من العراق إلى غزة.. كيف يتعامل مسلمو بريطانيا مع الانتخابات؟
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
لندن– تواجه الأقلية المسلمة في بريطانيا تحديا صعبا في التعامل مع الانتخابات العامة المقررة في الرابع من يوليو/تموز المقبل، وذلك بعد أن وجدت نفسها أمام أحزاب سياسية تصم آذانها عن مطالبها؛ وفي القلب منها المناداة بمواقف قوية ضد الإبادة التي يتعرض لها سكان قطاع غزة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولا يختلف السياق الحالي الموسوم بالتوتر بين الأقلية المسلمة وبين الأحزاب البريطانية خصوصا حزبي العمال والمحافظين، بسبب الموقف من الحرب على غزة، عن سياق غزو العراق سنة 2003 الذي شاركت فيه بريطانيا، وخرجت حينها الأقلية المسلمة رفقة الرافضين للحرب في مظاهرات تاريخية للمطالبة بانسحاب بريطانيا من هذا الغزو بدون أن تجد أي صدى لاحتجاجاتها.
وخلفت حرب العراق إرثا من انعدام ثقة الجالية المسلمة في العملية الانتخابية، وفضّل جزء من هذه الأقلية الانسحاب ومقاطعة الانتخابات التي أعقبت غزو العراق، في المقابل قرر جزء آخر التصويت العقابي ضد حزب العمال الذي كان يقود الحكومة حينها. فهل يتكرر نفس السيناريو مع الانتخابات المقبلة التي تتزامن مع العدوان على غزة؟
وتظهر أرقام الانتخابات التي جرت سنة 2005 مباشرة بعد غزو العراق، كيف تراجع تصويت الجالية المسلمة لصالح حزب العمال بأكثر من 25%، وحينها كان الصوت المسلم قادرا على حسم 10 مقاعد فقط، أما حاليا فالصوت المسلم قادر على حسم أكثر من 42 مقعدا، ومن بينها مقعد مدينة بيرمنغهام التي تسكنها جالية مسلمة كبيرة، حيث تراجع التصويت للعمال بنسبة 21%، ومقعد "بيثنال غرين" الذي تراجع فيه التصويت للعمال بنسبة 16%.
ومن أوجه الشبه بين ما حدث في انتخابات 2005 وما يحدث حاليا، هو أن الجالية المسلمة كانت خلف صعود النائب البرلماني جورج غلاوي إلى البرلمان بسبب موقفه الرافض لغزو العراق، وكذلك فعلت الجالية المسلمة مع النائب نفسه خلال الانتخابات الجزئية بالبرلمان البريطاني مطلع مارس/آذار الماضي، بسبب موقفه الرافض للحرب على قطاع غزة.
وخلال تلك الانتخابات أظهرت دراسة لمركز "إيبسوس" للأبحاث أن 52% من الأقليات قالوا إنهم لم يصوتوا في الانتخابات لـ3 أسباب رئيسية، وهي:
عدم الاهتمام بالسياسة والنقاشات السياسية. وكذلك عدم الثقة في السياسيين. وأخيرا، الإحباط من أن التصويت لا يُحدث أي فرق في تحديد من يحكم البلاد.
موقف غير موحد
واعترف مسعود أحمد، الكاتب العام لمجلس مسلمي بريطانيا، الذي يعتبر أكبر مظلة للمؤسسات الإسلامية في البلاد، بصعوبة توحيد الموقف في صفوف الجالية المسلمة، لأن موقف المرشحين مما يجري في غزة غير موحد، "فقد نجد نوابا في العمال يناصرون فلسطين وكذلك قد نجد نوابا مسلمين فضلوا الصمت عما يقع في غزة".
وحسب اللقاءات والاستطلاعات التي قام بها المجلس، يقول مسعود أحمد للجزيرة نت: "تبين لنا أن هناك من سيواصل دعم الأحزاب التقليدية التي تحظى بدعم الجالية المسلمة كحزب العمال، وهناك آخرون سيبحثون عن بدائل للتعبير عن غضبهم وتحفظهم من الموقف الحزبي تجاه حرب غزة".
ولا يقوم المجلس بعملية الحشد أو الدعم لأي مرشح، وفق تأكيد أحمد، وهذا راجع لطبيعة المجلس الذي تنضوي تحته مئات المؤسسات الإسلامية "ولكن كل جهدنا ينصب على الدعوة للمشاركة في العملية الانتخابية وضرورة اتخاذ قرار واعٍ يخدم مصالحهم في مناطقهم ومصالح القضايا التي يدافعون عنها".
وتوقع الناشط السياسي البريطاني أن نسبة المشاركة في صفوف الجالية المسلمة "ستكون جيدة ولن نشهد انسحابا من العملية السياسية، لأن الناس لديها رغبة في تغيير المعادلة السياسية والاحتجاج على السياسات التي تراها مجحفة في حقها".
وأوضح أنه يجب عدم إغفال "شريحة مهمة يمكن أن تكون صامتة ولكن أيضا ذات وزن معتبر، وقد لا تذهب لصناديق الاقتراع لأنها ترى أن صوتها لن يسمع، وأن بنية النظام السياسي يصعب اختراقها أو تغيير موقفها من القضايا الأساسية".
مشاركة مكثفة
ويتفق رئيس مجلس أمناء مسجد "فينسبري بارك" في لندن محمد كزبر، مع مسعود أحمد في توقع مشاركة مكثفة للجالية المسلمة في الانتخابات المقبلة. ويؤكد أن هؤلاء "لن يكتفوا فقط بالذهاب للتصويت في يوم الاقتراع، ولكن من الواضح أنهم منخرطون بشكل فاعل في الحشد للمرشحين سواء المستقلين أو من حتى المنضوين تحت لواء الأحزاب ولكنهم داعمون للقضية الفلسطينية".
وكشف كزبر في حديث مع الجزيرة نت، عن وجود "عمل دؤوب من خلال المؤسسات الإسلامية لتأطير الناخبين وتوعيتهم أيضا بأهمية هذه الانتخابات في صناعة الفَرق، والتأكيد على أهمية الصوت المسلم ودعم القضايا التي تهمهم، وهذا يؤسس لمرحلة مهمة في تاريخ انخراط الجاليات المسلمة في الشأن السياسي البريطاني ككتلة انتخابية يجب أن تكون موحدة من أجل الضغط وفرض قضايا على أجندة السياسة البريطانية" كما قال.
ومن خلال العمل الذي قامت به الجالية المسلمة وانخراطها في النقاش السياسي منذ اندلاع الحرب على غزة، يقول كزبر إن الأحزاب بدأت تشعر بالضغط "ولاحظنا على الأقل تململا في موقفها الداعم لإسرائيل مع بداية الحرب، والذي بدأت تعدله مع إدراكها أنها قد تخسر أصوات خزانها الانتخابي التقليدي في مناطق يكون فيها الصوت العربي والمسلم حاسما في ترجيح كفة مرشح دون آخر، وهذا واضح مثلا في موقف حزب العمال".
وفي الوقت نفسه، يقول كزبر إن هناك أحزابا تعاملت بمبدئية مع القضية الفلسطينية كحزب "الخضر" الذي أيد حق الفلسطينيين في دولة مستقلة وندد بالحرب الإسرائيلية على أهالي قطاع غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجالیة المسلمة المسلمة فی حزب العمال
إقرأ أيضاً:
الانتخابات في مسارها.. لا رياح العقوبات تعرقلها ولا حسابات السياسة تؤجلها- عاجل
بغداد اليوم - بغداد
أكد المحلل السياسي نبيل العزاوي، اليوم الأحد (9 آذار 2025)، أن العقوبات الأمريكية المحتملة على العراق لن تؤثر على موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وأوضح العزاوي، في حديث لـ”بغداد اليوم”، أن "هناك إجماعا سياسيا وشعبيا على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري دون تأجيل"، مشيرا إلى أن "الحكومة، إلى جانب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، تدعم هذا التوجه".
وأضاف، أن "العقوبات الأمريكية، سواء فُرضت على العراق أو على شخصيات سياسية، لن تكون سببا مباشرا لتأجيل الانتخابات". لكنه لم يستبعد أن تحاول بعض الأطراف السياسية استغلال الموقف للضغط باتجاه التأجيل، خشية فقدان نفوذها بعد الانتخابات.
ويشهد العراق حراكا سياسيا مكثفا استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة، في ظل تحديات داخلية وخارجية.
وتأتي العقوبات الأمريكية المحتملة ضمن سياق التوترات بين بغداد وواشنطن التي فرضت سابقا إجراءات تقييدية على شخصيات ومؤسسات عراقية بسبب قضايا تتعلق بالفساد أو النفوذ الإقليمي.
ورغم هذه التحديات، فإن هناك توافقا سياسيا على ضرورة الالتزام بموعد الانتخابات، خاصة مع الدعم الحكومي والدولي لهذا المسار.
في المقابل، تبرز مخاوف من أن بعض القوى السياسية قد تسعى لاستغلال أي تصعيد خارجي كمبرر لتأجيل الانتخابات، حفاظا على نفوذها الحالي.