تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في عصر يوم من شهر ذي الحجة، ووسط أجواء يسودها فرحة الاستقبال وانتظار المحبين، عادت الحاجة نعيمة مصطفى 68 عامًا،  إلى أرض الوطن بعد رحلة الحج المباركة، تاركة وراءها ذكريات ممتلئة بالروحانية والتأمل، وقصة حياة مليئة بالصبر والعطاء، ولكن هذه الرحلة لم تكن مجرد سفر ديني، بل كانت أيضًا رحلة شخصية وعميقة تغلغلت في كافة  مسارات حياتها،نعيمة، والأبرز في هذه القصة أنها لم تتمكن من القيام بالحج في وقتٍ سابق من حياتها بسبب الالتزامات والمسؤوليات العائلية والمالية، حيث توفى زوجها وترك لها ثلاثة فتيات وشاب وحيد في سن صغيرة، كافحت تلك السيدة العظيمة طيلة حياتها وأتمت رسالتها بنجاح وإخلاص وصبر، ةكانت تدخر كل شهر طيلة مبلغ زهيد طيلة سنوات وسنوات بنية الذهاب إلى بيت الله الحرام،وقد نمت لديها تلك الرغبة قائلة "تعبت وشقيت في حياتي كتير وكنت عايزة أرمى همومي بين أيادي الله عز وجل"، فدائمًا ما تضعنا الحياة أمام تحديات ومسؤوليات تؤجل أحيانًا أحلامنا الكبيرة.


وبعد وفاة والدها الذي ترك لها قطعة أرض صغيرة كإرث، قررت الحاجة نعيمة أن تبيع هذه الأرض لتتمكن من تحقيق حلمها بأداء فريضة الحج، موضحة أن نجلها الوحيد قد شجعها على ذلك ولكنها كانت مترددة لأنها تنوي أن تساهم يثمنها في إتمام تكاليف زواجه لكنه عارضها قائلًا" حج بيت الله الحرام بالنسبالك أهم من زواجي في الوقت الحالي".

وأثناء رحلتها إلى أرض الحجاز، تقول أنها قد شعرت بنوع من السلام الداخلي والرضا، فقد أدت مناسك الحج بكل خشوع واجتهاد، وقضت وقتًا في تأملات عميقة وصلوات متكررة، تعبيرًا عن شكرها وامتنانها لله على هذه الفرصة العظيمة، وعندما عادت إلى أرض الوطن، لم تعد هي الشخص نفسه الذي غادر قبل أسابيع قليلة، فقد حصلت على نور جديد ينبعث من وجهها، وثقة أكبر في طريقها وقدرتها على تحقيق ما تصبو إليه، مشيرة إلى أن تلك التجربة هي الأعظم على الإطلاق في حياتها، حيث تيقنت أنه ليس هناك شيء يمكن أن يعيقنا عن تحقيق أحلامنا، بل يجب علينا أن نكون جاهزين للتضحية واتخاذ القرارات الصعبة وتقديم كل غالٍ ونفيس والعمل بصبر طوال سنوات لا تحصى من أجلها.
وتوصف شعورها عند عودتها إلى أرض الوطن، أنها وجدت أبنائها وأحفادها يستقبلونها بذراعات مفتوحة وقلوب ممتنة لرحلة العطاء ودموع الفرح بتحقيق حلمها المنشود، فلم تكن رحلة الحج مجرد سفر ديني بالنسبة لنعيمة، بل كانت رحلة شخصية عميقة أثرت بشكل كبير على حياتها وعلى حياة أسرتها، فقد عملت على تحقيق هذا الحلم منذ سنوات عديدة، وكانت تعمل بجد وتدخر كل ما تستطيع في ظل ظروف مادية صعبة، وكان على عاتقها رعاية أبنائها الأيتام بعد وفاة زوجها، الذي تركها مع مسؤولية كبيرة، وكانت تواجه التحديات اليومية وتبذل جهودًا كبيرة لتوفر لهم الرعاية والحياة الكريمة، وكانت تدخر بالتزامن مبلغ الحج، ولا تدع كل تحدي يثنيها عن هدفها الديني.

استقبال أبنائها لها كان حدثاً مميزاً ومفعماً بالمشاعر الجياشة، حيث احتضنوها بدفء وحب، وسط دموع الفرح والابتهاج، فكانوا على تمام اليقين بمعرفة ما مرت به أمهم من تضحيات وصبر، وكم كانت الرحلة الدينية مهمة بالنسبة لها، وتحدثوا عن الأيام الصعبة التي عاشوها معًا، وعن كيفية تربيتهم ودعمهم الذي لم ينقطع أبدًا.
وتعتبر قصة "الحاجة نعيمة" واحدة من آلاف القصص والروايات التى تروى كل عام في هذا الموسم المبارك، وتخلق حافزًا جديدًا لتكون قدوة لأبنائها وللشباب في الإيمان والصبر والإصرار والتفاني، وتنسج قصصًا ملهمة عن الإرادة الصلبة والإيمان العميق، وعلى قوة العائلة ودعمها الذي يمكن أن يحقق ما يراه الجميع مستحيلًا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: موسم الحج 2024 فريضة الحج جبل عرفات أرض الحجاز بيت الله الحرام رحلة الحج مناسك الحج إلى أرض

إقرأ أيضاً:

«ديمو» صاحب أول زراعة وجه في العالم يروي لـ«الوطن» كواليس العملية: «غيرت حياتي»

كل يوم يستيقظ وقبل أن يبدأ نشاطه المعتاد، ينظر الشاب الأمريكي «جو ديمو» في المرآة، يتمعن في وجهه الذي لم يكن نفس الوجه الذي ولد وعاش به 3 عقود، ويتذكر ليلة 14 يوليو 2018 التي قلبت حياته رأسًا على عقب وجعلته فعليًا شخصًا مختلفًا تمامًا، يرى انعكاس ما يدور في خياله داخل المرآة: سيارته تتدحرج وتنفجر وهو داخلها، ومنها يخرج بوجه مشوه محروق بلا ملامح ولا أعضاء أو حواس، وبدون يدين، ثم يقول لنفسه: «الحياة يمكنها أن تسلب من الإنسان ما لا يتوقعه أبدًا، حتى لو كان وجهه المخلوق به، لكن لا يمكنها سرقة الأمل منه» ويبدأ يومه الجديد.

أول إنسان في العالم يخضع لعملية زراعة وجه

«جو ديمو» هو أول إنسان في العالم يخضع لعملية زراعة وجه وذراعين، اسم الجراحة وتوصيفها وحده كفيل بإرعاب أي إنسان، بحسب ما يحكي الشاب الأمريكي لـ«الوطن»، لكن قراره باللجوء لها كان حتميًا، أجراها بعد سنتين قضاهما بلا وجه وذراعين، وخضع خلالهما لـ20 جراحة ترميمية لم تعد له ولو جزء من نفسه التي تحطمت داخل السيارة، لكن الآن، وبعد 4 سنوات، صار إنسانًا جديدًا كليًا، ظاهريًا وجوهريًا.

حياة جو الخاصة

الآن، «جو» متزوج من امرأة تحبه كثيرًا، ويملك شركة خاصة لتجارة الملابس، لكنه لم يصل إلى هذه الحياة بسهولة، بل بجهد مضني. التعامل مع الألم بعد الجراحة كان صعبًا حقًا، إذ يقول: «كنت أشعر كأن قطط تنهش يدي على مدار الساعة، يحاول الأطباء والممرضات دائمًا مساعدتي في ذلك، لكنهم لم يتمكنوا أبدًا من تخليصي منه تمامًا حتى الآن، ما زلت أعاني ألمًا، لكنني أتعايش معه بالتدليك وحمامات الثلج، لأنه عندما تكون في حمام الثلج، كل ما تفكر فيه هو البرد وليس الألم».

لم يعاني الشاب مضاعفات خطيرة بعد الجراحة، لكن أصعب الأشياء التي يواجهها هي جلسات علاج اليد والتعامل مع آلام الأعصاب والاضطرار إلى ممارسة الرياضة في نفس الوقت، كل هذا لا يزال «جو» يمارسه باستمرار ليزيد من نجاح الجراحة غير العادية التي خضع لها رغم أنه يصفها بأنها «صراع كبير» بالنسبة له.

شكل الحياة بعد الجراحة مختلف تمامًا بالنسبة لـ«جو»، استغنى عن الأشياء العادية التي يحبها مثل الخروج للتنزه أو عمله في السيارات، ورغم التغير الكبير في شكله لا يزال يستمتع دائمًا في المرات القليلة التي يخرج فيها من منزله، يحدق الناس فيه بشكل كبير لكن بغض النظر عن السبب يقول لنفسه دائما «لا تدع ذلك يزعجك ويفسد وقتك الممتع».

أكثر ما يهتم به «جو ديمو» في الوقت الحالي هو تمارينه الرياضية، ليس لديه نشاط يومي ثابت يقوم به باستثناء تمارين «الكارديو» على الدراجة الرياضية، أحيانا يستيقظ مفعم بالحيوية، وأحيانا أخرى شاعرا بألم في يديه، عندها يدلكها لمدة ساعتين ونصف حتى يشعر بتحسن، وكلا الحالتين يتبعهما بتحضير طعامه بنفسه، فهو يحب الطهي كثيرا، على حد قوله، ويتابع عمل شركته الصغيرة من المنزل بمساعدة زوجته.

في مثل حالة «جو ديمو» سهل جدا للقلق والاكتئاب أن يسلكا طريقا سهلا للقلب، لكنه يصف نفسه بأنه صار أكثر صبرًا وتفهمًا لمواقف الناس ولم يشعر بذلك أبدا بل يشعر أنه رجل سعيد، وأهم درس تعلمه من التجربة القاسية هو «البقاء في مسارك الخاص والعمل على نفسك، لأنه في نهاية اليوم لدى الناس حياتهم الخاصة ليعيشوها ولا يمكنهم مساعدتك طوال الوقت، لذا عليك أن تفعل ذلك بنفسك أو تتعلم كيف تعيش بدونهم».

مقالات مشابهة

  • عاجل - اكتشف ذاتك في "كارير ويك": رحلة اليوم الأول نحو المستقبل تحت شعار "كن كما تريد، لا كما يريدون"
  • هي الروح.. فلسطينيون: مصر دائما الراية الرئيسية والسند لنا
  • كأس العالم للأندية بشكله الجديد يخطف الأنظار في رحلة عالمية .. فيديو
  • كاميرون دياز: سنوات الابتعاد عن السينما كانت "الأجمل في حياتي"
  • كبارة: للإسراع في تأليف حكومة من وجوه جديدة توحي بالثقة
  • «ديمو» صاحب أول زراعة وجه في العالم يروي لـ«الوطن» كواليس العملية: «غيرت حياتي»
  • بايدن: وقف إطلاق النار في غزة سيستمر إلى ما بعد الأسابيع الستة.. وهذه المفاوضات الأصعب في حياتي
  • على 3 أجزاء.. مسار إجباري يعلن ألبومه الجديد
  • وجهة مراكش تبث الروح في مطار لاروشيل الفرنسي
  • 3 مسلسلات تدعم المرأة والتحديات التي تواجهها في حياتها خلال دراما رمضان