المشروع 2025.. خطة ترامب لحكم أميركا مجددا
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
واشنطن– مع ارتفاع حظوظ عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عقب المناظرة الرئاسية الأولى التي جمعته فجر الجمعة الماضي مع الرئيس جو بايدن، تزداد أهمية الوقوف عند استعدادات ترامب والمعسكر الجمهوري للعودة للحكم.
ودفع أداء الرئيس بايدن "الكارثي" خلال المناظرة، الكثير من المعلقين للاهتمام بما يثار من وجود مخطط للحكم حدده الرئيس السابق بالتنسيق مع كبار الجمهوريين والشخصيات والمنظمات المحافظة، لإعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية، بما يخدم أهدافهم.
ويطلق على المخطط اسم "مشروع 2025″؛ وهو عبارة عن مجموعة من مقترحات الانتقال السياسي في حالة فوز ترامب، بما يعيد تشكيل الحكومة الفدرالية بشكل أكثر فعالية لتنفيذ أجندة يراها بعض المعلقين "متطرفة". وتتضمن الوثيقة عرضا تفصيليا لكيفية تغيير وإعادة تشكيل كل وزارة خلال فترة حكم ترامب الثانية.
وجاء في مقدمة الخطة، والتي اطلعت عليها الجزيرة نت، أنه "لا يكفي أن يفوز المحافظون في الانتخابات، إذا أردنا إنقاذ البلاد من قبضة اليسار الراديكالي، فنحن بحاجة إلى أجندة حاكمة وأشخاص مناسبين في مكانهم، وعلى استعداد لتنفيذ هذه الأجندة في اليوم الأول من الإدارة المحافظة القادمة. هذا هو هدف مشروع الانتقال الرئاسي لعام 2025".
وجاء مشروع 2025 في مجلد من 920 صفحة، وهو من بنات أفكار مؤسسة "هيريتيج"، وهي مؤسسة فكرية محافظة عمرها 50 عاما، وتوصف بأنها من بين "المنظمات اليمينية" الأكثر نفوذا في واشنطن وبقية الولايات المتحدة.
ومنذ تأسيسها عام 1973، استخدمت مؤسسة هيريتيج مواردها ونفوذها لدفع أجندتها المحافظة في كل جانب من جوانب الحياة الأميركية، وعلى رأسها الدعوة المعارضة للإجهاض، وسياسات المناخ، والدعوة المناهضة للمثليين، والدعوات لتضخيم الميزانية العسكرية ودور واشنطن العسكري حول العالم.
وتقول المجموعة إن فصول خطة "مشروع 2025" ودليل الـ180 يوما كتبها "أكثر من 400 باحث وخبير سياسي من جميع أطياف الحركة المحافظة من كل أرجاء الولايات المتحدة". ويشمل ذلك مسؤولين سابقين في إدارة ترامب وشخصيات يمينية بارزة، مثل القائم بأعمال وزير الدفاع السابق كريستوفر ميلر، ونائب وزير الأمن الداخلي السابق كين كوتشينيلي، وبيتر نافارو، كبير المستشارين التجاريين السابق لترامب.
وبرزت مؤسسة "هيريتيج" بشدة خلال فترة رئاسة رونالد ريغان، الذي اعتمدت سياساته على الدراسة السياسية للمؤسسة بعنوان "انتداب القيادة". ومنذ ذلك الحين، أصبح للمؤسسة تأثير بارز في صنع السياسة العامة الأميركية، واعتُبرت واحدة من مراكز البحث المحافظة الأكثر تأثيراً في الولايات المتحدة.
ما هو بالضبط مشروع 2025؟
جاء في مقدمة الخطة "يعلمنا التاريخ أن سلطة الرئيس في تنفيذ جدول الأعمال تكون في ذروتها خلال الأيام الأولى للإدارة. يتطلب التنفيذ خطة مدروسة جيدا ومنسقة وموحدة وكادرا مدربا وملتزما من الموظفين لتنفيذها".
ويتهم المشروع الدولة الأميركية بأنها تعكس مسيرة يسارية طويلة سيطرت على الحكومة الفيدرالية، وتعادي المواطنين الأميركيين، ووضعت حرياتهم تحت الحصار، وفرضت عليهم القيم الليبرالية الغريبة.
وتحدد الخطة بالضبط كيف ستبدو رئاسة ترامب القادمة. وهذا لا يشمل فقط مقترحات القضايا السياسية المختلفة، مثل إجراءات الهجرة والسياسات التعليمية والخطط الاقتصادية، بل هي صورة أكثر تعقيدا لأميركا المحافظة كما يأمل المحافظون في تنفيذها في الإدارة الجمهورية المقبلة.
وتتضمن الوثيقة مخططا شاملا لكيفية تنفيذ مثل هذه الرؤية من خلال توصيات لموظفي البيت الأبيض الرئيسيين، وأصحاب المناصب الوزارية، والكونغرس، والوكالات الفدرالية، واللجان، والمجالس. وتذهب الخطة إلى حد تحديد عملية تدقيق لتعيين وتوظيف الأشخاص المناسبين في كل مستوى من مستويات الحكومة لتنفيذ هذه الرؤية.
ويلخص الجزء الافتتاحي بالخطة، والذي كتبه كيفين دي روبرتس، رئيس مؤسسة "هيريتيج"، بإيجاز هدف مشروع 2025، وهو "وعد بجعل أميركا أمة محافظة. وللقيام بذلك، يتعين على الإدارة الرئاسية المقبلة أن تركز على أربع جبهات واسعة ستقرر مستقبل أميركا".
وبحسب روبرتس، تشمل هذه الجبهات الأربع ما يلي:
استعادة الأسرة باعتبارها محور الحياة الأميركية وحماية أطفالنا. تفكيك الدولة الإدارية وإعادة الحكم الذاتي إلى الشعب الأميركي. الدفاع عن سيادة أمتنا وحدودها وخيراتها ضد التهديدات العالمية. تأمين حقوقنا الفردية التي منحها الله وضمنها الدستور للعيش بحرية.وترسم بقية الخطة بالتفصيل، كيف يمكن للإدارة الجمهورية القادمة تنفيذ أهدافها على هذه الجبهات الأربع. يتضمن ذلك الخطوط العريضة الشاملة لما يجب على البيت الأبيض وكل وكالة فيدرالية القيام به لإصلاح أهدافها وعملياتها اليومية، من وزارة الزراعة إلى وزارة الدفاع، إلى إدارة هيئة التنمية الدولية، ووكالات التنظيم المالي.
ولكل قطاع من قطاعات السلطة التنفيذية خطة مفصلة في مشروع 2025 تشرح كيف يمكنه تنفيذ أجندة محافظة للغاية.
انتقادات للمشروع
ترى مجلة "نيو ريبابليك" أن "مشروع 2025" هو "دليل مفصل بشكل ملحوظ لتحويل الولايات المتحدة إلى جنة فاشية". وتوضح المجلة أن الوثيقة الأساسية للمشروع تحدد ما هو في الأساس "رؤية قومية مسيحية للولايات المتحدة".
وتعكس خطة الحكم، بحسب المجلة، رؤية مرعبة لما يمكن أن تبدو عليه الحياة الأميركية، ولكن الأمر الأكثر إثارة للقلق بشأن "مشروع 2025" هو دليل الـ 180 يوما الأولى من ولاية ترامب الثانية.
وتشير الخطة إلى أول 6 أشهر بالقول "الوقت قصير، والمحافظون بحاجة إلى خطة سريعة. سيخلق دليل الـ 180 يوما دليلا للإجراءات التي يتعين اتخاذها في هذه الفترة من الإدارة الجديدة لتقديم الإغاثة السريعة للأميركيين الذين يعانون من سياسات اليسار المدمرة".
من بين الاقتراحات العديدة المثيرة للقلق المنصوص عليها في الدليل، بحسب مراقبين، خطة مفصلة لتطهير جهاز الدولة الأميركية الإداري من عشرات الآلاف من الموظفين لصالح توظيف أولئك الذين سيلتزمون بالمبادئ المحافِظة لمشروع 2025.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة مشروع 2025
إقرأ أيضاً:
خطة روبيو لإعادة هيكلة الخارجية الأمريكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في خطوة تعكس تحوّلاً جذرياً في فلسفة السياسة الخارجية الأمريكية، أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو عن خطة شاملة لإعادة هيكلة وزارة الخارجية، وُصفت بأنها الأكثر طموحاً منذ عقود.
هذه المبادرة تأتي في سياق جهود إدارة ترامب الثانية لإعادة رسم معالم المؤسسات الفيدرالية، متسلحة بشعار "أمريكا أولاً"، وبتوجه نحو تقليص النفقات، وخفض التوظيف، ومواجهة ما تعتبره النخبة الجمهورية "أيديولوجيات متطرفة" داخل مؤسسات الحكم.
الخطة، التي كشفت تفاصيلها صحيفة واشنطن بوست استناداً إلى وثائق داخلية، لا تكتفي بإصلاحات إدارية بل تمس جوهر دور الولايات المتحدة في العالم. فهي تطال برامج حساسة مثل حقوق الإنسان، والتحقيق في جرائم الحرب، وتعزيز الديمقراطية، وكلها ركائز طالما مثّلت وجه أميركا الأخلاقي والقيَمي في الساحة الدولية.
ورغم أن الخطة لا تنص صراحة على عمليات تسريح جماعي، إلا أنها تدعو إلى خفض عدد العاملين داخل الولايات المتحدة بنسبة 15%، في خطوة قد تعني عملياً فقدان مئات الوظائف، وربما آلاف أخرى لاحقاً، خصوصاً في ظل حديث بعض المسؤولين عن "تقليص أوسع نطاقاً" قد يطال ما يصل إلى عشرات الآلاف من موظفي الوزارة حول العالم.
تأتي هذه التغييرات في لحظة مفصلية من عمر الدولة العميقة في واشنطن، حيث تُحاول إدارة ترامب – مدعومة بشخصيات مثل روبيو – تفكيك ما تعتبره شبكة من البيروقراطية غير الخاضعة للمساءلة، والتي كثيراً ما تصادمت مع أجندة الرئيس الجمهوري خلال ولايته الأولى.
وقد لعبت الخارجية دوراً محورياً في ملفات شائكة، بينها التحقيقات في عزل ترامب، مما عزز لدى البيت الأبيض قناعة بضرورة "تطهير" الوزارة.
لكن ما يُثير القلق لدى العديد من المراقبين هو أن الخطة لا تأتي بناءً على مشاورات موسعة مع الكونغرس، بل تُطرح كأمر واقع، ما دفع بشخصيات ديمقراطية بارزة إلى إطلاق تحذيرات من "تآكل الدبلوماسية الأميركية"، وتراجع قدرة واشنطن على قيادة العالم أو حتى الحفاظ على مصالحها الحيوية.
الديمقراطيون، من أمثال جريجوري ميكس وبراين شاتز، يرون في هذه الخطوة محاولة لإضعاف دور الخارجية التاريخي، بل ومخاطرة بتفكيك أدوات التأثير الأمريكي في العالم.
أما الجمهوريون، وعلى رأسهم براين ماست، فيرون في الخطوة ضرورة حتمية لتحديث مؤسسة ظلت لعقود أسيرة البيروقراطية والتضخم الهيكلي.
ورغم محاولات روبيو طمأنة الداخل الأمريكي بأن الخطة مدروسة، فإن الوثائق المسرّبة – ومنها تقارير عن إلغاء محتمل لمكاتب مهمة مثل مكتب الشؤون الإفريقية – أشعلت مخاوف عميقة بين الدبلوماسيين الحاليين والسابقين، لا سيما في ظل ما يعتبره البعض نهجاً غير شفاف في التخطيط والتنفيذ.