اكد شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، "حاجة لبنان الى مساعدة الدول المؤثرة لارتباطه بقضايا المنطقة، وهذه ليست مسؤولية اللبنانيين وحدهم، كما الحاجة الى الحوار في ما بيننا، لانقاذ لبنان وتحقيق نهضته".  

كلام أبي المنى جاء خلال لقاء روحي اجتماعي في قاعة آل المغربي في بلدة كفرسلوان أقامته عائلات البلدة ومؤسساتها احتفاءً بزيارة شيخ العقل والمشايخ الى البلدة تلبية لدعوة مشايخها للمشاركة في السهرة الدينية فيها.

ورافقه وفد من المشايخ ضمنه رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ نزيه رافع ومشايخ من المؤسسة وادارتها، ومن أعضاء المجلس المذهبي والمستشارين. وكان في استقباله المجلسان البلدي والاختياري ومؤسسات البلدة ومشايخ وفاعليات واهالٍ من عائلات البلدة.  

وألقى شيخ العقل كلمة، جاء فيها: "يطيب لي أن آتي المرة الثانية والثالثة الى كفرسلوان الغالية والعزيزة على قلوبنا وان كانت القرية البعيدة جغرافيا وكأنها في آخر المدى ولكنها في صميم القلب، نزورها والمشايخ الأفاضل لنبارك لكم العيد ولنؤكد أن أعيادنا تجمعنا كمسلمين ومسيحيين، وفي مضمونها تتجلى معاني الإيمان والمحبة والأخوّة". 

اضاف: "لقاؤنا بكم في القاعة العامة مدعاة فرح وسرور لنا، فعندما نزور قرانا انما لنؤكد على رسالتنا التي توحدنا، وفي كل لقاءاتنا نحمل تلك الرسالة. بالأمس زرنا بكركي والتقينا كرؤساء روحيين مع أمين سر دولة الڤاتيكان، وقد أكدنا ثوابتنا الوطنية و أهمية الوحدة في التنوع التي هي أبعد من الثنائيات مهما تعددت وأفادت نحو الوطنية الارحب، وبالأمس التقينا كذلك في دارة إسلامية عريقة في بيروت مسلمين ومسيحيين لتكريم أحد كبار رجالات الحوار الإسلامي المسيحي وأكدنا معاً رسالة المحبة والرحمة والأخوّة، رسالتنا التوحيدية هي ذاتها ورسالتنا الوطنية رسالة جمع لا فرقة، رسالة مصالحة لا كراهية ووحدة لا تقسيم او تشرذم. انها رسالة الجبل الذي هو قلب لبنان وجبل المصالحات، الذي من خلالها طوينا صفحات الألم والصدام وفتحنا صفحة المحبة والتعاون، وعلى امل ان تستكمل في هذه البلدة والمنطقة. مؤكدين حقيقتنا القائمة وثوابتنا الراسخة في الايمان والقيم والتجذّر بالأرض، ومهما كثرت التحديات سنبقى متمسكين بتلك الثوابت، نربي أجيالنا عليها، لتبقى الهوية مصانة والرابط بين ابنائنا المهاجرين والمهجرين بمستوياتها الايمانية والاخلاقية والوطنية، ومن خلال التربية عليها وتنمية روح الانتماء في الأجيال. لأننا اذا ما ثبتنا على هذا المبادئ نستطيع مواجهة كل الصعوبات. نحن مرتبطون بديننا وبقيمنا وبأرضنا واذاك لا يمكن لاحد ان يزعزع وجودنا ومجتمعنا. نحن كموحدين طائفة جامعة لاحمة ونحن واسطة العقد، حريصون كقيادة روحية وكقيادة سياسية على الا نكون رأس حربة في مواجهة اي طائفة او شريك في هذا الوطن، بل دعاة جمع وتلاحم وبناء".  

وتابع: "في لبنان نحن بحاجة الى مساعدة الدول المؤثرة لأننا مرتبطون بقضايا المنطقة وهذه ليست مسؤولية اللبنانيين وحدهم، ولكننا بحاجة الى الحوار في ما بيننا، لانقاذ لبنان وتحقيق نهضته، ولكي نحافظ على ما ورثناه من الأجداد ونحفظه للاولاد والاحفاد". 

وختم شعراً بأبيات من شعره: "لبنانُ  تاريخنا  والشرق عزتنا والمجد فينا الى هذا الحمى نُسبا إنّا  كتبناه للاحفاد  من زمنٍ بأحرفٍ من دم الأجداد ما نضبا إنّا كتبناه عيشاً واحداً صدحت فيه المآذن والأجراس فاقتربا فنحن من كان للأوطان سيدها ونحن من كان أماً للحمى  وأبا".

 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: شیخ العقل

إقرأ أيضاً:

أبعد من مسألة «تتلظى»

ليست المشكلة هى الجدل الذى أفتى فيه من يعلم ومن لا يعلم، فى امتحان اللغة العربية للثانوية العامة هذا العام، حول ما قيل إنه شكوى الطلاب وأولياء الأمور من صعوبته، وخروجه عن المنهج، بسبب سؤال عن معنى كلمة «تتلظى». حدثت الضجة، رغم أن السؤال وضع بدائل للاختيار فيما بينها. ليست تلك هى المسألة. إنها غربة اللغة العربية فى بلادنا وتهميشها والاستهانة بها لصالح اللغات الغربية والأجنبية عموما، لا كلمة «تتلظى».
فكرتنى الضجة المفتعلة والمختلقة لتتلظى، بالأستاذ «حمام» المدرس البائس فى فيلم غزل البنات، الذى ما أن أخذ يصحح لتلاميذ الفصل الشياطين جهلهم باللغة العربية ومعانيها، وسخريتهم منه ومنها، ليدخل الثعلب فى لغتهم «يحتال» فى كبرياء، ويتملك «الغيط» من الأسد، ويقول له يا «أبلة» حتى تسببوا فى فصله من المدرسة. فكرتنى الضجة بمظاهرات أولياء الأمور قبل سنوات حين تصدت لهم السلطات التنفيذية لمنعهم من مواصلة حملات الغش الجماعى عبر استخدام الميكروفونات، لقراءة الإجابات الصحيحة لأوراق الامتحان أثناء تأدية أبنائهم له. حينذاك خرجت القضية من سياق اعتداء صارخ على القانون والقيم التعليمية والخلقية، إلى ما تم وصفه بعنف الأجهزة الأمنية فى التصدى لأولياء أمور يعتدون عليه وعليها، ويهدرون كل القيم، ولا يجدون فيما كانوا يفعلونه، أى جريمة لا تعليمية ولا خلقية ولا قانونية!
لكن الواقع يقول إن الاثنين، الآباء والأبناء ضحية لنظام تعليمى مهترئ، يقدس سياسة الحفظ والتلقين، عن نظم الفهم والإدراك وتنمية العقول. وتُركت مهام مصيرية مثل وضع مناهجه، لموظفى الوزارة مع كامل الاحترام لهم. لكن شغل وظيفة فى وزارة التعليم، لا يعنى القدرة المعرفية والفكرية والثقافية لوضع المناهج التعليمية، التى أخذت تكتفى بتستيف مواد دراسية فى كتب مدرسية، الهدف الأول منها هو الربح المادى، وتيسير اجتياز الامتحانات للطلاب، والنجاح بها، لا تكوين خبرة معرفية وثقافية ولا تنمية الوعى والإدراك. ومنذ عقود، بات النظام التعليمى بمجمله، ساحة للتجارب المتراكمة والفاشلة، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من حالة تعليمية متردية يتخرج طلابه فى التعليم الأولى والجامعى وهم لا يعرفون لا القراءة ولا الكتابة، ولا لغتهم القومية.
يكشف امتحان اللغة العربية للثانوية العامة السنة الحالية، جانبا من هذا التردى. فمعظم الأسئلة يغيب عنها أى بعد جمالى، أو قيمة إنسانية عليا رفيعة المستوى، أو مسئولية اجتماعية، وفضلا عن ذلك تعبر عن ذوق سقيم. فالسؤال الذى تنسب إليه المشكلة يقول: أى من الكلمات التالية تعبر عن معنى عبارة «تتلظى القلوب من نعمتك».. تتطلع أو تتناسى أو تحقد أو تتحسر؟!
ولو أن المناخ العام السائد يعتنى باللغة العربية، ويتأمل فى مفردات معانيها ولا أقول جمالها، ويفكر بعقلانية، لا بمشاعر عاطفية عشوائية بدائية، تبحث عن المصالح فى الخربات، ما كانت تتلظى تصبح مشكلة. وكلمة تتلظى هنا واضحة المعنى عن الحسد والحقد والحُرقة واللهب، وهى فى النص القرآنى «نارا تلظى» أى لهيب النار. وفى رباعيات الخيام تقول الست ثومة: أطفئ لظى القلب بشهد الرضاب، أى أن القبلات تخفف حرقة قلوب العاشقين. لكن البحث دائم عن مشجب نعلق عليه الأخطاء والخطايا، فكانت «تتلظى».
أما ما هو مدهش ويدعو للاستغراب، أن يزج مجمع اللغة العربية نفسه فى المشكلة فيزيدها تعقيدا حين يعطى لها بعدا دينيا ليس واردا بها. ويدلى رئيس المجمع بتصريحات صحفية تزيد الطين بللا، حين يطالب بإلغاء درجة هذا السؤال من أجوبة الامتحان. أما السبب فجاء أكثر غرابة من الطلب، إذا استشهد بنص قرآنى لا علاقة له بجملة السؤال، متسائلا: تتلظى هنا بمعنى تشتعل، فكيف يمكن أن تشتعل القلوب بسبب النعمة، ناسيا أنها تشتعل القلوب حسدا من النعمة التى آل إليها صاحبها، أى إن الاشتعال حسدا للشخص على نعمته، لا على النعمة نفسها.
لم تكن المأساة تكمن فى تتلظى فقط. فقد ورد فى سؤال آخر فى نفس الامتحان ما يلى: استنتج مبعث سعادة المنفق الذى قصده الكاتب فى قوله «لأنك ملأت الأيدى الفارغة، وسترت الأجساد العارية». ولا اعتراض على أن الخيارات التى منحها السؤال للطالب، يمكن أن تجلب السعادة للإنسان، مثل إحراز المكانة والتضحية من أجل الآخرين، وقضاء حوائج الناس، والحياة والتعفف، لكنها بجانب ركاكتها ترسخ لدى جيل يستعد للالتحاق بالجامعة، أن السعادة تتحقق بالتبرع، الذى بات فى السنوات الأخيرة يعزز الحلول الفردية للمشاكل بدلا من البحث الجماعى عن حلول اجتماعية. وهى فضلا عن ذلك تطرح السؤال التالى: إذا كانت تلك هى نماذج لامتحانات اللغة العربية فى المدارس الثانوية، فما هى يا ترى نوعها فى الأزهر؟!
فى هذه المعركة اختلطت المفاهيم والقيم للتغطية على أصل الداء وفصله، وهو امتهان اللغة العربية فى كافة المجالات، والتدهور الشامل فى كافة المراحل التعليمية، والتعدد العشوائى لمناهجه وأنواعه، التى فرقت عن قصد بين تعليم الفقراء وتعليم الأغنياء، وذلك هى جوهر المسألة.
 

مقالات مشابهة

  • شحاتة: خطة وطنية لمكافحة كل أشكال عمل الأطفال
  • وزير الداخلية يفتتح أول مصنع لإصدار بطاقة وطنية ملونة وغير قابلة للتزوير في العراق
  • النائب أيمن محسب: الفترة المقبلة تشهد تغييرات جذرية في سياسات الحكومة
  • الحوار الوطني في ذكرى ثورة 30 يونيو: المصريون سطروا ملحمة وطنية فريدة
  • الحوار الوطني: الشعب المصري سطر ملحمة وطنية في 30 يونيو
  • إدارة الحوار الوطني تهنئ المصريين بذكرى ثورة 30 يونيو: سطروا بها ملحمة وطنية فريدة
  • باسيل: الحرب على لبنان ستكون كارثة
  • هذه رسالة ميقاتي الحازمة ضد إسرائيل
  • أبعد من مسألة «تتلظى»