ليس هروبًا من الواقع، ولا تبريرًا لأحد، ولكنها محاولة للتمسك بالأمل، وبث روح الاطمئنان فى نفوس الناس، وهو هدفٌ لو تعلمون عظيم، فى أجواء يغلب عليها القلق والتوتر وحالة من السقوط النفسي لدى البعض.
نعم لدينا أزمة اقتصادية وظروف معيشية صعبة لأسباب خارجية وداخلية، نعم لدينا تخفيف لأحمال الكهرباء لم نعتد عليه منذ سنوات، نعم هناك من لا يُبصر نورًا فى نهاية النفق، ولكن: هل هى نهاية الحياة؟
لماذا لا نعود للخلف قليلًا حين استيقظنا يومًا فى بدايات عام ٢٠٢٠ على خبر غير سار يُفيد بأن فيروس كورونا قد دخل بلادنا وتم تسجيل أولى حالاته المؤكدة، لماذا ننسي سريعًا كيف كانت أحوالنا حينها؟ وكيف كان الناس يعيشون فى رعب؟ وكيف توقفت الحياه بشكل كامل؟ وعشنا فى أجواء حظر التجول وتحديد الحركة، كان الرجل يخاف حينها أن يسلم على ولده أو أبيه أو أمه، توقفت المصالح وانهار سوق العمل، وتعطلت الدراسة وسقط بعض من نعرفهم بين مريض ومتوفى بيننا، وسط توقعات بأنها نهاية الحياة على هذا الكوكب الحزين، وأن هذا الفيروس اللعين سيحصد أرواح البشر ويستمر إلى ما لا نهاية.
كيف نسينا سريعًا تلك الأجواء، وكيف نسينا أنها قد انتهت دون مقدمات أو سبب معلوم حين كنا على حافة السقوط، ولكن الله نجانا، سقط الكثيرون من حولنا ولكن فى النهاية نجونا، وما زلنا على قيد الحياه نمارس حياتنا بكل جوانبها بشكل طبيعي، لماذا لا نتذكر مشهد إغلاق بيوت الله خوفًا من انتشار المرض، ثم ننسى كيف كانت فرحتنا حين صلينا لأول مرة فى المساجد والكنائس بعد كورونا، ليس الأمر مستحيلًا أبدًا فهناك من يدبر ويقرر ويمنح ويمنع، فلماذا نقسو علي أنفسنا؟
لا أريد أن نتواكل، ولكن أن نتوكل على الله، ونتمتع بكثير من الصبر والحكمة فى التعامل مع الأزمات التى مهما كانت قسوتها فإنها لن تكون أبدًا فى قسوة عامين عشناهما تحت تهديد هذا الفيروس اللعين الذى كان ينتشر بسرعة الموت بيننا ونجونا منه، لا وجه للمقارنة بين حالتنا يومها ونحن نرتدى الأقنعة ونبتعد عن أقرب الناس لنا خوفًا، وبين انقطاع الكهرباء مثلًا لمدة ساعة. لا يمكن أن نسقط الآن في لليأس والخوف وكأننا بلا إيمان، وكأننا قد نسينا أن فوق السماء والأرض ربٌ عظيم قادر على تغيير الحال إلى أفضل حال.
ليست دعوة لدفن الرؤوس فى الرمال هربًا من مواجهة الحقيقة، ولكنها تذكرة بما عِشناه قبل عامين، ومدى قسوته، وما نعيشه الآن، ليرضى الناس وينتظروا الفرج من ربٍ رحيم. اللهُم ارفع عن بلادنا الطيبة البلاء والوباء وارزقنا السكينة حتى نعبر جميعًا إلى بر الأمان.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
لماذا لا يستجيب الله للدعاء؟.. الشيخ خالد الجندي يكشف الأسباب
في حديث أثار تفاعلًا واسعًا، تناول الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، قضية هامة تتعلق باستجابة الدعاء، مشيرًا إلى أن المعاصي التي يرتكبها الإنسان تلعب دورًا رئيسيًا في منع استجابة الدعاء.
خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال" في برنامج "لعلهم يفقهون" المذاع عبر قناة "DMC"، أشار الشيخ الجندي إلى أن هناك ذنوبًا كثيرة يقع فيها الإنسان، وهو يعلم أنها تقوده إلى النار.
واستشهد في حديثه بما جاء عن إبراهيم بن أدهم، رضي الله عنه، عندما سأله أحد الأشخاص عن سبب عدم استجابة الدعاء، فأجابه قائلًا: "لأنكم عرفتم الله فلم تعبدوه، وعرفتم النبي فلم تتبعوه، وعرفتم الشيطان فلم تعادوه، وعرفتم القرآن فلم تتدبروه، وعرفتم الخير فلم تفعلوه، فأنى يُستجاب لكم؟"
وتساءل الجندي: "هل الإنسان بطبيعته يرفض الالتزام بما ينفعه؟ لماذا نكرر نفس الأخطاء ونعيد نفس السلبيات رغم معرفتنا بعواقبها الوخيمة؟" .
وأشار إلى أن تلك السلوكيات تتجلى في حياتنا اليومية، مثل تخزين السلع الاستهلاكية بشكل غير مبرر، الذي يؤدي إلى أزمات اقتصادية، أو مخالفة قواعد المرور، مما يتسبب في فوضى بالشوارع، أو السعي لتحقيق مكاسب شخصية بطرق غير قانونية على حساب الآخرين.
وأكد الشيخ الجندي أن تلك الممارسات تشير إلى خلل في المنظومة الأخلاقية والدينية، داعيًا إلى إعادة النظر في أسلوب التربية وتوعية الأجيال الجديدة بمخاطر الابتعاد عن القيم والمبادئ.
وأضاف: "هذه المشاكل تحتاج إلى معالجة شاملة، لا تقتصر على العقاب بل تتطلب بناء وعي جماعي وإعادة ربط الأفراد بالمبادئ التي تحفظ التوازن في المجتمع".
اختتم الجندي حديثه بدعوة للتأمل والتفكير في أسباب تلك السلوكيات والعمل على مواجهتها من خلال منظومة متكاملة تقوم على القيم الدينية والأخلاقية، لضمان بناء أجيال قادرة على التصدي للتحديات.