المؤلف: دكتور عبد الله الفكي البشير- عدد فصول الكتاب: سبعة فصول- عدد الصفحات: (664)، الناشر ط1: دار باركود للنشر والتوزيع، الخرطوم، 2021، ويجري العمل حالياً لنشر ط2، عن دار الموسوعة الصغيرة للطباعة والنشر والتوزيع، جوبا، 2024

بقلم سمية أمين صديق

المحـــاور
عن مؤلف الكتاب
مدخل
الحوار حول أطروحة المركز والهامش
مفهوم التهميش عند الأستاذ محمود محمد طه
التوجه العربي للسودان وتعميق التهميش وتعزيز الإقصاء
الأمة الأفريقية والدعوة لانسحاب السودان من جامعة الدول العربية
الحزب الجمهوري والعلاقات بين السودان ومصر
جنوب السودان والتاريخ الطويل من التهميش
محمود محمد طه هو السجين الأول والوحيد من أجل جنوب السودان
التنقيب عما بعد التاريخ المعلن: ملاحظات حول كتاب الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان
قضايا التعدد الثقافي ونظام الحكم والمعرفة الاستعمارية واستمرار التهميش
الموقف من مؤتمر البجة/ البجا، أكتوبر 1958
تجليات ضعف الانفتاح على الأرشيف القومي عند المثقفين: الدكتور مجدي الجزولي نموذجاً
الدستور وقضايا التهميش
المرأة أكبر من هُمش في الأرض

تجليات ضعف الانفتاح على الأرشيف القومي عند المثقفين: الدكتور مجدي الجزولي نموذجاً
عبدالله الفكي البشير: "لا تستقيم دراسة التاريخ والشأن الوطني بالخيال وباطمئنان المثقف إلى سقفه المعرفي"

كتب عبدالله، قائلاً: إن استنتاج مجدي الجزولي، والذي أوردناه في الحلقة السابقة، "غير صحيح البتة، وفيه جرأة زائدة وخلاصات ظالمة لنفسها ولكاتبها وللقراء وللتاريخ".

وأضاف عبدالله، قائلاً: ففي الوقت الذي يقول فيه مجدي الجزولي في دراسته: "عاش الأستاذ محمود في عالم غير عالم مؤتمر البجا"، نجد أن محمود محمد طه كان من أوائل الذين كتبوا في الصحف السودانية عن مؤتمر البجة، إن لم يكن أولهم. فقد عقد المؤتمر بمدينة بورتسودان، خلال الفترة ما بين 11- 13 أكتوبر 1958، ونشر محمود محمد طه أولى مقالاته في 18 أكتوبر 1958، بصحيفة أنباء السودان، كما ورد في الحلقة السابقة.

الكتابة عن مؤتمر البجة تدفع بعض أعضائه ليكونوا جمهوريين

ذكر الدكتور عبدالله بأن الأستاذ محمود محمد طه استمر يكتب عن حقوق أهل الأقاليم، والمستضعفين والمهمشين، لا سيما مؤتمر البجة، ويدعو للتعاطي مع مشاكل أقاليم السودان المختلفة "بالذكاء وقوة التخيل" لطبيعة المشاكل والاختلافات الثقافية والدينية واللغوية. وأشار عبدالله إلى كتابات الأستاذ محمود عن مؤتمر البجة لفتت انتباه الكثير من أبناء مؤتمر البجة إلى طرح محمود محمد طه، وإلى الفهم الجديد للإسلام الذي يدعو له، وإلى تلاميذه الإخوان الجمهوريين، فأصبح بعض منهم جمهوريين. وقد أشار عبدالله لنماذج منهم، ومن بين هؤلاء على سبيل المثال، لا الحصر، محمد أدروب أوهاج (1942- 2013). وكتب عبدالله قائلاً: حكى لي محمد الفضل أحمد الطاهر بكر، وهو من الإخوان الجمهوريين، قائلاً: "الأخ الأستاذ الدكتور محمد أدروب اوهاج كان عضواً في مؤتمر البجا ومن الفاعلين والمؤثرين في مجتمع شرق السودان يحكى عن الأسباب والمؤثرات التي ساهمت في التزامه للفكرة الجمهورية كتابة الأستاذ محمود عن مؤتمر البجا وهي ليست عنصرية والعنصرية مرفوضة لكنها مناطقية تقع فى حيز الحكم الفدرالي. والحكم الفدرالي أول من نادى به الأستاذ محمود ومنصوص عليه في كتاب اسس دستور السودان الصادر عام 1955" .
والحق أن ما أورده عبدالله عن موقف الأستاذ محمود محمد طه من مؤتمر البجة/ البجا، يدحض وينسف ما جاء به مجدي الجزولي. وقد ذكر عبدالله بأنه عندما نشر الدكتور مجدي مقاله، وقبل أن يصدر المقال في كتاب، قرأ عبدالله المقال، وعلم بنية مجدي بنشر المقال في كتاب، قام عبدالله بإرسال رسالة خاصة لمجدي، أوضح فيها أن المقال "اشتمل على معلومات غير صحيحة، وأخبار غير سليمة، وقدم تحليلاً وخرج بنتائج تحتاج منك إلى إعادة نظر"، وأِشار عبدالله في رسالته لـ (13) نقطة تحتاج من مجدي لمراجعة وتصحيح، وأورد له عبدالله النصوص التي تؤكد صحة حديثه مع المصادر والمراجع. رد الدكتور مجدي الجزولي على عبدالله فوعد "بأن الملاحظات ستجد منه الاهتمام". غير أن عبدالله كتب، قائلاً: "لكن للأسف حينما صدر الكتاب لم تجد تلك الملاحظات اهتماماً من مجدي، برغم وعده بأنها ستجد منه كل اهتمام، فلم يراجع المقال، ولم يصوب شيئاً، ولم يُقوِّم النص كما أشار في رسالته. وظلت النقاط الثلاثة عشرة، التي لفت انتباهه إليها، كما هي". وأضاف عبدالله، قائلاً: "لم يكن مجدي محقاً فيما ذهب إليه. بل مثَّل كتاب مجدي، في تقديري، نموذجاً ناصعاً، كما هو حال معظم الدراسات السودانية، في ضعف الانفتاح على الأرشيف القومي السوداني. فقد حمل الكتاب معلومات خاطئة، وقدم تحليلاً قاصراً، فجاءت خلاصاته غير صحيحة البتة، ومضللة كذلك"
وختم عبدالله هذا المحور الذي خصصه لنقد ما كتبه الدكتور مجدي الجزولي، قائلاً: "والحق أن كتاب مجدي الجزولي، ومثله كثير في الدراسات السودانية، يمثل إسهاماً في التضليل وتعميق التهميش، أكثر من كونه إسهاماً في تنمية الوعي. ومن هنا يمكننا أن ندرك كيف أن التهميش يتراكم بسبب ضعف انتاج المثقفين وعدم جودة خدمتهم، إلى جانب غياب النقد، وعدم الاحتفاء به".

الفصل السادس: الدستور وقضايا التهميش

يري دكتور عبد الله أن موضوع وضع الدستور الدائم مثل أكبر تحدي للقادة في السودان، منذ الاستقلال وحتى اليوم. كما ظلت الدساتير المعمول بها منذ العام 1951 وحتى اليوم ثمانية دساتير إلى جانب سلسلة من المراسيم والأوامر الدستورية، وعند فحصها، تؤكد بجلاء على أن السودان، كان، ولا يزال بيئة خصبة للتهميش ولممارسته والشعور به. وظلت كذلك تلك الدساتير، إلى جانب عوامل أخرى، تحمل في داخلها بذور أسباب انفصال جنوب السودان، واستمرار الصراع في السودان، وتمدد مناخ التشظي فيه. فعلى الرغم من التنوع الثقافي نادر المثيل الذي حُظي به السودان، فإنه واستناداً على الدستور منذ الاستقلال، فإن غير المسلم، ظل مواطناً من الدرجة الثانية، وأن اللغات المحلية، التي بلغت المئات، لم تجد الاعتراف الدستوري، ناهيك عن أن تكون لغة تعليم في أيِّ مرحلة من المراحل التعليمية. فالتهميش إذن أمر يدل عليه دستور السودان منذ الاستقلال وحتى اليوم، قبل النظر في المظالم الأخرى التي نتجت عن قضايا التنمية وشؤون الحكم واقتسام السلطة والثروة، وغيرها، فهناك الكثير من الثقافات والجماعات في السودان التي لم يعبر الدستور عن تطلعاتها وآمالها. فإذا كان الدستور، كما يقول محمود محمد طه، هو عبارة عن صياغة أمل الأمة، وهو أمل كل الشعب، أقليته وأغلبيته، وأن الحديث عن الدستور يعني الحديث عن الديموقراطية، حيث الديموقراطية هي فرص التساوي بين المواطنين من حيث هم مواطنون، فإن آمال بعض الجماعات وتطلعاتها لم تضمن في الدستور. كما إن الدستور في جملته، كما ورد في قول محمود محمد طه، عبارة عن المثل الأعلى للأمة، موضوعاً في صياغة قانونية، تحاول تلك الأمة أن تحققه في واقعها بجهازها الحكومي، بخطط عملية يقوم برسمها التشريع والتعليم، ويقوم بتنفيذها الإدارة والقضاء والرأي العام. والدستور يجب أن يحقق الحقوق الأساسية التي هي حق الحياة وحق الحرية وما يتفرع عليهما. لم تحقق الدساتير فرص التساوي بين المواطنين من حيث هم مواطنون، فكانت الدساتير نفسها تكريساً للتهميش والإقصاء. هذا بالإضافة إلى ما تعرَّضت له هذه الدساتير من امتهان واحتقار، من الحاكمين، لخدمة مصالح ضيقة، في مراحل مختلفة.
كما غطي هذا الفصل:
1/ موقف الأستاذ محمود من دساتير السودان منذ العام 1951 وحتى يوم تجسيده لمعارفه في صبيحة في صبيحة يوم 18 يناير 1985؟
2/ دعوة الأستاذ محمود محمد طه إلى الدستور الإنساني والعمل من أجله، وموقفه من دساتير السودان منذ عام 1951 وحتى 18 يناير 1985، والموقف من الدستور الإسلامي الذي طُرح في السودان، والموقف من الدستور العلماني.

الفصل السابع: المرأة أكبر من هُمش في الأرض
محمود محمد طه: "المرأة، وهي أكبر من استضعف في الأرض، عبر التاريخ، لا فرصة لها في النصفة إلا يوم تقوم شريعة الإنسان، على أنقاض شريعة الغابة "

عن موضوع المرأة عند الأستاذ محمود محمد طه، يري المؤلف من بحثه ودراسته لدعوة الأستاذ محمود: الفهم الجديد للإسلام، أن موضوع المرأة ظل يشغل مكانة خاصة وموضوعاً مركزياً وموضعاً لانشغال الأستاذ محمود محمد طه المستمر ويأتي في أول أولوياته، كما ظل منحازاً فيه، على الدوام، إلى جانب المرأة وبلا حياد. ومن أقوال الأستاذ محمود في هذا الموضوع كما رصد دكتور عبد الله "أمران اثنان أنا لست فيهما بالمحايد المرأة والسودان"

العمل من أجل إغاثة الملهوف ونصرة المهضوم والمظلوم والمهمش

يقول المؤلف: "عندما أعلن محمود محمد طه عن مشروعه: الفهم الجديد للإسلام، في 30 نوفمبر 1951، وأخذ يفصل فيه ويبشر به، قال إن هذا المشروع ما جاء إلا من أجل نصرة المستضعفين، والمرأة هي أكبر من استضعف في الأرض". ولذا يري دكتور عبد الله أن المشروع هذا أصله دعوة للمرأة قبل الرجل كما قال عنه صاحبه، لأنه هو دعوة للمستضعفين في الأرض. وعندما صدر كتاب: محمود محمد طه يدعو إلى تطوير شريعة الأحوال الشخصية، عام 1971، وهو كتاب يعتبره المؤلف كتاب جديد في بابه لأنه يتناول الشريعة السلفية بالتطوير، الأمر الذي يحقق تحرير المرأة وتكريمها برفع الظلم والتهميش عنها ، وقد جاء إهداء الكتاب مخاطباً أولاً النساء: "إلى أكبر من استضعف في الأرض ، ولايزال.. إلى النساء.. ثم إلى سواد الرجال، وإلى الأطفال.. بشراكم اليوم !! فإن موعود الله قد أظلّكم ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ في ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ) . ويضيف دكتور عبد الله أنه وبعد صدور الكتاب خاطب الأستاذ محمود محمد طه تلاميذه وتلميذاته، "مبيناً لهم بأن اهتمامهم بمسألة الأحوال الشخصية يجب أن لا يعتبرونها شريعة لتنظيم المجتمع ، وإنما هي في الحقيقة نصرة لمظلوم هو المرأة، فقد النصير، صائح في البيداء انقطع عنه النصير" وأحب الأعمال إلى الله إغاثة الملهوف "وأضاف قائلاً: "أنا بفتكر عملكم في هذا الجانب هو في الحقيقة عمل في أساس نصرة المهضوم و المظلوم، وهذا الدين ربنا وعد به هكذا ، (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ) وأكثر المستضعفين في الأرض النساء. كان الأطفال مستضعفين، وكان الرقيق مستضعف، وكان العمال مستضعفين، وكان الفلاحون مستضعفين، لكن هؤلاء كلهم قامت نصرتهم.. المرأة لغاية الآن نصيرها ضدها ".
ويقول دكتور عبد الله إن موضوع المرأة، كما يراه الأستاذ محمود محمد طه، هو أخطر شئون الأرض على الإطلاق، فالمرأة في الأرض، عند الاستاذ محمود محمد طه، كالقلب من الجسد. لهذا وجدت المرأة في مشروعه، الفهم الجديد للإسلام، مكانة، لم تبلغها في أي طرح فكري إسلامي أو غير إسلامي. (وقد فصل دكتور عبد الله ذلك في كتابه هذا) ويخبرنا المؤلف بأن الأستاذ محمود محمد طه قد تناول موضوع المرأة في الكثير من الكتب والمحاضرات والمناشير والبيانات والجلسات التربوية. كذلك قدم المؤلف في هذا الفصل من الكتاب موجزاً مختصراً مع الإشارة لبعض المصادر التي تخاطب موضوع المرأة، كما تناول ثلاثة موضوعات دارت حولها بعض النقاشات وتناولها بعض النقاد، وهي: موقف الأستاذ محمود محمد طه من عادة الخفاض الفرعوني، وموضوع إبقاء النسب في عقد الزواج، عند الأستاذ محمود محمد طه، وموضوع "المرأة مكانها البيت " كما ورد عند الأستاذ محمود محمد طه.

المرأة والظلم الموروث من الحقب السوالف من التاريخ البشري: شريعة الغابة

يري دكتور عبد الله بأن الأستاذ محمود محمد طه قد أرجع خضوع المرأة للرجل إلى مخلفات الماضي، حيث عوامل التاريخ الموروث من سوالف الحقب، فهو يرى أن المجتمع القائم على المنافسة في منادح الكسب وعلى المناجزة في مسالك الحياة، يجعل المرأة تخضع للرجل وتبيعه نفسها بيع السوام مقابل أن يغذيها وأن يحميها . فقد نشأ المجتمع البشري في الغابة، وورث مخلفاته وهي مخلفات لا يزال يعيش أخرياته ."والقاعدة العامة فيها أن القوة تصنع الحق، فللقوي حق طبيعي على الضعيف.. يستحقه لمجرد قوته.. و يتقاضاه بقواه .. فالقوة تصنع الحق. كانت شريعة الغابة تمارس، في السلم، بالقوانين العنيفة.. وفي الحرب بحد السلاح" . ويُرجع سبب العنف الغاشم ذلك إلى البيئة الطبيعية التي دفعت الإنسان إلى الحرص وحب الجمع والادخار والإكثار من الطعام ، الأمر الذي أدي للحروب والمغامرات .ويحدثنا الدكتور عبد الله أن : "الفضيلة في المجتمع البشري كما يقول محمود محمد طه، في المكان الاول، فضيلة جسدية، قوة الساعد، وقوة الاحتمال، والمقدرة على الانتصار في مأزق الحرب … فالفضائل، كما يقول الأستاذ محمود محمد طه، تختلف اختلافاً كبيراً من مجتمع إلى آخر، فما هي فضيلة في مجتمع بعينه قد لا تكون فضيلة في مجتمع آخر، فكأن المرأة لمكان ضعفها الجسدي وضعفها الوظيفي، في معترك الفضيلة فيه، في أغلب الأحيان لقوة الساعد وبفرصة الخلو من الموانع التي تعوق الكدح والسعي، أصبحت محتاجة لمن يغذيها ويحميها، فقد اضطرت فدفعت قسطاً كبيراً من حريتها ثمناً تحرز به حمايتها وغذائها". وصف المؤلف وضع المرأة في ذلك الزمان قبل أن تشرق شمس الإسلام في الجزيرة العربية حيث كانت الأنثى تُعامل شر معاملة وكان التخلص منها مكرمة من المكارم وكانت من أجل ذلك، توأد، وترجع عادة الوأد لسببين أو لأحدهما "خوف جلب العار، أو الخوف من المضايقة في الرزق". ويبين لنا المؤلف وضع المرأة في المجتمع الجاهلي، فقد "كانت معاملتها تعامل كرقيق مملوك أظهر صيغ معاملتها.. وكان التعدد في الزواج غير مقيد العدد، إذ كان الجاهليون يتزوجون العشر.. والعشرون زوجة.. يستغلون النساء، يستولدونهن، ويستخدمونهن في بعض أعمالهم.. وهم عن طريق الزواج يستخدمون الرق …ولا تزال صور بشعة، من هذا الاسترقاق عن طريق الزواج، تمارس في المجتمعات المتخلفة المعاصرة". يُرجع الأستاذ محمود محمد طه مسألة أسباب التسلط على المرأة إلى الملكية، والاسترقاق والموروث من الحقب السوالف في التاريخ البشري.

الإسلام يرث أوضاعاً بشعة تعامل فيها الأنثى شر معاملة

يأخذنا دكتور عبد الله إلى فجر الإسلام في مجتمع الجزيرة العربية الجاهلي: "عندما أشرقت شمس الإسلام في الجزيرة العربية وجد المرأة مسلوبة حتى من حق الحياة ، ووجد العرب في الجاهلية يعاملون الأنثى شر معاملة، فجاء ، كما يقول محمود محمد طه، بتقريعهم على هذا الصنيع الشنيع، ، قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} و كذلك قوله تعإلى :( وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ * بِأَيِّ ذَنۢبٖ قُتِلَتۡ *) كما ورث الإسلام صوراً مختلفة من الأوضاع البشعة التي كانت تجري في مجتمع الجاهلية، فحسم المُشتط منها حسماً . ولكنه لم يكن ليتخلص من سائرها، فينهض بالمرأة إلى المستوي الذي يريده لها في أصوله و ما ينبغي له أن يتخلص، وما يستطيع.. ذلك بأن حكمة التشريع، التدرج، كما يري الأستاذ محمود محمد طه، فإن المجتمعات لا تقفز عبر الفضاء و إنما تتطور تطوراً و ئيداً وعلى مكث.. فكان لزاماً على التشريع أن يأخذ في اعتباره طاقة المجتمع على التطور، وحاجته الراهنة فيجدد القديم ويرسم خط تطوره ويحفز المجتمع على السير في المراقي، وقد كان هذا ما فعله التشريع الإسلام.. فنرى أنه قد احتفظ بتعدد الزوجات ولكنه حصر ذلك في أربع زوجات "وقد راعى في ذلك أمرين حكمين هما إعزاز المرأة وحكم الوقت". كما نري أنه أشرك الأنثى في الميراث ولكنه جعلها على النصف من الرجل، وادخلها في الشهادة ولكنه جعلها على النصف من الرجل وذلك تشريع حكيم في وقته؟ لأن المرأة كانت ضعيفة الشخصية، والذاكرة نسبة لقلة تجاربها وخبرتها.
كانت هذه الشريعة، كما يقول الأستاذ محمود محمد طه، عادلة وحكيمة، إذا أُعتبر حكم الوقت، ولكن "يجب أن يكون واضحاً، فإنها ليست الكلمة الأخيرة للدين.. و إنما هي تنظيم للمرحلة ، يتهيأ بها ، وخلال وقتها ، المجتمع ، برجاله ونسائه ، لدخول عهد شريعة الإنسان، ويتخلص من عقابيل شريعة الغابة خلاصاً يكاد يكون تاماً.. و يومئذ تعامل المرأة في المجتمع، كإنسان.. لا كأنثى.. ذلك هو يوم عزها المدخر لها في أصول الدين "

وضع المرأة في الشريعة الإسلامية

يقول دكتور عبد الله لقد ظلت الشريعة الإسلامية التي بين أيدينا والقائمة على آيات الفروع (الآيات المدنية)، وهي شريعة الرسالة الأولى كما يري الأستاذ محمود محمد طه متأثرة، في حكمةٍ برواسب الماضي، الذي كان عليه المجتمع الجاهلي حيث كانت المرأة لا تملك حق الحياة، دعك عن حق الحرية، والمساواة. فحظ المرأة في الشريعة الإسلامية، كما يري الأستاذ محمود محمد طه، ظل مبخوساً بينما حظها في القرآن مساوي لحظ الرجل. فالمرأة في الشريعة الإسلامية كما يقول: "على النصف من الرجل في الشهادة، وهي على النصف منه في الميراث وهي على الربع منه في الزواج وهي دونه في ساير الأمور الدينية والدنيوية " كما شرح دكتور عبد الله أن على المرأة الخضوع للرجل، أباً وأخاً وزوجاً. وفي هذا تهميش مقنن ظل يُمارس على طول المدى على المرأة وهو يصب في صالح الرجل، أياً كان المستوى الأخلاقي والتعليمي والثقافي لذلك الرجل. فالرجل والمرأة تحكمهما آية القوامة (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)
ويجي تسبيب ذلك وشرحه، الرجال قوامون على النساء، يعني أوصياء، متسلطون لهم علىهن حق الطاعة والسبب يعود إلى (بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم) ويقول المؤلف أن هذه الفضيلة هي فضيلة جسدية، فقوة العضل هي الفضيلة في ذاك الوقت (القرن السابع) وكذلك فرص الرجل في العمل خارج المنزل والكسب في ذلك الوقت هي السائدة ، أما المرأة فمكانها البيت.. كل ذلك كان حكيماً كل الحكمة كما يقول الأستاذ محمود محمد طه عندما جاء في وقته في القرن السابع. كما أنه يقول إنه ذلك التشريع والوضع لم يكن ظلماً وإنما هو عدل، ولكنه العدل الذي يناسب القاصر، هو العدل الذي يبرره حكم الوقت". فقد كانت المرأة في القرن السابع قاصرة عن شأو الرجل، و ليس القصور ضربة لازب علىها ، و إنما هو مرحلة تقطع مع الزمن والصيرورة إلى الرشد حتماً ، مقضي بحتمية ملاقاة الله : (يَٰٓأَيُّهَا ٱلْإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ). ويوضح أن "ملاقاة الله لا تكون بقطع المسافات وإنما هي بتقريب صفات العبد من صفات الرب "ا والإنسان الوارد ذكره هنا مقصود بها الرجل والمرأة، وليس الخطاب للرجل وحدة. ويوضح المؤلف أن للقرن السابع (حكم وقت) هو الذي جعل العدل بين الرجال والنساء على الصورة التي جاءت بها شريعة الله، وللقرن العشرين (حكم وقت) يجعل صورة العدل في القرن السابع ظلماً يبرأ الله منه. وتنتقل صورة العدل إلى المستوى الجديد الذي ضمنه دين الله، حين قصرت عنه شريعة الله نزولاً على مقتضى الحكمة التي أقام الله علىها (حكم الوقت) فالشريعة الحاضرة حكيمة إذا ما وضعت في موضعها من حكم وقتها، كما يري الأستاذ محمود محمد طه، فهي في غاية الانضباط، والحكمة، والعدل، والسماحة…وهي قد حررت المرأة، يومئذ تحريراً كبيراً. فأخرجتها من الوأد وهي حية واستردت لها حق الحياة المسلوب منها وقفزتها قفزة حكيمة وجريئة في آن معاً. ويبين كذلك أن النقص لا يظهر في تشريع شريعة القرن السابع إلا إذا ما نُقلت من وقتها، وجيء بها من التاريخ لوقتنا الراهن، وطُلب إليها أن تستوعب طاقات المرأة المعاصرة، لتنظم حقوقها وتحل مشاكلها.. ولكن لن يكون النقص، حينئذ ٍ هو نقص الشريعة، وإنما هو نقص هذه العقول التي تنقلها من بيئتها إلى بيئة لم تشرع لها بدعوي أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان.
نلتقي في الحلقة القادمة.

 

abdallaelbashir@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الشریعة الإسلامیة القرن السابع موضوع المرأة على النصف من السودان من فی المجتمع فی السودان المرأة فی حق الحیاة حکم الوقت کما یقول عن مؤتمر فی مجتمع فی الأرض فضیلة فی إلى جانب أکبر من فی کتاب فی هذا لها فی لم یکن من أجل

إقرأ أيضاً:

نظرات في كتاب: (مبدعون من افريقيا) لمؤلفه الموسيقار: طارق علي الدخري

++ حدثنا الاستاذ طارق ساس عن عملاق الادب الأفريقي ( النور عثمان ابكر) احد مؤسسي مدرسة الغابة والصحراء في الادب السوداني.. من مواليد مدينة كسلا التي صنعها خيال شعرائها (ابو امنة حامد / الحلنقي / كجراي / وهلاوي) :
++ محمد عثمان وردي فنان أفريقيا علي حد وصف مؤلف كتاب مبدعون من أفريقيا / طارق ساكس.
++ وردي في رحاب اسحق الحلنقي رئيس جمهورية الحب ؟!!
++ الحلنقي في رحاب الفنان الراحل / محمد الامين في ( شال النوار )
++ واذكر في مبدعي افريقيا الفنان شرحبيل آحمد:
++ ومسك الختام : مريم ماكبا.. وحليمة الصومالية.. ( شيدبا شا هيني كونا ) .. كلامك مفهوم يا حليمة؟!!!

(١)
تفضل الموسيقار / طارق علي الدخري المشهور ب (طارق ساكس ) .. تفضل مشكورا بإرسال نسخة من كتابه الجديد ( مبدعون من افريقيا) الى عنوان منزلي المتواضع بمدينة نيوبورت بمقاطعة ويلز بالمملكة المتحدة .. مصحوبا بإهداء خاص وتوقيع كريم منه . ولعل الذي دفع الاستاذ طارق ساكس لإهداء كتابه الي هو علمه باني متيم بعشق افريقيا واحد معتنقي الأفريكانية .. ويتحدث (لغة صنغي ) وهي لغة مملكة صنغي التي يتحدثها الناس في دولة مالي الحالية والنيجر وبوركينافاسو وجنوب الجزائر. ويكتب بها الشعر الأفريقي..خاصة في مواجهة غلاة المستعربين والاسلامويين .. الناكرين لذاتهم الافريقية. فأفريقيا بالنسبة لي هي (ارض بقرتي ) التي نال أسلافي (الامبررو ) خلال آلاف السنين حقوقا مكتسبة (غير قابلة للنزع) هي حق التنقل معها من اجل الكلأ والماء عبر منطقة السافنا من أكرا حتي مصوع (بالقرن الافريقي) مثل طيور مصطفى سيد احمد لا بتعرف ليها خرطة ولا في أيدها جواز سفر .. ونحن نعشق عبارة (القرن الأفريقي) لان المشبه به المحذوف لزوم التورية هو (البقرة التي من لوازمها القرون . وكذلك نال أسلافي المسلمون حقوقا مكتسبة في العبور راجلين عبر طريق الحج التاريخي لحجاج غرب أفريقيا المتجهين إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة لاداء الحج والعمرة.. وقد كانت رحلة الحج ذهابا وإيابا تستغرق في الماضي عاما كاملا .. وخلال هذه المدة يرحب سكان سودان وادي النيل بإخوانهم الحجاج خاصة الذي يحفظ القرآن كاملاً وصحيح مسلم ويصلي الصبح حاضرا في جماعة وكانوا لا يترددون في تزويجهم من بناتهم وأخواتهم بهدف تطويل مدة إقامتهم خاصة في رحلة العودة بعد أن يكون الحاج قد أدّي الفريضة.

(٢)
تناول مؤلف كتاب مبدعون من أفريقيا- الأستاذ طارق ساكس في كتابه الموسوعي الذي يتكون من حوالي 500 صفحة تناول عدداً ضخما من المبدعين الأفارقة الذين خلقوا وأنتجوا (الثقافة) وتميزوا في مجالات الفن والشعر والرواية والموسيقى الأفريقية.. اقول (خلقوا ) وليس صنعوا.. لان المبدع (خلاق ) ورباني ويحوز علي قدر كبير من صفات الله خالق الشعوب ومانح المواهب الربانية .. لذلك فان كلمة (صناعة) غير مستساغة في مجال الابداع.. والكلمة المفضلة (موهوب) .. والواهب هو المولي عز وجل. وعلى صلة فإن كلمة الابداع ممقوتة في الثقافة العربية والاسلامية خاصة القريبة من المذهبين الحنبلي والشافعي - اهل الحديث- لأن الابداع قرين التجديد ومناهض بطبعه للجمود والثبات. ومن خلال شخصية المبدع النور عثمان ابكر ومكان ولادته (كسلا ) .. ومن خلال مدرسة الغابة والصحراء سوف اتناول قطاعا معتبرا من مبدعي افريقيا من الشعراء والفنانين السودانيين:

(٣) الشاعر النور عثمان أبكر مبتكر الإسم الثقافي (مدرسة الغابة والصحراء) .. المولود في مدينة كسلا : كسلا (هبة الابداع والشعر الغنائي السوداني) :

تناول كتاب مبدعون من افريقيا الشاعر السوداني النور عثمان ابكر المولود في مدينة كسلا ذات التعددية السكانية والتنوع الثقافي.. فاذا كانت مصر هي (هبة النيل) .. فان( كسلا هي هبة الابداع والشعر الغنائي السوداني بصورة خاصة ) .. من خلال الانتاج الادبي الرائع كما وكيفا للشاعر الغنائي الخلاق (اسحاق الحلنقي) في رائعته (حبيت عشانك كسلا ) التي تغني بها الفنان الكبير (التاج مكي ) .. لقد نجح الحلنقي من خلال هذه الأغنية في تسويق وبيع مدينة كسلا للشعب السوداني كله كمدينة للجمال وللسياحة .. ومارس الحلنقي الاغراء التجاري لكسلا ومعالمها السياحية التاكا وتوتيل حين قال (أسقيك مياه توتيل عشان تعود ليا ) .. ليس كفاية فقط انك تسوح لكسلا فحسب .. ولكن الاهم انك تعود لي توتيل .. وهذه هي الفائدة السياحية الرابحة (العودة إلى كسلا وتوتيلها ). لقد نجح شعراء كسلا في السمو بمياه توتيل لدرجة ارفع من مياه النيل وأقل من مياه زمزم بقليل.
مرة اخرى.. اكتسبت مدينة كسلا صناعتها السياحية من انتاج (مبدعي كسلا ) عبر الشعر الغنائي.. والتزاما مني بروح فكرة كتاب (مبدعون من أفريقيا ) .. فلن تضيق مساحة مقالي والذي استمد كل كلمة فيه من روح ونفس كتاب (مبدعون من أفريقيا) ومن روح الأستاذ طارق ساكس المبدعة والملهمة بالتوثيق للمبدعين.. ومن محاسن الترتيبات الالاهية اننا في كارديف وجنوب ويلز نترقب حضور المؤلف طارق ساكس في رحلة فنية برفقة الفنان القامة / عمر احساس يوم السبت المقبل الموافق ٢١ ديسمبر ٢٠٢٤ .. لن تضيق مساحة مقالي عن ذكر بعض مبدعي كسلا والشرق : (ابو امنة حامد .. محمد عثمان كجراي .. عبدالوهاب هلاوي .. اسحق الحلنقي رئيس جمهورية الحب كما وصفه احد المعجبين به / وهو: احمد كرار علي الفيسبوك ) لأنه اكثر من غني للحب وردد كلماته الغنائية التي تمجد الحب وفي بعض الاحيان تمجد الكراهية الناتجة عن الحرمان من الحب فالشعب السوداني بفطنته يدري انها ليست كراهية حقيقية وانما هي (حب باللفة) .

(٤) محمد عثمان وردي فنان افريقيا بجدارة:
احتفي مؤلف كتاب مبدعون افريقيا بالفنان محمد وردي وأطلق عليه فنان افريقيا.. وعن بطاقته التعريفية يقول الاستاذ طارق ساكس: (ولد محمد عثمان حسن وردي كاشف الشهير ب (محمد وردي) في ١٩ يوليو ١٩٣٢ في قرية صواردة الواقعة جنوب عبري بشمال السودان وهي قرية من قرى النوبة الشمالية.. نشأ يتيما بعد وفاة والديه وهو في سن مبكرة.. فتربي في كنف عمه وأحب الأدب والشعر والموسيقى منذ نعومة أظفاره) ص ٣٩٢ / ٣٩٣ من كتاب مبدعو افريقيا .
خلق محمد وردي مع الشاعر اسماعيل ثنائي شهير ومن خلال هذا الثنائي انجز وردي اهم أعماله الفنية التي أظهرت قدراته المتفردة كفنان عظيم خرج من محيطه النوبي الضيق ليصير (فنان افريقيا) ومن هذه الأغاني ( القمر بوبا - نور العين - لو بهمسة - بعد إيه؟- الحنين يا فؤادي ) .. الخ

٥) وردي في رحاب إسحق الحلنقي رئيس جمهورية الحب :

.. ردد كلمات الحلنقي الملايين من ابناء وبنات الشعب السوداني ودول الجوار من خلال راديو هنا أمدرمان بصوت الفنان القامة/ محمد وردي فنان أفريقيا كما وصفه كتاب مبدعون من أفريقيا ( قطر الندي .. يا ناسيا.. هجرة عصافير الخريف.. ويا اعزالناس.. الخ . وليلة القدر بالنسبة لاي شاعر هي تلك الليلة التي يوافق فيها الفنان محمد وردي ان يترنم بكلماته ويقدمها لجمهوره العريض بمساحة خط العرض في القارة الافريقية.. .وهكذا ساهم الفنان محمد وردي فى تتويج الحلنقي رئيسا لجمهورية الحب من خلال انتشار كلماته باداء فنان أفريقيا محمد وردي .

(٦) الحلنقي في رحاب الفنان الراحل محمد الآمين:

جمع الابداع بين اسحق الحلنقي وصوت الفنان المبدع محمد الامين في رائعته (شال النوار ) التي تمني شاعر كسلا الكبير عبدالوهاب هلاوي ان يكون هو (هلاوي) الذي كتبها .. وانا لا استحي بل افخر بدعوة القراء لمشاهدة حلقات (أماسي الحلنقي ) علي اليوتيوب وبصورة خاصة الحلقة الخامسة التي تناول فيها الحلنقي اغنية شال النوار التي كتب كلماتها بناءا على طلب الهرم الفني محمد الآمين .

.. واتحمل مسؤولية اضافة الشاعرة روضة الحاج المولودة في كسلا.. والتي ساهمت في تعريف العالم العربي بمدينة كسلا .. وهي ليست شاعرة غناء ولكنها شاعرة سودانية رفعت راس الانسان السوداني في مهرجانات دبي الشعرية وهي آخر وزيرة اعلام تم تعيينها في عهد الإنقاذ.. ورفعت مدينة كسلا مسقط راسها..انها مبدعة.. والابداع في شرعنا من فصيلة (الحب الغير مشروط ) لا تصاحبه ذرة من الكراهية.. فنحن نكره الإنقاذ مصدر الشرور ولكننا نحب المبدع حسين خوجلي صاحب قناة أمدرمان خاصة في الحلاقات الرائعة مع الفنانة والشاعرة والمهندسة إنصاف فتحي التي تغنت فيها بحضور عبداللطيف ود الحاوي الملحن الكبير بأغنيتي لو لحظة من وسن للشاعر القامة الفيتوري .. غناء وردي كما تغنت أنصاف فتحي بقمة إبداعات الفنان ابراهيم عوض - اغنية (غاية الامال ) كلمات الشاعر عوض احمد خليفة.. والتحية للصديق هاشم عتيق في كارديف الذي جعلني أدمن أشعار عوض احمد خليفة.

وقديما تغني الراحل المقيم عبدالكريم الكابلي بكلمات الشاعر توفيق صالح جبريل لمدينة كسلا وقال عنها كلمات حفظها الشعب السوداني.: (كسلا أشرقت بها شمس وجدي وهي في الحق جنة الإشراق.) ..والتحية لكسلا الوريفة الشاربة من الطيبة ديمة بلد الشاعر عبدالوهاب هلاوي مؤلف اغنية فراش القاش التي تمني اسحق الحلنقي ان يكون هو مؤلفها.. والتحية لرموز الطيبة من إخوانا واخواتنا الجمهوريين والجمهوريات ابناء وبنات مدينة كسلا : عبدالرحيم هلاوي وسلوي هلاوي ويحي الحسن ودكتور محمود احيمر ود خليفة محمد خير.. والمنشدة الجمهورية/ محاسن محمد خير التي تملأ تسجيلاتها موقع الفكرة الجمهورية alfikra.org والبقية من الملائكة من اصحاب الجلاليب البيضاء وصاحبات العفة والحشمة والثياب البيضاء الغير شفافة من اخواتنا الجمهوريات . والتحية لأولاد دفعتنا في كلية القانون جامعة الخرطوم : (مولانا عبدالمجيد ادرس.. ومولانا محمد احمد الطاهر .. وعلي آدم -أفريكانو) .. فقد شربنا من طيبتهم وما ارتوينا .

(٧) الشاعر النور عثمان ابكر كما قدمه مؤلف كتاب مبدعون من افريقيا :

( ولد النور عثمان ابكر في عام ١٩٣٨ في مدينة كسلا في شرق السودان، وتلقى تعليمه الاولى والأوسط بكسلا، وبورتسودان ثم حنتوب الثانوية.. فكلية الآداب جامعة الخرطوم التي تخرج فيها عام ١٩٦٢ وبعد التخرج هاجر إلى المانيا لتغيير حياته حيث جمعته العناية الإلاهية بزوجته الالمانية مارجريت التي انتقلت معه للسودان وعاشت كخبيرة بمعهد جوتا الألماني وانجبت له ثلاث بنات .. وفي عام ١٩٧٠ سافر النور إلى بريطانيا ليدرس في جامعة ليدز وحصل على دبلوم تعليم اللغة الانجليزية كلغة ثانية وعاد للسودان وعمل بوزارة التربية والتعليم معلما للغة الإنجليزية.. في عام ١٩٧٥ اشتغل مترجما صحفياً ومستشارا لشؤون السودان بسفارة المانيا الغربية بالسودان حتى عام ١٩٧٩ .. ثم هاجر النور إلى دولة قطر وعاش فيها حتى تاريخ وفاته في عام ٢٠٠٩ . (منقول بتصرف من كتاب مبدعون من افريقيا ص 432 )

(٨) وعودة الي مدرسة الغابة والصحراء :

( مدرسة الغابة والصحراء هي حركة شعرية ثقافية تاسست في عام ١٩٦٢ من القرن الماضي، وتعد من ابرز تيارات الحداثة الثقافية في السودان في القرن العشرين. رأت في مفهوم التمازج العربي الذي رمزت له بالصحراء والأفريقي ودلت عليه بالغابة كخطاب لمسألة الهوية) منقول من كتاب مبدعون من افريقيا ص ٤٣١ . وتجدر الإشارة إلى أن عضوية هذه الرابطة الثقافية التي تأسست في جامعة الخرطوم قد ضمت بعض طلابها وخريجيها وفي طليعتهم :
١- محمد عبدالحي ٢- عبدالله شابو ٣- محمد المكي إبراهيم ٤- النور عثمان أبكر (وهو الذي ابتكر التسمية ) ٥ - يوسف عيدابي. ) انتهى. المصدر : كتاب مبدعون من أفريقيا .

الجدير بالذكر أن استاذ النور عثمان ابكر ينتمي من حيث الجذور إلى شعب البرنو العظيم الذي أسس اعظم امبراطورية في افريقيا ( سنة 700 الي 1893 ) .. وساهم شعب البرنو في تشكيل الهوية لمناطق أواسط سودان وادي النيل من خلال تأسيس السلطة الزرقاء ودولة سنار ١٥٠٤ الي ١٨٢١ وقد تغنى لها الاستاذ محمد عبدالحي (احد رواد مدرسة الغابة والصحراء) في قصيدته العودة الي سنار .. وقد كانت هذه العودة هي حلم الاخوان المسلمين في السودان. (سنار موعدنا ) كما في أناشيدهم.

(٩) واذكر في مبدعي افريقيا فنان الجاز / شرحبيل احمد الذي جسد الغابة والصحراء بطريقته الخاصة حين خلط ومزج وعجن الجاز الأفريقي بالكلمة العربية الفصحى وبذلك وضع شرحبيل احمد بصمته الخاصة في فن الغناء السوداني.

(١٠) ومسك الختام في الحديث عن مبدعي افريقيا كما قدمهم لنا الاستاذ/علي ساكس : حليمة الصومالية ومريم ماكبا.. وما ادراك ما حليمة الصومالية ومريم ماكبا ؟!! تعرفنا عليهما من خلال برنامج من الشرق والغرب في اذاعة هنا أمدرمان كل يوم جمعة في زماننا الجميل.. وحفظنا اغانيهما وأدركنا معانيها بوجداننا الأفريقي السليم (شيدبا شا هيني كونا ) - كلام مفهوم لا يحتاج إلى شرح .. الله يجازي محنك يا طارق ساكس.. جمعت بين صبر المحبين وصبر العلماء فأنتجت لنا هذه الموسوعة الرائعة.
أجزل الشكر والامتنان للمرة المليار للأستاذ طارق ساكس على تحفته الملهمة (مبدعون من افريقيا) وعلى خدمته الكبيرة للثقافة من خلال هذا الكتاب الموسوعي الرائع بحق .
ابوبكر القاضي
نيوبورت / ويلز / UK
٢٠ ديسمبر ٢٠٢٤

Sent from my iPad

 

aboubakrelgadi@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • حكاية شارع «الجبرتي» بالإسكندرية.. سبب تسميته باسم صاحب كتاب «عجائب الآثار»
  • السيد عبدالله بن حمد .. الصفي الرضي
  • الكشف وتوفير العلاج لــ 1115حالة بقافلة طبية بقرية العجرة مركز ببا
  • اليوم الموالي لإعلان وقف العدوان على غزة.. قراءة في كتاب
  • حين ينقلب الماركسي على الحداثة- قراءة في تناقض عبدالله علي إبراهيم
  • نظرات في كتاب: (مبدعون من افريقيا) لمؤلفه الموسيقار: طارق علي الدخري
  • محمود علي حسن قارئا.. نقل شعائر صلاة الجمعة الدقهلية بعد قليل
  • لجنة التراث تقيم احتفالية لإحياء ذكرى معركة وادي ماجد بمكتبة مصر العامة بمطروح
  • فوز باحثتين في مسابقة الأبحاث العلمية لخدمة المجتمع بجامعة القناة
  • تعيين السفير الباكستاني سهيل محمود سكرتيرا لمنظمة الدول الثماني النامية