أردوغان: مستعدون لتطوير العلاقات مع سوريا
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الجمعة، أن بلاده مستعدة للعمل على تطوير العلاقات مع سوريا.
وقال أردوغان إنه لا يوجد سبب لعدم إقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا، سنعمل معاً على تطوير العلاقات مثلما عملنا معاً في الماضي، وليس لدينا هدف للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، وفقاً لوكالة “الأناضول” التركية للأنباء.
وفي وقت سابق، أكد الرئيس السوري، بشار الأسد، انفتاح سوريا على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة بين سوريا وتركيا، والمستندة إلى “سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى”.
وأضاف أردوغان: “لا يمكن أن يكون لدينا أبداً أي نية أو هدف مثل التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا”، مشيراً إلى أن الشعبين التركي والسوري “شقيقان ويعيشان جنبا إلى جنب”.
وأردف أردوغان: “كما حافظنا على علاقاتنا مع سوريا حية للغاية في الماضي، وكما تعلمون، فقد عقدنا لقاءات في الماضي مع السيد بشار الأسد، وحتى لقاءات عائلية، ويستحيل أن نقول إن ذلك لن يحدث في المستقبل، بل يمكن أن يحدث مرة أخرى”.
يذكر أن قوات تركية تنتشر في شمال سوريا، ونفذت بالتعاون مع الجيش الوطني السوري المعارض، عمليات “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام” في المنطقة ، ضد تنظيمي “داعش” وحزب العمال الكردستاني “بي كيه كيه ” ووحدات حماية الشعب الكردية ” واي بي جي”.وكالات
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
هل يستطيع الشمال السوري استيعاب النمو السكاني المتسارع؟
تشهد مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية ارتفاعا مستمرا في عدد السكان تخطى 6 ملايين، بحسب إحصائية فريق "منسقو استجابة سوريا" لعام 2024، وتعد هذه النسبة مرتفعة قياسا إلى المساحة الجغرافية لتلك المناطق، التي لا تتجاوز 10% من مساحة سوريا.
وتشكل هذه الكثافة السكانية التي تنمو بشكل متسارع تحديا إنسانيا كبيرا، إذ تزيد من مأساة المنطقة التي تعاني أصلًا من شح الموارد الاقتصادية والطبيعية وتهالك البنية التحتية، إضافة إلى تعدد الجهات العسكرية المسيطرة عليها وما نتج عنها من حالة عدم الاستقرار.
وفي ظل هذا الواقع المتردي، يرى مراقبون أن الارتفاع المستمر في أعداد السكان، وحصرهم بمنطقة جغرافية محددة وسط غياب أي بادرة للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، يطرح كثيرا من التساؤلات حول مستقبل هذه المنطقة.
نمو الكثافة السكانية نموا متسارعا في الشمال السوري يشكل تحديا إنسانيا كبيرًا يزيد من مأساة المنطقة (غيتي) نمو متسارع للسكانفي عام 2023، بلغ عدد سكان الشمال السوري نحو 4.1 ملايين، وارتفع إلى نحو 5.1 ملايين في عام 2024، بحسب المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا (أوتشا)، وهذا يعني زيادة سكانية تقدر بحوالي مليون نسمة، أي تقريبا 24.4% خلال عام واحد.
وقدّر فريق "منسقو استجابة سوريا" -في إحصائية أصدرها في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري- نسبة النمو السكاني في هذه المناطق بنحو 27.92% مقابل معدل وفيات يبلغ 6.88% من كل ألف نسمة.
وبشكل عام، تعاني الفرق والمنظمات في الشمال السوري من صعوبة في عمليات الإحصاء بسبب وجود حكومتين في تلك المنطقة (مؤقتة في ريف حلب الشمالي والشرقي، وحكومة إنقاذ في مدينة إدلب وأجزاء من أرياف حلب وحماة)، مما زاد من تعقيد الواقع الميداني هناك.
وبالإضافة إلى النمو الطبيعي في هذه المناطق الناتج عن ارتفاع عدد الولادات وانخفاض نسبة الوفيات، تشكل حركة النزوح المستمرة من مناطق النظام السوري بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية عاملا إضافيا في ارتفاع عدد السكان، إذ يدخل العشرات وربما المئات شهريا إلى مناطق سيطرة المعارضة بهدف الهجرة إلى أوروبا، إلا أن صعوبة العبور إلى تركيا تدفعهم للاستقرار في الشمال السوري.
كذلك لا تزال هذه المناطق هي الوجهة الأولى لكل عمليات العودة الطوعية أو الترحيل للسوريين من تركيا، إذ تكشف البيانات الرسمية أن عدد السوريين في تركيا يتناقص تدريجيا، فقد شهدت البلاد منذ عام 2016 عودة أكثر من 715 ألف سوري إلى وطنهم. ومنذ يونيو/حزيران 2023 عاد 160 ألف لاجئ إلى سوريا في إطار "العودة الطوعية" التي ترتبط بإنشاء "مناطق آمنة "في شمالي سوريا.
إضافة إلى ذلك، شهدت هذه المناطق في الآونة الأخيرة لجوء الآلاف من الجنوب اللبناني إثر التصعيد الإسرائيلي، وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "يو إن إتش سي آر" (UNHCR).
يذكر أنه في ظل التوترات المحلية والإقليمية يبقى عدد السكان في هذه المناطق قابلا للزيادة والنقصان، ويبقى خاضعا لتغيير خرائط السيطرة العسكرية بين قوات المعارضة من جهة، وقوات كل من النظام السوري وسوريا الديمقراطية (قسد) من جهة أخرى.
أزمات اقتصادية حادةمع تلك الزيادة السكانية واستمرار تدفق النازحين داخليا وعودة اللاجئين من دول الجوار، زاد الضغط على الموارد الطبيعية المحدودة في تلك المناطق، والتي لا تضم ثروات باطنية وتقتصر مواردها الطبيعية على المياه والزراعة، ورافق زيادة الطلب على السكن تقلصٌ ملحوظ في مساحة الأراضي الزراعية عقب إنشاء العديد من المخيمات والكتل السكنية عليها.
هذا الواقع خلق الكثير من الأزمات الاقتصادية والمعيشية، منها وصول نسبة العائلات التي تعيش تحت خط الفقر إلى نحو 91%، أما نسبة الجوع فقد تخطت 41% من إجمالي العائلات الفقيرة، في حين تجاوزت نسبة البطالة 88%، بحسب فريق "منسقو استجابة سوريا".
ويأتي ارتفاع أسعار المواد الأساسية وانخفاض القدرة الشرائية لدى المدنيين بشكل واضح نتيجة ارتفاع أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة التركية، وزيادة معدلات التضخم الذي تجاوز عتبة 75.4% كنسبة وسطية، في مقدمة الصعوبات المعيشية التي يعاني منها سكان الشمال السوري.
المغربل: ضعف الأمن الغذائي سيتفاقم مع النمو السكاني غير المدروس في الشمال السوري (الفرنسية) آثار سلبية
وعن هذه التأثيرات، يوضح الباحث في الشؤون الاقتصادية عبد العظيم المغربل أن هذه الزيادة غير المنتظمة ستترك آثارا عميقة على القطاعات الاقتصادية بشكل كامل. ففي قطاع العمل والصناعة، سيؤدي ارتفاع أعداد السكان إلى زيادة كبيرة في القوى العاملة غير المؤهلة، مما يرفع معدلات البطالة التي تشهد مستويات عالية أساسًا، ومع ضعف الاستثمارات اللازمة، سيواجه سوق العمل صعوبة في استيعاب هذه الأعداد، مما يزيد من انتشار العمالة غير المنظمة وضعف الإنتاجية.
ويضيف المغربل، في حديثه للجزيرة نت، أن ضعف الأمن الغذائي سيتفاقم مع النمو السكاني غير المدروس لأن زيادة الطلب على الغذاء ستشكل ضغطا على القطاع الزراعي الذي يعاني أصلاً من محدودية الموارد والمعدات الزراعية وارتفاع تكلفة الإنتاج وتأثر الأراضي الزراعية بالقصف المستمر، لأن المنطقة ما زالت تعتبر منطقة حرب، واقتصادها هش لكونه يعتمد منذ سنوات على المساعدات الإنسانية الطارئة.
وكان تقرير صادر عن المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في أكتوبر/تشرين الأول 2024 أشار إلى أن هناك نحو 3.6 ملايين نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي في مناطق الشمال السوري.
تحديات أمنية واجتماعيةهذه الحالة الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة لا بد أن ينتج عنها تحديات ومشاكل اجتماعية وأمنية، منها على سبيل المثال الضغط المتزايد على المنظومة الصحية والخدمية.
كذلك الأمر بالنسبة للتعليم، إذ يضطر الكثير من الأطفال إلى ترك مدارسهم لمساعدة ذويهم في العمل لتأمين الاحتياجات الأساسية، وهذا ما نتج عنه -إلى جانب عدة عوامل أخرى- وجود أكثر من مليون طفل وطفلة لا يذهبون إلى المدارس في تلك المناطق، وذلك بحسب تقرير أصدره مكتب "أوتشا" في سوريا في يونيو/حزيران الماضي.
من جانبه، يؤكد الباحث المختص بقضايا السكان والمجتمع في شمالي غربي سوريا بسام سليمان أن زيادة الكثافة السكانية تتطلب مضاعفة قدرات القطاع الصحي الذي يعاني من نقص حاد في الموارد الطبية والمرافق في ظل نقص الدعم، مما سيؤدي إلى تزايد حالات الأمراض المعدية نتيجة الاكتظاظ وسوء الخدمات الصحية وغياب الأمن الصحي.
وفي حديثه للجزيرة نت عن التأثيرات الاجتماعية، يقول سليمان إن قدوم أعداد كبيرة من النازحين يؤدي إلى تغيير في التركيب السكاني للمنطقة، مما يخلق كثيرا من المشاكل الاجتماعية بين النازحين والسكان المقيمين، فهذه الزيادة الكبيرة في منطقة منهارة اقتصاديا ينتشر فيها الفقر وتقل فرص العمل ويتدنى مستوى التعليم كلها عوامل تساعد على ظهور مشاكل اجتماعية مثل تعاطي المخدرات وازدياد معدلات الجريمة والانتحار.
وعن التحديات الأمنية، يرى سليمان أن الاكتظاظ السكاني، وخاصة في المخيمات، يشكل بيئة مهيئة للظواهر الاجتماعية السلبية، إلى جانب أن هذه الزيادة السكانية المترافقة مع ظروف تؤدي إلى ضعف السلطات تدفع نحو انتشار ثقافة الثأر في ظل انتشار السلاح بين السكان.
تحديات الإغاثة والمساعدات الإنسانيةوفي مقابل هذا، يشكل ملف المساعدات الإنسانية المقدمة إلى مناطق الشمال السوري عاملا ضاغطا على السكان بسبب تسييس هذا الملف، إذ أصبحت هذه المساعدات أداة للتجاذبات السياسية بين الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة في الملف السوري، مما يضاعف العبء على المنظمات الإنسانية المحلية والدولية التي تسعى جاهدة لسد الفجوات في الخدمات المقدمة، لكنها تجد نفسها عاجزة أمام الطلب المتزايد.
وكان فريق "منسقو استجابة سوريا" أصدر بيانا في يوليو/تموز الماضي كشف فيه أن كمية المساعدات الإنسانية الواصلة انخفضت بمقدار 62.4% مقارنة بالعام الماضي.
وفي وقت سابق، أكد مصدر في وكالة "أوتشا" للجزيرة نت أن البرنامج أوقف دعمه للمنظمات بسبب انخفاض التمويل، إذ إن منظمة الغذاء العالمي كانت تُدخل شهريا 260 ألف سلة لمناطق الشمال السوري، إلى جانب مشاريع التعليم والمياه المقدمة من المنظمة الدولية للهجرة "آي أو إم" (IOM) والتي يستفيد منها عشرات آلاف النازحين.
وفي سبيل سعيها لتحسين الواقع الإنساني والخدمي، أعلن المنسق المقيم للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لدى سوريا آدم عبد المولى في بداية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إطلاق "إستراتيجية التعافي المبكر" في سوريا للسنوات ما بين 2024 و2028، إلا أن هذه الخطوة لاقت انتقادات من المعارضة السورية.
إذ أكد مدير وحدة تنسيق الدعم منذر سلال أن الأمم المتحدة تطرح حلولا تبدو ظاهريا مناسبة من حيث تأكيدها على التعافي المبكر عن طريق مساعدة الشعب السوري اقتصاديا ليصبح قادرا على الاكتفاء ذاتيا، ولكن من الواضح -يستدرك سلال- أن الأمم المتحدة وعن طريق هذه الإستراتيجية تحاول تقديم منافع سياسية للنظام عبر طرح أن صندوق التعافي المبكر يجب أن يكون في مناطق النظام، وهذا لاقى معارضة من منظمات المجتمع السوري ومن المعارضة السياسية.
ويرى سلال، في حديثه للجزيرة نت، أن هذه الإستراتيجية بحد ذاتها تعتبر شيئا من الالتفاف على الحل السياسي الذي يطمح المجتمع السوري للوصول إليه، وقد تكون أيضا تسمية مغلفة لـ"إعادة الإعمار" لأن هناك خطا أحمر لكثير من الداعمين لإعادة الإعمار بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على النظام السوري.
هل من حلول ممكنة؟أمام هذا الواقع، يبدو واضحا أن هذه المناطق باتت بحاجة إلى حلول دائمة، تتمثل في تقديم الدعم الكافي لإعادة بناء البنية التحتية وخلق فرص اقتصادية وتنموية تعزز قدرة السكان على الاكتفاء الذاتي، إلى جانب ذلك يرى خبراء أن الشمال السوري يحتاج توجيه دعم جاد إلى المشاريع التنموية والتعليمية بما يسهم في توفير بيئة أكثر استقرارًا ويمهّد للأجيال آفاقًا أوسع نحو حياة كريمة ومستقبل أفضل.
ويرى الخبير الاقتصادي عبد العظيم المغربل أن هذه المناطق يجب أن تتخطى فكرة الاعتماد على المساعدات الإنسانية الطارئة، التي بدأت تضعف يوما بعد يوم مقابل الارتفاع المستمر بعدد السكان.
بيد أن الحل الأجدى -برأي المغربل- يتمثل في تطبيق القرارات الدولية الخاصة بالانتقال السياسي في سوريا، وعلى رأسها القرار 2254 الذي يتضمن تشكيل حكومة انتقالية وإعادة النازحين إلى قراهم وبلداتهم التي هجرهم منها النظام.
وبالتالي -يضيف المغربل- يتم توزيع هذا الاكتظاظ السكاني الكبير على مختلف المناطق السورية، بحيث يصبح الشمال السوري قادرا على استيعاب عدد مناسب من السكان.