عربي21:
2025-03-27@15:30:38 GMT

الحروب بالوكالة: حزب الله وقبرص

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

في خطاب له يوم الأربعاء الماضي، هدد أمين عام حزب الله في لبنان، حسن نصر الله، جمهورية قبرص مشيرا إلى أنّه في حال فتحت مطاراتها وقواعدها العسكرية لإسرائيل في أي حرب محتملة على لبنان، فإنّه سيتم التعامل مع قبرص كجزء من الحرب. وقد بنى نصر الله تهديده على معلومات تفيد بأن إسرائيل قد تستخدم المطارات والقواعد القبرصية لمهاجمة لبنان، في حال استهداف حزب الله للمطارات الإسرائيلية.



ويمتلك حزب الله، وهو مليشيا مسلّحة في لبنان موالية لإيران، قدرات عسكرية تتفوّق على بعض الدول الإقليمية، علاوة على صواريخ بالستيّة قادرة على ضرب أهداف في دول مثل سوريا، والأردن، والعراق، والسعودية، وتركيا وقبرص. ويأتي تهديد حزب الله لقبرص ضمن أجواء مشحونة بالبروباغندا الإعلامية بين حزب الله وإسرائيل على خلفية التصعيد الجاري بينهما مؤخرا في توقيت غاية في الغرابة، ويتعارض مع الأسباب التي يطرحها كل منهما في تبريره لإمكانية اندلاع حرب محتملة بينهما.

تشير البروباغندا التي يتّبعها الطرفان إلى أنّ التوتر المتصاعد إنما يتعلق بأمور أخرى لها علاقة بإيران بالدرجة الأولى، والبرنامج النووي الإيراني تحديدا. إذ بدأ النقاش حول البرنامج النووي الإيراني بالعودة مجددا الساحة الدولية في نهاية الأسبوع الأوّل من حزيران/ يونيو، وهي الفترة نفسها التي دشّنت التوتّر المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله
إذ كثّف حزب الله مؤخرا من دعايته التي تقول إنّ التصعيد يأتي في إطار الحرب الإسرائيلية على غزّة، في الوقت الذي تتّجه فيه هذه الحرب إلى نهايتها كما يشير واقع الحال. ولو كان حزب الله معنيا بها كما يدّعي، لكان ذلك يفترض أن يقوم بالتصعيد مع إسرائيل في بداية الحرب وليس في نهايتها. ولأنّه لم يقم بذلك، فهذا يعني أنّها مرتبطة بملف آخر غير الملف المذكور.

على المقلب الآخر، فإنّ ادعاءات إسرائيل القائلة بأنّ الهدف من أي عملية عسكرية مرتقبة ضد حزب الله هو إبعاده عن الحدود لمسافة 10 كلم كجزء من اتفاق دبلوماسي من أجل وضع حد للتوتر على الحدود، تبدو سخيفة، نظرا لغياب أي اهمّية استراتيجية لمثل هذا المطلب، ما يعني أنّ هذا الادعاء هو مجرّد ذريعة لتوسيع الحرب أو الحصول على مكاسب مجانيّة على خلفيّة التهديد بالحرب في ظل الدعم الكامل الذي يتلقاه الكيان من الولايات المتّحدة وبعض الدول الأوروبية.

وتشير البروباغندا التي يتّبعها الطرفان إلى أنّ التوتر المتصاعد إنما يتعلق بأمور أخرى لها علاقة بإيران بالدرجة الأولى، والبرنامج النووي الإيراني تحديدا. إذ بدأ النقاش حول البرنامج النووي الإيراني بالعودة مجددا الساحة الدولية في نهاية الأسبوع الأوّل من حزيران/ يونيو، وهي الفترة نفسها التي دشّنت التوتّر المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله. ويعتبر حزب الله بمثابة أداة تفاوض وضغط مهمّة في سياسة إيران النووية، إذ إنّ العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، جاء نتيجة لإرادة إيرانية في استخدام حزب الله للتفاوض في الملف النووي. في المقابل، تريد إسرائيل، ولا سيما رئيس الوزراء نتنياهو، توسيع نطاق الحرب بعد فشله الذريع في غزّة، ويشمل ذلك الانخراط مع إيران وأذرعها الإقليمية.

ففي بداية هذا الشهر، كتبت ثلاث قوى أوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تفاصيل انتهاكات إيران للاتفاق النووي المبرم عام 2015، في خطوة قد تمهّد لاحقا لإطلاق آلية العقوبات الشاملة على إيران بموجب الاتفاق النووي. ومع أنّ الرسائل البريطانية والفرنسية والألمانية لم تذكر صراحة النيّة بإعادة العقوبات، لكنها أشارت إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، الذي كرس الاتفاق النووي ومنح تلك السلطة، ينتهي في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، وهي إشارة واضحة إلى الرغبة في استغلاله قبل فترة انتهائه. مسار الترويكا الأوروبيّة تضمّن أيضا في نفس الأسبوع جهودا أفضت إلى استصدار قرار من الوكالة الدولية للطاقة الذريّة ينتقد إيران، على الرغم من التحفّظ الأمريكي.

مشكلة قبرص انّها بدأت بالانحياز بشكل فعّال إلى إسرائيل منذ أكثر من عقد من الزمن ضمن محور يضم كل من إسرائيل وقبرص واليونان شرق البحر المتوسط، حيث سعى هذا المحور إلى توثيق علاقاته الأمنية والدفاعية والاقتصادية والطاقوية والسياسية، وقد توسّع في بعض الأحيان ليضم فرنسا ومصر، وكان هدفه بشكل أساسي عزل تركيا والضغط عليها
التصعيد الإسرائيلي مع حزب الله وردود الأخير عليه يجب أن ينظر إليه من هذه الزاوية، فضلا عن أن كل مواقف وتحرّكات حزب الله يجب أن تفسّر دوما انطلاقا من طبيعة علاقته مع الولي الفقيه في إيران ودوره كفرع من الحرس الثوري الإيراني في لبنان، وليس من أي شيء آخر. ففي حين يتّهم حزب الله قبرص بالعمل بالوكالة عن إسرائيل، يقوم هو بنفس الدور فيما يتعلق بعلاقته مع إيران. وبالرغم من انّ قبرص وحزب الله ينفيان ذلك بين الفينة والأخرى، إلا أنّ نفيهما لا معنى له في ظل الوقائع الثابتة على الأرض.

مشكلة قبرص انّها بدأت بالانحياز بشكل فعّال إلى إسرائيل منذ أكثر من عقد من الزمن ضمن محور يضم كل من إسرائيل وقبرص واليونان شرق البحر المتوسط، حيث سعى هذا المحور إلى توثيق علاقاته الأمنية والدفاعية والاقتصادية والطاقوية والسياسية، وقد توسّع في بعض الأحيان ليضم فرنسا ومصر، وكان هدفه بشكل أساسي عزل تركيا والضغط عليها. وليس خافيا على أحد أنّ إسرائيل بدأت تتدرّب بشكل حثيث في أجواء قبرص واليونان بعد التوترات المتصاعدة مع تركيا، ولذلك فإنّ حديث نصر الله عن استخدام إسرائيل لقواعد في قبرص ليس سرّا وإنما معلومات متوافرة ومعروفة منذ زمن.

لكن الأهم من ذلك، هو أنّ قبرص عضو في الاتحاد الأوروبي وتضم قواعد عسكرية بريطانية، وهي تحظى برعاية شبه دائمة من اليونان المدعومة بدورها بشكل قوي لا سيما اقتصاديا من ألمانيا. وقد تحدّث رئيس جمهورية شمال قبرص التركية أرسين تتار العام الماضي عن جهود فرنسية لإقامة قاعدة عسكرية بحريّة في الشطر الجنوبي من الجزيرة إضافة إلى بعض النشاطات العسكرية الفرنسية. هذا يعني أنّ قبرص، وهنا مربط الفرس، تتّصل بشكل مباشر بالترويكا الأوروبية التي بدأت تمارس ضغطا مباشرا على إيران فيما يتعلق بالتزاماتها النووية، وإمكانية إعادة تفعيل آلية العقوبات الشاملة على طهران.

بقدر ما يريد نتنياهو توسيع نطاق الحرب للفرار من مأزقه الداخلي في غزّة، بقدر ما يرغب حزب الله في تفادي هذه الحرب ليس لأمور تتعلق بالسلم والحرب، وإنما لأنّ حسابات إيران ومصالحها تقتضي عدم التضحية بالحزب في توقيت خاطئ
من هذه الزاوية، فإنّ تهديد نصرالله لقبرص لا يجب أن يُفهم منه أنّ محاولة للضغط على الأوروبيين لكي يقوموا بالضغط بدورهم على إسرائيل فقط، وإنما هو محاولة لتهديد الأوروبيين بتوسيع نطاق الحرب لتطالهم، وذلك كرد على الضغوط التي يمارسونها على إيران بالتوازي مع إمكانية إطلاقهم لآلية العقوبات الشاملة في الوقت الذي يستنزفون فيه كل طاقاتهم وتركيزهم للحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وبقدر ما يريد نتنياهو توسيع نطاق الحرب للفرار من مأزقه الداخلي في غزّة، بقدر ما يرغب حزب الله في تفادي هذه الحرب ليس لأمور تتعلق بالسلم والحرب، وإنما لأنّ حسابات إيران ومصالحها تقتضي عدم التضحية بالحزب في توقيت خاطئ أو في معارك جانبية لا تخدم الغرض من إنشاء الحزب بالدرجة الأولى. ولذلك، فهي تفضّل أن يتم استخدامه في حسابات تتعلق بإمكانية امتلاكها للقنبلة النووية أو في الدفاع عنها ضد أي عدوان أمريكي محتمل عليها في المرحلة المقبلة. وعليه، فإنّ السؤال عن إمكانية اندلاع حرب إسرائيلية على لبنان وإمكانية أن يستهدف حزب الله قبرص؛ لا يرتبط بموقف أو وضع الوكلاء، وإنما بمن يمثّلونهم او يعملون لصالحهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الله قبرص إسرائيل النووي الإيراني إيران إسرائيل أوروبا حزب الله النووي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة من هنا وهناك سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النووی الإیرانی نطاق الحرب حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

ما علاقة تركيا بتهريب الأموال من إيران إلى حزب الله؟

قالت القناة الـ12 الإسرائيلية، أن إلقاء القبض على رجل في مطار بيروت وبحوزته 2.5 مليون دولار، أدى إلى كشف طريق جديد لتهريب الأموال من إيران إلى تنظيم "حزب الله" اللبناني. 

 

وأشارت الـ12 الإسرائيلية إلى إن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت مؤخراً عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لأي شخص يقدم معلومات عن طريق تهريب الأموال من إيران إلى حزب الله، مشيرة إلى أن المعلومات التي بدأت تتكشف ترسم صورة معقدة لشبكة تهريب متطورة، حيث ألقي القبض على رجل لبناني في 28 فبراير (شباط) الماضي، بمطار رفيق الحريري الدولي، وبحوزته حقيبة فيها 2.5 مليون دولار نقداً. 
وأضافت القناة أن ذلك المبلغ "مجرد غيض من فيض" من منظومة معقدة لتهريب الأموال، تعمل في مركزها وحدة 4400 التابعة لحزب الله، المسؤولة عن البناء العسكري للتنظيم، وفقاً لتحقيق استخباراتي إسرائيلي. 

صحيفة إسرائيلية تطالب ترامب بوقف "الزحف العدواني الإيراني"https://t.co/OKsn4sN1sP

— 24.ae (@20fourMedia) March 26, 2025
طريقة تهريب جديدة

وتقول الصحيفة، إنه إذا كان الاعتقاد بأن إيران تقوم بتهريب حقائب مليئة بالأموال إلى حزب الله في لبنان باسخدام طائرات الركاب، فإن التحقيق في القضية الأخيرة يكشف عن أسلوب متطور بنفس القدر، حيث كشف التحقيق أن طريقة التهريب تعتمد على ربط الرحلات الجوية عبر إسطنبول ودول أخرى لإخفاء الأصل الإيراني، وتتم عملية التبادل في المناطق المعفاة من الرسوم الجمركية في المطارات، دون المرور عبر مكاتب الجمارك.
وكشف التحقيق أن الرجل اللبناني غادر بيروت إلى مطار إسطنبول الدولي مساء 27 فبراير (شباط)، وفي صباح اليوم التالي وصل بالفعل إلى مطار  "صبيحة كوكجن" من أجل الوصول إلى المنطقة المعفاة من الرسوم الجمركية، وهناك التقى بمسؤول إيراني وصل من طهران قبل ساعة، وسلمه الحقيبة التي تحتوي على المال، وصعد الاثنان على متن طائرة متجهة إلى بيروت، وتم القبض عليه بواسطة نظام أمني جديد تم تركيبه في المطار، ومصمم لتتبع مهربي المخدرات.
وفي حالات أخرى، يصل المرسلون مباشرة إلى بيروت على متن طائرات شركة "ماهان" للطيران، التي يستخدمها فيلق القدس الإيراني، أو حتى على متن طائرات شركة "إيران" للطيران، ويصلون على متن هذه الرحلات بجواز سفر دبلوماسي إيراني، يمنحهم الحصانة من التفتيش الجمركي، إذا كانوا يحملون حقيبة أو بريداً دبلوماسياً، وفقاً للقانون الدولي.


مخبأ الأموال 

وفي لبنان، يتم نقل الأموال إلى مجمع تحت الأرض أسفل مستشفى الساحل في بيروت، حيث تقع الوحدة المالية لحزب الله. وأشارت القناة إلى أنه حتى الآن، امتنعت قوات الجيش الإسرائيلي عن مهاجمة المجمع بسبب موقعه أسفل المستشفى، على الرغم من أن متحدثاً باسم القوات الإسرائيلية كشف في أكتوبر (تشرين الأول) عن مخبأ تابع للأمين العام الراحل حسن نصر الله، يحتوي على أكثر من نصف مليار دولار، ويقع في هذا المجمع أيضاً مقر منظمة "القرض الحسن" التي تشكل الشبكة المصرفية لحزب الله.

هل تعاني إدارة #ترامب من الانقسام تجاه #إيران؟https://t.co/FPKbon5ArX pic.twitter.com/X7qoYy4LGW

— 24.ae (@20fourMedia) March 26, 2025
عائلة صفي الدين

وبحسب القناة، فإن الشخص الذي مهد لطريقة التهريب في الحقائب، هو ابن هاشم صفي الدين، الذي تم اغتياله أيضاً، وقد طوّر الابن هذه الطريقة، عندما كان يقوم في السابق بتهريب الأموال على متن رحلات جوية بين طهران ودمشق.
وأضافت القناة أنه مع تزايد الضغوط على شركة ماهان للطيران وتقييد الرحلات الجوية المباشرة من إيران، من الممكن أن تصبح تركيا أيضاً نقطة تقاطع مركزية على طريق النقد، مع مجموعة من شركات التوصيل والبريد السريع، التي تستخدم مطار اسطنبول كنقطة نقل آمنة نسبياً.
واختتمت القناة تقريرها قائلة إنه على الرغم من الضربة التي تلقاها حزب الله في القتال، إلا أنه يبذل جهداً واضحاً بدعم من إيران، للمشاركة في عملية إعادة بناء لبنان، لافتة إلى أن التنظيم يحاول تهريب ملايين الدولارات نقداً شهرياً عبر مطار بيروت.

مقالات مشابهة

  • ما علاقة تركيا بتهريب الأموال من إيران إلى حزب الله؟
  • عودة الحرب على غزة: هل تفتح شهيّة إسرائيل نحو لبنان؟
  • هل الحرب الأهلية في إسرائيل قدر حتمي؟
  • انتخاب نوري أصلان رئيسا بالوكالة لبلدية إسطنبول عقب سجن إمام أوغلو (بروفايل)
  • لماذا تشن إسرائيل الحرب على الأطفال الفلسطينيين
  • يديعوت أحرونوت: إسرائيل ستمنع إعادة بناء المنازل والطرق التي هدمتها بجنين
  • لماذا ينتشر مرض الكوليرا في مناطق الحروب؟
  • الاستفتاء على الحرب أو السلام.. مناورة سياسية أم حل حقيقي لأزمة إيران؟
  • ما هي الدول التي ستنضم إلى اتفاقيات «التطبيع» مع إسرائيل؟
  • الجبهة الشعبية: قطاع غزة يشهد أبشع جريمة اغتيال صهيونية للصحفيين في تاريخ الحروب