قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم-: من غِنى التراث العلمي وثرائه أن يقوم تلاميذ العلماء وأتباعهم بإضافة الشروحات والتعليقات والاختصارات لمؤلفات شيوخهم. بل إنه من الطبيعي أن يختلف أتباع المذهب في بعض المسائل مع صاحب المذهب نفسه، وهذا يدل على سَعة الأفق والاجتهاد والسعي لتحقيق مراد الله في التيسير، بالإضافة إلى مواكبة تغير الزمان والمكان والأحوال.

مفتي الجمهورية: 30 يونيو ثورة مصرية خالصة انتشلت البلاد من مستقبل ضبابي

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "مع المفتي" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس، مضيفًا فضيلته أن التراث الفقهي ترك لنا فكرًا منتظمًا متَّسقًا له غايات واضحة على مدًى زمنيٍّ طويل، يساعدنا على التعامل مع الوقائع الحادثة في المجتمع وَفْق مراد الشرع الشريف.

وأوضح مفتي الجمهورية، أن التجربة أثبتت على مرِّ القرون أن مَن يطالع الجهد الذي بذله هؤلاء الأئمة في بيان أحكام شرع الله يدرك كم يجب علينا أن نحفظ مذاهبهم ونعتني بها وننتسب لها، ولماذا ندعو الناس إلى ذلك.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه من العسير على النفس فضلًا عن الواقع العملي التفريط بهذا التراث العلمي المتراكم عبر القرون بدعاوى حرية الرأي والتفكير، وعلى الجميع -وخاصة المقللين من أهمية التراث- أن يطالعوا هذه الكتب الفقهية من أمهات الكتب ليدرك حجم الجهد المبذول فيها.

الكثير من القضايا قد تغير الحكم فيها عن الماضي

وأكد أن هناك الكثير من القضايا قد تغير الحكم فيها عن الماضي، ولا بد لمن يتعامل مع التراث أن ينظر لتطور العصر والواقع.

وأضاف مفتي الجمهورية أنَّ بناء الأمة علميًّا يتم باستخلاص العبر من تجاربها السابقة، وليس بتجاهل المرحلة المباركة من تطور المدارس الفقهية، التي نجحت في استيعاب الجميع وتوجيههم نحو الوسطية التي ترفع الحرج عن الأمة وتوجهها نحو التيسير واليسر، بفضل نهج النبي صلى الله عليه وسلم الذي نقله لنا الصحابة والتابعون بانسجام وتعاون تام.

الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية

وأردف: إن العلماء عبر العصور عملوا على ترسيخ المنهجية العلمية المستمدة من القرآن والسُّنة، والتي تتميز بالتواضع واحترام آراء الآخرين وعدم تهميشها. هذه المنهجية تدعم التدين الصحيح وتحقق الأمن المجتمعي، الذي يساهم في استقرار المجتمعات. وهذا هو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم كما يتَّضح من سيرته العطرة. وقد أبرز الإمام الشافعي هذه المنهجية حين قال: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".

وأوضح مفتي الجمهورية أن هناك العديد من المصطلحات التي استخدمها الفقهاء قديمًا، والتي كانت مرتبطة بسياقات مكانية وزمانية معينة، وجاءت نتيجة فتاوى خاصة بوقتها. ومع مرور الزمن وتغير الظروف، تغيرت هذه الفتاوى، بفضل المنهج العلمي المنفتح، وهذا يُعدُّ من أساسيات الفتوى.

وشدَّد على أنَّ التراث الفقهي ليس معصومًا، ولكنه يستحق الاحترام والتقدير والإجلال لأنه نتاج عقل علمي منضبط ضمن إطار الاجتهاد.

تطور العلوم لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال النقد الذاتي والموضوعية

وأكد مفتي الجمهورية أنَّ تطور العلوم لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال النقد الذاتي والموضوعية، وهذا يستدعي منا أن نكون مستعدين لتصحيح المسار عند الحاجة، وتصحيح التجربة عندما تظهر نتائج غير متوقعة أو غير مرغوبة. حيث إن النقد البنَّاء والتقييم المستمر للخطوات العلمية هو ما يضمن التقدم والابتكار، حيث يمكن من خلالهما اكتشاف الأخطاء والتعلم منها؛ مما يؤدي إلى تحسين المعرفة العلمية وتطويرها بشكل مستمر.

وفي ختام حواره حول العلم والدين، وجَّه المفتي رسالة للأمة قائلًا: "أرجو أن نكون القاطرة التي تقود مسيرة البحث العلمي، وهذا يتطلب منا عزمًا وتصميمًا على التفوق في جميع المجالات، لنكون دائمًا في المقدمة، حاملين شعلة التقدم والمعرفة."

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقي علام هيئات الإفتاء التراث العلمي مفتی الجمهوریة من خلال

إقرأ أيضاً:

مشرف أكاديمية البحث العلمي بالدلتا: نعمل على تبسيط العلوم ونقترح اتحادًا عربيًا للتواصل العلمي والثقافي

أكد الدكتور ياسر منصور، المشرف على برامج الثقافة العلمية بمراكز التنمية الإقليمية التابعة لأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، أن تطوير برامج الثقافة العلمية والتواصل العلمي جاء انطلاقًا من رؤية الأكاديمية لربط كل مركز إقليمي بالفئات المستهدفة محليًا، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعميم فكر وثقافة العلوم والتكنولوجيا وطرق تدريسها بطرق غير تقليدية.

وأشار "منصور" في تصريح لـ«الأسبوع»، إلى أن مراكز التنمية الإقليمية تمثل الأذرع التنفيذية للأكاديمية ونقاط تواصل مع الجامعات الإقليمية وجهات الحكم المحلي، وذلك تحت رعاية الدكتورة جينا الفقي القائم بأعمال رئيس الأكاديمية، والدكتور محمد الأمير المشرف العام على هذه المراكز.

وأضاف أن البرامج تستهدف الفئات العمرية من 8 إلى 16 عامًا، وتسعى إلى تنمية القدرات العلمية، وتطويع التكنولوجيا الحديثة بما يتناسب مع طبيعة كل إقليم، مع تبادل التجارب الناجحة بين الأقاليم المختلفة.

وأوضح أن المركز تبنى برامج لتبسيط النظريات العلمية وشرح العلوم النظرية والتطبيقية بطريقة تفاعلية وجذابة، لتسهيل استيعاب المعلومات عبر تجارب علمية حديثة، مما يعزز مفاهيم تبسيط العلوم، سواء من ناحية التفسير العلمي أو تقديم المعلومات بصيغة خبرية مبسطة.

وأشار "منصور" إلى أهمية العلاقة بين الثقافة العلمية والتواصل العلمي، خاصة في الإعلام المحلي والدولي، مشيدًا بما حققته هذه البرامج من نتائج إيجابية، حيث استقبل مركز طنطا فقط أكثر من 1282 طالبًا وطالبة خلال أقل من نصف عام دراسي، إلى جانب استقبال 2765 طالبًا على مستوى باقي المراكز في دمياط، سوهاج، الزقازيق، الوادي الجديد، والإسماعيلية.

وفي ختام تصريحاته، دعا الدكتور ياسر منصور إلى إنشاء اتحاد عربي للتواصل العلمي والثقافي تحت مظلة جامعة الدول العربية، يكون مقره مراكز التنمية الإقليمية بالأكاديمية بالقاهرة، لنقل هذه التجربة الناجحة إلى كافة أنحاء الوطن العربي بهدف إعداد جيل شغوف بالعلوم ومحب للتفكير الابتكاري.

مقالات مشابهة

  • متى يجوز الصلاة بالحذاء.. المفتي السابق يحسم الجدل
  • مفتي الجمهورية عرض لاوضاع العاصمة مع عميد اتحاد جمعيات العائلات البيروتية
  • افتتاح فعاليات مؤتمر دولي حول "علوم التراث" بمكتبة الإسكندرية
  • الرئيس عون: تأمين مقومات عيش المواطن بكرامته لا يتحقق الا بقيام دولة تضمن سيادة العدالة
  • هل يشترط ترديد الأذكار بعد الصلاة بالترتيب .. المفتي الأسبق يوضح
  • تفاهم بين رئيس الجمهورية و حزب الله على 3 مبادئ.. ما هي؟
  • افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي حول تراث العلوم بمكتبة الإسكندرية
  • مشرف أكاديمية البحث العلمي بالدلتا: نعمل على تبسيط العلوم ونقترح اتحادًا عربيًا للتواصل العلمي والثقافي
  • بمشاركة عدد الخبراء الدوليين.. مكتبة الإسكندرية تفتتح فعاليات مؤتمرها الدولي لربط علوم التراث بتراث العلوم
  • توقيع مذكرة تفاهم بين أكاديمية البحث العلمي وبحوث علوم التراث الأوروبية