نيويورك (الاتحاد)
أكدت دولة الإمارات دعمها لجهود خفض التوترات في السودان، ولتنفيذ وقف إطلاق النار، ودفع المفاوضات قُدُماً، مما يفضي إلى استعادة حكومة شرعية تمثل أفراد الشعب السوداني كافة، وباعتبارها شريكاً موثوقاً للمنطقة، مشيرة إلى أنها لن تتنازل عن دعمها طويل الأمد للشعب السوداني الشقيق، وستواصل العمل مع المجتمع الدولي سعياً للتوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع الكارثي.

جاء ذلك في بيان للبعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، أمس، رداً على الادعاءات الزائفة التي وردت في رسالة ممثل للسودان لدى مجلس الأمن، حيث أكد البيان أن دولة الإمارات تشعر بقلق بالغ إزاء الآثار المدمرة للنزاع في السودان، وبشكل خاص إزاء التقارير حول العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وقتل وتشويه وتجنيد الأطفال والقصف الجوي العشوائي، وارتفاع خطر حدوث مجاعة، واستمرار معاناة وتهجير آلاف المدنيين، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
وكررت دولة الإمارات دعواتها للأطراف المتحاربة بضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وذكّرت الأطراف المتحاربة بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والالتزامات التي تم التعهد بها في جدة بشأن حماية المدنيين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم، وحثتهم على الامتثال لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وجاء في البيان: «إن الجالية السودانية الكبيرة الموجودة في دولة الإمارات، والتي تشكل جزءاً مهماً من مجتمعنا الإماراتي، وتعكس عمق العلاقات المتجذرة بين البلدين، تشعر بوطأة هذا النزاع. والشعب السوداني يستحق العدل والسلام، ويحتاج إلى وقف إطلاق نار فوري، وتدفق المساعدات الإنسانية من دون عوائق، وعملية سياسية ذات مصداقية».

أخبار ذات صلة الشيخة سلامة بنت حمدان وحرم الرئيس الفلبيني: إثراء المشهد الإبداعي الثقافي في البلدين المستشفى الإماراتي العائم في العريش يجري 800 جراحة لمصابين فلسطينيين

وشدد البيان على أن دولة الإمارات يساورها قلق بالغ إزاء الوضع الإنساني الكارثي والمتدهور في السودان، بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي الحاد الذي وصل إلى مستوى الأزمة، ونهب مخازن المساعدات الإنسانية، مستغرباً أن تواصل الأطراف المتحاربة عرقلة ورفض المساعدات الإنسانية الأساسية، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي، بينما يواجه ملايين السودانيين خطر حدوث مجاعة وشيكة، ولذلك، «فإن دولة الإمارات تضم صوتها إلى مجلس الأمن في حث أطراف النزاع على السماح بمرور وتسهيل الإغاثة الإنسانية العاجلة إلى المدنيين المحتاجين بشكل فوري وآمن ومستدام ودون أي عوائق وفقاً للقرار 2736».
وأوضح بيان البعثة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة أن «دولة الإمارات سعت إلى المساعدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب السوداني. وبعد أن رفضت القوات المسلحة السودانية للأسف عرضنا المقدم في 25 مايو 2023 بإنشاء مستشفى ميداني في السودان لتقديم المساعدات والدعم الطبي، أنشأت دولة الإمارات مستشفيين ميدانيين بالقرب من الحدود التشادية السودانية، ولا تزال هذه المستشفيات الميدانية تشكل شريان حياة بالغ الأهمية لمن يحتاجون الرعاية الطبية».

وحذر البيان من خطر الأزمة الإنسانية وتداعياتها على الأمن الإقليمي، موضحاً أن «السودان يخاطر مرة أخرى بالتحول إلى أرضٍ خصبةٍ لنمو الأيديولوجيات المتطرفة والمنظمات الإرهابية.. وعليه، فإن الفراغ الأمني في السودان يهدد بالسماح بانتشار التطرف والعنف بين المجتمعات والذي يؤججه خطاب الكراهية والمعلومات المغلوطة إلى دول الجوار، مما يخلق أزمة إقليمية ذات أبعاد وآثار عالمية على الهجرة والأمن الغذائي ومكافحة الإرهاب»، موضحاً أن «السبيل الوحيد لمنع ذلك هو دعم تحقيق السلام والاستقرار والتطور الاقتصادي في السودان تحت قيادة حكومة مدنية».
وأكد البيان أن استمرار العنف في السودان يؤكد أن لا أحد من الأطراف المتحاربة يمثل الشعب السوداني، وأنه لا يوجد حل عسكري لهذا النزاع الذي يجب أن ينتهي. ولذلك، تحث دولة الإمارات الأطراف المتحاربة على وقف القتال فوراً، والانضمام إلى عملية محادثات جدة، والتفاوض من أجل تمهيد الطريق نحو حكومة تمثل الشعب السوداني بقيادة مدنية.
وفي ظل المنعطف الخطير الذي يمر به السودان والمنطقة، يضيف البيان «تشعر دولة الإمارات بقلق بالغ إزاء استمرار نشر المعلومات المضللة والروايات الكاذبة، والتي ليست سوى محاولة لصرف الانتباه عن الوضع على الأرض».

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الشعب السوداني السودان الإمارات أزمة السودان مجلس الأمن الدولي مجلس الأمن الجالية السودانية المساعدات الإنسانية المساعدات الإماراتية القوات المسلحة السودانية المساعدات الإنسانیة الأطراف المتحاربة دولة الإمارات فی السودان

إقرأ أيضاً:

مقارنة بين العقد الاجتماعي للشعب السوداني وأفكار الإمام الراحل الصادق المهدي

في ظل التعقيد السياسي والأزمات التي يمر بها السودان، تبدو الحاجة ملحّة لصياغة رؤية وطنية شاملة تجمع بين تطلعات الشعب السوداني والتحديات الواقعية. من أبرز هذه الرؤى، ما يُعرف بالعقد الاجتماعي للشعب السوداني، الذي يعكس مساعي قوى جديدة لإعادة تشكيل ملامح الحكم والدولة، وأفكار الإمام الراحل الصادق المهدي، الذي كان رائدًا للفكر الإصلاحي والسياسي في السودان. في هذه المقارنة، نسعى لتسليط الضوء على نقاط الالتقاء والاختلاف بين هذه الطروحات، وخاصة في ظل بروز تيار الطريق الثالث كدعوة جديدة للتغيير.
العقد الاجتماعي للشعب السوداني
يرتكز العقد الاجتماعي للشعب السوداني على رؤية تقدمية تسعى إلى تحقيق مجتمع ديمقراطي ومتنوع يعكس التعددية الثقافية والعرقية في البلاد. أهم محاوره-
الديمقراطية المجتمعية: رفض الحكم العسكري والإسلام السياسي، مع تأكيد حق الشعب في حكم نفسه عبر مؤسسات منتخبة.
العدالة الاجتماعية: ضمان توزيع الثروات بعدالة، ورفع مستوى معيشة الفئات المهمشة.
التنوع الثقافي: الاعتراف بالتعددية الثقافية والعرقية باعتبارها مصدر قوة، مع رفض أي محاولات للهيمنة العرقية أو الدينية.
الحكم الرشيد: تعزيز الشفافية، محاربة الفساد، وترسيخ دولة القانون.
السلام والاستقرار: التزام بتحقيق الوحدة الوطنية عبر الحوار الداخلي بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
أفكار الإمام الصادق المهدي
كان الإمام الصادق المهدي من أبرز دعاة الإصلاح السياسي والفكري، ورؤاه تتسم بالتوازن والاعتدال، ويمكن تلخيص أهم أفكاره كما يلي-
الديمقراطية التوافقية: إعطاء الأولوية لتوافق القوى السياسية والاجتماعية من خلال شراكة شاملة لا تستثني أحدًا.
العدالة الاجتماعية: السعي لتحقيق تنمية عادلة تشمل جميع الأقاليم والمجتمعات، مع ضمان حق الفئات الضعيفة.
الهوية الوطنية: تعزيز وحدة السودان من خلال احترام التنوع الثقافي واللغوي، والحفاظ على الهوية السودانية الجامعة.
الحكم الرشيد: تأكيد الشفافية، والمساءلة، والنزاهة في العمل الحكومي، مع محاربة الفساد كأولوية وطنية.
السلام والمصالحة: كان داعمًا للحوار والتفاوض كوسائل رئيسية لحل النزاعات السودانية الداخلية.
المقارنة بين العقد الاجتماعي وأفكار الصادق المهدي
البند العقد الاجتماعي أفكار الصادق المهدي
الديمقراطية رفض الهيمنة العسكرية والإسلام السياسي، وتأكيد الديمقراطية المجتمعية. ديمقراطية توافقية تضمن مشاركة الجميع في الحكم دون إقصاء.
العدالة الاجتماعية التركيز على التنمية المتوازنة وتحسين أوضاع المهمشين. توزيع عادل للثروات ورفع مستوى المعيشة في جميع أنحاء السودان.
التنوع والهوية الاعتراف بالتنوع الثقافي والعرقي كمصدر قوة وطنية. الحفاظ على الهوية السودانية الجامعة مع احترام الخصوصيات الثقافية.
الحكم الرشيد الشفافية، المساءلة، وتفعيل آليات رقابية مستقلة. الحكم الرشيد القائم على النزاهة والشفافية ومحاربة الفساد.
السلام الالتزام بالحوار الداخلي ورفض التدخلات الأجنبية لتحقيق الاستقرار الوطني. تعزيز المصالحة الوطنية عبر الحوار والتفاوض بين الأطراف المختلفة.
اختلافات رؤية الطريق الثالث وأفكار الصادق المهدي
التوجه الفكري
رؤية الطريق الثالث تتسم بنزعة حداثية متمردة على الموروثات السياسية التقليدية، حيث ترفض بشكل قاطع الإسلام السياسي.
الإمام الصادق المهدي اعتمد خطابًا أكثر مرونة، مع إبقاء مساحة للحوار مع تيارات الإسلام السياسي، خاصة في سياق المصالحة الوطنية.
التركيز الجغرافي والسياسي
الطريق الثالث يركز على تمثيل المناطق المهمشة كأولوية وطنية.
الصادق المهدي ركز على إيجاد صيغة توافقية تجمع المركز والهامش ضمن وحدة وطنية متكاملة.
آليات التنفيذ
الطريق الثالث يميل إلى تمكين القوى الشبابية والمجتمع المدني عبر سياسات ثورية حازمة.
الإمام الصادق المهدي تبنى نهجًا إصلاحيًا تدريجيًا، مستندًا إلى التقاليد السياسية السودانية.
اقتراحات لتحسين العقد الاجتماعي للطريق الثالث
تعزيز الحوار الوطني: دمج كافة القوى السياسية والاجتماعية ضمن عملية شاملة لصياغة العقد الاجتماعي.
التوجه التنموي: إطلاق خطط واضحة لمعالجة التفاوت الإقليمي وتعزيز البنى التحتية في المناطق النائية.
تفعيل العدالة الانتقالية: إنشاء آليات متفق عليها لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات الماضي، وتعزيز المصالحة.
*تشترك رؤية العقد الاجتماعي للشعب السوداني وأفكار الإمام الصادق المهدي في الدعوة إلى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد، مع تباين في الوسائل وآليات التطبيق. في حين أن الصادق المهدي اعتمد التوافقية كأسلوب لحل المشكلات، يتسم الطريق الثالث برؤية أكثر جرأة ورفضًا للتنازلات مع القوى التقليدية. يعكس هذا التباين تطورًا طبيعيًا في الفكر السياسي السوداني، حيث تسعى الأجيال الجديدة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي بما يتماشى مع تطلعات المستقبل.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • مباحثات سعودية أمريكية بخصوص السودان وتداعيات المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
  • مقارنة بين العقد الاجتماعي للشعب السوداني وأفكار الإمام الراحل الصادق المهدي
  • وزير الإعلام السوداني: الجيش سيحرر ولاية الجزيرة بشكل كامل قريبا
  • الأمم المتحدة: زيادة التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية في السودان
  • الجيش السوداني يكثف ضرباته على مواقع الدعم السريع في الخرطوم وبحري
  • الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة ويلاحق عناصر الدعم السريع
  • الجيش السوداني يدعو جوبا لمنع عناصر الدعم السريع من دخول أراضيها
  • ألمانيا: أوروبا تواجه تهديداً طويل الأمد بسبب الحرب الأوكرانية
  • وزير الدفاع الألماني: أوروبا تواجه تهديدًا طويل الأمد
  • الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من الدعم السريع