يُصادف غدًا الأحد 23 بوؤنه حسب التقويم القبطي، ذكرى رحيل القديس أبانوب المعترف، الخالد سيرته في سطور التاريخ المسيحي والتي تفيض قصته بعبر روحية كبير لاتزال محفوظة في وجدان الأجيال المسيحية جيل تلو الآخر.

الأنبا صليب يترأس لقاء "سفراء المسيح" بكنيسة مارجرجس.. شاهد القديس مارمرقس مؤسس الكنيسة المصرية وصاحب الأثر الباقي في حياة الاقباط

ويروي كتاب حفظ التراث المسيحي والقراءات اليومية "السنكسار"، قصة القديس أبانوب المعترف، كان ناسكاً فاضلاً في إحدى بلاد الصعيد وكان يمارس الطقوس ابروحة متفردًا ويعيش من اجل الإيمان المسيحي متفرغًا لعبادة واصوم والصلاة حتى ذاع عنه بين الشعب وعُرف هذا القديس بشدة إيمانة وصدق صلواته ولجأ له العديد من المرضى وامصابين والمكروبين لطلب صلواته وحل أزماتهم.

ويذكر التاريخ المسيحي أن صيته قد انشر حتى سمع عنه أريانوس الوالي المعروف بعداوة القوية للمؤمنين، فأمر الحاكم  بإحضاره وعرض عليه عبادة الأوثان كما كان يفعل حكام هذه العصور المظلمة، فأجابه القديس قائلاً: " كيف أترك عبادة يسوع المسيح وأعبد الأصنام صنعة أيدي الناس ".

تمسك القديس بإيمانة ورفض عرض الواي الذي غضب غضبًا شديدًا وأذاقه شتى أنواع العذاب ثم نفاه إلى الخمس مدن الغربية حيث ظل جبيسَا لمدة سبع سنوات، وحيدًا لا يفعل سوى العبادة والانفراد بالذات مع اشتعال التوهج الإيماني.

استمر هذا الوضع حتى تولى قسطنطين مقاليد الحكم، وهو عصر الإنارة للمسيحين الذي جاء بعد سنوات من ظلام الإضطهاد والظلم، أمر الملك بالإفراج عن المحبوسين من أجل الإيمان، ومن بينهم القديس أبانوب المعترف، عاد حيث كان في أرضه الأولى واستمر يقضى أيامة من أاجل الإيمان والعبادة فقط حتى نادت السماء روحه وانتقل إلى الأمجاد السماوية في سلام وتنيح في مثل هذا اليوم من عام 304م.

يتزامن هذا التذكار مع فترة صوم الرسل في الكنيسة التيي بدأت الإثنين الماضي، بعد الانتهاء من احتفالية عيد العنصرة ذكرى حلول الروح القدس على التلاميذ والرسل الأوائل والسيدة العذراء مريم. ويستمر حتى ١٢ يوليو المقبل، وينتهي بعيد الرسل بمناسبة ذكرى استشهاد القديسين بطرس وبولس في تاريخ 12 يوليو سنويًا، التي تؤول لهم الفض في تأسيست الكنيسة المسيحية الأولى على يد القديسين  بطرس وبولس كما ساهموا في  نشر تعاليم السيد المسيح في مختلف بقاع الأرض وخاصة في روما، ويحمل العديد من الطقوس والرموز الروحية، وعادة يكون صوم الرسل بعد مرور 8 أسابيع من الاحتفال بعيد القيامة المجيد.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التاريخ المسيحي التقويم القبطي التراث المسيحي السنكسار

إقرأ أيضاً:

من قاطع طريق إلى قديس.. تعرف على القديس موسى الأسود

يُعتبرالأنبا موسى، من أشهر قديسي التوبة، حيث يعتبر رمز للتحول الكامل من حياة الشر إلى حياة الطهارة والنقاوة، فقيل عنه أنه لا توجد رذيلة لم يكملها، لكنه اعترف علانية في الكنيسة بجميع خطاياه وقبائحه الماضية، وسكن في بادئ الأمر مع الرهبان.

عاش واستشهد  الانبا موسى بين القرنين الرابع والخامس الميلادي، لقب بالأسود بسبب لون بشرته حيث تعود أصوله غالبا لبلاد النوبة جنوب مصر، بدأ حياته كلص وقاطع طريق ثم تاب وترهبن وتعتبر سيرته من أقوى وأشهر سير التوبة في تاريخ الكنيسة القبطية ولذا يلقب بالقديس القوي (ليس لقوة بنيته الجسمانية فقط وانما لقوة توبته).  

يعتبر ميلاده ما بين سنة 330 و340 م. ويبدو أنه كان عبدًا لشيخ قبيلة تعبد الشمس، لكن من فرط شروره طرده سيده، اشتغل في أول حياته بأعمال النهب والسطو والقتل، وكان ذا جسم ضخم جبار يساعده على ذلك، وقيل أنه بسبب هذه المؤهلات صار رئيسًا لعصابة قطاع طرق، وكمثال على قوته البدنية أنه في أحد الأيام عبر النهر وسرق خروفين من راعي غنم وذبحهما وعبر بهما ثانية إلى الشاطئ الآخر للنهر،كان يرفع وجهه ويخاطب الشمس كالإله الحقيقى طالبًا أن يعرِّفه ذاته، فسمع صوتًا يرشده أن يذهب إلى هذه البرية ليلتقى برهبان برية شيهيت وكانت شهرتهم فى ذلك الوقت ذائعة جدًا.

 ذهب إليها حاملًا سيفه وتقابل مع القديس ايسيذورُس قس القلالي خارجًا من قلايته ليذهب إلى الكنيسة، فارتعب من منظره. فسأله الشيخ: "ماذا تريد يا أخي هنا؟" أجابه موسى: "قد سمعت أنك عبد الله الصالح، ومن أجل هذا هربت وأتيت إليك لكي ما يخلصني الإله الذي خلصك". وكان يطلب منه بإلحاح وخشوع: "أريد أن أكون معك، ولو أني قد صنعت خطايا كثيرة وشرورًا عظيمة"،  حينما رأى أنبا إيسيذورُس صراحته أخذ يعلمه ويعظه كثيرًا بكلام الله وكلمه عن الدينونة العتيدة، وتركه لتأملاته، وأخذ موسى يذرف الدموع الغزيرة، إذ كره الشر وعزم على التخلص منه، بعد مدة طلب موسى من الأب أيسيذورُس أن يصير راهبًا، فأخذ أيسيذورُس يشرح له متاعب حياة الرهبنة من جهة تعب البرية ومحاربات الشياطين والاحتياجات الجسدية، وقال له: "الأفضل لك يا ابنى أن تذهب إلى أرض مصر لتحيا هناك". وكان هذا على سبيل اختبار موسى، لكن بعد أن رأى ثباته وصدق نيته أرسله ثانية إلى القديس مقاريوس الكبير أب البرية.

اعترف موسى علانية في الكنيسة بجميع خطاياه وقبائحه الماضية. وكان القديس مقاريوس أثناء الاعتراف يرى لوحًا عليه كتابة سوداء، وكلما اعترف موسى بخطية مسحها ملاك حتى إذ انتهى الاعتراف وجد اللوح أبيضًا كله. بعد ذلك وعظه الأنبا مقاريوس، وأعاده إلى القس ايسيذورُس الذي ألبسه إسكيم الرهبنة، سكن فى بداية الأمر مع الإخوة الرهبان، ولكنه بسبب كثرة الزائرين طلب من الأنبا مقاريوس مكانًا منعزلًا، فأرشده إلى قلاية منفردة وعاش فيها مثابرًا على الجهاد الروحي. وكان جهاد موسى عظيمًا كتعويض عما فاته نتيجة خطاياه وشروره الماضية، بسبب جهاده وفضائله أرادوا أن يرسموه قسًا، وعندما أراد البطريرك أن يمتحنه قبل رسامته أمر الكهنة أن يطردوه بمجرد دخوله الهيكل ويقولون له: "أخرج من هنا يا أسود اللون". ولما طردوه أرسل البطريرك وراءه شماسًا فسمعه يقول لنفسه: "لقد فعلوا بك ما تستحقه لأنك لست إنسانًا، وقد تجرأت على مخالطة الناس. فلماذا تجلس معهم؟" وتمت رسامته قسًا بمدينة الإسكندرية بيد البابا ثيؤفيلس البطريرك الـ23.

 وأما عن استشهاده فقد أتى البربر إلى الدير وكان بالروح يعلم بمجيئهم قبل وصولهم، قال ذلك للأخوة وكان عددهم سبعة، وطلب إليهم أن يهربوا، فلما سألوه عن نفسه وقالوا له: "وأنت ألا تهرب يا أبانا ؟" قال: "منذ زمن طويل وأنا انتظر هذا اليوم لكي يتم قول السيد المسيح من يأخذ بالسيف بالسيف يُؤخَذ" (متى 26: 52). قالوا له: "نحن أيضًا لا نهرب ولكن نموت معك"، فقال لهم: "هوذا البربر يقتربون إلى الباب"، فدخل البربر وقتلوهم ولكن واحدًا منهم كان خائفًا فهرب إلى الحصن ورأى سبعة تيجان نازلة من السماء توّجت السبعة، فتقدم هو أيضًا ونال معهم إكليل الشهادة.

 

 

مقالات مشابهة

  • من متغيِّرات الكنيسة.. إلى إلغاء إرهابية الحزب!
  • نشاط مكثف لأساقفة الكنيسة بالتزامن مع الأسبوع الثاني من صوم الرسل
  • الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بذكرى نياحة البابا القديس كردونوس الرابع
  • من قاطع طريق إلى قديس.. تعرف على القديس موسى الأسود
  • الأنبا برسوم يعقد الاجتماع العام بصنبو الإثنين المقبل
  • الأب موسى القمص أرميا يترأس فعاليات “صوم الرسل”..تفاصيل
  • سيرة القديسان قزمان ودميان.. قصة رحيل أسرة كاملة من أجل المسيح
  • المرقسية تواصل دورها الرعوي بمناسبة صوم الرسل
  • من تاريخ الكنيسة.. ذكرى رحيل أليشع النبي تلميذ إيليا النبي