تراجع دور الدبلوماسية في حل النزاعات
اضطر 110 ملايين شخص إلى الفرار من ديارهم حسب ما أعلنت منظمة الأمم المتحدة هذا الشهر، مؤكدة أن العدد الإجمالي للاجئين الفارين من بلدانهم أو النازحين في داخلها لم يبلغ يوما هذا المستوى المرتفع. ورغم ذلك لا تزال أزمات النزوح تتذيّل سلم الاهتمامات الدولية.

السودان - أصدر المجلس النرويجي للاجئين مؤخرا تقريرا يسلط الضوء على أزمات النزوح العشر الأكثر إهمالا في العالم في عام 2023.

وتقع تسعة من البلدان العشرة في أفريقيا، والدولة غير الأفريقية الوحيدة في القائمة هي هندوراس في أميركا الوسطى.

ويتسم الإهمال، بحسب المجلس، بنقص التغطية الإعلامية، وعدم كفاية التمويل الإنساني، وعدم كفاية الاهتمام السياسي الدولي. ويغطي التقرير الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم.

وتصدرت بوركينا فاسو تقرير 2024 للمرة الثانية على التوالي، تليها الكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي والنيجر. أما جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد والسودان فهي ضمن المراكز العشرة الأولى.

وتستضيف منطقة وسط أفريقيا واحدا من أكبر مجتمعات المشردين داخليا في أفريقيا. وتشمل بلدان المنطقة الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد أدت الصراعات طويلة الأمد والتمردات المسلحة إلى عدم الاستقرار في المنطقة.

وتقدم وكالة الأمم المتحدة للاجئين المساعدة لهؤلاء ومع ذلك، وفي نمط شوهد منذ ثلاث سنوات على الأقل، تظل ميزانية الوكالة للمنطقة غير كافية.

وتنشط الجماعات المسلحة مثل بوكو حرام في حوض بحيرة تشاد منذ أكثر من عقد من الزمن. وتواجه المنطقة، التي تضم النيجر والكاميرون وتشاد، تحديات أمنية خطيرة ويحتاج العديد من سكانها البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى المساعدة الإنسانية. وقد نزح أكثر من 11 مليون شخص بسبب الصراعات ويحتاجون إلى المساعدة.

110
ملايين شخص اضطروا إلى الفرار من ديارهم وهو عدد لم يبلغ يوما هذا المستوى المرتفع

وخلفت ثلاثون عاما من أعمال العنف في جمهورية الكونغو الديمقراطية سلسلة من الموت والدمار والنزوح. ولكن في الأشهر الأخيرة، أدى تمرد المتمردين في المنطقة الشرقية إلى وضع رواندا وأوغندا المجاورتين في قلب الصراع في البلاد.

ووفقا لمراقبين، فإن الجهات المانحة وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقدم المساعدات الإنسانية، ولكنها لا تفعل الكثير لمعالجة ديناميكيات الصراع الناشئة.

ويرى المراقبون أن حل أزمة جمهورية الكونغو الديمقراطية يتطلب قدرا أقل من النفاق من جانب المانحين الأجانب، واتباع نهج يعطي الأولوية لحياة المدنيين.

وتعد النيجر من أفقر دول العالم وتعتمد على المساعدات الخارجية. كما أنها تقع في واحدة من أكثر المناطق غير المستقرة في العالم – منطقة الساحل، التي تتميز بالإرهاب واللصوصية والاتجار بالبشر.

ومع ذلك، بعد الانقلاب العسكري في يوليو 2023، خسرت الدولة غير الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة مساهمات كبيرة في المساعدات. وقد أدى ذلك منذ ذلك الحين إلى تدهور الأمن والتنمية الاقتصادية ورفاهية الناس.

وكان السودان يمر بمرحلة انتقالية وعرة إلى الديمقراطية بعد انتفاضة 2019 التي أطاحت بالرئيس عمر البشير. لكن ذلك توقف في أبريل 2023 مع اندلاع الحرب الأهلية.

وامتدت الأعمال العدائية منذ ذلك الحين إلى خارج العاصمة الخرطوم وأحيت أعمال العنف المستمرة منذ فترة طويلة في دارفور.

الجهات المانحة وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقدم المساعدات الإنسانية، ولكنها لا تفعل الكثير لمعالجة ديناميكيات الصراع الناشئة

ويحتاج حوالي 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان قبل الحرب، إلى مساعدات إنسانية عاجلة، فيما تخلق الحرب بيئة مضطربة خارج حدود السودان.

وحصل جنوب السودان على استقلاله في عام 2011، لكنه لا يزال يعاني من الفقر المدقع والمتخلف.

وتعتمد البلاد على صادرات النفط لتحقيق الإيرادات العامة. ويجب أن يمر هذا النفط عبر السودان ليصل إلى أسواق التصدير. ومع ذلك، فإن الحرب المستمرة في السودان تشكل تهديدا خطيرا لجهود التنمية في جوبا وعملية السلام المحفوفة بالمخاطر بالفعل.

ويؤكد التشريد القسري المستمر لثلث السكان وأزمة الغذاء الناجمة عن النزاع التي تهدد أكثر من نصف مجموع سكان جنوب السودان حجم التكاليف البشرية الجسيمة الناجمة عن السياسات المدمرة للبلاد.

وعلى الرغم من اتفاق السلام المعاد تنشيطه ووجود حكومة ائتلافية ظاهريا، فإن جنوب السودان لا يزال يعاني من انعدام الأمن، ولا تزال مستويات العنف والصدمة دائمة الارتفاع التي تسببت في مقتل ما يقدر بنحو 400 ألف شخص.

وعلى الرغم من اتفاق السلام المعاد تنشيطه بشأن حل النزاع في جنوب السودان لعام 2018 فإن العنف المسلح في جنوب السودان لا يزال مرتفعا باستمرار ولا يُظهر سوى القليل من علامات التراجع.

وظلت وتيرة الأحداث العنيفة ثابتة، حيث بلغ متوسطها 733 حادثا يتم الإبلاغ عنه سنويا منذ عام 2022.

وتركزت أعمال العنف في جنوب السودان بشكل مكاني حول شبكات الطرق الرئيسية في البلاد. وتسلط هذه الأحداث الضوء على الأهمية الإستراتيجية للطرق في هذه المنطقة الواسعة. حيث يوجد في جنوب السودان أقل من 300 كيلومتر من الطرق المعبدة في بلد يبلغ مساحته 650 ألف كلم مربع، أي بحجم فرنسا تقريبا. كما أن تركز الأحداث العنيفة حول شبكات النقل يؤكد كيف أن السكان والبضائع عرضة للأذى على الطرق، ولذلك فإن لكل حدث عنيف تأثيرا مضاعفا على انعدام الأمن والعزلة بسبب زيادة تقييد الحركة.

ويمثل توسع العنف واستمراره في جنوب السودان المحرك الرئيسي وراء المستويات الاستثنائية للنزوح القسري.

وأكثر من ثلث السكان، أي ما يقدر بنحو 4 ملايين نسمة، مشردون وغالبيتهم من اللاجئين، وهو أمر نادر في الصراعات الأفريقية، حيث عادةً ما يجد النازحون ملجأ داخل بلدهم. وقد ساهم ذلك في تفّرد جنوب السودان بوجود حصة أكبر من المواطنين الذين يعيشون كلاجئين أكثر من أي بلد آخر في أفريقيا.

ويفرض 3.2 مليون لاجئ تكلفة باهظة بشكل خاص على جيران جنوب السودان الذين أُجبروا على استضافة هؤلاء السكان النازحين لسنوات. وتدعم أوغندا ما يقرب من مليون لاجئ من جنوب السودان، أكبر عدد من اللاجئين في أفريقيا. كما أن السودان قريب من هذا الرقم مع ما يقرب من 800 ألف لاجئ.

ورغم أهمية مساعدة النازحين قسريا في مجتمعاتهم المضيفة أو حتى داخل دولهم فإن التقليص من التوترات الجيوسياسية والاحتكام للدبلوماسية في حل النزاعات مهمة جسيمة تقع على عاتق المجتمع الدولي.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الکونغو الدیمقراطیة فی جنوب السودان فی أفریقیا أکثر من

إقرأ أيضاً:

في رسالة إلى مجلس الأمن .. الإمارات تدفع مجددا من أجل تعزيز السلام، وتشدد على أن استمرار العنف يؤكد بأن أيا من الأطراف المتحاربة لا يمثل الشعب السوداني

 

دعت الإمارات العربية المتحدة، في بيان هام، تضمن رسالة الدولة إلى مجلس الأمن الدولي، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل تجنب حدوث مجاعة وشيكة في السودان، وأكدت دعمها لجميع المبادرات الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار، والعودة إلى الحكومة المدنية، بما يشمل توجيه دعوة رسمية لجميع الأطراف المعنية، والأطراف المتحاربة للمشاركة في محادثات جدة.
وفي هذا السياق، أشادت بعثة دولة الإمارات، في رسالتها إلى المجلس، بالجهود التي تقوم بها أوغندا، وبما يبذله مسؤولو الاتحاد الإفريقي والقادة الإقليميون من أجل إنهاء هذه الأزمة.
وكانت دولة الإمارات قد ضمّت صوتها إلى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي في دعوته التي وجهها إلى زعماء الفصائل المتحاربة للاجتماع تحت رعاية الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) بلا مزيد من التأخير، وللمشاركة في الاجتماع السياسي الشامل المرتقب في أديس أبابا خلال الفترة من 10 إلى 15 يوليو 2024.
ووجهت دولة الإمارات، في بيان صدر في نيويورك، نداء عاجلاً لمواجهة خطر المجاعة، وتواصل دولة الإمارات التأكيد على أهمية السماح بمرور وتسهيل الإغاثة الإنسانية العاجلة بشكل مستدام إلى المدنيين المحتاجين.
“يجب على المجتمع الدولي زيادة الدعم المقدم إلى السودان، فالاستجابة لهذه الأزمة أمر في غاية الأهمية، ولا يمكن استمرار عرقلتها من جانب الفصائل المتحاربة التي لا تمثل مصالح الشعب السوداني، وفي هذا السياق، تواصل دولة الإمارات تركيزها على العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين للتخفيف من خطر المجاعة، وتشجيع الأطراف المتحاربة على المشاركة بشكل إيجابي في عملية سياسية، كما تدعم دولة الإمارات كافة المبادرات الرامية إلى إنهاء هذا النزاع، وتؤمن إيماناً راسخاً بأن محادثات السلام، يجب أن تحظى بدعم جميع من يرغبون في رؤية حل سلمي لهذا النزاع”.
وجددت دولة الإمارات دعمها “لجهود خفض التوترات، وتنفيذ وقف إطلاق النار، ودفع المفاوضات قُدُماً، مما يفضي إلى استعادة حكومة شرعية تمثل كافة أفراد الشعب السوداني”، ويؤكد العنف المستمر أن أياً من الأطراف المتحاربة لا يمثل الشعب السوداني، وتشدد دولة الإمارات مجدداً على أنه لا يوجد حل عسكري لهذا النزاع.
كما ردت دولة الإمارات على الادعاءات الزائفة التي أطلقها ممثل القوات المسلحة السودانية ضد الدولة، فأبرزت الأدلة المفنّدة ما يلي:
– الصور من جوازات السفر التي زعمت القوات المسلحة السودانية أنها “عثرت عليها في ساحة القتال” كانت في الواقع صورا فوتوغرافية، مأخوذة عن طريق الماسح الضوئي لبيانات ستة جوازات سفر تخص عاملين في المجال الخيري، ورجل أعمال زار السودان قبل فترة طويلة من بدء النزاع، وتتناقض الادعاءات التشهيرية الموجهة ضد هؤلاء الأفراد بشكل صارخ مع الترحيب الذي تلقوه في السابق من السلطات السودانية، ويمتلك جميع الأفراد جوازات سفرهم، ويحتفظون بحقهم في اتخاذ الإجراءات القانونية.
– صورة المركبة المصفحة التالفة التي نشرها ممثل القوات المسلحة السودانية وأخطأ في تحديدها على أنها “مركبة مصفحة من طراز نمر ذات تصميم داخلي من طراز فورد “، إن البيان الإماراتي يوضح بشكل قاطع أنها ليست مركبة من طراز نمر، وفي الواقع، لم يتم تصنيع أي مركبة “نمر” باستخدام الهيكل الخارجي أو المقصورة الداخلية لمركبة فورد.
– ترفض دولة الإمارات الادعاءات الزائفة بشأن توريد أسلحة ومعدات عسكرية لطرف متحارب، ولم تقدم الإمارات أي أسلحة أو معدات ذات صلة بأي نوع إلى أي من الأطراف المتحاربة منذ بداية النزاع. وقدمت دولة الإمارات مساعدات عسكرية للسودان قبل اندلاع النزاع، وذلك بناءً على طلب حكومة السودان، من خلال وزارة الدفاع السودانية والقوات المسلحة السودانية، لدعم جهود السودان في الحفاظ على السلام والاستقرار في البلاد، وطلب الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، بصفته رئيساً لمجلس السيادة الانتقالي لجمهورية السودان آنذاك، رسمياً المساعدة العسكرية من دولة الإمارات، في إطار اتفاقية الدفاع الموقعة بين البلدين في 29 يوليو 2020، وكان الدعم والمساعدة من قبل دولة الإمارات متسقاً مع التزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
– صور الهواتف تعود للهواتف التجارية التي كانت تُباع على نطاق واسع منذ عقود مضت، هذه الأنواع عبارة عن هواتف مدنية قديمة لم تعد قيد الإنتاج، إن شعار وعلامات شركة “اتصالات” التي تظهر على بعض الهواتف قديمة، يعود تاريخها إلى ما قبل عام 2000، ولم تعد تستخدم من قبل الشركة.
وقال متحدث باسم حكومة دولة الإمارات: “إن الادعاءات التي قدمها الممثلون السودانيون، ليست أكثر من افتراءات ليس لها سياق أو أدلة مؤيدة، ويجب تجاهلها بإجراءات موجزة”.
كما يسلط البيان الضوء على العلاقات العميقة بين البلدين، “إن آثار هذا النزاع محسوسة بشدة من قبل كافة أفراد الجالية السودانية الكبيرة المتواجدة في دولة الإمارات، والذين يشكلون جزءاً مهماً من مجتمعنا، ويعكس وجودهم عمق العلاقات المتجذرة بين البلدين”.
ويوضح البيان، المساعدة المباشرة والكبيرة التي تقدمها دولة الإمارات لشعب السودان، فقد سعت دولة الإمارات إلى المساعدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب السوداني، وبعد أن رفضت القوات المسلحة السودانية للأسف عرضنا المقدم في 25 مايو 2023 لإنشاء مستشفى ميداني في السودان لتقديم المساعدات والدعم الطبي، أنشأت الإمارات العربية المتحدة مستشفيين ميدانيين بالقرب من الحدود التشادية السودانية، ولا يزالان يشكلان شريان حياة بالغ الأهمية لأولئك الذين يحتاجون إلى الرعاية الطبية.
علاوة على ذلك، وقعت دولة الإمارات الأسبوع الماضي اتفاقيات جديدة مع الأمم المتحدة لزيادة مساعداتها المقدمة إلى السودان، وخصصت مبلغ 70 مليون دولار أمريكي إضافية، كمساعدات للسودان من خلال الشركاء الرئيسيين ووكالات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مبلغ 130 مليون دولار أمريكي قدمتها كمساعدات إنسانية إلى السودان منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.
وستواصل دولة الإمارات تقديم قضيتها من خلال الأمم المتحدة للمساعدة في إنهاء النزاع، وإزالة ضباب المعلومات المغلوطة من المناقشات الدولية والتي تسعى إلى حجب الطريق نحو حل النزاع وإنهاء المعاناة في السودان.
ويمكن الاطلاع على البيان الكامل للبعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال الرابط:

بيان البعثة الدائمة للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة رداً على الادعاءات الزائفة التي وردت في رسالة الممثل للسودان لدى مجلس الأمن والمؤرخة في 10 يونيو 2024


مقالات مشابهة

  • مراحل تحوُّل المشكلات إلى أزمات خانقة
  • رئيس جنوب أفريقيا يعلن تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية
  • البرلمان العربي يرحب بانضمام أسبانيا إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي
  • دولتان تنضمان لجنوب إفريقيا في دعواها ضد إسرائيل
  • البرلمان العربي: ليبيا من أكثر دول المنطقة التي اكتوت بنار الإرهاب
  • تشيلي تنضم لدعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال
  • الإمارات: استمرار العنف يؤكد أن الأطراف المتحاربة لا تمثل الشعب السوداني
  • في رسالة إلى مجلس الأمن .. الإمارات تدفع مجددا من أجل تعزيز السلام، وتشدد على أن استمرار العنف يؤكد بأن أيا من الأطراف المتحاربة لا يمثل الشعب السوداني
  • إسبانيا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية