع به دول المنطقة المغاربية أخذ بالانعكاس أيضا على مشهدها الإعلامي، الذي تمكنت ضمنه الصحافة الأمازيغية -رغم حداثة نشأتها- من توطيد مكانة مهمة لدى الجمهور، بدءا من كونها متخصصة في قضايا الأمازيغ بلغات مختلفة، مرورا بتوظيف الحرفين العربي واللاتيني لتحرير المادة الأمازيغية، وصولا إلى مخاطبة القارئ بـ"تيفيناغ".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اللغات الجدیدة الأمازیغیة فی ترجمة جوجل

إقرأ أيضاً:

لماذا أصبحت غوغل شركة احتكارية تواجه غضب الحكومة الأميركية؟

تواجه الشركات التقنية عديدا من الدعاوى القضائية بشكل مستمر، سواء كانت من الهيئات التنظيمية والحكومات أو حتى الأفراد والشركات الأخرى، وربما لا توجد قضية أهم من تلك التي تواجه فيها "غوغل" وزارة العدل الأميركية في تهمة احتكار قطاع محركات البحث والإعلانات الخاصة به.

ورغم أن الحكم في القضية كان في أغسطس/آب من العام الماضي، فإن تبعات هذه القضية ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، خاصة مع تغير الحكومة الأميركية وتولي حكومة دونالد ترامب مقاليد الأمور، وهو الأمر الذي أعطى غوغل بصيصا من الأمل أن تغير حكومة ترامب قرار حكومة بايدن، وهو ما لم يحدث.

تفكيك غوغل هو القرار النهائي

قدمت وزارة العدل الأميركية طلبا واضحا لإدارة غوغل في السابع من مارس/آذار الجاري، وفيه تطلب من عملاق الإنترنت بيع متصفح "كروم" الشهير الذي يعد أحد أشهر منتجات الشركة إلى طرف خارجي توافق عليه وزارة العدل.

لم يقتصر القرار على بيع متصفح "غوغل كروم" فقط، بل تضمن إشارة واضحة إلى أن عملية البيع يجب أن تتضمن أي متعلقات وملحقات أو خدمات إضافية لضمان نجاح المتصفح تحت إدارة المالك الجديد، كما أن غوغل مجبرة بإرسال تنبيه رسمي لأي شريك يتعاون معها بخصوص متصفح "كروم" أو شركة تستثمر فيها.

إعلان

تضمن طلب الوزارة أيضا أن تتوقف غوغل عن الدفع نهائيا إلى أي شركة أو مصنع هواتف محمولة ليكون محرك بحث غوغل هو المحرك الرسمي والافتراضي في الخدمات المستقبلية والأجهزة المستقبلية، تاركا المجال للشركات في الاختيار بين محركات البحث المختلفة المتاحة.

لحسن الحظ، تراجعت وزارة العدل عن قرارها فيما يتعلق باستثمارات غوغل المستقبلية في تقنيات الذكاء الاصطناعي، فبينما كانت هذه الاستثمارات جزءا من قرار الوزارة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ورغم أن الشركة ليست مجبرة على تنويع استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، فإنها تحتاج لتنبيه وزارة العدل بشأن الاستثمارات المستقبلية لها في قطاع الذكاء الاصطناعي.

لماذا قررت المحكمة أن غوغل شركة احتكارية؟

في عام 2023، بدأت قضية العصر التي وضعت غوغل على منصة المتهمين، لكونها شركة احتكارية تحتكر قطاع محركات البحث وتمنع أي منافس صغير الحجم من الدخول بها، ثم في 2024، وجدت المحكمة عبر قرار أميت ميهتا قاضي المحكمة الجزئية المختصة بالقضية في مقاطعة كولومبيا أن الشركة احتكارية من الدرجة الأولى وتحظى بسطوة احتكارية على قطاع محركات البحث تمنع الشركات من منافستها.

استند مهيتا في قراره إلى أكثر من جزء، الأول وهو العقود التي توقعها غوغل مع مطوري محركات البحث، فضلا عن صناع الهواتف الذكية والحواسيب بشكل عام حتى يصبح محرك بحث غوغل هو المحرك الافتراضي في هذه المنافذ، ورغم أن جزءا من قيمة التعاقد يكون مقدما، فإن غالبية القيمة تأتي على شكل مشاركة للأرباح بين غوغل وهؤلاء المطورين، إذ ترسل لهم الشركة جزءا من عائد الإعلانات.

وحسب بيان مهيتا، فإن 70% من إجمالي عمليات البحث في الولايات المتحدة تتم في غوغل عبر أجهزة ومنتجات شركائها، الذين تعاونت معهم الشركة في عقود الاحتكار، وعبر السيطرة على 70% من إجمالي عمليات البحث العالمية، تتحكم غوغل بمفردها في عملية عرض الإعلانات داخل محرك البحث الخاص بها وسياسة التسعير وتحصل على العائد الكامل من عرض هذه الإعلانات التي يشاهدها المستخدمون الذين تم إجبارهم على استخدام محرك بحث غوغل، وأضاف مهيتا أن متصفح "كروم" هو جزء المشكلة كونه أحد أكثر المتصفحات استخداما في العالم.

إعلان

بالطبع، واجهت غوغل هذه الاتهامات بشكل شرس في محاولة لتبرئة نفسها، كما قدمت حلولا إضافية لوزارة العدل والمحكمة للهروب من الحكم وتبعاته، وتضمنت هذه الحلول أن تجبر شركائها على إضافة محركات بحث إضافية في منتجاتهم وليس فقط غوغل، وذلك دون تفكيك منتجات الشركة.

في عام 2023، بدأت قضية العصر التي وضعت غوغل على منصة المتهمين (الأناضول) ماذا يحدث الآن مع غوغل؟

الطلب الذي قدمته وزارة العدل الأميركية يفتح مجددا النقاش في الخطوة القادمة أمام غوغل، فبينما كان قرار المحكمة في أغسطس/آب الماضي واضحا بما فيه الكفاية، إلا أن قرار وزارة العدل يشهد تراجعا عن طلباتها السابقة.

ورغم كون الطلب الجديد أقل صرامة من طلب وزارة العدل في حكومة بايدن، فإنه يترك المجال أمام غوغل من أجل الاعتراض عليه والعودة إلى القضاء من أجل التفاوض في هذا الطلب، وذلك حسب تصريحات كينت ووكر، رئيس الشؤون العالمية ومدير الشؤون القانونية في غوغل.

وحسب تصريح بول سوانسون المختص في قضايا الشركات التقنية وشريك في التقاضي في شركة "هولاند آند هارت" ( Holland & Hart) في دنفر، كولورادو، فإن موقف الحكومة الأميركية قد يكون جزءا من خطة تضمن عرض أقصى القرارات كموقف افتتاحي يتيح المجال أمام غوغل من أجل تخفيض العقوبة أو تخفيفها.

هل تؤثر علاقة ترامب وغوغل في القرار؟

تحظى غوغل في الوقت الحالي بعلاقة جيدة مع حكومة ترامب فضلا عن ترامب نفسه، فقد كانت الشركة واحدة من المساهمين في حفل التتويج بتبرع وصلت قيمته إلى مليون دولار، كما أنها قامت بتغيير اسم خليج المكسيك إرضاء لمتطلبات ترامب في الشهور الأولى من فترته الرئاسية.

وحسبما نشرته صحيفة نيويورك بوست، فإن بعض المسؤولين في شركة "ألفابيت" المالكة لمحرك بحث غوغل التقوا مع مسؤولين من وزارة العدل الأميركية في محاولة منهم لتخفيف قرارات الوزارة والحفاظ على أعمال الشركة دون تفكيك، وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء عقد في الخامس من مارس/آذار الجاري، أي قبل تقديم وزارة العدل طلبها الجديد.

إعلان

من المنطقي أن تحاول إدارة ترامب تخفيف العقوبة على غوغل ومراعاة أعمالها، كون التوجه الأكبر للإدارة يتمثل في تعزيز مكانة الشركات الأميركية وحماية استثماراتها، فضلا عن العلاقة الجيدة التي يحظى بها ترامب مع عمالقة وادي السيليكون، ولكن وحدها الأيام هي التي تحمل النتيجة النهائية لقرارات وزارة العدل وغوغل.

مقالات مشابهة

  • فعاليات مسابقة حفظة القرآن الكريم بمدرسة الظاهر الرسمية لغات
  • «إسلامية دبي»: 150 محاضرة بـ 8 لغات في 83 مسجداً
  • 150 محاضرة بـ 8 لغات في 83 مسجداً بدبي
  • غوغل تعترف بحذف بيانات المستخدمين في خرائطها عن طريق الخطأ
  • مشروع قانون الذكاء الاصطناعي.. إطار تشريعي لحوكمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات| تفاصيل
  • «غوغل» تكشف أحدث نماذجها لـ«الذكاء الاصطناعي».. ما ميزاته؟
  • "وكأنكِ من الهواء".. صدور الترجمة العربية لسيرة الإيطالية آدا دي أدامو
  • لماذا أصبحت غوغل شركة احتكارية تواجه غضب الحكومة الأميركية؟
  • محاكم دبي تضيف القُصَّر للمستفيدين من «في الشوفة»
  • ترجمات القرآن والكتب الإسلامية.. بين نشر الدين وأمانة الكلمة