باريس- بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد التاسع من يونيو/حزيران الجاري، حل الجمعية الوطنية تطبيقا للمادة 12 من الدستور، ستُجرى انتخابات تشريعية مبكرة بالاقتراع العام وبشكل مباشر، لاختيار 577 نائبا، للحصول على ولاية مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد.

وتم تحديد مواعيد الجولتين الأولى والثانية لهذه الانتخابات المرتقبة بفرنسا في 30 يونيو/حزيران الجاري والسابع من يوليو/تموز المقبل على التوالي، وفي جدول زمني ضيق للغاية، حيث بدأت الحملة الانتخابية رسميا منذ 17 يونيو/حزيران الجاري.

وقبل أيام قليلة من الموعد النهائي، إليك بعض أهم الأسئلة وإجاباتها لفهم خصوصية هذه الانتخابات بشكل أفضل.

التلفزيون الفرنسي عرض مناظرة سياسية بين شخصيات حزبية بارزة قبيل الانتخابات المرتقبة (الفرنسية) ما أهمية الانتخابات التشريعية في الجمهورية الخامسة؟

تعتبر الانتخابات التشريعية هي الرئيسية في الحياة السياسية، لأنها تحدد تعيين السلطة التنفيذية وفق النظام البرلماني الكلاسيكي، وتعتمد العقيدة الدستورية الفرنسية على فكرة بسيطة، تتمثل في أن السيادة يملكها مجلس واحد منتخب بالاقتراع العام، والذي يمثل الشعب بشكل مباشر.

ومن هنا تأتي أهمية الانتخابات البرلمانية في فرنسا، لأنها تحدد تعيين السلطة التنفيذية، حيث يكون رئيس الوزراء هو زعيم الحزب الفائز.

وباستثناء حل البرلمان، من المفترض أن تجرى الانتخابات التشريعية بعد الانتخابات الرئاسية، لمنح الرئيس المنتخب حديثا أغلبية برلمانية لتنفيذ برنامجه السياسي.

ما الهدف من الانتخابات التشريعية؟

تحدد نتيجة الانتخابات التشريعية نواب الجمعية الوطنية البالغ عددهم 577 نائبا، الذين سيجلسون في قصر بوربون، لولاية مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد.

ويتمتع النواب داخل البرلمان الفرنسي بالسلطة التشريعية، بما في ذلك دراسة والتصويت على مشاريع القوانين الحكومية، فضلا عن تقديم مقترحات تشريعية ومراقبة عمل الحكومة، من خلال تشكيل لجان تحقيق، ويملكون إمكانية التصويت على اقتراح اللوم، الذي في حال تم التوقيع عليه من قبل عُشر أعضاء الجمعية الوطنية على الأقل، فإنه يؤدي إلى استقالة الحكومة.

كيف تتم عملية التصويت؟

يتم انتخاب النواب بالاقتراع العام المباشر بأغلبية الأصوات في جولتين وحسب الدوائر الانتخابية، مما يعني أنه لكي يُنتخب المرشح في الجولة الأولى، يجب أن يحصل على أكثر من 50% من الأصوات المدلى بها، وعدد من الأصوات لا يقل عن 25% من عدد الناخبين المسجلين.

وفي الجولة الثانية، قد تكون الأغلبية النسبية كافية، أي أكبر عدد من الأصوات التي تم الحصول عليها، وفي حالة التعادل، يتم انتخاب أكبر المرشحين سنا.

ولكي يحق للمرشح التأهل للجولة الثانية، يجب أن يكون قد حصل في الجولة الأولى على عدد من الأصوات لا يقل عن 12.5% ​​من عدد الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية، وإذا استوفى هذا الشرط مرشح واحد فقط، فيمكن للمرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات بعده أن يستمر في الجولة الثانية، أما في حالة عدم استيفاء أي مرشح لهذا الشرط، فيمكن فقط للمرشحين اللذين يأتيان أولا الاستمرار في الجولة الثانية.

ويتم تنظيم هذا الاقتراع بالأغلبية في 577 دائرة انتخابية تغطي كامل الإقليم، وعلى وجه التحديد 539 في فرنسا القارية، و27 في الخارج، و11 لتمثيل الفرنسيين في الخارج.

وفي كل دائرة انتخابية، ينتخب المواطنون الفرنسيون النائب الذي سيمثلهم في البرلمان، ويمكن لكل حزب سياسي تقرير توزيع مرشحيه داخل المناطق المختلفة.

ويجب أن يحمل الناخب الجنسية الفرنسية، ويبلغ من العمر 18 عاما على الأقل، ويتمتع بحقوقه المدنية والسياسية ومسجل في القوائم الانتخابية، ووفقا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، فإن أكثر من 49 مليون ناخب مسجلون في القوائم الانتخابية.

ما قواعد الترشح والحملة الانتخابية؟

يأخذ طلب إعلان الترشح شكل إعلان موقع، يوضح اللقب والأسماء الأولى والجنس وتاريخ ومكان الميلاد ومحل الإقامة والمهنة للمرشح، ويجب تقديم إعلانات الترشيح للجولة الأولى من نسختين إلى المحافظة، حيث كان آخر موعد لهذه الانتخابات الساعة 6 مساء يوم 16 يونيو/حزيران الجاري، ولا يجوز لأحد أن يترشح في عدة دوائر انتخابية.

وينص قانون الانتخابات على فتح الحملة الانتخابية اعتبارا من يوم الاثنين الثاني الذي يسبق تاريخ الاقتراع، وهو الذي وافق 17 يونيو/حزيران بالنسبة للجولة الأولى، ويتم خلال الفترة الانتخابية حجز مواقع خاصة في كل بلدية لوضع الملصقات، فضلا عن إمكانية تنظيم حملات إذاعية وتلفزيونية رسمية للأحزاب التي تقدم مرشحيها.

من جهة أخرى، يحظر استخدام أي عملية إعلانية تجارية لأغراض الدعاية الانتخابية عبر الصحافة أو بأي وسيلة من وسائل الاتصال المرئي والمسموع خلال الأشهر الستة السابقة لليوم الأول من شهر الانتخابات وحتى تاريخ الجولة التي يتم فيها الحصول على الاقتراع.

وتتم عمليات فرز الأصوات فور إعلان رئيس مكتب الاقتراع إغلاق باب الاقتراع، وتكون بحضور مندوبي المرشحين دون انقطاع لحين الانتهاء منها، ويتم تشغيلها من قبل العاملين في مركز الاقتراع تحت إشراف أعضاء المركز.

وبعد تحرير محضر التصويت من نسختين موقعتين من جميع أعضاء مكتب الاقتراع، يعلن رئيس المكتب النتيجة علنا، وينشرها كاملة في قاعة الاقتراع.

اليمين المتطرف متمثلا برئيس حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا (يمين) وزعيمة الحزب مارين لوبان يسعيان لتحقيق نجاح لافت (رويترز) كيف يتم تمويل الحملة الانتخابية؟

في العام الذي يسبق الانتخابات، يتم إدخال الأموال التي تم جمعها لتمويل الحملة في حساب يتم فتحه خصوصا لهذه الغاية، ويُدار بواسطة وكيل مالي معين، سواء شخص أو جمعية.

ويسجل حساب الحملة الانتخابية لكل مرشح دخله ونفقاته والمزايا العينية الممنوحة لمصلحته، ولا يجوز أن يكون فيه عجز، ويتم إرساله إلى اللجنة الوطنية لحسابات الحملات الانتخابية والتمويل السياسي "سي إن سي سي إف بي" (CNCCFP) بعد شهرين من الانتخابات.

ويبلغ الحد الأقصى للنفقات 38 ألف يورو لكل مرشح، بالإضافة إلى 0.15 يورو لكل ساكن في الدائرة الانتخابية، ويتم تحديث هذا السقف كل عام بناء على مؤشر تكلفة المعيشة.

ويذكر أن قانون المالية لسنة 2012 قام بتجميد هذا السقف لحين عودة المالية العامة إلى توازنها، كما يحظر على أي نشاط تجاري المساهمة في الحملة ويوضع حد أقصى للتبرعات الفردية.

وتسدد الدولة نفقات الدعاية الانتخابية مثل المنشورات الرسمية والملصقات على اللجان الانتخابية وبطاقات الاقتراع، فضلا عن نسبة ثابتة من النفقات الفعلية، تقتصر على نصف سقف النفقات لكل مرشح حصل على 5% من الأصوات المدلى بها على الأقل في الجولة الأولى.

ما السيناريوهات المحتملة؟

في مساء الجولة الثانية، ستحصل إحدى الكتل الثلاث (المعسكر الرئاسي أو التجمع الوطني أو اليسار) على الأغلبية المطلقة بما لا يقل عن 289 مقعدا في مجلس الأمة.

السيناريو الأول: حصول حزب الرئيس على الأغلبية المطلقة

في حال فوز إيمانويل ماكرون برهانه وحصول حزبه "النهضة" وحلفاؤه على أكثر من 289 مقعدا، فسيتمكن من إعادة تعيين غابرييل أتال رئيسا لوزرائه، وتنفيذ برنامجه دون الحاجة إلى التفاوض مع الأطراف الأخرى.

لكن إذا لم يحصل أي حزب على الأغلبية المطلقة ولم يتم تشكيل ائتلاف حاكم، فقد يؤدي ذلك إلى طريق مسدود في الحكومة.

السيناريو الثاني: تعايش رئيس الجمهورية مع الأغلبية البرلمانية

ستؤدي الأغلبية المطلقة لحزب الجبهة الوطنية أو اليسار للمرة الرابعة في الجمهورية الخامسة إلى "تعايش" بين رئيس الجمهورية وأغلبية برلمانية ذات لون سياسي مختلف.

ووفقا للمادة 8 من الدستور، يعين رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء من بين الأغلبية البرلمانية، وإلا فإن حكومة الأقلية سرعان ما ستتعرض للانتقاد داخل البرلمان، وإذا وافقت هذه الأغلبية على اسم ما، فسيكون من الصعب على الرئيس أن يتخذ خيارا آخر.

السيناريو الثالث: فوز حزب الجبهة الوطنية

أعلن حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف أنه سيقترح رئيسه جوردان بارديلا لرئاسة ماتينيون في حالة فوزه في الانتخابات التشريعية المبكرة.

وترغب مارين لوبان في الاحتفاظ برئاسة المجموعة في الجمعية الوطنية، معلنة أنها لن تطلب استقالة إيمانويل ماكرون في حال فوز معسكرها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الانتخابات التشریعیة الحملة الانتخابیة الأغلبیة المطلقة الجمعیة الوطنیة الجولة الثانیة عدد من الأصوات فی الجولة

إقرأ أيضاً:

ما هو التصويت التفاضلي في الانتخابات الأميركية؟

 إثر إغلاق مراكز الاقتراع في الولايات المتحدة، في الخامس من نوفمبر المقبل، ستبدأ عملية فرز الأصوات لتحديد ممثلي الولايات في الكونغرس وكذلك في المجمع الانتخابي، الذي سيعلن بدوره اسم الرئيس الأميركي المقبل. وستعتمد أغلب الولايات نظام الأغلبية التقليدي المعروف بـ "أف بي بي" أو "First-preference plurality" والذي يعطي الفوز للمرشح الذي يحصل على أكثر عدد من الأصوات في الدائرة الانتخابية.

لكن طبقاً للإحصاءات التي نشرتها منظمة "فير فوت"، فإن أكثر من 50 دائرة انتخابية محلية أميركية، بالإضافة إلى 3 ولايات، ستعتمد في انتخابات 2024 نظاماً مغايراً، يعرف بالتصويت التفاضلي، أو التصويت عبر ترتيب الاختيارات "Ranked Choice Voting"، الذي يتضمن طريقة مختلفة لترتيب المرشحين، قد تؤثر على النتائج النهائية للانتخابات.

يأتي ذلك في ظل احتدام التنافس في الانتخابات الأميركية، ومع اقتراب اليوم الحاسم في الخامس من نوفمبر المقبل، تتالى التوقعات والتكهنات حول هوية الفائز في الرئاسيات وتركيبة الكونغرس المقبلة، بناء على حسابات معقدة فرضتها خصوصية النظام الانتخابي الأميركي.

دعوات إلى التغيير

في عام 1915 اعتمدت مقاطعة أشتابولا، في ولاية أوهايو نظام التصويت التفاضلي، لأول مرة في الولايات المتحدة، لكنها تخلت عنه عام 1929. ثم عاد نفس نظام التصويت للظهور في الستينات، وازداد حضوره في المشهد الانتخابي الأميركي عقب انتخابات عام 2000، التي شهدت جدلاً حاداً حول طريقة احتساب الأصوات بين المرشحين للانتخابات الرئاسية، آل غور وجورج بوش الابن.

خلال السنوات الأخيرة، وبسبب الاستقطاب الثنائي الحاد في الحياة السياسية الأميركية، بين الجمهوريين والديمقراطيين، عبر أكثر من 80 في المئة من الأميركيين عن خشيتهم، وشعورهم بأن هناك تهديداً للنظام الديمقراطي في بلدهم. وبرزت أصوات تطالب بإحداث تغييرات من شأنها تخفيض حدة الاستقطاب السياسي، ودفع المشرعين المنتخبين إلى العمل بأسلوب توافقي، يعتمد حلولاً وسطى، بعيدا عن المغالاة والتحزب.

تشير استطلاعات الرأي حول أولويات الأميركيين خلال انتخابات 2024، إلى شعور بعدم الرضا عن مسار السياسة الداخلية الأميركية، التي احتلت المرتبة الثالثة مباشرة بعد الاقتصاد ومكافحة الإرهاب. إذ عبر 62 في المئة من المستطلعة آراؤهم عن رغبتهم في تخفيض النفوذ المالي في السياسة.

يقول الدكتور، لاري جاكوبز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مينسوتا، إن الإصلاح الانتخابي الأحدث هو ما يصطلح على تسميته بالتصويت التفاضلي، أو التصويت عبر ترتيب الاختيارات. والدافع الأبرز لاعتماده، هو الرغبة المتصاعدة في تمثيل أفضل لرغبات الناخبين وتوجهاتهم السياسية.

كيف يعمل التصويت التفاضلي؟

إذا كان عدد المرشحين في الدائرة الانتخابية من ثلاثة فما فوق، وعند القيام بالتصويت فإن الوثيقة التي تتضمن أسماء المرشحين، تطلب من الناخب ترتيب اختيارته حسب سلم تفاضلي، عوضاً عن اختيار مرشح واحد. ثم تبدأ عملية احتساب الأصوات التي تكون مغايرة تماماً لتلك التي يتم اتباعها في النظام التقليدي، المعروف بـ "أف بي بي"الذي يعطي الفوز للمرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات.

عملية احتساب الأصوات تتم على عدة جولات. إذ يتم أولاً احتساب الأصوات الممنوحة لكل المرشحين، ويعطي التصويت التفاضلي الفوز للمرشح الحاصل على أكثر من 50 في المئة من جملة الأصوات المصرح بها، مثلما هو الحال في نظام "أف بي بي". لكن ماذا يحدث لو كانت نتائج التصويت متقاربة ولم يحصل أي من المرشحين على تلك النسبة؟

هنا نبدأ اكتشاف خصوصية نظام التصويت التفاضلي، الذي يعتمد طريقة مختلفة لاحتساب الأصوات، يقوم من خلالها بترتيب المرشحين الأكثر شعبية، اعتماداً على الاختيارات المتعددة التي منحها للناخبين عند التصويت.

تعتمد عشرات المدن في عدة ولايات أميركية، من ضمنها سان فرانسيسكو ومينيابوليس وسالت لايك سيتي نظام التصويت التفاضلي، ومنذ عام 2018، اعتمدت ولاية ماين نفس النظام، ومجلس مدينة نيويرك عام 2019 وانضمت إليها كل من ولايتي آلاسكا عام 2022 وهاواي بصفة جزئية في 2023.

عندما تنتهي الجولة الأولى لاحتساب الأصوات، ولا يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50 في المئة، تبدأ الجولة الثانية، التي يتم فيها إخراج المرشح الذي حصل على أقل عدد من الأصوات من السباق، وتُمنح بطاقات الاقتراع التي حصل عليها ذلك إلى المرشح الذي يحتل المرتبة الثانية في باقي البطاقات.

بعد القيام بذلك تتم إعادة احتساب الأصوات، طبقاً للترتيب الجديد، ويكون الفائز هو المرشح الذي حصل على أكثر من 50 في المئة منها. وفي حالة عدم حصول أي من المرشحين على تلك النسبة، يتم إجراء جولة موالية من الاحتساب، طبقاً لنفس المبدأ، حتى بلوغ أي من المرشحين لتلك النسبة، وإعلان فوزه في انتخابات الدائرة.

تجنب اختيار "المرشح الأقل سوءاً"

تتباين الآراء حول اعتماد التصويت التفاضلي، فالمؤيدون له يؤكدون أنه يمكن الناخبين من فرصة أكبر لتمثيلهم، عبر إعطائهم الاختيار بين عدد من المرشحين عوضاً عن شخص واحد. تقول سوزان لرنر، وهي ناشطة في مجال الحوكمة بمدينة نيويورك، "في نظام التصويت التفاضلي، ليس على الناخبين اختيار المرشح الأقل سوءاً".

وتضيف لرنر، أن التصويت التفاضلي يقلل تأثير استطلاعات الرأي، التي تعطي إمكانية الفوز لمرشح بعينه، أو تقول إن مرشحاً ليس له حظوظ كبيرة للنجاح في الانتخابات. لذلك يمكن التصويت لأي مرشح دون الخشية من ضياع الأصوات إن لم ينجح في الفوز، لأنه يتم احتسابها عدة مرات في جولتين على الأقل.

التصويت التفاضلي يخفف كذلك من حدة الاستقطاب السياسي، ويجعل المرشحين أقل رغبة في مهاجمة منافسيهم، لتجنب استعداء جمهور خصومهم السياسيين، الذي قد يختارونهم في المرتبة الثانية أو الثالثة، ما يعزز فرصهم في الفوز، حسبما تقول لرنر.

طبقاً لنظام التصويت التفاضلي، فإن الفائز لن يكون دائما على رأس قائمة اختيارات الناخبين في بطاقات الاقتراع، لكنه سيكون موجوداً في أغلبها. وذلك يدفع الحملات الانتخابية لمختلف المرشحين إلى التواصل مع أوسع قدر من سكان الدائرة الانتخابية، عوضاً عن الاكتفاء بالتركيز على الجمهور الذي يصوت لهم تقليدياً، ما يجعل الحياة السياسية المحلية أكثر تنوعاً وشمولية.

طريقة احتساب معقدة

المعارضون لاعتماد نظام التصويت التفاضلي، لا ينفون دوره في تخفيض الاستقطاب السياسي الذي طغى على الحياة السياسية الأميركية، لكنهم يشيرون إلى أنه يعتمد طريقة احتساب أصوات أكثر تعقيداً، وتتطلب جهدا ووقتاً كبيرين، للحصول على النتائج النهائية، مقارنة بنظام الأغلبية.

المحافظون في الولايات المتحدة، عبروا عن رفضهم القاطع لاستخدام نظام التصويت التفضيلي في الانتخابات. ففي تقرير صدر عام 2019، قالت مؤسسة هيريتدج أن اعتماد التصويت التفاضلي يمهد الطريق للتلاعب بنتائج الانتخابات، عبر فصل الاقتراع عن القضايا الرئيسية، التي تدور حولها الحملات الانتخابية.

ويضيف تقرير مؤسسة هيريتدج أنه عوضاً عن تخفيف حدة الاستقطاب السياسي، فإن ذلك النظام يستبعد الحوار بين المرشحين حول المسائل التي تشغل الرأي العام، بالإضافة إلى الاختيارات الثنائية التي يطرحها المرشحون الأكثر حظاً في الفوز، في إشارة إلى الاختلاف في الآراء بين الحزبين الكبيرين.

ولم تتردد منظمة "أونست إلكشنز بروجكت" في القول إن التصويت التفاضلي يهدد ثقة الناخبين في الانتخابات برمتها، لأن طريقة احتساب الأصوات، قد تؤدي إلى إيجاد عدد كبير من الأوراق شبه الملغاة، ما يؤدي بالضرورة إلى انتشار شعور بالامتعاض في صفوف الناخبين، الذين لم يتم أخذ أصواتهم في الحسبان، لأنها لم تتضمن اسم أحد المرشحين في الجولة النهائية.

يقول جايزون سنيد، من منظمة "أونست إلكشنز بروجكت"، الذي تحدث إلى إذاعة "إن بي آر" الأميركية، إن اعتماد التصويت التفاضلي يؤدي إلى ارتباك أثناء عملية التصويت، بسبب الالتباس الذي قد يحدثه وجود أكثر من اختيار أمام الناخبين، وعدم اليقين من النتيجة النهائية للتصويت، التي لا تؤدي بالضرورة إلى فوز المرشح الحائز على أكبر عدد من الأصوات، ما قد يدفع الناخبين إلى عدم الإقبال على التصويت.

ويرى سنيد أن الاستقطاب الثنائي وحالة الانقسام وعدم الرضا التي تسود الناخبين الأميركيين، ليست نابعة من النظام الانتخابي، لذلك وجب التركيز على حل المسائل الخلافية، عوضاً عن تحوير طريقة سير الانتخابات، لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من الارتباك.

قسم العلوم السياسية في جامعة مينسوتا، نشر نتائج دراسة أشرف عليها الدكتور لورنس جاكوبز، في أبريل 2023، يقول الباحثون فيها إنه لا توجد إلى حد الآن نتائج قابلة للقياس تثبت أن التصويت التفاضلي قد يساهم في تخفيض حدة الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة.

ويشير جاكوبز إلى الانتخابات التمهيدية للحزبين، التي كان الهدف منها "إحداث ديمقراطية تعمل لمصلحة الشعب، لكنها أصبحت حبيسة أفكار نشطاء سياسيين لا تعكس بالضرورة الرأي العام السائد". لكن الدكتور جاكوبز يقول من جهة أخرى، أن تجربة التصويت التفاضلي لم يتم تطبيقها لوقت كافٍ يسمح بالحصول على استنتاجات مبنية على تحليلات علمية.

مقالات مشابهة

  • متى سنعرف من فاز في الانتخابات الأميركية؟
  • سلاح بيد العرب الأمريكيين..عدم التصويت في انتخابات الغد بإبطال الأصوات
  • الانتخابات الأمريكية.. اللجنة الانتخابية بويسكونسن: التصويت المبكر الغيابي والشخصي أقوى من المتوقع
  • انتخابات مولدوفا.. بلاغات بوجود قنابل وهجمات سيبرانية
  • "سراب التصويت" وتأثيره المخفي على انتخابات الرئاسة الأمريكية
  • ما هو التصويت التفاضلي في الانتخابات الأميركية؟
  • انتخابات أمريكا 2024.. كيف يتم فرز الأصوات في الولايات المتأرجحة؟
  • أمريكا.. المحكمة العليا تقضي بخسارة الجمهوريين قضية التصويت البريدي في بنسلفانيا
  • قرار قضائي يتعلق بقواعد التصويت البريدي في بنسلفانيا
  • العليا في بنسلفانيا ترد طلب الجمهوريين رفض بطاقات التصويت المؤقتة