ينبغي تسمية عام 2024 بعام المفاجآت الكبرى للمقاومة لأنه بعد تسعة أشهر فقط من عملية طوفان الأقصى التاريخية في غزة، اضطرت أمريكا إلى سحب أحد أهم أسلحتها الإستراتيجية من المنطقة، لكن ما سبب أهمية هذا الحدث من حيث القيمة الرمزية والنفسية للحرب؟ نناقش في هذا التقرير مسألة ما هي التوازنات الجديدة التي رسمها الانكسار المستمر للهيمنة الدفاعية الأمريكية ضد قوى المقاومة في المنطقة، ولماذا تستطيع قوة عسكرية ذات منشآت قليلة هزيمة أحد أعظم مظاهر ورموز الهيمنة الأمريكية؟

تكنولوجيا القتال البطيئة

بعد ساعات قليلة فقط من أنباء هجوم مقاتلات يمنية على عملاق البحرية الأمريكية، حاملة الطائرات يو إس إس أيزنهاور، مسؤول في البنتاغون الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه حاول نفي الهجوم، لكن اليمنيين أعلنوا أيضاً تفاصيل الخبر وكان على خبراء البنتاغون أن يفكروا بطريقة أخرى للتغطية على المشهد ويقولون: وفقاً لقرار وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن فإن مهمة هذه السفينة الحربية في البحر الأحمر تم إنهاؤها.

في وقت سابق، أعلنت وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأمريكية أنه على الرغم من الدعم الغربي للكيان الصهيوني، إلا أن الحالة الهشة لهذا الكيان لا تزال واضحة للعيان، والموقف الأمريكي الشهير هو أنه ينبغي أن تكون السفينة في المنطقة للبقاء لكن بعد الهجوم اليمني الجديد أعلن أوستن أنه من الضروري أن تنسحب أيزنهاور ومن المحتمل أن يتم إرسال سفينة تيودور روزفلت إلى المنطقة.

وفي نهاية مايو الماضي، أعلنت جماعة أنصار الله اليمنية، أن القوات المسلحة للبلاد ضربت حاملة الطائرات الأمريكية “دوايت أيزنهاور” في البحر الأحمر ردا على الهجمات الأمريكية البريطانية، وأكد عضو المكتب السياسي لجماعة “أنصار الله” حزام الأسد أن الضربات ضد الأهداف الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية ستستمر، انطلاقا من “حق الرد المكفول لليمن، ودعما لأهلنا في قطاع غزة”، وقد تصاعد التوتر في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، فمنذ بدء جماعة أنصار الله في نوفمبر الماضي شن هجمات على سفن مرتبطة بـ”إسرائيل” أو متجهة إلى موانئها، ردا على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة.

وبدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في الـ12 من يناير الماضي، تنفيذ هجوم واسع على مواقع “أنصار الله” في مدن يمنية عدة، على خلفية هجمات الجماعة في البحرين الأحمر والعربي، قبل أن توسع الجماعة دائرة الاستهداف لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية ردا على الغارات الجوية، وكانت الجماعة قد أعلنت في العاشر من أكتوبر الماضي، أنها ستساند الفصائل الفلسطينية في مواجهة الجيش الإسرائيلي بقطاع غزة، بهجمات صاروخية وجوية و”خيارات عسكرية أخرى”، حال تدخل الولايات المتحدة عسكريا بشكل مباشر في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالقطاع.

ما سبب أهمية رحيل أيزنهاور؟

حاملة الطائرات يو إس إس أيزنهاور هي واحدة من 10 سفن كبيرة في مجموعة فئة نيميتز، والتي تعرف بأنها أهم الأسلحة التابعة للبحرية الأمريكية، وتمتلك حاملة الطائرات هذه مفاعلًا نوويًا ومهامها الإستراتيجية لها ترتيبات أمنية معقدة، تم إطلاق هذه السفينة رسميًا في الـ18 من أكتوبر 1977، ولطالما اعتبرت أحد أهم مصادر القوة البحرية الأمريكية، وهذه السفينة الكبيرة أو 333 مترا، ووزنها 114 ألف طن، مجهزة بأقوى كيان رادار ومساعدات ملاحية ورادارات مساعدات الهبوط، ويبلغ إجمالي قوة طاقمها ومشاة البحرية 5680 شخصا.

آيزنهاور ليست مجهزة لمراقبة هجمات الغواصات فحسب، بل يمتلك أيضًا النسخة البحرية والبرية من صاروخ جو-جو سي سبارو، كما أن معداته الدفاعية الإلكترونية فريدة من نوعها، ويمكن لأكثر من مئة طائرة مقاتلة ومروحية استخدام هذا الصاروخ الضخم.

بعد عملية حماس التاريخية التي فرضت هزيمة تاريخية غير مسبوقة على الكيان الصهيوني، جاءت أيزنهاور إلى المنطقة لتوفر، على سبيل المثال، أمن عبور الطاقة، لكن الغرض الرئيسي من ذلك كان من المفترض أن تكون محاطة بأجواء الكيان الصهيوني وأن تكون بمثابة قاعدة جوية عائمة، بحيث تتمكن المقاتلات عند الضرورة من الإقلاع من هذه السفينة وتنفيذ مهمتها في فترة زمنية قصيرة، وفي الوضع الراهن تغادر حاملة الطائرات “يو إس إس أيزنهاور” البحر الأحمر في حين لم تكن الولايات المتحدة تتوقع أن تكون في مضيق استراتيجي مع استمرار الهجمات على اليمن.

أحد أهم الأسباب التي جعلت من هروب أيزنهاور نقطة تحول في الدفاع هو أن حزب الله اللبناني استهدف الكيان الصهيوني بطريقة تبدد مخاوف نتنياهو ومجلس الوزراء التي وصلت إلى أعلى مستوى، لكن في هذا الوضع الصعب، لا يمكن لأيزنهاور ألّا تكون مزود الأمن للجيش تحت قيادة نتنياهو فحسب، بل إنها تغادر المنطقة أيضًا، بحيث إذا قام حزب الله اللبناني في يوم من الأيام، مثل المقاتلين اليمنيين، بإلقاء صاروخ على هذه السفينة، فإن الظروف ستكون أسوأ، بالنسبة لجو بايدن أكثر مما هو عليه.

في السابق، أثناء انسحاب أمريكا من أفغانستان، جاءت حاملة طائرات أمريكية إلى المنطقة من المحيط الهادئ، والآن أصبح كل من نتنياهو وبايدن في موقف حيث دائرة الفشل الذريع التي فرضها عليهم طوفان الأقصى، تضيق عليهم أكثر.

لماذا يعد البحر الأحمر مهمًا لأمريكا؟

يلعب البحر الأحمر، باعتباره مركز خطوط الشحن، دورًا حيويًا في التجارة العالمية، وتربط هذه النقطة الاستراتيجية البحر الأبيض المتوسط ​​بالمحيط الهندي وبحر العرب، وتحظى قناة السويس، التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، بأهمية خاصة لنقل النفط والبضائع والأصول العسكرية.

سبب آخر لأهمية البحر الأحمر بالنسبة للولايات المتحدة هو أنه يتمتع بموقع جيوسياسي خاص والولايات المتحدة مسؤولة عن تأمين أمن السعودية العربية، والكيان الصهيوني، ومصر، فضلاً عن السيطرة على تحركات المقاتلين اليمنيين، ولا يمكن تجاهل التدخل في هذه المنطقة.

لطالما ادعى مركز قيادة القوات الأمريكية في المنطقة أنه من دون وجود أيزنهاور كان من المستحيل تأمين طريق البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، وهذا على الرغم من أن العالم الآن يواجه وضعاً جديداً ويمكن للجميع أن يروا بوضوح أن الولايات المتحدة غير قادرة على تأمين قواعدها في المنطقة.

في الوضع الحالي وبعد 9 أشهر من الضربة التاريخية التي وجهتها حماس للكيان الصهيوني، فإن الإصرار على استمرار سياسة الحرب والتدخل لم يحقق شيئا لحكومة نتنياهو حكومة، وأمريكا التي تحمل لقب أهم داعم لهذا الكيان، هي في مأزق عملي واختناق استراتيجي، وبسبب ارتباط اللوبي اليهودي بالمعادلات السياسية والانتخابية، فإنه لا يستطيع الضغط على نتنياهو بسهولة.

الوقت

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الکیان الصهیونی حاملة الطائرات البحر الأحمر هذه السفینة فی المنطقة أنصار الله فی البحر أن تکون

إقرأ أيضاً:

وزيرة البيئة تترأس لجنة تنفيذ إجراءات التعامل مع حادث سفينة القصير

أعلنت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، عن نجاح اللجنة المشكلة برئاستها، والتي تضم في عضويتها شركتي «بتروسيف» و«MPS» من قطاع البترول، وفريق عمل محميات البحر الأحمر، والفرع الإقليمي لجهاز شؤون البيئة، ومحافظة البحر الأحمر، في الاحتواء الكامل ومحاصرة بقعة الزيت المحيطة بحادث شحوط مركب الشحن بمنطقة القصير بمحافظة البحر الأحمر.

المنطقة ستخضع لبرامج رصد بيئي متخصصة ومستمرة

وأضافت وزيرة البيئة أنَّه تم المسح الكامل لكل الشواطئ الواقعة بمحيط القرى السياحية والفنادق بجنوب القصير، والتأكّد من عدم وجود بقع زيتية أو تلوث، مشددة على أنَّ المنطقة ستخضع لبرامج رصد بيئي متخصصة ومستمرة، ودراسات لقياس معدلات استعادة الكفاءة ومدى الحاجة لإعادة التأهيل إذا لزم الأمر.

ولفتت وزيرة البيئة إلى أنَّ خطة العمل الموضوعة تضمنت وضع وتركيب خطين من الحواجز المطاطية، على جانبي المركب كإجراء احترازي لحماية الشعاب المرجانية والحد من أي تسرب زيتي في حالة حدوثه.

وأشارت وزيرة البيئة إلى الاستعدادات لإصلاح التلفيات التي حدثت في مركب القصير تمهيدًا لتحريكها وإصلاحها، مشيرةً إلى أن الظروف الجوية اليوم شهدت تحسنًا ملموسًا، مما أسهم في إنجاز الأعمال، على أن يتم استكمالها اليوم وغدًا.

الاستعدادات لإصلاح التلفيات التي حدثت في المركب

وأثنت الدكتورة ياسمين فؤاد على دور واهتمام جمييع الجهات المعنية المشاركة في الحادث منذ رصده وحتى الآن، مؤكدة أن ذلك يعكس وعي جميع الجهات بأهمية المنطقة ومواردها الطبيعية وشعابها المرجانية الفريدة التي حباها الله لمصر، وجعلها مكونًا أساسيًا لصناعة السياحة البيئية وداعمًا لكل مظاهر التنمية في المدينة.

ومن ناحية أخرى، تستكمل النيابة العامة بالقصير التحقيقات في الحادث، مطالبة بتقرير فني من خبراء البيئة البحرية والتنوع البيولوجي بمحميات البحر الأحمر.

مقالات مشابهة

  • “ابراهام لينكولن” تغادر الشرق الأوسط بعد “ايزنهاور” اليمن يذل حاملات الطائرات الأمريكية
  • الزنداني: دعم الشرعية اليمنية استثمارا لإستقرار المنطقة والعالم
  • بن عزيز يبحث مع قائد القيادة المركزية الأمريكية تكثيف الجهود لردع هجمات الحوثيين
  • وزيرة البيئة تترأس لجنة تنفيذ إجراءات التعامل مع حادث سفينة القصير
  • العملية الخاطفة لاستهداف السفينة الأمريكية
  • السفينة التركية المستهدفة في البحر الأحمر وعلاقتها بالكيان
  • ناشطون يكشفون تفاصيل عن السفينة التركية المستهدفة في البحر الأحمر
  • ننشر أول صور لعملية إنقاذ طاقم سفينة بضائع القصير التي تعرضت للاصطدام بالشعاب المرجانية
  • قائد البحرية الأمريكية يتحدث عن طبيعة القتال ضد الحوثيين في البحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • فيولا ديفيس.. ممثلة الفقراء التي يكرّمها مهرجان البحر الأحمر