الخميس الماضى حلت الذكرى المئوية لميلاد قداسة البابا الراحل "شنودة الثالث" بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. ومع ذكراه العطرة أستعيد لقاءاتى العديدة مع قداسته و حواراتي مع هذا الإنسان الذي يمتلك تراثا هائلا من الثقافة الموسوعية الفكرية والدينية، ولهذا تم تصنيفه دوما بوصفه موسوعة العطاء النادر.
كان لقداسته رؤى وطنية رائعة، دافع خلالها عن قضايا الوطن العربي، وفى القلب منها القضية الفلسطينية. وفى هذا الإطار قال لي: "يجب أن تتذكر إسرائيل أن وجودها فى الأساس كدولة جاء من خلال قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي فإن للفلسطينيين الحق الكامل في أن يسعوا للاعتراف بدولتهم من خلال الأمم المتحدة".وفى معرض رده على مطالبة" نتنياهو" الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وهو المطلب الذي بادر الرئيس الأمريكي "أوباما" وقتئذٍ إلى ترسيخه، وطالب الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كوطن قومي لليهود، قال قداسته: "لا يمكن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، لأن هذا يعني إسباغ شرعية نهائية على اغتصاب فلسطين، ويترتب عليه ترحيل قسري للفلسطينيين من أراضيهم، ويترتب عليه إسقاط حق العودة للأبد.إسرائيل تطلب المستحيل، لأن هذا مطلب غير قانوني وغير إنساني، وهذا يعنى الالتصاق بنظام الفصل العنصري وهو الذى سبق أن دعا إلى تفكيكه وإسقاطه فى جنوب أفريقيا".
إنه الراهب الحكيم الذى لطالما دعا إلى أن تتعمق المحبة بين الجميع، فالحب الحقيقى ينتصر على كل شىء، والشك لا تزيله المحبة فقط، وإنما يزيله العدل والتروي والتحقق، ولهذا قالها الحكيم " شنودة الثالث": "نريد أن نجتمع معا حول حب هذا الوطن الذي نحرص جميعا على سمعته وتاريخه ووحدته ومحبة مواطنيه بعضهم لبعض، لا سيما أن التدين الحقيقي يدعو إلى المسالمة. وإن كانت المسيحية تدعو إلى السلام، فإن الإسلام يقول من خلال الحديث الشريف " المسلم من سلم الناس من لسانه ويده".
إنه قداسة البابا " شنودة الثالث" نجم فى سماء النجاح، وضوء مبهر لا يمكن أن يغيب، وذكرى عطرة ستبقى معى ومع كل من التقى به، وكل من استمع إلى قداسته. إنه نور رباني ستبقى ذكراه دوما فى قلب كل مصرى أصيل. من الصعب على المرء أن ينسى هذا الطيف الحكيم. إنه ثقل ووزن لا يُستهان به، ولا أدل على ذلك من هذا الحزن العام الذى شعر به الجميع بعد وفاته، وكانت جنازته أكبر دليل على الثقل الذي يتمتع به لدى شعبه، فهو القديس الذى أحبه الجميع، لما تمتع به من قيمة وقامة دينية ووطنية وسياسية، ولهذا شعر الكثيرون، وكنت منهم، بأننا فقدنا عن حق عملة نادرة. وجاء رحيله فى وقت عصيب، فترك فراغا هائلا فى حقبة غلفتها ضبابية الأحداث.
إنه قداسة البابا صمام الأمن والأمان للمصريين جميعا، مسيحيين ومسلمين. وضع الوحدة الوطنية فى مركز الصدارة، فهي شغله الشاغل. أما حب الوطن فهو غريزة تجرى فى دم هذا القديس الذي ملك المعرفة وعبق الروحانية والشفافية والبساطة والتواضع. لن ينسى أحد له إسهاماته القيمة فى شرح أبعاد العطاء الروحي والفكري الذي قدمته الكنيسة القبطية للعالم عبر مراحل التاريخ الإنساني والديني. رحم الله قداسته كان، عن حق، عملة نادرة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
وزير العدل: أصدرنا جملة من الضوابط لحماية املاك المسيحين وقدمنا كافة التسهيلات لإنجاز معاملاتهم العقارية
شبكة انباء العراق ..
استقبل معالي وزير العدل، الدكتور خالد شواني، قداسة مار كيوركيس الثالث يونان، جاثليق بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة في العراق والعالم، حيث جرى خلال اللقاء بحث الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة لحماية أملاك المسيحيين وضمان حقوقهم العقارية.
وأكد معالي الوزير أن وزارة العدل اتخذت جميع التدابير اللازمة لحماية الأملاك الخاصة، من خلال تشكيل لجان مختصة بهذا الشأن، إلى جانب تقديم التسهيلات المطلوبة لإنجاز المعاملات العقارية، لا سيما للمسيحيين المقيمين خارج العراق,مشيرا إلى أن الوزارة أصدرت مجموعة من التعليمات التي تضمن حماية الحقوق العقارية لأبناء هذا المكون، في إطار جهودها للحفاظ على ممتلكاتهم وتعزيز الضمانات القانونية الخاصة بهم.
وفي ختام اللقاء، أعرب قداسة البطريرك عن شكره وامتنانه لمعالي الوزير، مثمنًا جهود الوزارة في تقديم التسهيلات اللازمة لأبناء الديانة المسيحية.
user