انتخابات تشريعية فرنسية مبكرة.. فما خصوصيتها وكيف سيتم التصويت؟
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
باريس- بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد التاسع من يونيو/حزيران الجاري، حل الجمعية الوطنية تطبيقا للمادة 12 من الدستور، ستُجرى انتخابات تشريعية مبكرة بالاقتراع العام وبشكل مباشر، لاختيار 577 نائبا، للحصول على ولاية مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد.
وتم تحديد مواعيد الجولتين الأولى والثانية لهذه الانتخابات المرتقبة بفرنسا في 30 يونيو/حزيران الجاري والسابع من يوليو/تموز المقبل على التوالي، وفي جدول زمني ضيق للغاية، حيث بدأت الحملة الانتخابية رسميا منذ 17 يونيو/حزيران الجاري.
وقبل أيام قليلة من الموعد النهائي، إليك بعض أهم الأسئلة وإجاباتها لفهم خصوصية هذه الانتخابات بشكل أفضل.
تعتبر الانتخابات التشريعية هي الرئيسية في الحياة السياسية، لأنها تحدد تعيين السلطة التنفيذية وفق النظام البرلماني الكلاسيكي، وتعتمد العقيدة الدستورية الفرنسية على فكرة بسيطة، تتمثل في أن السيادة يملكها مجلس واحد منتخب بالاقتراع العام، والذي يمثل الشعب بشكل مباشر.
ومن هنا تأتي أهمية الانتخابات البرلمانية في فرنسا، لأنها تحدد تعيين السلطة التنفيذية، حيث يكون رئيس الوزراء هو زعيم الحزب الفائز.
وباستثناء حل البرلمان، من المفترض أن تجرى الانتخابات التشريعية بعد الانتخابات الرئاسية، لمنح الرئيس المنتخب حديثا أغلبية برلمانية لتنفيذ برنامجه السياسي.
ما الهدف من الانتخابات التشريعية؟تحدد نتيجة الانتخابات التشريعية نواب الجمعية الوطنية البالغ عددهم 577 نائبا، الذين سيجلسون في قصر بوربون، لولاية مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد.
ويتمتع النواب داخل البرلمان الفرنسي بالسلطة التشريعية، بما في ذلك دراسة والتصويت على مشاريع القوانين الحكومية، فضلا عن تقديم مقترحات تشريعية ومراقبة عمل الحكومة، من خلال تشكيل لجان تحقيق، ويملكون إمكانية التصويت على اقتراح اللوم، الذي في حال تم التوقيع عليه من قبل عُشر أعضاء الجمعية الوطنية على الأقل، فإنه يؤدي إلى استقالة الحكومة.
كيف تتم عملية التصويت؟يتم انتخاب النواب بالاقتراع العام المباشر بأغلبية الأصوات في جولتين وحسب الدوائر الانتخابية، مما يعني أنه لكي يُنتخب المرشح في الجولة الأولى، يجب أن يحصل على أكثر من 50% من الأصوات المدلى بها، وعدد من الأصوات لا يقل عن 25% من عدد الناخبين المسجلين.
وفي الجولة الثانية، قد تكون الأغلبية النسبية كافية، أي أكبر عدد من الأصوات التي تم الحصول عليها، وفي حالة التعادل، يتم انتخاب أكبر المرشحين سنا.
ولكي يحق للمرشح التأهل للجولة الثانية، يجب أن يكون قد حصل في الجولة الأولى على عدد من الأصوات لا يقل عن 12.5% من عدد الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية، وإذا استوفى هذا الشرط مرشح واحد فقط، فيمكن للمرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات بعده أن يستمر في الجولة الثانية، أما في حالة عدم استيفاء أي مرشح لهذا الشرط، فيمكن فقط للمرشحين اللذين يأتيان أولا الاستمرار في الجولة الثانية.
ويتم تنظيم هذا الاقتراع بالأغلبية في 577 دائرة انتخابية تغطي كامل الإقليم، وعلى وجه التحديد 539 في فرنسا القارية، و27 في الخارج، و11 لتمثيل الفرنسيين في الخارج.
وفي كل دائرة انتخابية، ينتخب المواطنون الفرنسيون النائب الذي سيمثلهم في البرلمان، ويمكن لكل حزب سياسي تقرير توزيع مرشحيه داخل المناطق المختلفة.
ويجب أن يحمل الناخب الجنسية الفرنسية، ويبلغ من العمر 18 عاما على الأقل، ويتمتع بحقوقه المدنية والسياسية ومسجل في القوائم الانتخابية، ووفقا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، فإن أكثر من 49 مليون ناخب مسجلون في القوائم الانتخابية.
ما قواعد الترشح والحملة الانتخابية؟يأخذ طلب إعلان الترشح شكل إعلان موقع، يوضح اللقب والأسماء الأولى والجنس وتاريخ ومكان الميلاد ومحل الإقامة والمهنة للمرشح، ويجب تقديم إعلانات الترشيح للجولة الأولى من نسختين إلى المحافظة، حيث كان آخر موعد لهذه الانتخابات الساعة 6 مساء يوم 16 يونيو/حزيران الجاري، ولا يجوز لأحد أن يترشح في عدة دوائر انتخابية.
وينص قانون الانتخابات على فتح الحملة الانتخابية اعتبارا من يوم الاثنين الثاني الذي يسبق تاريخ الاقتراع، وهو الذي وافق 17 يونيو/حزيران بالنسبة للجولة الأولى، ويتم خلال الفترة الانتخابية حجز مواقع خاصة في كل بلدية لوضع الملصقات، فضلا عن إمكانية تنظيم حملات إذاعية وتلفزيونية رسمية للأحزاب التي تقدم مرشحيها.
من جهة أخرى، يحظر استخدام أي عملية إعلانية تجارية لأغراض الدعاية الانتخابية عبر الصحافة أو بأي وسيلة من وسائل الاتصال المرئي والمسموع خلال الأشهر الستة السابقة لليوم الأول من شهر الانتخابات وحتى تاريخ الجولة التي يتم فيها الحصول على الاقتراع.
وتتم عمليات فرز الأصوات فور إعلان رئيس مكتب الاقتراع إغلاق باب الاقتراع، وتكون بحضور مندوبي المرشحين دون انقطاع لحين الانتهاء منها، ويتم تشغيلها من قبل العاملين في مركز الاقتراع تحت إشراف أعضاء المركز.
وبعد تحرير محضر التصويت من نسختين موقعتين من جميع أعضاء مكتب الاقتراع، يعلن رئيس المكتب النتيجة علنا، وينشرها كاملة في قاعة الاقتراع.
في العام الذي يسبق الانتخابات، يتم إدخال الأموال التي تم جمعها لتمويل الحملة في حساب يتم فتحه خصوصا لهذه الغاية، ويُدار بواسطة وكيل مالي معين، سواء شخص أو جمعية.
ويسجل حساب الحملة الانتخابية لكل مرشح دخله ونفقاته والمزايا العينية الممنوحة لمصلحته، ولا يجوز أن يكون فيه عجز، ويتم إرساله إلى اللجنة الوطنية لحسابات الحملات الانتخابية والتمويل السياسي "سي إن سي سي إف بي" (CNCCFP) بعد شهرين من الانتخابات.
ويبلغ الحد الأقصى للنفقات 38 ألف يورو لكل مرشح، بالإضافة إلى 0.15 يورو لكل ساكن في الدائرة الانتخابية، ويتم تحديث هذا السقف كل عام بناء على مؤشر تكلفة المعيشة.
ويذكر أن قانون المالية لسنة 2012 قام بتجميد هذا السقف لحين عودة المالية العامة إلى توازنها، كما يحظر على أي نشاط تجاري المساهمة في الحملة ويوضع حد أقصى للتبرعات الفردية.
وتسدد الدولة نفقات الدعاية الانتخابية مثل المنشورات الرسمية والملصقات على اللجان الانتخابية وبطاقات الاقتراع، فضلا عن نسبة ثابتة من النفقات الفعلية، تقتصر على نصف سقف النفقات لكل مرشح حصل على 5% من الأصوات المدلى بها على الأقل في الجولة الأولى.
ما السيناريوهات المحتملة؟في مساء الجولة الثانية، ستحصل إحدى الكتل الثلاث (المعسكر الرئاسي أو التجمع الوطني أو اليسار) على الأغلبية المطلقة بما لا يقل عن 289 مقعدا في مجلس الأمة.
السيناريو الأول: حصول حزب الرئيس على الأغلبية المطلقةفي حال فوز إيمانويل ماكرون برهانه وحصول حزبه "النهضة" وحلفاؤه على أكثر من 289 مقعدا، فسيتمكن من إعادة تعيين غابرييل أتال رئيسا لوزرائه، وتنفيذ برنامجه دون الحاجة إلى التفاوض مع الأطراف الأخرى.
لكن إذا لم يحصل أي حزب على الأغلبية المطلقة ولم يتم تشكيل ائتلاف حاكم، فقد يؤدي ذلك إلى طريق مسدود في الحكومة.
السيناريو الثاني: تعايش رئيس الجمهورية مع الأغلبية البرلمانيةستؤدي الأغلبية المطلقة لحزب الجبهة الوطنية أو اليسار للمرة الرابعة في الجمهورية الخامسة إلى "تعايش" بين رئيس الجمهورية وأغلبية برلمانية ذات لون سياسي مختلف.
ووفقا للمادة 8 من الدستور، يعين رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء من بين الأغلبية البرلمانية، وإلا فإن حكومة الأقلية سرعان ما ستتعرض للانتقاد داخل البرلمان، وإذا وافقت هذه الأغلبية على اسم ما، فسيكون من الصعب على الرئيس أن يتخذ خيارا آخر.
السيناريو الثالث: فوز حزب الجبهة الوطنيةأعلن حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف أنه سيقترح رئيسه جوردان بارديلا لرئاسة ماتينيون في حالة فوزه في الانتخابات التشريعية المبكرة.
وترغب مارين لوبان في الاحتفاظ برئاسة المجموعة في الجمعية الوطنية، معلنة أنها لن تطلب استقالة إيمانويل ماكرون في حال فوز معسكرها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الانتخابات التشریعیة الحملة الانتخابیة الأغلبیة المطلقة الجمعیة الوطنیة الجولة الثانیة عدد من الأصوات فی الجولة
إقرأ أيضاً:
لماذا تزايدت مقاطعة الفرنسيين للمنتجات الأميركية؟ وكيف علق مغردون؟
وفي مؤشر واضح على تغير المزاج الشعبي، طالب أحد النواب الفرنسيين مؤخرا بإعادة تمثال الحرية، الذي أهدته فرنسا للولايات المتحدة عام 1886، معتبرا أن رمزيته لم تعد تتماشى مع قيم أميركا اليوم في ظل عودة ترامب للرئاسة.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد "إيفوب" الفرنسي، فإن 26% فقط من الفرنسيين يرون أن هناك تقاربا في القيم بين فرنسا وأميركا ترامب، مقارنة بنسبة 49% كانت تعتقد ذلك عام 2004، في تراجع واضح لمستوى التقارب القيمي بين البلدين.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4باريس: تدخل أميركا غير مقبول في سياسات الإدماج بالشركات الفرنسيةlist 2 of 4ترامب يكرر تصريحاته بشأن غرينلاند وكوبنهاغن ترفض زيارة مسؤولين أميركيينlist 3 of 4وول ستريت جورنال: ما سر كراهية تيار ماغا لأوروبا؟list 4 of 4وول ستريت: منع مارين لوبان من الترشح قد يحدث تحولا زلزاليا بفرنساend of listوأظهر الاستطلاع أن 25% فقط من الفرنسيين يؤيدون ترامب، مقارنة بتأييد 65% للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عام 2010، مما يعني تراجعا في شعبية الرئيس الأميركي في فرنسا بنحو 40 نقطة.
ولم يقتصر الأمر على عدم الرضا فقط، بل إن 62% من الفرنسيين يؤيدون مقاطعة المنتجات الأميركية، في حين يقاطع بالفعل واحد من أصل كل 3 فرنسيين منتجا أميركيا واحدا على الأقل، بحسب نتائج الاستطلاع.
واللافت للانتباه أن تأييد المقاطعة يتجاوز الانقسامات الحزبية التقليدية في فرنسا، فهي تحظى بشعبية أكبر بين ناخبي اليسار بنسبة 72%، وتدعمها نسبة 65% من ناخبي يمين الوسط، بينما تصل إلى 49% حتى بين أنصار أقصى اليمين.
إعلانوتتصدر 3 علامات تجارية أميركية بارزة قائمة المنتجات المستهدفة بالمقاطعة وهي تسلا وكوكا كولا ومكدونالدز، باعتبارها رموزا للاستهلاك الجماعي الأميركي، وقد خصصت صحيفة ليبراسيون الفرنسية صفحتها الأولى لهذا الموضوع بعنوان: "تسلا ومكدو وكوكا.. المقاطعة رائجة".
وتشهد مقاطعة شركة تسلا استمرارا منذ أسابيع في عدة دول أوروبية، حيث اتهم متظاهرون أمام مقر الشركة في باريس مالكها إيلون ماسك ودونالد ترامب بتدمير الديمقراطية الأميركية، ودعوا لعدم شراء سيارات تسلا والضغط على ماسك اقتصاديا.
ووفقا لمدير استطلاعات الرأي في مركز إيفوب، فإن من يقود حملة المقاطعة هم المستهلكون الأكبر سنا والأغنى والأكثر تعليما، وهي مجموعات تنفق عادة أكثر وتؤثر في سلوك السوق بشكل عام.
جدل رغم تراجع الشعبيةورصد برنامج شبكات (2025/3/31) تغريدات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلت مع نتائج استطلاعات الرأي، ومنها ما كتبه لوكاس: "من غير المفاجئ أن ينخفض التأييد لترامب في فرنسا. الرجل لم يكن فقط بعيدا عن قيمنا الديمقراطية، بل أيضا أضعف الصورة العالمية لأميركا. أرقام استطلاع إيفوب تعكس عدم الثقة في سياسة العزلة والأنانية التي تبناها".
وغرد ساشا: "رغم كل الجدل الذي يحيط بترامب، يظل يمثل قوة سياسية لا يمكن تجاهلها. المقاطعة لا تعد حلا بل قد تؤدي إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية وزيادة التكاليف على المستهلكين".
وكتب نول: "إذا كانت السياسات الاقتصادية لترامب تؤثر سلبا على مصالحنا وحقوقنا، فلا بد أن يكون لدينا الخيار في التعبير عن استيائنا. المقاطعة رسالة واضحة بأننا نرفض السياسات التي تضر بالعدالة والاقتصاد العالمي".
في المقابل، يرى جوستين أن "ما نشهده من دعوات للمقاطعة على منصات التواصل هو موجة عاطفية للجيل الجديد لا يعي عمق الأزمة الاقتصادية والسياسية. علينا أن نتعامل بحذر وحزم، فالوضع في أوروبا معقد ويحتاج إلى حلول إستراتيجية بعيدة عن تعقيد الأمور".
إعلانومن أبرز الأسباب وراء تزايد تأييد حملة مقاطعة المنتجات الأميركية في فرنسا، المواقف السياسية لترامب التي أغضبت الأوروبيين، وعلى رأسها موقفه من أوكرانيا وتخفيض الدعم لكييف، إضافة إلى تهديداته بالاستحواذ على غرينلاند.
كما أثارت تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على أوروبا وكندا مخاوف الفرنسيين والأوروبيين بشكل عام من تبعات سياساته على الاقتصاد العالمي، مما عزز من الميل نحو المقاطعة كوسيلة للتعبير عن الرفض لهذه السياسات.
31/3/2025