عادات الأقباط فى صيام «العفيفة».. النذور والتبرك بمقام «مجمرة الدهب» و«الدقة والشلولو» أكلاتهم

يقدس الأقباط صوم العذراء إكراماً للسيدة مريم التى أحبها الجميع، مسلمين ومسيحيين، ويُعد صوم العذراء أحد الأصوام التى يهتم بها الأقباط ويمارسون خلالها العديد من العادات المختلفة، منها النذور والصوم بـ«ماء وملح» فقط طلباً لشفاعة أم النور، لينتهى الصيام بعيد العذراء فى 22 أغسطس، الذى يطلق عليه الليلة الكبيرة.

 يمتنع الأقباط خلاله عن تناول اللحوم والألبان والدواجن

وبحسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يبدأ صوم السيدة العذراء يوم 7 أغسطس من كل عام، ويستمر لمدة 15 يوماً لينتهى فى 22 أغسطس بعيد صعود العذراء، وهو أحد الأعياد غير السيدية بالكنيسة، ويمتنع الأقباط خلال فترة الصوم عن تناول اللحوم والألبان والدواجن.

الكنيسة تسمح بأكل الأسماك للتخفيف 

وتسمح الكنيسة بتناول الأسماك كنوع من التخفيف، إذ يُعد صوم العذراء من أصوام الدرجة الثانية فى الكنيسة، فيما يمتنع بعض الأقباط عن تناول الأسماك كنوع من الزهد.

ويشتهر صوم العذراء ببعض المأكولات الخفيفة، أبرزها «الدُّقة» وهى عبارة عن سمسم وملح وبعض البهارات، بالإضافة إلى تناول «الشلولو»، وهى عبارة عن ملوخية غير مطهية، وتتكون من الملوخية الناشفة مع بعض الثوم والبصل والمياه الباردة وتُخلط دون طبخ.

صناعة «الفطير» وتوزيعه على الجيران وزيارة الموالد الشعبية والنهضات الروحية للتبرك

«اعتدت على صنع فطير العذراء خلال فترة صيام العذراء»، هكذا قالت مريم سارى، لـ«الوطن»، موضحة أنها أخذت تلك العادة من جدتها خلال فترة صوم البتول، وأن العائلة كلها تفرح بهذه العادة وتنتظرها كل عام: «حتى إننا نوزع فى الكنيسة وعلى الجيران حولنا، وهو يُصنع بالمنزل من الدقيق والخميرة والزيت النباتى، ولا يرفضه أحد، لأنه بركة ستنا العدرا».

«مارينا» تصوم 21 يوماً طلباً للبركة.. و«صباح» تقضيه بالماء والملح

وقالت مارينا سعيد، 21 سنة خادمة بالكنيسة، إنها اعتادت بدء صوم العذراء من بداية شهر أغسطس وحتى عيد صعودها 22 أغسطس، حيث تصومه لمدة 21 يوماً وليس 15 كما هو شائع، متابعة: «من وأنا صغيرة ماما عوّدتنى أصوم من أول الشهر لأخذ بركة العذراء فى حياتنا».

وقالت مرفت جرجس إنها تصوم صيام العذراء دون تناول الأسماك وكأنه صوم من الدرجة الأولى على الرغم من سماح الكنيسة بتناول الأسماك فى أصوام الدرجة الثانية، مضيفة: «إكراماً لأم النور والتبرك خلال فترة الصوم، اعتدت أنا وأسرتى أن نمتنع عن تناول الأسماك خلال فترة صوم العذراء، حباً فى أم النور».

ويصوم بعض الأقباط صيام العذراء بـ«ماء وملح» دون طهى الطعام بزيت أو أكل السمك، حيث يُعد أى طعام بماء وملح فقط، كنوع من الزهد والتقشف خلال فترة صوم العفيفة. وفى هذا الصدد قالت صباح فكرى: «بصوم صيام ستنا العذراء بماء وملح منذ بداية زواجى من 35 سنة، يعنى مابحطش أى حاجة على الأكل غير ملح ومياه، وده حباً فى العذراء التى ساندتى فى تربية أولادى وتوصليهم للكليات ووظائف عليا على الرغم من الظروف الصعبة التى مررت بها، خاصة بعد وفاة زوجى».

ويتجه بعض الأقباط إلى الصوم الانقطاعى خلال فترة الصوم، إذ يمتنعون عن الطعام من بداية اليوم فى الـ١٢ مساء حتى غروب الشمس، ويفطرون بأكل طعام نباتى بسيط حباً فى «العذراء» كما يحرصون على الذهاب إلى الموالد الشعبية والنهضات الروحية للتبرك بـ«أم النور» وطلب المعونة منها.

هناك كنائس وأديرة تقيم موالد للسيدة العذراء طوال فترة الصوم، بل إن هناك الكثيرين الذين يقضون صوم العذراء مريم فى هذه الموالد.

قال وجيه منصور: «كنا نروح كل سنة مولد العذراء بدير بياض ببنى سويف، نقضى الـ15 يوم هناك، وكانت العيلة كلها بتتجمع فى هذا الوقت، كان أحلى وقت بنقضيه فى السنة بسبب الأنشطة اللى بتكون موجودة ومدارس الأحد للأطفال والنهضات».

ويحرص الكثير من الأقباط على الوفاء بنذورهم للعذراء خلال فترة صومها فى أغسطس، تقول دميانة عادل: «ماما كانت بتنذر إنها تصوم أسبوع زيادة من صوم العذراء كل ما يكون حد مننا أنا واخواتى فى ثانوية عامة علشان العذراء تقف معاه، وبالفعل أنا واخواتى دخلنا صيدلة وإعلام، فأصبح بعد ذلك صوم الأسبوع السابق لصوم العذراء عادة عندنا فى البيت بعد ما كان نذر».

فيما ينذر البعض خلال صوم العذراء تقديم المواشى، ومن هؤلاء جمال فكرى، الذى نذر خروفاً لأحد أديرة العذراء: «عندما تأخرت زوجتى فى الإنجاب فى السنوات الأولى من الزواج نذرت أن أرسل خروفاً لأحد أديرة العذراء وبالفعل أرسلت خروفاً لأحد أديرة العذراء خلال صيام العذراء بعدما أنجبت زوجتى ابنتى الأولى».

وتنطلق الاحتفالات بالسيدة العذراء فى الأديرة والكنائس التى تحمل اسمها ويتزاحم الأقباط فى الأماكن التى حدثت بها معجزات للعذراء للتبرك بها، مثل كنيسة السيدة العذراء بالزيتون، التى ظهرت بها العذراء فى 2 أبريل 1968 فوق قباب الكنيسة، بحسب الاعتقاد القبطى، ليتزاحم الأقباط فى النهضات الروحية خلال فترة الصوم بالكنيسة، كذلك الحال فى كنيسة العذراء ببورسعيد، حيث ينساب منها الزيت منذ 33 سنة لأخذ البركة وشفاء المرضى.

وأشارت تريزا شاكر إلى أن ابنتها لم تنجب فى بداية زواجها، فأرشدها البعض إلى أحد الأماكن التى تكثر فيها ظهورات العذراء وينساب فيه زيت من إحدى صور العذراء، وبالفعل ذهبت هى وابنتها وأخذت قطنة بها زيت من صورة العذراء: «بلعت قطنة بزيت وبعدها بأقل من سنة ربنا رزقها بابنها الكبير».

المصدر: الوطن