احتفلت الكنيسة الأرثوذكسية، بذكرى رحيل أليشع تلميذ إيليا النبي، يوم 20 بوؤنه حسب التقويم القبطي، التي تحمل سيرته الكثير من العِبر والقصص المؤثرة وتُعيد إلى الأذهان محطات خالدة عاشها التراث المسيحي.

القديس بشاي أنوب.. سيرة أسهمت في ثراء التراث المسيحي القديس مارمرقس مؤسس الكنيسة المصرية وصاحب الأثر الباقي في حياة الاقباط

يروي كتاب حفظ التراث المسيحي أن ذكرى هذا اليوم يرجع إلى  عام 7 قبل الميلاد، وهو التاريخ الذي شهد إسدال الستار على قصة هذا النبي الراحل، بن شافاط، الذي ولد في مدينة آبل بفلسطين ويشتهر بأنه تلميذ إيليا النبي لأنه مسحه، وبحسب التاريخ المسيحي فحين صعد إيليا إلى السماء في مركبة نارية طلب منه أليشع ورد ذكره في سطور   (2مل 2: 9) " ليكن نصيب اثنين من روحك علىَّ " وفعلاً تضاعف روح إيليا على أليشع، حينما سقط رداء المعلم عليه فأخذه وضرب به نهر الأردن.

انفلق وعبر أليشع على اليابسة حسب ما جاء في (2مل 2: 14)، ثم ذهب إلى أريحا وحدث هناك أن بعضاً من سكانها أخبروه بأن موقع المدينة حسن ولكن الماء فيها رديء والأرض مجدبة، طلب صحناً جديداً ووضع فيه ملحاً وطرحه في النبع فصار الماء حلواً وهو ما ورد في الكتاب المقدس بـ(2مل 2: 20 – 22). 

يتحدث التاريخ المسيحي عن قصة هذا النبي أن جموع الناس قد شاهدوا المعجزات على يديه عندما شكت له إحدى نساء بنى الأنبياء، أن الدائن يريد أخذ ولديها نظير الدين وليس لها ما توفى به، ولا تمك من العام إلا قليل من الزيت، قال لها: " اذهبي استعيري أوعية من عند جميع جيرانك لا تقللي، ثم ادخلي وأغلقي الباب على نفسك وعلى بنيك ثم صبي الزيت في جميع هذه الأوعية وما امتلأ انقليه، فذهبت وفعلت كما أمرها وملأت جميع الأوعية، وعندما قالت لابنها قدم لي أيضاً وعاءً قال لا يوجد أيضاً وعاء، فوقف الزيت. ولما أخبرت رجل الله قال لها: اذهبي بيعي الزيت وأوفى دينك وعيشي أنت وبنوك بما بقى " (2مل 4: 3 – 7).

أليشع تلميذ إيليا النبي

ويذكر السنكسار أيضًا في قصته أن أليشع النبي أقام ابن المرأة الشونمية، التي كان ينزل عندها، من الموت (2مل 4: 32 – 35)، كما أنقذ بنى الأنبياء من موت محقق، لأنهم طبخوا قثاءً برياً ساماً، وذلك بأنه أخذ دقيقاً وألقاه في قدر الطعام وطلب أن يقدموا الطعام للقوم فيأكلوا، ثم وجدوا كأن لم يكن شيئاً رديئاً في القِدر (2مل 4: 41).

وهناك مجزة أخرى يتناولها تاريخ الأقباط في سيرة هذا القديس حين صنع معجزة شبيهة بمعجزة إشباع الجموع من الخمس خبزات والسمكتين، حيث أنه أشبع من عشرين رغيفاً جموعاً كثيرة وفضل عنهم (2مل 4: 42 – 44). وأيضاً شفى نعمان السرياني من برصه، حينما قال له اذهب واغتسل سبع مرات في نهر الأردن فيرجع إليك لحمك وتطهر (2مل 5: 10).

يعد هذا القديس مؤسس مدارس بنى الأنبياءوظلت تتوالى معجزات هذا النبي فعندما قالوا له الموضع الذي نحن مقيمون فيه ضيق علينا، فلنذهب إلى الأردن ونأخذ من هناك خشباً ونعمل لأنفسنا موضعاً، فقال: اذهبوا وذهب معهم وبينما كان أحدهم يقطع الخشب، سقطت الفأس في الماء، فأخذ رجل الله أليشع عوداً وألقاه في الموضع فطفا الفأس الحديد فقال ارفعه فمد يدهوأخذه حسب ماجاء في نص الكتاب المقدس (2مل 6: 6).

 كما تنبأ بجوع سيحل على الأرض لمدة سبع سنين وقد تمت نبوته  (2مل 8: 1) واستمرت المعجزات ومنها معجزة جسده بعد نياحته، فبعدما أكمل سعيه ورحل بسلام ودُفن في السامرة، وكان غزاة موآب يدخلون أرض فلسطين، وفيما كانوا يدفنون رجلاً، إذ بهم رأوا الغزاة فطرحوا الرجل في قبر أليشع، وحين نزل الرجل ومس عظام أليشع ماذكره كتاب التاريخ المسيحي عاش وقام على رجليه (2مل 13: 21). 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التقويم القبطي الأرثوذكسية الكنيسة الكنيسة الأرثوذكسية المسيحي التراث المسيحي

إقرأ أيضاً:

الأكراد بين فخ التاريخ وبؤس الجغرافيا

جغرافيا سياسية بائسة حولت الأكراد عبر التاريخ إلى أدوات بين القوى الإقليمية والدولية وكبش فداء في الوقت نفسه، وما شهده الأكراد في سوريا منذ عام 2011 آخر الشواهد التاريخية على بؤس الجغرافيا وخيانة التاريخ.

خلفيات تاريخية

بدأت المسألة الكردية منذ القرن السادس عشر نتيجة الصراع بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية في معركة جالديران عام 1514، كان من نتائجها الاتفاق على عدم إقامة كيان كردي مستقل، ثم الاتفاق عام 1555 على تقسيم منطقة كردستان بين الإمبراطوريتين.

استمر الوضع على ما هو عليه حتى مطلع القرن العشرين مع انهيار الإمبراطورية العثمانية، فاستغل الأكراد اتفاقية سايكس بيكو الموقعة عام 1916، الخاصة بتقسيم التركة العثمانية، للحصول على كيان مستقل.

نجح الأكراد في وضع قضيتهم على بساط المجتمع الدولي والحصول على دعم دولي عبرت عنه اتفاقية سيفر عام 1920 التي ألزمت الدولة العثمانية بالتخلي عن الأراضي التي يقطنها غير الناطقين بالتركية، وحل المشكلة الكردية على مراحل تنتهي بالاستقلال.

مع قلة الخيارات الكردية، تجد "الإدارة الذاتية الكردية" و"قوات سوريا الديمقراطية" أنفسهم بين أفخاخ التاريخ وبؤس الجغرافيا، لكن هذه المرة يبدو من الخطاب الكردي أن ثمة وعي بحقائق التاريخ وواقع الجغرافيا.لكن المعاهدة بقيت حبرا على ورق مع وصول مصطفى كمال أتاتورك إلى رئاسة تركيا وتأسيسه لما عرف بتركيا الحديثة ذات الحدود القومية الواضحة، وبسبب موقع تركيا الجيوسياسي، واستعاد الدولة لتواجدها، تغاضى المجتمع الدولي عن العهود التي منحها للأكراد.

تكرر الأمر نفسه في العراق، فقد استغلت لندن ظلمهم من أجل تحريضهم ضد الدولة العراقية مطلع عشرينيات القرن الماضي، لكن التحرك الكردي أخذ بعدا آخر في ستينيات القرن الماضي، فنظموا أول تمرد عسكري عام 1961 ضد حكومة بغداد بدعم من تركيا وإيران وإسرائيل بسبب عداوتهم لبغداد، لكن هذه الدول الثلاثة تخلت أخيرا عن الأكراد وتركتهم لمصيرهم مع الدولة العراقية بعيد توقيع اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران عام 1975.

مع الغزو الأميركي للعراق عام 1991، بدأ ما يمكن تسميته الربيع الكردي، فقد حصلوا على دعم سياسي وعسكري أميركي مكنهم من إقامة حكما ذاتيا (إقليم كردستان العراق).

في عام 2017، وبسبب الخلاف مع بغداد على عوائد النفط، نظم إقليم كردستان استفتاءً للانفصال، حصل على تأييد أكثر من 90 % من أصوات الأكراد، لكن خذلان الولايات المتحدة والمجتمع الدولي والقوى الإقليمية وتعنت بغداد، أحبط المشروع الانفصالي.

ظروف الحرب السورية

استغل الأكراد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم منذ عام 2012 لتشكيل قوة عسكرية سرعان ما حصلت على دعم عسكري أميركي مع نشوء "تنظيم الدولة" وتوسعه في سوريا.

نشأ لدى أكراد سوريا فورة قومية ناجمة عن قوة عسكرية ودعم من الولايات المتحدة، فوسعوا سيطرتهم في سوريا، ثم بدأوا بترتيب بيتهم السياسي على أمل استغلال اللحظة التاريخية التي تمنحهم إما حقوقا كاملة ضمن دولة سورية موحدة، أو كيانا ذاتيا على غرار إقليم كردستان العراق.

لكن الخذلان الإقليمي والدولي كان حاضرا دائما، وكان الأكراد عام ألفين وستة عشر على موعد مع بدء تركيا أولى عملياتها العسكرية في سوريا (درع الفرات)، ثم أعقبت عام 2018 بعملية عسكرية أخرى (غصن الزيتون) ثم بعملية ثالثة عام 2019 (نبع السلام)، لم تلق اعتراضا أميركيا.

أدت هذه العمليات العسكرية الثلاثة إلى قضم أراضي كانت تحت هيمنة "قوات سوريا الديمقراطية"، وجعلتهم بين فكي كماشة: قوات المعارضة السورية والجيش التركي في الشمال والشمال الغربي، وبين قوات النظام السوري في الشرق والجنوب الغربي.

واقع جديد

مع سقوط نظام الأسد وسيطرة المعارضة المسلحة على الحكم في سوريا، نشأ واقع جديد، ونشأت معه مقاربات إقليمية ودولية جديدة حيال سوريا، عنوانها الرئيس وحدة الأراضي السورية.

تغير أدركه الاكراد سريعا، فرفعوا علم سوريا على مقراتهم بدلا من علم الإدارة الذاتية، في إشارة إلى تأييد وحدة الأراضي السورية، لكن الأكراد الواعين أيضا للحظة التاريخية الفارقة ولقوتهم وتماسكهم في آن معا، أعلنوا أنهم لن يكونوا جزءا من مشروع الدولة الجديدة إلا بعد مفاوضات مع المعارضة على تفاصيل الدستور الجديد وتشكيل الإدارة الجديدة وضمان حقوق جميع المكونات السورية.

إذا كانت الحقوق الكردية قد تحولت خلال السنوات الماضية إلى مسألة وطنية يُجمع عليها كل السوريين، فإن عملية الوصول إلى هذه الأهداف قد تؤدي إلى تفجر الوضع: الأكراد يطالبون أولا بمفاوضات حول حقوقهم وطبيعة النظام السياسي المقبل، في حين تُولي فصائل المعارضة وتركيا الأولوية إلى ترتيب الأوضاع العسكرية والأمنية في ساحة سورية ليست مستقر ومُهددة.خطاب متناقض في الظاهر، في أحد وجوهه ليونة تعكس تراجع الوفرة القومية التي نشأت خلال السنوات الماضية في الوعي لصالح مشروع وطني جامع لكل السوريين، وفي وجهه الآخر تشدد يعكس وعي فائض بالقوة العسكرية.

وإذا كانت الحقوق الكردية قد تحولت خلال السنوات الماضية إلى مسألة وطنية يُجمع عليها كل السوريين، فإن عملية الوصول إلى هذه الأهداف قد تؤدي إلى تفجر الوضع: الأكراد يطالبون أولا بمفاوضات حول حقوقهم وطبيعة النظام السياسي المقبل، في حين تُولي فصائل المعارضة وتركيا الأولوية إلى ترتيب الأوضاع العسكرية والأمنية في ساحة سورية ليست مستقر ومُهددة.

هنا، يجد الأكراد أنفسهم في عنق الزجاجة، فلا واقع ميداني متناقض يمكن اللعب عليه الآن بعد سقوط النظام السوري وخروج روسيا وإيران من المعادلة، وتوجه أميركي جديد داعم لوحدة سوريا، ولا مرونة لدى حكام سوريا الجدد المدعومون من تركيا، العدو اللدود للإدارة الذاتية الكردية.

وليس معروفا حتى الآن في ظل تطورات الأوضاع في سوريا من جهة، والخذلان الأميركي للأكراد من جهة أخرى، ما إذا كانت المسألة ستحل بقوة السلاح أم بتنازل كردي عسكري.

ومع قلة الخيارات الكردية، تجد "الإدارة الذاتية الكردية" و"قوات سوريا الديمقراطية" أنفسهم بين أفخاخ التاريخ وبؤس الجغرافيا، لكن هذه المرة يبدو من الخطاب الكردي أن ثمة وعي بحقائق التاريخ وواقع الجغرافيا.

مقالات مشابهة

  • الكنيسة القبطية تحتفل بتذكار حبل القديسة حنة
  • وفد من رجال الدين المسيحي يهنئون وزير الأوقاف بأعمال التجديد بمسجد "السيدة حورية"
  • في ذكرى رحيـل الجـاوي .. حـديث الـقلب وكـلام العقل
  • بعد نفاد التذاكر.. موعد حفل ذكرى رحيل فريد الأطرش بالأوبرا
  • ذكرى رحيل الشيخ العناني: علامة فارقة في تاريخ الأزهر والشريعة الإسلامية
  • الأكراد بين فخ التاريخ وبؤس الجغرافيا
  • في ذكرى رحيل الشيخ علي محمود.. عبقري التلاوة وسيد الإنشاد ومكتشف الشيخ محمد رفعت
  • قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وما تحتويه بألمانيا
  • صحف عالمية: الاستيطان اليهودي يهدد الوجود المسيحي بالأراضي الفلسطينية
  • الترشيحات الرئاسية الى ارتفاع .. والعقبات الغطاء المسيحي والتعديل والنصاب