جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-10@21:24:47 GMT

أنبل النبلاء.. وداعًا

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

أنبل النبلاء.. وداعًا

 

 

المعتصم البوسعيدي

 

من "طيفِ الخيالِ الذي غدا يُحرك ما سكن"، ومن حكمةِ القُضاة "الذين أورثوا الفعل الحسن"، ومن بأسِ الولاة حُماة "النزيل ومن سكن" ولِدَ الطفلُ البهي على أصوات "اليامال" في "بلاد" صور العفية ابنًا بكرًا للعلامةِ السَّيد الفطن، والشاعر الذي لطالما سكب أبياته في قلبهِ عند "ذكر الأحبة والوطن".

نشأ السيد عبدالله بن حمد بن سيف البوسعيدي في كنفِ والده، تحت ظِلال العلم والمعرفة، مستلهمًا السؤدد من إرث أبائه وأجداده، فتفجرت مواهبه الوقادة تحت "شجرة المُعلم" وبين جدران "المدرسة السعيدية"، ثم طاف على "قاهرة المُعز" فشرب من نيلها العذب، ليعود إليها بعد ذلك بروح "أحمد بن النعمان"، وقبلها حمل شهادته مُعانقًا معشوقته الأبدية؛ تربة وطنه الطاهر، ليكون رجل دولة من الطراز الرفيع.

في السبعين من القرن العشرين ارتقى الشاب المهيب قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- سُدة الحُكم سلطانًا وعد بفجرٍ جديد، فاختار حكومته، وأسس سلطنة وطنه، ونهضة بلاده، وكان السَّيد عبدالله -آنذاك- الشاب اليافع الذي يشق طريق عمله في وزارة الأراضي، وهيئة المخطوطات العُمانية، ووزارة التراث القومي والثقافة، فوزارة العدل ثم وزارة البيئة ما بين الإدارة والموارد البشرية والمالية، حتى نال الثقة السامية؛ فاستلم حقيبة وزارة الإسكان في منتصف الثمانينيات، بعدها بثلاثة أعوام حلق بجناح العروبة إلى أرض قرطاج سفيرًا ومندوبًا، قبل أن تحط رواحله على أرض الكنانة سفيرًا دائمًا ومندوبًا بالجامعة العربية وسفيرًا غير مُقيم  "لأرض النحاس" في شرق البحر الأبيض المتوسط، وقبل أن تبدأ الألفية الجديدة كان هو الربانَ الأول لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، حتى التقاعد مع بداية العقد الثاني من القرنِ الواحد والعشرين.

لم تتوقف رحلة العطاء لصاحب الفكر وقابض سراج المعارف، فكان التقاعدُ بدايةَ ألقِ السَّيد عبدالله في فضاء التعليم العالي فيَمم شطره إلى "بيضة الإسلام" نحو جامعتها الغراء نزوى، قبل أن يترأس مجلس أمناء جامعة الشرقية ويصافح يوم افتتاحها مجد السلطان المُجدِّد لنهضة العهد السعيد "فارتقي هام السماء"، وكما أنَّ سيرته كتبته حاضن الثقافة، "وصالون الفراهيدي"، ودار الأدباء والشعراء، فقد كتبت في  جانبه الآخر حياةً لم تكن مفروشةً بالورود ومنعمة بريش النعام وهو ابن السادة النجباء؛ بل عاش متنقلاً مع والده في ربوع الوطن، وسكن منازل الطين، وتخضبت يداه بالأعمال الشاقة، ومالت عليه الدنيا فقدًا للزوج والأب والأم والابن "واسطة عقد الأبناء"، وهو حين ارتقى "علمًا فوقه نار"، ازداد تواضعًا فارتفع فيه منسوب النقاء.

لم ينس موطن "شيابه"؛ فقد رأيناه في "بيت الحديثة" على روابي "البستان" بسمد الشأن بجوار "بيت الخبيب" دار الولاية في عهد "الوالي الأكبر" إبان المؤسس الإمام أحمد بن سعيد، ولم تُغرِه زينةُ الدنيا ومتاعها، فهو كجده "الزاهد" بين فيافي الوحدة وعزلة التفكير بأرض "البُحير"، عايشناه في قرية الأخضر مسقط رأسه عند قلعتها وفلجها وسكتها وارفة الظلال، وفي ضواحي "الشرقية والمنيديس والخمسة والمنقوشة" أو مسترخيًا في "القويبل" قد زار الأهل وأوصل الرحم، تعفرت جباهه بغبارِ ميدان الرماية بفريق الأخضر، وتخضرت كفاه ببياض جوده، هو وشقيقه ورفيق دربه السَّيد خالد "نبع" السخاء الهادر، يناجيان القمر ببيت أبيهما الحاضن "لمكتبةٍ" تنتظر بزوغ الفجر، أو بيتهما الذي يعانق "الوادي" ويغني أنشودة المطر.

لا يضاهي قيمة أبي محمد العلمية والعملية إلّا إنسانه الباذخ، "عَوَّام" جمع عائلته في اسم مؤسسته، ترك الثرثرة وأتقن فن الصمت والكلام الموزون، وفِيٌ ولتسألوا صديق العمر "ابن دلمون عبد الكريم بوجيري" ورائعة "أنت أنا"، مهندس العلاقات، وناشر الثقافات، وهادئ الطبع موقد الشمع في الليالي الحالكات، مجتمعيٌ تشهد له الميادين، حتى وهو يسير إلى رحلته الأبدية، كان يُعزي الناس، ثم وبدون مقدمات رحل، فبكته جموع البسطاء قبل الأهل والأصدقاء، تضيق الحياة بالفقد، وتتسع بالأثر، وكيف والأثر سيد النبلاء.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الطاهر ساتي يكتب: هذا الذي ..!!

:: من كتاب أخبار الحمقى لابن الجوزي، يُحكي أن أعرابياً بال في بئر زمزم أمام الحجاج، فانهالوا عليه ضرباً ولعناً، ثم سألوه عن السبب، فقال : (حتى يعرفني الناس فيقولون هذا الذي بال في بئر زمزم)..!!

:: ياسر عرمان يُمكن أن يفعل فعل الأعرابي لكي يبقى في الحياة شيئاً مذكوراً ..وناهيكم عن تقليد الاعرابي بالتبول في بئر زمزم، فان عرمان – ليصبح تِرند – يُمكن أن ينتحر أيضاً..!!
:: بالأمس، بعد غياب طويل، راج اسم عرمان في خبر يزعم أن السلطات الكينية أوقفته بمطار نيروبي بناءً على مذكرة توقيف صادرة من السلطات السودانية عبر الإنتربول، ثم أطلقت سراحه بعد ساعات ..!!

:: الملاحظة الأولى هي أن عرمان من وزّع خبر القبض عليه و إطلاق سراحه وذهابه إلى الفندق، وهذا غير طبيعي.. فالطبيعي هو أن ترصد وسائل الإعلام الكينية – أو رويترز – لحظة القبض بالمطار ثم تنفرد بالنشر .. !!

:: و الملاحظة الثانية، ذكر عرمان أن توقيفه تم في الواحدة ظهراً، وتم اطلاق سراحه عند التاسعة مساءً ..(٩ ساعات) فترة كافية جداً لتنشر وسيلة اعلام الحدث، وهذا ما لم يحدث، بل نشره عرمان بنفسه ..!!

:: و الملاحظة الثالثة، كاثرين هورليد، مديرة مكتب واشنطن بوست بشرق إفريقيا، غردت على منصة إكس بالنص : (مصدر في الإنتربول يؤكد عدم إصدار نشرة حمراء بحق الناشط السياسي السوداني ياسر عرمان )..!!

:: و الملاحظة الرابعة، كل جنجويد المليشيا و تقدم صدرت بحقهم مذكرات توقيف عبر الإنتربول، وكلهم كانوا بنيروبي لتشكيل حكومة دقلو الديمقراطية، فلماذا يتم توقيف عرمان وحده؟..هل أخذوه – كعَينَة من المطلوبين – للفحص والتحليل ..؟؟

:: وهكذا، كل الوقائع تُشير إلى أن عرمان لم يترك عادة أن يكون – هو شخصياً – جوهر الحدث، وليس أفكاره و أعماله..فالساسة يصنعون الأحداث المؤثرة في حياة الناس، ولكن عرمان تعجبه إشارة الناس إليه : ( هذا الذي أُعتقل)، كذاك الذي بال ..!!

:: المهم .. لو كنت المسؤول بالحكومة السودانية لما اهدرت الزمن و المال في ملاحقة عرمان أو اعتقاله حتى لو كان يسكن بجوار سجن كوبر .. وخير للحكومة والشعب و البلد أن يكون عرمان حُراً طليقاً..!!

:: فالشاهد، لم تبحر سفينة قادها عرمان في هذه البلاد إلا نحو القاع؛ ولم ينج من ركابها أحد..يغرق الرُكاب ويخرج عرمان سالماً.. تابعوا مسيرة الرجل البارع في اغراق السفن بمن فيها..!!

:: أغرق سفينة الحركة الشعبية قطاع الشمال بحماقته وتطرفه وديكتاتوريته؛ وشتت شمل الحلو و عقار وجلاب؛ ثم ذهب لجناح عقار ..وكاد ان يغرق سفينة حركة عقار لو لم يطردوه سريعاً.. !!

:: ثم التحق بحكومة حمدوك مستشاراً؛ و قبل أن يصرف راتب الشهر؛ تلاشت تلك الحكومة؛ و غادر حمدوك مستقيلاً و تاركاً البلد – بما حمل – لعرمان والنشطاء و العساكر ..!!

:: فالتحق بالدعم السريع مستشاراً لحميدتي و عبد الرحيم..و نجح في التأثير عليهما ليحوّلا وحدة عسكرية مستقرة وتابعة للجيش الي مليشيا متمردة.. وهي التي تحترق حالياً بكل عدتها وعتادها و أوغادها..!!

:: وكالعهد به في إنقاذ نفسه بعد إغراق الآخرين، قفز عرمان من سفينة المليشيا المحترقة؛ ليقود سفينة تقدم مستغلاً ضعف حمدوك .. ثم غادرها بعد أن أوصل حال سفينة تقدم الى ما آل عليه حال سفينة تايتانك ..!!

:: رجل بهذه القوة التدمرية الموجهة للمتمردين والمعارضين والُعملاء، لماذا تلاحقه الحكومة و تعتقله؟..بالعكس، على الحكومة تخصيص ميزانية لعرمان، ليُمزّق المليشيات المتمردة وحواضنها السياسية إرباً إرباً ..!!

الطاهر ساتي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رحلوا دون وداع.. مقبرة الصالحية بجدة تحتضن جثمان المهندسة فاطمة سلطان ووالدتها
  • ما قصة القرش الذي حرمَ مشتركاً من راتب التقاعد المبكر؟
  • بن صهيون.. والد نتنياهو الذي غرس فيه كره العرب
  • بوجلبان يعيد ترتيب أوراق المصري بعد وداع كأس مصر
  • ريال مدريد يواسي برشلونة في مصابه: وداعًا كارليس مينارو
  • المصري يستأنف تدريباته بعد وداع كأس مصر
  • سلوى عثمان تروي لحظات وداع والدها وتأثرها بمرضه
  • ما تفاصيل الاجتماع المتفجر الذي شهد صداما بين مسؤولي ترامب وماسك؟
  • من هم قيادات الحوثيين الذي شملهم قرار العقوبات الأمريكية؟
  • الطاهر ساتي يكتب: هذا الذي ..!!