سيرة طيبة محفوفة بحُسن الختام.. "الحاجة نوال العوضي" دعت بالموت على عرفات فاستجاب الله لها في الحال
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مشهد يخالف التوقعات ولا نراه كثيرًا، فقد كانت حفلة توديع مملوءة بالابتسامات الراضية والصابرة ومواقف من السيرة الطيبة، لم يكن تجمعًا للبكاء والنواح وعبرات الوداع وعبارات الفقدان، بل كان مجلسًا عطرًا يحكي قصة حياة سيدة عاشت صابرة مؤمنة مكافحة راضية وحياتها مملوءة بالنجاحات الشخصية والمهنية وتركت أبناءًا ورثوا منها الإرادة والقوة والنجاح ونالوا حب واحترام الجميع.
ففي أحداث تجسد روح الإيمان والتفاني وختام الرحلة العطرة، تركت الحاجة "نوال عبد الشافي العوضي" 84 عامًا، بصمة لا تُنسى في موسم الحج هذا العام، حيث دٌفنت بأرض الحجاز بحسب وصيتها بعدما صعدت الروح المؤمنة لبارئها على جبل عرفات وهي تتلو آخر دعائها وتستودع نفسها إلى الله وتناجيه أن يقبض روحها على هذه البقعة الطاهرة، فبعدما أرسلت الدعوات للجميع من رحاب مكة المكرمة إلى موطنها الأصلي بقرية طحانوب بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، بدأت بمناجاة الله لنفسها أن يقبض روحها هناك، وكان بجابنها نجلها الدكتور "أحمد العوضي"، فخاطبها لماذا لا نعود سويًا فلا تطيب الحياة إلا معك وبك، فأجابته قد أنهيت رحلتي في الحياة بفضل من الله على أكمل وجه وطلبت تلك الخاتمة من الله كثيرًا ولعله يستجيب، فاستجاب الله لها في الحال.
تقول ابنتها السيدة "ايناس مصطفى" أن حياة والدتها لم تكن خالية من التحديات، فقد فقدت زوجها مبكرًا وترك لها أربعة من الأبناء كانت لهم الأب والأم معًا، ولكنها كانت دائمة السعي والاجتهاد والعطاء، فقد استطاعت أن توازن بين عملها وتدرجها الوظيفى حتى أصبحت ناظرة المدرسة في عمر لا يتعدى الـ 35 عامًا، وبين رعايتها لأبنائها وأحفادها الذين تدرجوا في الوظائف المرموقة المصحوبة باليد النظيفة وحُسن السلوك والمعاملة الطيبة والتواضع بين الجميع، وكانت تحافظ على الصلاة في المسجد والمداومة على أذكار الصباح والمساء ولها ورد يومي لا ينقطع بعد صلاة الفجر، وكان البر الذي لا يفنى لديها هو "إصلاح ذات البين" فكانت تسعى دائما لتقارب المسافات وبقاء الود وتصفية كل الخلافات بين المتنازعين.
وأوضحت زوجة نجلها الدكتور "أمجد"، أن الحاجة نوال كانت أمًا للجميع ولم تفرق في المعاملة يومًا ما، وقد ختمت القرآن الكريم ثلاثة مرات في فترة موسم الحج، وكانت تدون ذلك في ورقة ما زالت موضوعة داخل مصحفها وقد توقفت في الختمة الرابعة عند سورة التوبة، مما يدل على أن تلك الروح طيبة ومقبولة عند الله، وأشارت نجلتها الكبرى السيدة "أمل مصطفى" أن والدتها قد تمنت كثيرًا منذ عشرات السنوات أن تقبض روحها وتُدفن في أطهر بقاع الأرض، وكانت تسعى لسنوات في حج القرعة حتى كتبها الله أخيرًا، وعن اللحظات الأخيرة في حياتها فقد طلبت من نجلها أن يستريح قليلًا إشفاقًا عليه، لأنها كانت تؤدئ مناسك الحج على كرسي متحرك أغلب الوقت فيما تتحامل على نفسها بصعوبة وتحاول جاهدة السعي والشعور الحقيقي بمشقة الرحلة التي تمنتها طيلة حياتها، وجلست بين أيادي الله تدعو للجميع بأطيب الدعوات وجعلت نفسها للختام فقالت "اللهم ببركة نبيك المصطفى أن تجعل آخر أيامي في جبل عرفات".
وأضافت زوجة نجلها المهندس "أحمد"، أنها قد حُرمت من والدتها في سن صغيرة، وشاءت الأقدار أن يعاني نجلها أحمد من اليُتم في سن العاشرة، وقد جمع القدر بعد فترة بينها وبين المهندس "أحمد" نجل الحاجة نوال التي رحبت بها ضمن عائلتها الكريمة هي ونجلها أحمد الذى نشأ داخل جدران هذا المنزل ذو "الريح الخفيف" والسيرة الحسنة، قائلة "ده طفل يتيم ولازم يعيش مع والدته واحنا منسيبش اليتيم"، وأنها طلبت من زوجة نجلها أن تناديها بأمي قائلة " أنا عارفة اليُتم وأم لكل اللي ملوش أم"، وأشارت إلى أن نجلها قد دخل هذا المنزل في عمر العاشرة حتى تخرج حاليًا من كلية الجامعة وسط عائلة تضفي حبًا وعطاءًا على الجميع، موضحة أنها بعد وفاة ماما نوال فقد شعرت بالُيتم الحقيقي وسط حزن وألم لا يمكن وصفه بآلاف الحكايات والكلمات.
وعن علاقة "الحاجة نوال" بأحفادها، فقالت "ملك العوضي"، أن جدتها كانت أمًا حنونًا تسمع الجميع وتعطى الآراء المتزنة المحفوفة بالدعوات الصادقة، وتسعى دائمًا للم الشمل بين أطراف العائلة ومقابلتهم بالترحاب، وتتحامل على نفسها وتصنع لهم ما تشتهيه نفوسهم، مؤكدة أنها في أواخر أيامها كانت تحكي الكثير من الحكايات عن زوجها الراحل ومواقف من سيرته الطيبة وتتمنى أن تلحق به في جوار الصالحين بعدما أدت رسالتها في الحياة بالشكل الذي ارتضاه أبنائها ومحبيها، ودلل الله على رضاه به بعدما أكرمها بحُسن الخاتمة.
وختامًا، تظل قصة الحاجة نوال عبد الشافي العوضي مصدر إلهام للكثيرين، فهي لم تكن مجرد سيدة عادية، بل كانت قدوة في الإيمان والتفاني، وقد عاشت حياتها ودُفنت بنفس القوة والأمل وحب الخير، وتركت خلفها ذكرى تعيش أكثر من العمر ومثالاً يُحتذى به في السعي الدائم بخطوات ثابتة نحو الخير والنجاح في الدنيا والآخرة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: موسم الحج 2024 فريضة الحج الحجاز جبل عرفات صلاة الفجر مكة المكرمة
إقرأ أيضاً:
طارق الطاهر: نحيي سيرة محفوظ بعقد الندوات وإقامة المعارض بمتحفه
قال الكاتب الصحفي طارق الطاهر مسؤول متحف نجيب محفوظ إن من ضمن خطط متحف نجيب محفوظ، أن يحتفى بالتواريخ الأساسية فى حياة هذا المبدع المتفرد، لاسيما المتعلقة بميلاده أو رحيله أو الفوز بجائزة نوبل فى أكتوبر.
وفي تصريح للوفد أضاف الطاهر: وفيما يتعلق بالاحتفال هذا العام بالذكرى ال١١٣، لميلاده، رأينا العودة إلى سيرته من خلال عقد ندوتين بعنوان سيرة نجيب محفوظ فى مراة المؤلفين، الاولى فى مقر المتحف وتحدث فيها أربعة ممن أبدعوا فى الكتابة عنه، سواء من خلال الالتقاء المباشر به، وهم الكتاب ابراهيم عبد العزيز، د.محمود الشنوانى، محمد الشاذلى، أو تحليل حواراته مثلما فعل د. تامر فايز، وفى الإسكندرية تتواصل ذات الفكرة، إذ يتحدث ثلاثة عن كتبهم التى تناولت نجيب محفوظ، وهم شوقى بدر يوسف، احمد فضل شبلول، محمد عطية ابراهيم.
وتابع طارق: يواكب ذلك الاحتفال بمرور نصف قرن على صدور رواية الكرنك، من خلال محاضرة للناقد والكاتب ايهاب الملاح، ونختتم الشهر بعقد مائدة مستديرة عن العدد الاخير من دورية نجيب محفوظ التى يرأس تحريرها الناقد الكبير د. حسين حمودة، وخصصت عن المرأة فى ابداعات نجيب محفوظ.
واختتم مسئول متحف نجيب محفوظ: واكب ذلك معرض عالمى بالتعاون بين وزارة الثقافة والسفارة الهندية بالقاهرة، ومن خلاله اطلعنا على رؤية فنانين عالميين للعوالم الابداعية لمحفوظ وتاغور، الذى يجمعهما - من بين ما يجمعهم - الفوز بجائزة نوبل فى الاداب.
جاء ذلك على هامش احتفال متحف نجيب محفوظ بالذكرى ال١١٣ لميلاد أديب نوبل.