استنساخ بعثيّ.. تلغرام السوداني وفيسبوك المالكي
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
حين اتفقت الكتل السياسية على توليّ محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة الحالية استبشرنا خيراً بالرجل لأسباب عدة لكن أبرزها أنه ولد من رحم المعاناة والعوز وحقبة البؤس البعثي في تسعينيات القرن الماضي وما يسمى جزافاً الحصار الاقتصادي الذي من المفترض أنه عقوبة للنظام الحاكم في حينها، لكنه في حقيقته كان عقوبة جماعية للأمة العراقية بمباركة الأمم المتحدة والعالم المتحضر، وأيضاً لأن السوداني مشهود له بالنزاهة ولم تتلوث يداه بالفساد المالي والإداري، وهذان السببان كافيان للتفاؤل بالرجل، لكن للأسف يبدو أن حكام العراق يستنسخون بعضهم البعض وخصوصاً إذا تعلق الأمر بالكرسي المقدس.
يبدو أيضاً أن رئيس الوزراء ورغم أنه من عوائل ضحايا النظام السابق الذي أعدم والده شياع صبار السوداني، لكنه مع هذا لا يتورع عن استنساخ جانباً من السياسات البعثية الفجة عندما يتعلق الأمر بحرية الرأي والتعبير، كما أنه "يجتّر" التجربة الفاشلة التي قام بها سلفه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي حين حجب موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ظناً منه أنه بذلك يستطيع تكميم الأفواه التي كانت تجلده ليل نهار بسبب سياساته الطائشة، لكن وبعد ساعات قليلة وجد العراقيون طريقة للوصول إلى "فيسبوك" عبر برامج الوصول إلى المواقع المحجوبة وعاد الجلاد الأرزق ليهوي بسياط المنشورات على المالكي وفريقه الذي لا يرى أبعد مما بين قدميه.
السوداني وبعلم منه أو غير علم قام هو الآخر بحجب تطبيق التواصل الاجتماعي "تلغرام" في محاولة منه ومن فريقه الذي على ما يبدو لا يختلف كثيراً عن فريق سلفه، ظناً منه أنه يستطيع تكميم الأفواه متناسياً هو وفريقه برامج الوصول إلى المواقع المحجوبة.
السوداني ومن قبله المالكي وغيرهما ابتداءً من الحقبة العارفية الهوجاء، مروراً بالمرحلة السوداء الحمراء للنظام البعثي الهمجي الدموي، وصولاً إلى حكومات ما بعد 2003 من حكومة علاوي وحتى الحكومة الحالية، يبدو أنهم يتناسلون فكرياً بطريقة الأميبيا ولا يستوعبون أن ثورة الاتصالات الحديثة كما أنها وفرت سياطاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي لجلد الحكام، وفرت أيضاً برامج ووسائل تساعد الشعوب في الوصول إلى المواقع المحجوبة تعسفاً، والتنفيس عن غضبها والتعبير عن آرائها.
في أواخر تسعينيات القرن الماضي وحين كان العراقيون يسمعون سماعاً فقط بشيء اسمه الأنترنت، سمح النظام القمعي السابق بتوفير هذه الخدمة لكن بشكل محدود جداً وتحت الرقابة الأمنية وفي مقاهي أنترنت محددة ولم يتم أبداً السماح بالخدمة المنزلية، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي وكانت في حينها فقط "ماسنجر ياهو" محجوب ولا يمكن الوصول إليه وكل من يحاول ذلك يتم اعتقاله من قبل الأمن الصدامي والله أعلم إن كان سيعيش أم لا.
بعد سقوط ذلك النظام البغيض، أخذ الأنترنت ينتشر في العراق بشكل واسع وسريع أيضاً عبر مقاهي الأنترنت لكنها لم تكن محدودة ولا تخضع لأي نوع من الرقابة، ثم توفرت الخدمة المنزلية وبات بمقدور أي عراقي وعراقية من كل جنس ودين وقومية وعمر الاطلاع على العالم والتواصل مع الأهل والمعارف والأصدقاء وشعوب العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبعد تناسل مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح خمسة منها هي الأكثر انتشاراً في العراق والأشد تأثيراً في الرأي العام، بدأت الحكومات المتعاقبة بـ"اجترار" سياسة البعث البغيضة لتكميم الأفواه والتضييق على أصحاب الرأي في محاولة لكبحهم حيناً ولتدجينهم أحياناً أخرى، ومنها حكومة محمد شياع السوداني التي أقدمت على حجب "تلغرام" بحجة وعذر مضحك وسخيف وهو "الأمن الوطني" وكأن باقي وسائل التواصل الاجتماعي محصنة من أن تتحول إلى أداة تهدد هذا الأمن الذي يرتعش رعباً من "تلغرام"، وعلى الرغم من أن تطبيق "واتساب" الأوسع انتشاراً يشكل فعلياً تهديداً أمنياً لكونه مخترق من قبل مخابرات دولية حتى أن الأمم المتحدة لا تستخدمه ولا تعتمده في اتصالاتها، لكن الحنكة الأمنية لحكومة السوداني ترى أن الخطر يتمثل بـ"تلغرام" دون غيره ولكي تحافظ على الأمن المستتب تماماً وجداً، قامت بخطوة الحجب لتحفظ أمن الوطن والمواطن.
رغم أن السوداني وخلال أول خمسة أشهر من عمر حكومته كانت تحركاته وقراراته مقبولة وتحظى بتأييد شعبي ومن ذوي الاختصاص أيضاً، لكن يبدو أن الرجل تماهى جداً مع عنفوان الكرسي وبدأ يذوب عشقاً به وها هو يخطو أولى خطواته على طريق من سبقوه من الحكام الذي لم يتركوا خلفهم سوى لعنات الفقراء ومختلف فئات الشعب.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: محمد شياع السوداني السوداني العراق نيجيرفان بارزاني بغداد ديالى الحشد الشعبي تنظيم داعش النجف السليمانية اقليم كوردستان اربيل دهوك إقليم كوردستان بغداد اربيل العراق اسعار النفط الدولار سوريا تركيا العراق روسيا امريكا مونديال قطر كاس العالم الاتحاد العراقي لكرة القدم كريستيانو رونالدو المنتخب السعودي ديالى ديالى العراق حادث سير صلاح الدين بغداد تشرين الاول العدد الجديد مواقع التواصل الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
تحركات برلمانية لمواجهة الحسابات الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي
طالب عدد من أعضاء مجلس النواب، الحكومة والدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بإغلاق الصفحات الوهمية وغير الحقيقة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، التي وصلت إلى 14 مليون حساب وهمي، وفق ما أعلنه بعض المتخصصين في هذا المجال.
في هذا الصدد طالبت النائبة سميرة الجزار عضو مجلس النواب من الحكومة والدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، اتخاذ جميع الإجراءات للقضاء على حسابات السوشيال الميديا مجهولة الهوية وإغلاق الصفحات غير الحقيقية على فيسبوك، التي وصلت إلى 14 مليون حساب وهمي، وفق ما أعلنه بعض المتخصصين في هذا المجال.
وتساءلت «الجزار» في طلب الإحاطة الذي تقدمت به للمستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء والدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات، عن كيف تحذر الحكومة بصفة مستمرة من ظاهرة انتشار بث الشائعات والأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك أكثر من 14 مليون حساب وهمي على فيسبوك؟ وكيف وصلت هذه الحسابات الوهمية إلى هذا الرقم المفزع؟ وهل تمتلك الحكومة الآليات للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة؟
وتساءلت عن إجراءات الحكومة لمواجهة بث الشائعات والابتزاز الإلكتروني والسب والقذف والاعتداء على قيم المجتمع من خلال هذه الحسابات الوهمية، مطالبة بتشديد العقوبات في قوانين مكافحة الجريمة الإلكترونية لحماية المجتمع والأسرة المصرية، وأنه يجب على الحكومة ووزارة الاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ببذل المزيد من الجهود للقضاء وبصفة نهائية في على حسابات السوشيال ميديا مجهولة الهوية، وإغلاق الصفحات غير الحقيقية على فيسبوك.
من جانبه أكد رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، النائب أحمد بدوي، أن هناك تعديلات ستقر خلال دور الانعقاد الحالي على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والمعروف إعلاميًا بقانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، والتى ستتناول تجريم عدد من الظواهر التى تهدد المجتمع منها بث الشائعات، والابتزاز الاليكتروني، والسب والقذف، والاعتداء على قيم المجتمع.
وتابع رئيس اللجنة: وإن كان القانون القديم الذي جرى الانتهاء منه فى عام 2018، قد حوى عقوبات في هذا الشأن، إلا أن التعديلات ستشدد العقوبات لحماية المجتمع والأسرة المصرية، ومن المتوقع أن ترسل من الحكومة خلال الأسابيع القادمة.
وأشار إلى أن الدولة ووزارة الاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يبذلون جهودا كبيرة في القضاء على حسابات السوشيال الميديا مجهولة الهوية وإغلاق الصفحات غير الحقيقية على الفيس بوك، والتي وصلت لـ14 مليون حساب وهمي وغير حقيقي، وأنه لو لم تكن هناك عقوبات رادعة كان سيصل عدد تلك الحسابات إلى ما يتخطى 25 مليون حساب، لأن هناك من يمتلك أكثر من حساب إلكتروني، بلا مبرر أو هدف سوى أنه يتحين الفرص لارتكاب جريمة إلكترونية.
وأوضح أن هناك صحوة أمنية غير مسبوقة وإصرار من الدولة المصرية على عودة الاستقرار الاجتماعي للشعب المصري بعد الفوضى التي حدثت بفعل الاستخدام السيء لوسائل التواصل الاجتماعي، وهناك جهود وتشريعات جديدة ستطرأ على قانون تقنية المعلومات ستتضمن بعض البنود لتنظيم التعامل مع الذكاء الاصطناعى، لأنه من الوسائل التكنولوجية الحديثة التي لا يوجد مواد عقابية تجرمه.