سودانايل:
2025-03-26@03:17:19 GMT

السودان والأسئلة المفتوحة

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

السودان والأسئلة المفتوحة
اختلاف السرديات بين الجيش و"الدعم السريع" واحتمالات إطالة أمد الحرب
يفرض حجم الضحايا المدنيين السودانيين نتيجة الحرب والمآسي الإنسانية المتداولة لهؤلاء الذين يحاولون الفرار عبر الصحارى، أسئلة مفتوحة في شأن المخارج الممكنة لوقف هذا النزف الإنساني، والخسائر المفصلية لدولة السودان على المستوى الإستراتيجي.



في هذه الحرب، ونتيجة ما تفرضه من فوضى، تكون القوات المسلحة السودانية عنوان الدولة على اعتبار أنها المؤسسة الوحيدة التي تجعل السودان موجوداً راهناً، وما أعرفه أن هذا التقدير أجده متفق عليه على الصعد الرسمية سواء للدول أو المنظمات، ومن هذه الزوايا يحظى الجيش السوداني بقبول إقليمي ودولي وحاضنة شعبية سودانية واسعة تتطلع إلى قواتها المسلحة، وتأمل في أن تسهم في وقف نزف المآسي الإنسانية وليس في استمرارها، وأن تسعى إلى مواجهة التحديات الوجودية للدولة ذاتها لجهة الاستمرار أو الانهيار الكامل في حرب أهلية واسعة النطاق ومتعددة التجليات الثقافية والعرقية.

ومن هذا المنطلق نطرح عدداً من التساؤلات حول سرديات وأطروحات الجيش وقوات الدعم السريع في ما يتعلق بالصراع الراهن، وموقف الأطراف السياسية من السرديات في إطار التطلع لوقف الحرب.

سرديات الجيش

أول سرديات الجيش تتعلق بتصنيف حال الصراع بأنها "حماية للوطن والمواطن" بشكل عام من هجمات من يسمونهم بالإرهابيين القادمين من دول أخرى، وهو هدف لم يحققه الجيش بعد بغض النظر عن تصنيفه لأعدائه، إذ تتزايد المدن والمناطق التي تقع في أيدي "الدعم السريع"، ويتزايد حجم النازحين داخلياً وخارجياً من المدن التي كانت ملاذات آمنة لمئات آلاف البشر.

ومن الأطروحات أيضاً أن القدرات العسكرية للجيش متوافرة لتحقيق نصر يفني الطرف الآخر، إذ يعتمد الجيش في ذلك على تحركات قياداته، سواء تجاه إيران أو روسيا أو دول الساحل الأفريقي، لتقديم الدعم التسليحي ووقف المدد البشري وخصوصاً من غرب أفريقيا.

أما ثالث هذه الأطروحات فهو أن الانتهاكات التي اُرتكبت وجرائم الإبادة الجماعية واحتلال بيوت المواطنين من جانب قوات الدعم السريع هي جرائم لا يجوز معها بداية الدخول في عملية تفاوضية، إذ إن الثأر قائم ويُوظف في أمرين، التحريض على استمرار الحرب تلبية لواجب الثأر، وضمان التفاف الحاضنة الشعبية للجيش حوله في معركة من غير الواضح متى ستنتهي؟
قطاعات من النظام القديم

وفي ما يتعلق بالتحالفات والحواضن السياسية فإن لدى الجيش قطاعات من النظام القديم، رأس الرمح فيها الفصائل المسلحة لـ "الجبهة القومية الإسلامية"، وفصائل من حزب "المؤتمر الوطني" الذي كان حاكماً بكل تناقضاته وخلافاته وقطاعاته المنسحبة حالياً، فضلاً عن فصائل دارفور المسلحة التي تقوم إلى جانب أدوارها العسكرية بوظائف سياسية مرتبطة بإيجاد توازن مطلوب مع المحسوبين على فصائل الإسلام السياسي السوداني.

ويبدو لنا أن الإشكالات القائمة أمام الجيش حالياً، سواء حول أطروحاته أو تحالفاته، تتلخص في أمرين، مدى صدقية الطرح الثأري في تحقيق أغراضه، أي عودة الناس لديارهم بعد فناء، أو السيطرة على طموحات "الدعم السريع" السياسية، إذ إن الأداء العسكري الراهن على الأرض لم يعطنا أي مؤشرات واقعية في شأن القدرة على تأمين الناس، ناهيك عن العودة لمناطقهم ومنازلهم.

وفي سياق مواز يُطرح تساؤل في شأن مدى قدرة قادة الجيش على جلب الدعم التسليحي في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان من أطراف خارجية، وذلك لتلبية المطلب العسكري بمنع قوات الدعم السريع من الوصول إلى شرق السودان، والسيطرة على كامل النطاق المطري السوداني، وضمان نقطة إمداد لوجستية جديدة عبر إثيوبيا، وهي قبلة حياة مطلوبة وتوفر لـ "الدعم السريع" نقاطاً منوعة للدعم اللوجستي، ترفع عنه أي ضغوط وتدعم قدراته الشاملة في هذه المعارك.

حسابات التسليح

ولكن الحصول على الدعم التسليحي للجيش من أطراف خارجية لديه حسابات، ذلك أن تلبية الإيرانيين والروس مطالب الجيش التسلحية مرتبطة بتوازنات حرجة، إذ لا تريد إيران التوسع في دعم الجيش السوداني على نحو يؤثر في المعادلات القائمة حول الصراع في غزة، بما قد يوسع نطاق التفاعلات ليحولها إلى حرب إقليمية، فيما ينشغل الروس بحربهم في أوكرانيا وتوازناتها الأوروبية، وكذلك تلبية متطلباتها في النطاق الأفريقي عبر توسع محسوب بدقة، وحتى لا تتزايد الضغوط الغربية على روسيا.

أطروحات الدعم السريع

وفي المقابل فإن أطروحات الدعم السريع وسردياته وتوسعاته العسكرية تطرح أسئلة أيضاً تحدد مدى قدرته على تحقيق طموحات قادته وحواضنهم القبلية في حكم السودان، ذلك أن أطروحات الانحياز إلى أفكار مرتبطة بتحقيق التحول الديمقراطي في السودان ودولة المواطنة المتساوية، طبقاً لمفردات "مشروع السودان الجديد"، لا تملك أية صدقية حتى لدى الحواضن السياسية والاجتماعية لـ "الدعم السريع"، والتي لديها ميول عنصرية وثأرية أكثر مما لديها من مشروع سياسي محدد لديه آفاق للبناء والتنمية.

أما على الصعيد العسكري فإن قدرة "الدعم السريع" على أن تكون بديلاً عن الجيش على نحو مؤسسي يحافظ على وجود دولة السودان معدومة تقريباً، وذلك في ضوء تحديين، الأول وهو مدى قدرة المستوى القيادي للدعم السريع على السيطرة على كامل القوات عسكرياً، والثاني حجم الانتهاكات التي ارتكبتها هذه القوات طوال فترة الحرب، مما يجعلها تواجه رصيداً ثأرياً ضخماً على الصعيدين القبلي والاجتماعي في السودان، ويؤسس لعدم توافر حال القبول السياسي لـ "الدعم السريع" على المستويين الداخلي والخارجي.

وفي المحصلة يبدو لنا أن سرديات الطرفين المتصارعين لا تملك أدوات وصولها إلى واقع مغاير لما نعايشه حالياً من مآس إنسانية، وفي المقابل تبدو الأطراف المدنية من جميع الاتجاهات مدركة تماماً عدم صدقية أية سردية أو أطروحة لأي طرف، ولكنها أيضاً عاجزة تماماً عن امتلاك خريطة طريق تنهي الحرب بخطوة مبدئية وهي وقف إطلاق النار.

صراع دولي

وإذا كان المطروح حالياً هو التنسيق بين الأطراف السودانية المدنية بهدف الاتفاق على معادلة اليوم التالي للحرب، طبقاً لمجهودات القاهرة التي من المنتظر أن تعقد مؤتمر حولها خلال الأسبوع الأول من يوليو (تموز) المقبل، فإن محاولة التنسيق يختطفها أيضاً الاتحادان الأفريقي والأوروبي في كل من أديس أبابا وجنيف في أعقاب اجتماع القاهرة، فكما كانت مبادرات السلم في السودان محل جذب وصراع إقليمي، فإن التنسيق بين القوى المدنية السودانية نحو إنهاء الحرب يشكل محل صراع بين الأطراف الدولية، فالكل يود أن يكون حاضراً في المعادلة.

وفي خضم هذه الحال فإن المجتمع الدولي يتجه في تقديري إلى التفاعل مع الأزمة السودانية في إطار مجلس الأمن، وهو ما يفتح الباب أمام صدور قرارات تحت ولاية "البند السابع" من ميثاق الأمم المتحدة، والنتائج المتوقعة لهذه الخطوة، في تقديري، ليست إنهاء الصراع السوداني ولكن إدارة صراع ممتد لعقود ربما، على النحو الجاري في كل من مالي والصومال، وهو الأمر الذي تقاومه القاهرة حكومة ونخبة وربما شعباً، ولكنها تحتاج إلى دعم القطاع الأكبر من النخب السودانية، سواء في "تنسيقية تقدم" أو خارجها، ليختاروا طريقاً مغايراً إن امتلكوا إرادة، لتجنب مآلات "البند السابع" الذي لم نر منه خيراً في قارتنا، بل أسهم في دوام حال الأسئلة المفتوحة، إذ تنهار الدول ولا يجيب أحد عن سؤال "من الرابح في هذه الديلمة"؟

نقلا عن اندبندنت عربية  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

تعرف على خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارتها وسط السودان؟

 

منذ تحوله من الدفاع إلى الهجوم قبل 6 أشهر، استمر الجيش السوداني في تقدم ميداني على حساب قوات الدعم السريع واستعاد السيطرة على وسط البلاد وجنوبها الشرقي واقترب من تحرير الخرطوم.

ويتوقع مراقبون تركيز قيادة الدعم السريع على إقليمي دارفور وكردفان لضمان وجودها العسكري والسياسي في أي تسوية محتملة، واستمرار الدعم من قوى إقليمية وتجنب الانهيار.

ومنذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب، في منتصف أبريل/نيسان 2023، ظلت قوات الدعم السريع تسيطر على غالب ولاية الخرطوم، قبل أن تتمدد في 4 من ولايات دارفور الخمس، وولايتي الجزيرة وسنار ومواقع في ولاية النيل الأزرق وشمال ولاية النيل الأبيض.

هجوم شامل

وظل الجيش، نحو 17 شهرا، في حالة دفاع عن مواقعه العسكرية الرئيسية، وتدريب قوات جديدة واستنفار المتطوعين والحصول على أسلحة نوعية بعد تعزير علاقاته مع قوى إقليمية ودولية، مما مكنه من إعادة بناء قدراته العسكرية.

ومند 26 سبتمبر/أيلول الماضي، تحول الجيش من الدفاع إلى الهجوم الشامل، وأطلق عملية الجسور بعبوره جسور النيل الأبيض والفتيحاب والحلفاية التي تربط أم درمان مع الخرطوم والخرطوم بحري، واستعاد السيطرة على مواقع إستراتيجية في العاصمة.

 

وكانت معركة جبل موية في ولاية سنار، التي حولته قوات الدعم السريع إلى قاعدة لوجيستية، نقطة تحول للجيش وفتحت الباب أمام إعادة السيطرة على ولايتي الجزيرة وسنار، وأطراف ولاية النيل الأزرق، ثم شمال النيل الأبيض.

وفي ولاية الخرطوم خسرت الدعم السريع مصفاة الجيلي لتكرير النفط التي تحيط بها مقار عسكرية مهمة، وتبع ذلك تقهقرها من محليتي الخرطوم بحري وشرق النيل وغالب جسور العاصمة العشرة، وقبلها محلية أم درمان ومعظم محلية أم بدة.

ونقل الجيش عملياته مؤخرا من الشرق إلى غرب النيل ونزع قوات الدعم السريع من القصر الجمهوري ومجمع الوزارات والمؤسسات والمصارف، والسوق العربي أكبر أسواق العاصمة وأعرقها، ومنطقة الخرطوم المركزية بوسط العاصمة ومنطقة مقرن النيلين وجزيرة توتي.

وفي غرب وسط البلاد، استعاد الجيش السيطرة على مدينتي أم روابة والرهد بولاية شمال كردفان، وفك الحصار عن الأبيض حاضرة الولاية، ويزحف لتحرير شمالها الذي لا تزال تنتشر فيه قوات الدعم السريع.

خسائر فادحة

وبإقليم دارفور صمد الجيش، والقوات المشتركة للحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانبه، أمام أكثر من 180 هجوما لقوات الدعم السريع على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وكبدها خسائر فادحة في محور الصحراء ودمر قاعدة الزرق الإستراتيجية، وضيق الخناق على الإمداد العسكري الذي يعبر عبر الأراضي الليبية.

وكشفت مصادر عسكرية للجزيرة نت أن هذه القوات باتت على قناعة بأنها فقدت ولاية الخرطوم ولم يعد لديها ما تدافع عنه، لكنها تحاول تأخير سيطرة الجيش على ما تبقى من العاصمة لتقديرها أن القوات الكبيرة في وسط البلاد والخرطوم ستتفرغ للزحف غربا نحو إقليمي كردفان ودارفور لطردها من المواقع التي تنتشر فيها.

وقالت المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، إن قوات الدعم السريع كانت تخطط لإعلان الحكومة الموازية من داخل القصر الجمهوري، وبعث قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" أحد مستشاريه مع مجموعة أخرى لهذا الغرض وظل يحرض قواته على القتال عن القصر ومنطقة المقرن بغرب الخرطوم في خطابه الأخير قبل 5 أيام من خسارته القصر.

 

وحسب المصادر ذاتها، فإن قيادة الدعم السريع تسعى إلى الدفاع عن مناطق سيطرتها في ولايات دارفور من خارج الإقليم عبر تعزيز وجودها العسكري في ولايتي غرب كردفان وشمالها، وتفعيل تحالفها مع قائد الحركة الشعبية -شمال عبد العزيز الحلو في جنوب كردفان، والسعي لإحداث فرقعة إعلامية عبر هجمات انتحارية في شمال البلاد انطلاقا من شمال دارفور.

من جانبه، قال فولكر بيرتس، المبعوث الأممي السابق إلى السودان، إن النجاحات العسكرية الأخيرة التي حققها الجيش السوداني سوف "ترغم قوات الدعم السريع على الانسحاب إلى معقلها في إقليم دارفور غرب البلاد". وأوضح في تصريح لوكالة أسوشيتد برس "لقد حقق الجيش نصرا مهما وكبيرا في الخرطوم، عسكريا وسياسيا، وسيقوم قريبا بتطهير العاصمة والمناطق المحيطة بها من الدعم السريع".

ولكن التقدم لا يعني نهاية الحرب حيث تسيطر هذه القوات على أراض في منطقة دارفور الغربية وأماكن أخرى.

وأضاف بيرتس "ستقتصر قوات الدعم السريع إلى حد كبير على دارفور. سنعود إلى أوائل العقد الأول من القرن الـ21″، في إشارة إلى الصراع بين الجماعات المتمردة وحكومة الخرطوم، في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

كرّ وفرّ

بدوره، يرجح الباحث والخبير العسكري سالم عبد الله أن فقدان قوات الدعم السريع وسط السودان، سيدفعها إلى الاستماتة في الدفاع عن مواقعها في ولايات كردفان ودارفور لضمان بقائها في المشهد السياسي والعسكري، وخلق استقرار في مناطق سيطرتها لتشكيل حكومة موازية مع حلفائها الجدد يتيح لها تقديم نفسها في صورة جديدة بعد ما ارتكبته من انتهاكات في ولايات وسط البلاد.

ووفقا لحديث الخبير للجزيرة نت، فإن معلومات تفيد بأن هذه القوات "استقدمت خلال الأسابيع الماضية مقاتلين تابعين لها كانوا في اليمن وليبيا ومرتزقة جددا للزج بهم في الحرب للسيطرة على الفاشر".

وبرأيه، فإن الدعم السريع تسعى بهذه الخطوة إلى ضخ روح جديدة بعد تدمير قوتها الصلبة خلال معارك ولاية الخرطوم، وضمان استمرار الدعم العسكري الخارجي، وتجنيب قيادتها تحميلها مسؤولية أخطاء الفترة السابقة، و"دائما يدفع القادة ثمنا غاليا وربما يفقدون حياتهم في حال خسروا الحروب".

من جهته، يقول مسؤول في المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع للجزيرة نت إن "الحرب كر وفر، وإنهم خسروا معارك ولم يخسروا الحرب".

ويوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنهم لا يزالون يحتفظون بمكاسب عسكرية في وسط السودان وغربه وستكون هناك مفاجآت خلال الفترة المقبلة.

  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني: استعادة جميع مواقع الشرطة في بري من الدعم السريع
  • الدعم السريع: طيران الجيش السوداني ارتكب مجزرة بسوق (طرة) شمال دارفور أوقع 400 قتيل ومئات الجرحى
  • زار القصر ودحض شائعة اغتياله.. العطا يتوعد الدعم السريع بالموت أين ما هرب
  • شاهد.. هكذا تبدو المناطق التي استعادها الجيش من الدعم السريع
  • اشتداد حدة المعارك في العاصمة الخرطوم بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع
  • تعرف على خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارتها وسط السودان؟
  • ما خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارتها وسط السودان؟
  • ماذا تعني انتصارات الجيش السوداني الأخيرة وتأثيرها على الحرب؟
  • مقتل 3 في قصف للدعم السريع على أم درمان بعد تقدم الجيش في الخرطوم وجزيرة توتي  
  • الجيش السوداني يسترد المصرف المركزي من قوات الدعم السريع