بقلم: بلال التليدي

قبل ثلاثة عقود مضت كان صعود اليمين المتطرف في أوروبا سؤالا استراتيجيا بالنسبة إلى دول جنوب المتوسط، فقد كانت هذه الدول تبحث عن الشراكة، وتعتبر أوروبا رئة أساسية تتنفس اقتصاداتها من خلالها، سواء من جهة تصدير المواد الطاقية، أو من جهة توريد التكنولوجيا، أو من جهة تصدير المنتوجات الزراعية والبحرية.

كانت أوروبا تمتص جزءا كبيرا من العمالة الجنوب متوسطية، وبشكل خاص المغاربية، وتساهم بقدر مهم في التخفيف من الاحتقان الاجتماعي، وأيضا في تدفق عملة صعبة مهمة إلى اقتصادات هذه الدول المنهكة.

سؤال الأمن لم يطرح بجدية إلا ابتداء بعد صعود الجماعات الجهادية بالشرق الأوسط واتخاذها شكلا عالميا (تنظيم القاعدة). ومع جدية هذا التحدي وطابعه الاستراتيجي، فإن دول المتوسط تعاملت معه باعتباره أداة من أدوات الضغط السياسي لا غير، وذلك لإجبار دول أوروبا على تخصيص موارد مالية أكثر تدفعها لمنع تدفق الهجرة غير النظامية أو محاربة الجريمة العابرة للحدود أو لمواجهة الإرهاب، ثم ما فتئت هذه الورقة تتطور، بعد أن تطورت مقاربة محاربة التطرف والإرهاب، وصار المدخل التنموي مفتاحا أساسيا لها، فصارت دول جنوب المتوسط، تشترط في شراكاتها الاستراتيجية، مطلب مساهمة أوروبا في دعم التنمية، لكن فشل مبادرة الاتحاد من أجل المتوسط، وما رافقها من تحولات مست القارة العجوز، دفع دول المتوسط إلى استبدال المقاربة وتخفيض حجم التخوف من صعود اليمين المتطرف، وإدخال البعد الأمني ضمن المربع الاستراتيجي، وعدم جعله مجرد موضوع في التفاوض السياسي.

في الواقع ثمة عوامل كثيرة ساهمت في التقليل من تحدي صعود اليمين المتطرف بالنسبة لدول جنوب المتوسط، أولها، حالة الضعف والهشاشة التي أصبحت عليها أوروبا، بعد جائحة كورونا وتحديدا بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، فأوروبا، أضحت تعيش الأمن القومي في أبعاده المختلفة، الطاقية، والغذائية، كما أضحت تعيش أزمة عمالة خانقة. وثانيها، أن أكثر الفاعلين تأثيرا على صناع القرار السياسي الأوروبي، يوجدون في الجبهة المعارضة لصعود اليمين المتطرف، مما يجعل استفرادهم بالسلطة بشكل كامل أمرا غير ممكن على الأقل في المدى القريب والمتوسط. والثالث، أن دول جنوب المتوسط أضحت تمتلك أوراقا استراتيجية قوية، يصعب معها تصور السيناريوهات الأكثر سوءا بالنسبة لطموحات اليمين المتطرف وشعاراته بخصوص الهجرة والأمن والحمائية التجارية وقضايا الذاكرة، والرابعة، أن التحولات الاستراتيجية التي يعيشها العالم، وإرهاصات تبلور النظام العالمي المتعدد الأقطاب، تجعلان أي نزوع نحو خلق توترات إضافية عنصرا مضعفا لتموقع أوروبا ضمن تراتيب هذا النظام، والخامسة، أن عددا من دول جنوب المتوسط المؤثرة، أضحت ترى أن المقاربة الأمثل لحل مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية لا تتصور بدون دور إقليمي.

البعض لا يزال يطرح تحدي صعود اليمين المتطرف من زاوية سياسية، أي الزاوية التي ينظر فيها فقط إلى الآثار السلبية التي ستترتب عن تنفيذ برامج هذا اليمين الخاصة بالهجرة والأمن والجنسية والأفضلية الوطنية والحمائية التجارية، لكنه ينسى تماما أن الوضع الاستراتيجي قد تغير تماما، وأن صعود اليمين المتطرف قد يكون خادما سواء على المدى المتوسط أو البعيد لتحول استراتيجي يصب في خانة مصالح دول جنوب المتوسط، وبشكل خاص الدول العربية.

بيان ذلك، أن أوروبا التي سيحكمها اليمين المتطرف، ستكون ملزمة بالجواب عن سؤال التموقع الاستراتيجي، أي بين مسايرة الهيمنة الأمريكية وبين التفكير في بناء أوروبا قوية مستقلة في رهاناتها الاستراتيجية. اليمين المتطرف الأوروبي، لا يملك رؤية واحدة بهذا الخصوص، فوحدة مواقفه على مستوى ضرورة القطع مع سياسة تقديم أوروبا قربانا لخدمة مصالح أمريكا، لا تنعكس على مستوى الموقف من روسيا على سبيل المثال، فإذا كان هناك من يغازل روسيا، ويعتبرها جزءا من البيت الأوروبي ولا يتصور أوروبا قوية بدون حل سلمي للمشكلة الروسية الأوكرانية، فهناك في المقابل، من يتخوف من أن تكون أوروبا، أو دول حدود أوكرانيا، وبخاصة بولندا، الخطوة الثانية بعد أوكرانيا.

وفي نهاية المطاف، ستكون أوروبا التي يقودها اليمين المتطرف منقسمة على نفسها، أو في أحسن الأحوال تبحث عن خيارات لكي توفق بين مطلب أمنها (التهديد الروسي) وبين مطلب بناء أوروبا قوية، وما يستدعيه من سؤال مراكز القوى، وهل تكون في برلين أم باريس أم في موسكو؟

الاستشرافات الاستراتيجية صعبة التوقع، ليس بسبب غموض الرؤية بإزاء هذه الأسئلة، ولكن بسبب تعدد فصائل اليمين المتطرف نفسها، وتباين السياقات والتحديات بالنسبة لكل دولة أوروبية على حدة، فإذا كان من السهل في السابق أن نتصور رأيا أوروبيا بمجرد حصول توافق في وجهتي النظر بين برلين وباريس داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، فهذا الأمر، سيصير معقدا حتى ولو تصورنا هيمنة اليمين المتطرف على البرلمان الأوروبي وعلى المفوضية وهيمنته على الأجهزة التشريعية في دول أوروبا، وذلك لسبب بسيط، أن اليمين المتطرف متعدد، ولا يحمل رؤية موحدة إلا للتحديات التي تواجه ما يسميها الهوية، وهو مضطر اليوم أو غدا، عند الاشتباك المباشر في العلاقات الدولية وتدبير المصالح الوطنية إلى التفكير بقدر كبير من البراغماتية، تماما كما هي الحالة الإيطالية التي يحكمها اليمين المتطرف اليوم.

بتحكيم الاعتبارات الاستراتيجية، ثمة أربعة اعتبارات تدفع للاعتقاد بأن صعود اليمين المتطرف سيخدم دول جنوب المتوسط وبخاصة الدول العربية على المدى المتوسط والبعيد: الأول، أنه سيخفف من القبضة الأمريكية، وسيجعل من الخلافات الأمريكية الأوروبية حول عدد من القضايا مدخلا مهما لتوسيع المناورة. والثاني، أن رغبة اليمين المتطرف الأوروبي في بناء أروبا قوية مستقلة، سيدفعه نحو التنسيق بشكل من الأشكال مع روسيا على النحو الذي يضعف الهيمنة الأمريكية، وهو ما سيعزز من فرص بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب سيكون في خدمة دول جنوب المتوسط. والثالث، أن إصرار اليمين المتطرف على تطبيق سياساته بخصوص الهجرة والجنسية والأفضلية الوطنية وغيرها من القضايا التي تستفز دول جنوب المتوسط، ستعزز من فرص تكتمل هذه الدول في مواجهة هذه السياسات، وسيضيق من هامش المناورة الأوروبية التي تستثمر الخلافات البينية بين دول جنوب المتوسط، فإذا كانت فرنسا على سبيل المثال تلعب بورقة التوازن الإقليمي بين الجزائر والمغرب، فمع صعود اليمين المتطرف، وميله نحو تطبيق سياساته على الجميع، سيقلص من الخلافات بين هذين البلدين، ويدفعها لقدر مهم من التنسيق أو على الأقل توحيد المقاربة في المواجهة.

بالإضافة إلى هذه الأبعاد الثلاثة، ثمة اعتبار آخر مؤثر، نحب أن نفرده بالتحليل، وهو ما يتعلق بخدمة اليمين المتطرف الأوروبي للمشروع الصهيوني، فإذا كان هذا الموقف يقرب أوروبا من الولايات المتحدة الأمريكية، فإن طوفان الأقصى بتداعياته المختلفة، وبشكل خاص ما يتعلق بالأبعاد القيمية والإنسانية، سيدفع في اتجاه تخفيض سقف تطلع اليمين المتطرف في بناء أوروبا مستقلة، وسيدفعها نحو مواجهة سيناريوهات صعبة تضر بأمنها، فإذا كانت الوقائع التي أعقبت الحرب الروسية على أوكرانيا تؤكد تراجع نفوذ فرنسا في غرب إفريقيا ودول الساحل جنوب الصحراء، فإن الوقائع المحتملة بعد صعود اليمين المتطرف في أوروبا وإصراره على التموقع في صف المشروع الصهيوني إلى جانب أمريكا، سيدفع لأن تكون ألمانيا هي المستهدف الثاني اقتصاديا وأمنيا، بما يخدم في نهاية المطاف تراجع مركزين من مراكز القوى التي يتأسس عليهما الاتحاد الأوروبي، باريس ثم برلين وفي المقابل، فإن مشاريع التطبيع ستعرف تباطؤا كبيرا، ويمكن أن نشهد تحلل عدد من الاتفاقات بما يخدم استعادة قدر من التوافق العربي حول القضية الفلسطينية، وتراجع الاصطفاف مع الأطروحة الأمريكية التي تغلب أمن إسرائيل على كل شيء، وتعتبر أن القضاء على فصائل المقاومة هو الحل للاندماج الإسرائيلي في المحيط العربي.

كاتب وباحث مغربي

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: صعود الیمین المتطرف الیمین المتطرف فی فإذا کان

إقرأ أيضاً:

هوس بارديلا.. قصة صعود ابن مهاجرة إيطالية إلى زعامة اليمين في فرنسا

تصدر حزب التجمع الوطني اليميني في فرنسا العناوين، ومعه رئيسه السياسي الشاب البالغ من العمر 28 عاما، جوردان بارديلا.

صدارة النتائج في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الوطنية، الأحد، عززت شهرة بارديلا باعتباره شخصا يمكن أن يعيد تشكيل الحياة السياسة الفرنسية، بعد سنوات من مساعي الحزب للوصول إلى هذا الهدف، وهذه المرة عن طريق شاب ترعرع في ضواحي باريس الفقيرة واستطاع جذب الملايين في أوساط الشباب.

ومن المتوقع أن يصبح بارديلا رئيسا للوزراء إذا تمكن الحزب، الذي تزعمته من قبل عميدة التيار القومي المتشدد، مارين لوبن، من توسيع تقدمه في الجولة الثانية من التصويت، وهو ما سيفرض ما يعرف بحكومة التعايش، حيث سيظل إيمانويل ماكرون، رئيسا للفترة المتبقية من ولايته حتى عام 2027، و بارديلا رئيسا للوزراء.

وحظي الشاب في وقت سابق بإشادة واسعة النطاق بسبب انتصار حزب التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية، إذ فاز بنحو 31.4 في المئة من الأصوات، أي أكثر من ضعف حصة الأصوات التي فاز بها ائتلاف ماكرون.

وفي الانتخابات التشريعية، التي جرت الأحد، تصدر اليمين بقيادة بارديلا بفارق كبير نتائج هذه الدورة، مما يعني أنه بات من المطروح أن يحصل حزب بارديلا ومارين لوبن على أغلبية نسبية قوية أو حتى أغلبية مطلقة، الأحد المقبل.

وبحصوله على ما بين 34.2 و34.5 في المئة من الأصوات، تقدم التجمع الوطني وحلفاؤه على تحالف اليسار (الجبهة الشعبية الوطنية)، الذي حصد ما بين 28.5 و29.1 في المئة من الأصوات، فيما حل معسكر ماكرون ثالثا (20.5 إلى 21.5 في المئة) في هذا الاقتراع الذي شهد مشاركة كثيفة. 

وقال الرئيس الشاب للتجمع الوطني، مساء الأحد، إن الجولة الثانية من الانتخابات التي ستجري في السابع من يوليو ستكون "واحدة من أكثر (الجولات) حسما في كامل تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة"، مؤكدا أن الفرنسيين "أصدروا حكما نهائيا". 

وتعهد بارديلا بأن يكون "رئيس حكومة تعايش، يحترم الدستور ومنصب رئيس الجمهورية، لكنه لا يساوم" في مشروعه الحكومي.

وقالت مارين لوبن، التي ترأس حاليا كتلة نواب التجمع الوطني "نحن بحاجة إلى غالبية مطلقة".

ابن مهاجرة إيطالية

وبحسب واشنطن بوست، ولد بارديلا عام 1995 لعائلة ذات جذور إيطالية، ونشأ في الضواحي الشمالية الفقيرة لباريس. 

وتشير نيويورك تايمز إلى أنه نشأ في كنف والدته، المهاجرة الإيطالية، التي انفصلت عن والده عندما كان عمره عاما واحدا، وكافحت من أجل تغطية نفقات المعيشة.

والطبيعة الدقيقة لتربية بارديلا في ضاحية سين سان دوني غير واضحة، وقد صورها هو على أنها طفولة مليئة بالمصاعب الشديدة في مناطق تعاني من تجارة المخدرات والعنف.

ومع ذلك، التحق بارديلا بمدرسة خاصة، وهي مدرسة ليسيه سان جان بابتيست دو لا سال، حيث كان والده يدفع الرسوم.

وقال إيف كامو، خبير الحركات القومية في أوروبا لنيويورك تايمز: "لم تكن نشأته مميزة بأي شكل من الأشكال". 

ورغم تخرجه بامتياز من المدرسة الثانوية، فقد ترك بارديلا الكلية للتركيز على السياسة، وأثبت أنه لديه قناعات سياسية قوية، وفي عام 2012، عندما كان عمره 16 عاما، التحق بحزب التجمع الوطني (المعروف آنذاك باسم الجبهة الوطنية) عندما كانت مارين لوبن، عميدة السياسة القومية الفرنسية تتولى قيادة الحزب.

وعمل بارديلا  في حملة مارين لوبن الرئاسية في عام 2017. 

وبعد خمس سنوات، تم انتخابه كأول شخص يقود الحزب خارج عائلة لوبن.

ونجح في بناء قاعدة متابعين بين الناخبين الشباب، بما في ذلك 1.7 مليون متابع على تيك توك.

أسلوب جذاب

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إنه بفضل أسلوبه ومظهره الجذابين، سرعان ما تم النظر إليه في أوساط لوبن باعتباره الممثل الأفضل لحزب التجمع الوطني بعد الاتهامات للحزب بمعاداة السامية خلال حقبة مؤسسه، جان ماري لوبن.

مارين لوبن وجدت فيه قيمة تسويقية

وكان جان ماري لوبن، والد مارين لوبن، أسس عام 1972 "الجبهة الوطنية"، واختار لوبن شعارا لها في ذلك الحين شعلة بثلاثة ألوان، مثل شعار الحزب الإيطالي الفاشي الجديد. وأُدين جان مارين لوبن، الذي كان يركز خطابه على الهجرة واليهود، مرات عدة بسبب تجاوزاته عن اليهود.

وبعد توليها قيادة الحزب، حاولت مارين إبعاد الحزب عن صورته المعادية للسامية. وفي عام 2015، طرد الحزب جان ماري لوبان بعد مقابلة وصف فيها غرف الغاز النازية بأنها "مجرد تفصيلة من التاريخ".

وأعادت مارين تسمية الجبهة الوطنية إلى "التجمع الوطني" عام 2018. وسارع منتقدون إلى الإشارة إلى أن الاسم كان مشابها لاسم التجمع الوطني الشعبي، وهي مجموعة سياسية تعاونت مع الحكومة الفرنسية المؤيدة للنازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتحت قيادتها، اقترب الحزب من الرئاسة عندما واجهت ماكرون عامي 2017 و2022. وخسرت في المرتين.

قيمة تسويقية

يير ستيفان فورت، الصحفي الاستقصائي، مؤلف كتاب جديد عن بارديلا، قال لصحيفة واشنطن بوست إن لوبن، رأت قيمة تسويقية في قصة نشأة بارديلا وجعلته نموذجا قابلا للتسويق على وسائل التواصل الاجتماعي، وبديلا ذكيا يمكنه الوصول إلى الناخبين الجدد، وقد أطلقت عليه ذات مرة لقب "شبل الأسد"، والآن تسميه "الأسد".

بارديلا اعتبر بديلا ذكيا لمارين لوبن

ويقول مواطن فرنسي يدعى فوي لصحيفة نيويورك تايمز إنه في الماضي، كان أي شخص يختلف مع حزب التجمع الوطني يصنف بسرعة لوبن على أنها عنصرية أو فاشية، "لكن بالنسبة لبارديلا، الشيء الجيد هو أنه يفكر بنفس الطريقة، لكن لا يمكنهم وصفه بالعنصري لأنه طفل مهاجر من أبوين إيطاليين".

وتقول واشنطن بوست إنه يمثل انفصالا عن التكنوقراطيين الذين تشكلوا في مدارس النخبة وهيمنوا على السياسة الفرنسية، وقد أعاد صياغة الرسالة الغاضبة لليمين القومي بشكل فعال للغاية لدرجة أن هناك حديث عما يسمى "هوس بارديلا".

وفي حين يرى البعض أن بارديلا "دمية" في يد لوبن، يشير معجبوه إلى أن صعوده من الطبقة العاملة إلى أعلى المستويات في السياسة الفرنسية باعتباره مسألة إلهام.

فرنسا تتذوق الثورات

وتقول نيويورك تايمز إن "فرنسا التي تتذوق الثورات وجدت في بارديلا متمردا دمث الأخلاق، يرتدي ملابس أنيقة، ويتعهد بقلب سياسة البلاد رأسا على عقب، من أجل إنقاذها من "الاختفاء".

وفي حال أصبح جوردان بارديلا رئيسا للحكومة، ستكون هذه أول مرة تقود فيها حكومة منبثقة من اليمين فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، وسيمنح ذلك حزب التجمع الوطني المزيد من السلطة لدفع أفكاره الشعبوية، المشككة في أوروبا والمناهضة للهجرة إلى التيار السياسي الرئيسي.

نظرة للمستقبل

وفي بيان يوم الأحد، وعد بارديلا بتعزيز "الوحدة" إذا أصبح رئيسا للوزراء، لكنه واصل مهاجمة منافسه الرئيسي، وهو التحالف اليساري، قائلا إن فوزه "سيقود البلاد إلى الفوضى والتمرد وتدمير اقتصادنا".

وقال بارديلا أمام حشد يضم أكثر من 5 آلاف من أنصاره الذين لوحوا بالأعلام في الأسبوع الماضي: "حضارتنا يمكن أن تموت لأنه (اليسار) سيغرق في المهاجرين الذين غيروا عاداتنا وثقافتنا وأسلوب حياتنا بشكل لا رجعة فيه".

لكن مع ذلك، حرص بارديلا على تأكيد نيته "عدم المساس بالتزامات فرنسا على الصعيد الدولي" في حال تعيينه رئيسا للوزراء، علما بأن مارين لوبن كانت قد دعت في 2022 إلى الانسحاب من القيادة المركزية لحلف شمال الأطلسي.

وتعهد بارديلا بالتحلي "بيقظة شديدة" إزاء "محاولات التدخل الروسية"، مع تحديد "خطوط حمراء" في ما يخص إرسال جنود إلى أوكرانيا "أو صواريخ طويلة المدى أو معدات عسكرية" من شأنها أن "تستهدف مباشرة المدن الروسية"، وفق فرانس برس.

وتتعارض هذه المواقف مع تصريحات ماكرون المؤيد لاستخدام أسلحة غربية في أوكرانيا لـ"تعطيل" قواعد عسكرية روسية.

واقترح كل من اليمين والتحالف اليساري أن يبطل، في حال فوزه في الدورة الثانية من الانتخابات التأمين على البطالة الذي أقرته الحكومة، الذي يشدد شروط الأهلية ويقصر مدة التعويضات.

ومن الإصلاحات الأخرى، المثيرة للجدل، تلك التي تطال المعاشات التقاعدية، التي أخرت سن التقاعد سنتين إلى 64 عاما، مثيرة استياء شعبيا شديدا وتباينا في أوساط البرلمانيين. 

وتريد كتلتا المعارضة العودة عن هذا القرار، مع اقتراح اليسار إلغاءها والسعي إلى "هدف مشترك" هو التقاعد في الستين. 

وأدلى بارديلا بتصريحات متضاربة في هذا الصدد، مؤكدا نيته اعتماد نظام تقاعد في الثانية والستين مع آلية "تدريجية" لمزاولي المهن الطويلة تتيح تقاعدا في الستين لمن بدأوا العمل قبل سنّ العشرين، وسدّدوا اشتراكات لأربعين سنة.

مقالات مشابهة

  • بلينكن يعرب عن ثقته باستمرار دعم الناتو رغم صعود اليمين المتطرف في أوروبا
  • حزب اليمين المتطرف في البرتغال يلتحق بتحالف "وطنيون من أجل أوروبا" بقيادة أوربان
  • هوس بارديلا.. قصة صعود ابن مهاجرة إيطالية إلى زعامة اليمين في فرنسا
  • الفرنسيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع وسط مخاوف من صعود اليمين المتطرف
  • تسلسل زمني.. صعود تيار اليمين المتطرف في فرنسا
  • فرنسا تجري انتخابات برلمانية وسط مخاوف من صعود اليمين المتطرف
  • في ندوة الانتخابات الفرنسية وصعود أسهم اليمين المتطرف.. «صالون البوابة» يناقش الوضع السياسي في فرنسا وتأثيره في المشهد الدولي
  • رحلة صعود استثنائية: من ضاحية فقيرة في فرنسا إلى رئيس وزراء محتمل.. من هو جوردان بارديلا؟
  • الأحزاب اليسارية الفرنسية تتوحد لمواجهة صعود اليمين المتطرف
  • اليمين الأوروبي المتطرف بين روسيا وأمريكا