الأنبا بنيامين مطران المنوفية يكتب.. مفهوم الصوم
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
فضيلة الصوم مرتبطة بلقاء الإنسان مع الله منذ بدء الخليقة، فلقد أوصى الله آدم وحواء بأن يأكلا من جميع شجر الجنة ما عدا شجرة معرفة الخير والشر، وهذا هو مفهوم الصوم، ترك الطعام لأجل محبة الله الذى خلق كل شىء لإسعاد الإنسان لأنه يحبنا، لذلك نصلى فى القداس «خلقتنى إنساناً محباً للبشر»، ولكى نعبر عن محبتنا له نترك طعاماً كدليل أن الله هو الذى طلبه لنُعبر عن حبنا له، وللأسف لقد أغوى الشيطان الإنسان فأكل من الشجرة الممنوعة وطرد من حضرة الله والنقاء القلبى الذى خلق عليه.
لذلك فى الصوم لا نمتنع عن أكل محرم، بل نمتنع عن طعام حلال، كدليل على محبتنا لله وهناك حكمة تقول: (الإنـسان هو ما يأكل)، بمعنى أن الأكل يظهر نوعية وطريقة الإنسان، ليؤكد أن واهب الحياة هو الله وليس الطعام، وبذلك نشعر بأن الصوم مدرسة فى الفضيلة، ومن هذا المنطلق يقول القديس بولس الرسول (أقمع جسدى وأستعبده حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسى مرفوضاً).
لذلك نفرح بالصوم، لأن الأكل كان مصدراً للسقوط فى الشر، والصوم هو تدريب على التفرّغ للصلاة، واستعداد روحى للشبع من محبة الله والقرب منه، وهنا تظهر جلياً قيمة الصوم فى كل الأديان للتدرب على قمع الشهوات الجسدية والسمو الروحى وليس الانحدار فى شهوات الجسـد، ومنها التعلق بأطعمة شهية تثير الرغبات الجسدية والغرائز التى يجب ضبطها حتى ينتصر على الإغراءات الشيطانية التى تحاربنا.
ومن هنا نجد أن الصوم مرتبط بالعبادة، لأنه يفرّغ المصلى ليجد الفرصة للاتصال بالله كدليل على محبتنا للعبادة، ويؤكد القديسون المختبرون الحياة مع الله أن كل جهاد ضد الخطيئة وشهواتها يجب أن يبدأ بالصوم، وكلام الله فى الإنجيل يُعلمنا أن الحياة حسب الجسد تؤدى إلى الموت، أما إن عشنا حسب الروح فهذا يوصلنا إلى الحياة الحقيقية مع الله وفى (رو8: 13) لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ.
لذلك فالصوم يميت الأهواء والشهوات والانحرافات الداخلية، لكى يكون لنا نصيب فى الأبدية السعيدة مع الله، لأن ميولنا وشهواتنا هى عدونا أكثر من الأعداء الخارجيين الذين أعوانهم الشياطين الذين يحاربوننا دائماً بالشهوات والملذات وإثارة النزوات.
ولقد أعطى الله الصوم كرامة، لأنه يمنح الإنسان قوة إرادة وسلطاناً قوياً ينجينا من الشرور، إذن فالصوم ليس مجرد انقطاع عن الطعام ولكنه إماتة للذة والشراهة فى الأكل، وانتصار على الذات والأنا التى تحرك فينا كل النوازع الخاطئة من كبرياء وارتباطات شريرة كاذبة، والصوم أيضاً بداية لحياة التوبة والرجوع إلى الله كمثال أهل نينوى الذين صاموا بمناداة يونان النبى حتى ينجوا من الهلاك الذى كان سيحدث لهم كنتيجة للخطايا التى صنعوها ضد الله ومحبته.
المصدر: الوطن
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: " تراجع " حركة التجارة الدولية !!
لا شك بأن الأزمة العالمية التى نشبت أظافرها فى جسد الإقتصاد الأمريكى والأوربى والجنوب شرق أسيوى، قد أثرت تأثيرًا مباشراَ على تلك الأسواق الناشئة والتى تعتمد إعتماداَ كبيراَ على التصدير للدول الكبرى ذات الإقتصاديات المتداعية حالياَ.
ولاشك أيضاَ أن تراجع حركة التجارة الدولية لها أثار سلبية على أسواقنا المحلية سواء كانت بمعنى ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) أى بنزول أسعار المنتجات العالمية المستوردة للسوق المحلى وأهمها الحبوب، الزيوت، الغذاء بصفة عامة أو المنتجات البترولية أو السيارات وأيضاَ فى الجانب الأخر بالضرورة هبوط أسعار المنتجات المحلية لتوفرها فى الأسواق المحلية لعدم تصديرها، وتقليل الطلب عليها نتيجة الركود فى الإقتصاد العالمى والغريب فى الأمر أن الأسواق المصرية لم تستوعب هذه الإنخفاضات وهناك (تَكَبُر ) من التجار على المستهلكين المصريين مما جعل الفائدة من المصيبة عند الغير لم تؤدى دورها عندنا، وهنا فقد المثل الشعبى، قدرته على تأكيد صحته !!
وهو مايجب أن تتدخل الحكومة لفرضه وتأكيده حتى يكون هناك متنفس للمستهلك المصرى أمام مصائب أخرى سوف يتحملها مثل توقف بعض خطوط الإنتاج فى المصانع المصرية أو تباطؤ حركة المرور فى قناة السويس بعد إزدواجها والإستثمارات التى ضُخَتْ فيها !!، مع مصيبة إقليمية أخرى وهى انتشار الحروب فى منطقة الشرق الأوسط وظهور "الدواعش" فى المحيط!! ومحاولة بعض شركات النقل البحرى العملاقة وغيرها لإستخدام رأس الرجاء الصالح وعدم إستخدام قناة السويس "للعبور بين الشمال والجنوب كما حدث اثناء العصابات التى هددت قوافل النقل البحرى فى جنوب البحر الأحمر(فى الصومال).
كما أن مصيبة الركود الإقتصادى العالمى سوف يؤثر دون شك على حركة السياحة العالمية وإختيارها السوق المصرى لنشاطها وربما هذا قد حدث بعد سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء !!
وبالتالى فإن انتشار أسواق جملة ونصف جملة وقطاعى من الحكومة لفرض التنافسية فى سعر البيع للمستهلكين المصريين ضرورة وواجب حتمى لزيادة الإنفاق وتدوير حركة "الإقتصاد الوطنى" كما أن السعى لنشر التسهيلات والتخفيضات والدعوة للسياحة الداخلية ( الوطنية ) هى الحل الأمثل والسريع لدوران عجلة السياحة وعدم توقف آلياتها مع تعثر القادمين من الخارج!!.
إن سياسات جديدة يجب أن تتبعها تلك الأنشطة الإقتصادية مدعومة برؤية شاملة من الحكومة المصرية هى الحل وهى المخرج المؤقت من هذا النفق العالمى المظلم !!
[email protected]