سواليف:
2025-02-22@03:40:35 GMT

هل تصل «الفوضى الهلاكة» إلى أوروبا؟

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

#سواليف

هل تصل « #الفوضى_الهلاكة » إلى #أوروبا؟

د. #فيصل_القاسم

مقالات ذات صلة إلى من تخطى الخمسين لا تقل فات الأوان 2024/06/28

هل سمعتم في التاريخ الأوروبي الحديث منذ الحرب العالمية الثانية زعيماً أوروبياً يحذر من اندلاع حرب أهلية في بلاده؟
قد يخطر اسم يوغسلافيا السابقة على بالكم، لكن يوغسلافيا كانت تابعة لأوروبا الشرقية المنضوية وقتها تحت لواء حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفياتي، الذي هو نفسه انهار فيما بعد وتفكك.

أما الحركات الانفصالية في إسبانيا وإيرلندا فهذا موضوع آخر، وأسبابه مختلفة تماماً عما ذكره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أيام، فقد حذر ولأول مرة في التاريخ الفرنسي الحديث من إمكانية سقوط فرنسا في براثن الحرب الأهلية. وقال حرفياً إن برنامجي اليمين واليسار المتطرفين يؤديان فعلياً إلى «حرب أهلية». وأضاف بأن «الحلول التي قدمها اليمين المتطرف تصنف الناس من حيث دينهم أو أصولهم، وهذا هو السبب في أنها تؤدي إلى الفرقة وإلى الحرب الأهلية». ونحن هنا لا نتحدث عن دولة أوروبية هامشية، بل عن ركن أساسي في الاتحاد الأوروبي. إنها فرنسا وما أدراك ما فرنسا. هل كان تحذير الرئيس الفرنسي يا ترى مجرد مناورة سياسية ضد خصومه، أم إن السيل قد بلغ الزبى، وإن أوروبا كلها باتت على كف عفريت بسبب صعود أسهم الأحزاب اليمينية المتطرفة في الانتخابات؟ الواضح أن اليمين كما أظهرت نتائج الانتخابات في كل الدول الأوروبية لم يتقدم فقط في فرنسا، بل في معظم الدول الأوربية، بما فيها ألمانيا حاملة مشعل الاتحاد الأوروبي. وهذا لا يعني أن الغالبية العظمى من الأوروبيين قد ضاقوا ذرعاً بموجات اللاجئين والأجانب فحسب، بل باتوا ينشدون الاستقلال عن الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني بالضرورة تفكك الاتحاد فيما لو استمرت موجة صعود اليمين المتطرف في صناديق الاقتراع. ربما لأول مرة منذ عقود نسمع أصواتاً داخل ألمانيا تدعو إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي. وهذه نغمة غير معهودة مطلقاً في الإعلام الألماني، خاصة وأن ألمانيا هي التي تحمي الاتحاد من الانهيار وذلك من خلال دعم الدول المتدهورة اقتصادياً كاليونان وغيرها. ومعلوم أن ألمانيا اشترت اليونان تقريباً وباتت المتحكم الرئيسي بسياساتها وحكوماتها. لكن الأحزاب المتطرفة فيها بدأت اليوم تطالب بتفكيك الاتحاد والانطواء على الذات.

اليمين كما أظهرت نتائج الانتخابات في كل الدول الأوروبية لم يتقدم فقط في فرنسا، بل في معظم الدول الأوربية، بما فيها ألمانيا حاملة مشعل الاتحاد الأوروبي

والغريب في الأمر أن بعض الأحزاب اليمينية صارت تحظى بأصوات نسبة لا بأس بها من الناخبين الألمان والفرنسيين وغيرهم. وكلها تعارض سياسات الأحزاب الحاكمة ومؤيديها، وهذا يعني بالضرورة أن الغالبية العظمى من الأوروبيين باتوا منقسمين على أنفسهم بشكل خطير ربما لأول مرة في التاريخ الحديث، وما حذر منه إيمانويل ماكرون في فرنسا قد يتردد صداه عاجلاً أو آجلاً في بقية دول الاتحاد الأوروبي، وهذا قد يزيد من الشروخ المتصاعدة داخل الجسم الأوروبي بمستوياته السياسية والشعبية.
ما الذي أدى يا ترى إلى هذه المخاطر المحدقة بالاتحاد الأوروبي وبشعوبه؟ لماذا بدأ التفكك يضرب مفاصل الدول الأوروبية؟ هل وصلت أنظمة التحكم الإعلامي والسياسي والثقافي والاجتماعي والديني إلى نهايتها؟ لماذا بدأت القواعد الشعبية تخرج عن السيطرة بالرغم من أن أنظمة التحكم والسيطرة الأوروبية لا مثيل لها عبر التاريخ في تطويع الشعوب وإخضاعها وترويضها، مع ذلك نجد اليوم قطاعات كبيرة من الشارع الأوروبي وقد بدأت تخرج عن القطيع. هل أفلست الأنظمة الأوروبية يا ترى، ولم تعد قادرة على تجميع شعوبها تحت مظلة واحدة؟ هل تبنت سياسات خاطئة ستؤدي بالضرورة إلى اضطرابات داخلية لا تحمد عقباها؟ وما هو الدور الخارجي في إذكاء نار التفكك والتصدع داخل المجتمعات الأوروبية؟
لقد وجه الغرب مرات عديدة أصابع الاتهام إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحملته مسؤولية دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة في عموم أوروبا؟ لكن هل يا ترى أن روسيا لوحدها تتحمل مسؤولية صعود نجم الأحزاب اليمينية، أم إن أمريكا نفسها لعبت ومازالت تلعب دوراً تخريبياً داخل القارة العجوز؟ ألم يصبح الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب والمرشح الحالي للرئاسة الأمريكية مثلاً يحتذى بالنسبة للعديد من الأحزاب والشخصيات السياسية الأوروبية؟ هل تعمل أمريكا على نشر الفوضى الهلاكة حتى داخل الديار الأوروبية نفسها؟ من الذي دعم مظاهرات «الستر الصفراء» في فرنسا لفترة طويلة؟ هل يمكن تبرئة الأمريكيين أصلاً من إشعال نار الحرب في أوكرانيا وأثرها المدمر على المجتمعات الأوروبية على كل الأصعدة؟
أليس من الغريب والملفت معاً أن أوروبا هي التي خاضت واحدة من أكبر الحروب في التاريخ للقضاء على الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية، وخاصة ضد النازية الألمانية والفاشية الإيطالية؟ فما الذي دهاها اليوم يا ترى لأن تنفخ من جديد في نار الفاشية والتطرف وتدفع بأحزاب متطرفة مشابهة إلى سدة الحكم في أكثر من بلد أوروبي؟ هل موجة التطرف التي بدأت تطل برأسها في عموم أوروبا ظاهرة عابرة يا ترى، أم إنها خطيرة جداً، ولو لم تكن بتلك الخطورة التاريخية، لما خرج الرئيس الفرنسي ليحذر الفرنسيين بلغة واضحة من أن بلدهم معرض لفوضى قاتلة ستكون أول تجلياتها الحرب الأهلية؟

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف أوروبا فيصل القاسم الاتحاد الأوروبی الأحزاب الیمینیة فی التاریخ فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

بعد تأهله لدور الـ 16 من دوري الأبطال.. ريال مدريد يتصدر تصنيف الأندية الأوروبية

تصدر ريال مدريد الإسباني تصنيف الأندية الأوروبية، وذلك بعد نجاح الفريق في التأهل لدور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا بإقصائه مانشستر سيتي الإنجليزي من البطولة.

وذكر الموقع الرسمي للنادي اليوم الخميس أن ريال مدريد وصل إلى دور الستة عشر من دوري أبطال أوروبا وتصدر تصنيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

ووفقاً للموقع، يحتل الفريق الأبيض، حامل لقب دوري أبطال أوروبا، صدارة هذا التصنيف بعد التصفيات برصيد 140 ألف نقطة ويأتي في المركز الثاني مانشستر سيتي برصيد (137.750 نقطة) وبايرن ميونيخ في المركز الثالث برصيد (128.750 نقطة).

وأشار موقع النادي الملكي إلى أن تصنيف مؤشر اليويفا يعتمد على النتائج في دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي ودوري المؤتمرات على مدار المواسم الخمسة الماضية، وفي هذه الفترة، حسم ريال مدريد لقبي الكأس الرابعة عشر والخامسة عشر.

وبالنسبة للفرق الإسبانية الأخرى التي لا تزال في دوري أبطال أوروبا، فإن برشلونة يحتل المركز الحادي عشر (93250 نقطة) يأتي خلفه أتلتيكو يتأخر برصيد (91500 نقطة).

و حسم فريق ريال مدريد الإسباني تأهله إلى دور الـ 16 ببطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، بعدما قضى على أحلام ضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي، وأقصاه خارج المسابقة القارية.

وكرر ريال مدريد انتصاره على مانشستر سيتي بنتيجة 3-1، مساء أمس الأربعاء، على ملعب "سانتياجو بيرنابيو" في العاصمة الإسبانية مدريد، في إياب الملحق المؤهل لثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.

وكان الريال قد تغلب كذلك على مان سيتي بنتيجة 3-2 في لقاء الذهاب الذي أقيم الأسبوع الماضي على ملعب "الاتحاد" في مدينة مانشستر الإنجليزية، ليكمل الفريق الملكي مشواره بنجاح في البطولة المفضلة له، ويتأهل لدور الـ 16 بنتيجة 6-3 في مجموع مباراتي الذهاب والإياب.

مقالات مشابهة

  • الاثنين المقبل موعد تعليق العقوبات الأوروبية على سوريا
  • مسيرة العمل الشعبي الفلسطيني في القارة الأوروبية.. قراءة في كتاب
  • قضايا الهجرة والاقتصاد في مقدمة البرامج الانتخابية للأحزاب الألمانية
  • بعد تأهله لدور الـ 16 من دوري الأبطال.. ريال مدريد يتصدر تصنيف الأندية الأوروبية
  • الاتحاد الأوروبي ردا على ترامب: أوكرانيا ديموقراطية وروسيا برئاسة بوتين ليست كذلك
  • خبير سياسي: الدور المصري محور أساسي في التحولات الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية
  • سياسي بلجيكي: قمة باريس تعكس الذعر السائد في أوروبا
  • ماكرون: فرنسا ستتحمل المسئولية الكاملة عن السلام والأمن في أوروبا
  • تطبيق إباحي يفجر خلافا واسعا بين المفوضية الأوروبية مع أبل
  • من سيمثل أوروبا على طاولة المفاوضات: ماكرون أم كوستا أم ميلوني؟