العراق يسعف نفسه بـ”الخزين الميّت” والفرات يميل على دجلة لريّ الجفاف
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
لجأت وزارة الموارد المائية العراقية إلى ما يوصف بـ”الخزين الميت” في البحيرات والسدود، والوصول الى آخر محطة خزنية، والمتمثلة في منخفض بحيرة الثرثار، بسبب النقص الحاد في كميات المياه، في محاولة لتغذية الأنهار التي تمر باتجاه محافظات الوسط والجنوب عبر نهري دجلة والفرات.
ويعد استخدام الخزين المائي الميت للمياه ظاهرة خطرة تؤشر إلى حجم الضرر الذي يواجهه العراق، فضلاً عن أزمة مرتقبة قد يواجهها البلد بسبب التصحر والجفاف وقلة الأمطار، وتقليص الإطلاقات المائية القادمة من منابع الأنهار لدى دول الجوار.
وأعلن وزير الموارد المائية عون ذياب، أخيراً، تنفيذ وزارته مشروع نصب مضخات المياه للاستفادة من الكميات الخزنية الموجودة في بحيرة الثرثار لتعزيز واردات نهر الفرات، فضلاً عن تحويل جزء من مياه دجلة باتجاه نهر الفرات الذي يشهد انخفاضاً كبيراً في مستوى الإطلاقات المائية القادمة من تركيا.
نقص حاد
وقال منصور فخري، مدير ناظم الثرثار المائي، إن “كميات من الخزين المائي في بحيرة الثرثار يجرى تحويلها من البحيرة إلى الأنهار والجداول المائية حسب الحاجة وبنسب متفاوتة، بواسطة المضخات التي نُصبت عن طريق ناظم الثرثار الذي يصب في نهر الفرات، وناظم التقسيم الذي يصب باتجاه نهر دجلة”.
وأضاف فخري أن “نهر الفرات يعاني نقصاً حاداً في المياه كونه يدخل عبر الأراضي السورية، ولا يشكل دخولاً مباشراً من المنبع كما هو الحال في نهر دجلة”، موضحا أن “ضخ المياه باستخدام الخزين الميت الموجود في بحيرة الثرثار يأتي من أجل سد النقص الحاصل في مناطق مجرى النهر وسط وجنوب العراق”.
وأوضح أن “عدد المضخات التي وُضعت بحدود 47 مضخة، تضخ حوالي 80 مترا مكعبا بالثانية”، مضيفا أن “وزارة الموارد المائية تسعى لحفر أحواض جديدة من أجل وضع مضخات إضافية لإيصال كميات المياه إلى 100 متر مكعب في الثانية من أجل رفع الضرر الحاصل في مناطق ذنائب الأنهار”.
وتعتبر بحيرة الثرثار أكبر منخفض خزني للمياه في العراق، بمساحة تقدر بـ2500 كيلو متر مربع، وتزيد سعتها الخزنية عن 80 مليار متر مكعب من المياه التي يجرى تصريفها من نهر دجلة في مواسم الوفرة المائية.
وقال علي الحياني، الباحث الاقتصادي، إن “اللجوء الى الخزين الميت لأول مرة منذ إنشاء البحيرة في خمسينيات القرن الماضي يعد مؤشراً خطيراً لما وصلت إليه أزمة شح المياه، وهناك توقعات بتزايد الأزمة بسبب سوء الإدارة المائية في البلد”.
وأضاف الحياني، أن “الاعتماد على مخزون بحيرة الثرثار محاولة لتقليل تداعيات أزمة الجفاف وشح المياه، لكن هذا الإجراء سيتسبب بتراجع مستويات المياه بشكل أكبر، خاصة أن مستويات المياه الآن منخفضة ولا تصل إلى مستويات قناة التصريف باتجاه نهر الفرات”.
وأوضح أن “كميات المياه المتبقية في منخفض الثرثار، وفق دراسة ميدانية، لا تتجاوز 35 مليار متر مكعب فقط، وقد تنضب هذه الكمية خلال أشهر، بسبب الاستخدام المفرط و التبخر الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى توقعات بعدم تساقط الأمطار بكميات كافية خلال موسم الشتاء المقبل”.
أمراض خطيرة
بدوره، اعتبر تحسين الموسوي، الخبير المائي، أن “العراق يواجه موتاً تدريجياً.. الأمر سابقاً كان يدور حول شح المياه، ولكن البلاد وصلت الآن إلى الإفلاس”. وأشار الموسوي، في حديثٍ صحافي، إلى أن البلاد وصلت حالياً إلى آخر محطة خزنية وهي بحيرة الثرثار، وما تبقى من هذه البحيرة لا يصلح للاستهلاك والزراعة، وأن المياه تشهد ارتفاعاً في نسب الملوّثات خاصة في مناطق الوسط والجنوب، وتنتج عنها أمراض وبائية خطيرة، منها السرطان، بسبب تلوّث المياه.
وأكد الموسوي أن “العراق بحاجة إلى إطلاقات مائية عاجلة بحدود 100 مليار لمعادلة خزانات المياه الجافة حالياً، ودفع الضرر المحتمل والذي سيتسبب بكارثة إنسانية حقيقية”.
ومن جانبه، انتقد رمضان حمزة، المختص في الشؤون المائية، إجراءات وزارة الموارد المائية باللجوء إلى الخزين الميت في البحيرات، مؤكداً “أن هذا الإجراء يعد مؤشراً خطيراً لأزمة المياه، ويشكل تهديداً للأمن المائي العراقي”.
وأشار حمزة، إلى أن “هناك أضرارا جسيمة سيخلفها استخدام الخزين المائي الميت لما فيه من كميات كبيرة من أملاح وجراثيم المياه الراكدة، ما سيؤدي إلى نفوق الأسماك والثروة الحيوانية وتضرر الزراعة”.
وطالب بضرورة “اللجوء إلى الحلول الدبلوماسية مع تركيا وإيران عن طريق تشكيل مجلس وطني للمياه يضم مجموعة من الخبراء والمختصين، يتولى وضع الخطط الاستراتيجية والإشراف على تشكيل لجان مختصة بالتفاوض من دول منابع المياه المتمثلة بالجانبين التركي والإيراني”.
وشدد حمزة على أهمية “اتباع سبل اقتصادية ترتبط بالميزان التجاري مع دول الجوار، من أجل فرض شخصية الدولة العراقية وإجبار هذه الدول على تلبية حاجة العراق من المياه وإعادة توازن الإطلاقات المائية إلى ما كانت عليه، من أجل سد النقص الكبير”. وشدد أيضاً على “ضرورة توفير وسائل الري الحديثة للحفاظ على كميات المياه وتوفير خزين استراتيجي يضمن عدم حدوث أزمة في مواسم الجفاف”.
المصدر: وكالة تقدم الاخبارية
كلمات دلالية: الموارد المائیة کمیات المیاه من أجل
إقرأ أيضاً:
جفاف 36 بحيرة في تركيا خلال آخر 50 عامًا
حذر البروفيسور الدكتور فاتح كونوكجو، أستاذ الهندسة البيولوجية في جامعة تكيرداغ، من التأثيرات السلبية للتغير المناخي على الموارد المائية في تركيا، مؤكدًا أن 36 بحيرة في البلاد جفت تمامًا في آخر 50 عامًا، وأن 14 بحيرة أخرى مهددة بالجفاف.
جاء ذلك خلال مشاركته في مؤتمر “التطبيقات الزراعية المستدامة وعلوم البذور”، الذي نظمه قسم الهندسة البيولوجية في جامعة تكيرداغ. وتابعه موقع تركيا الان
وأوضح كونوكجو في حديثه أن التغير المناخي والاحتباس الحراري لهما دور كبير في تدهور البيئة وزيادة مشاكل المياه. وأشار إلى أن تركيا تشهد جفافًا طبيعيًا كل 5-6 سنوات وجفافًا شديدًا كل 12-16 سنة، مع تفاوت كبير في توزيع الأمطار من حيث الوقت والمكان.
الأمطار والتغيرات المناخية تؤثر سلبًا على الموارد المائية
البروفيسور كونوكجو أضاف أن العالم يعاني من نقص كبير في المياه، حيث يعيش 2.5 مليار شخص دون الوصول إلى مياه صالحة للشرب، مشيرًا إلى أن نحو 300-500 مليون طن من المعادن الثقيلة والملوثات يتم تصريفها إلى المياه العذبة سنويًا، ما يؤثر على التنوع البيولوجي ويسهم في انقراض العديد من الأنواع.
صدمة الذهب: الحد الأدنى للأجور في تركيا 2025 أقل من 2002!
الأربعاء 25 ديسمبر 2024ترقيا تواجه نقصًا مائيًا حادًا
وتابع كونوكجو تحذيراته حول أزمة المياه في تركيا، مشيرًا إلى أن منطقة تراقيا قد تواجه صعوبة في تأمين احتياجاتها المائية في المستقبل القريب. حيث يعتمد جزء كبير من مياه الشرب في المنطقة على المياه الجوفية، التي تشهد نقصًا حادًا يصل إلى 141 مليون متر مكعب حاليًا، مع توقعات بزيادة هذا النقص ليصل إلى 500 مليون متر مكعب بحلول عام 2050.