دق الصدر.. «توقعا للذكر الجميل»
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
كثير من الناس يقتّرونَ على أنفسهم في مساحة الحرية المتاحة لهم، وهم بذلك يعادون أنفسهم؛ أكثر من التصالح معها، ويتحملون تبعات هم في غنى عنها، فالتبني لأفعال وممارسات بالإنابة عن الآخرين، أو لأجل «خاطرهم» ليس أمرا هينا؛ إطلاقا؛ ولا أتصور أنه من الحكمة أن يضع أحدنا مكان الآخر في القيام بخدمة ما، دون أن يشعرنا الآخر بأنه يحتاج منا ذلك بصورة مباشرة، بل في ذلك حمل معنوي غير منكور، وفي ذلك إلزام للنفس من غير طلب من طرف ثان، في الوقت الذي مطالب من الفرد أن يتخفف من الأعباء تجاه الآخرين؛ حتى يستطيع أن يعيش آمنا مستقرا في المساحة الزمنية المتاحة له، وإدخال مسألة التوقع للذكر الجميل من الآخرين مقابل «دق الصدر» ليست بتلك الأهمية مقابل العبء المادي والمعنوي المتوقع للقيام بالمهمة، فالناس مهما بالغت في قسوة نفسك لإرضائهم، فلن يحتفلوا معك في كل مشروعاتك هذه التي تُحَمِّلُ نفسك لأجل «خاطرهم»، فضربات الكف للتصفيق لك، لا تلبث أن تذروها الرياح مع أول محطة للفشل عندك، وقد تتجه بوصلة الاهتمام بآخرين- وينزلونهم المنزلة المباركة- كما كان الحال عندك، وبدلا من أن يستحضر هؤلاء الآخرون لـ«دقات صدرك» لأجلهم في زمن ما، يغتالون لحظات التصافي هذه، ويذهبون سريعا إلى حيث استنساخ أخطائك، وهفواتك، وحالات ضعفك التي كانت، مع أن ما كان يفترض؛ أن أطواه النسيان، وأصبح من الماضي، ويفترض كذلك ألا يحاسب الإنسان على ماضيه، فهو مولود ليومه.
والصورة هنا؛ لا تحتاج إلى طرح أسئلة محددة، فهذا نوع من الممارسة الفطرية، الموسوم بها البشر لكلا الطرفين (الذي يدق صدره/ والموعودون بالنتائج)، فالكائنات الأخرى لا تقدُمُ على هذا النوع من السلوك «تبني المبادرة» إلا في حالة الرغبة الجامحة لإرواء الغريزة، وبعد أن ينكفئ سعار الغريزة تهدأ، وتظل رابضة ما بين عرائنها؛ التي تحسبها آمنة، ولو في لحظة الاسترخاء تلك، صحيح أن للإنسان محفزات كثيرة، بخلاف الكائنات الأخرى، منها: الطموح؛ والرغبات؛ والأطماع؛ وتجدد الآمال؛ وتباينات المواقف، والمحاككة، والحسد؛ والمنافسة- خاصة غير الشريفة- والتحايل على ما هو متفق عليه وغيرها الكثير مما تجيش به الأنفس، وبالتالي فهذه المحفزات تدفع بالفرد لأن يجازف بالكثير مما يملكه: عمره، راحته، قناعاته، مواقفه، قيمه السامية (الصدق، الأمانة، الشجاعة، الإيثار) ويأتي ذلك كله لضعف يعانيه، ولقصور في الرؤية، وكما يقول أبو نواس: «قل لمن يدعي في العلم فلسفة.. حفظت شيئا وغابت عنك أشياء».
فـ«دق الصدر» مشكلة عدد غير قليل منا، نظهر للآخر أننا قادرون على تلبية ما يريد، وفي الوقت نفسه لا نملك مقومات أو مفاتيح، أو طرق ما نحن مقدمون على الالتزام به أمام الآخر، فنقع في فخ العاجز، المحرج، الذي لا يملك من الأمر شيئا سوى تلك «الفزعة» الآنية أمام الآخرين، والخوف عندما تتلبس النفس الشعور في تلك اللحظة لمجرد الثناء، والإشادة فقط، ولكي يقال: «والله فلان والنعم فيه» والخوف الأكبر عندما يعي «فلان» وعيا حاضرا أنه ليس بمقدوره أن يفعل أي شيء في الأمر ذاته المستنجد له للحصول عليه، أو إتمامه، والخوف هنا ليس فقط لأن الأمر لم يتم، وإنما مجموعة التداعيات السلبية المتوقعة على الشخص، واتهامه بالكثير من الصفات السيئة في حالة عجزه، مع أن عدم تبنيه للأمر ذاته وسكوته بيده، وبكامل قواه العقلية، فما الذي يجعله يقفز من حالته الحرة إلى مستنقع الإلزام؟ وكما يقال في القاعدة: «من ألزم نفسه شيئا ألزمناه إياه».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بعد خناقة فتيات مدرسة التجمع .. كيف واجه القانون جريمة ضرب الآخرين؟
كشف والد طالبة مدرسة دولية بالتجمع الخامس، تفاصيل تعرض ابنته للضرب بواسطة، طالبتين فى نفس المدرسة.
ضرب وألفاظ خارجة.. التفاصيل الكاملة لمشاجرة طالبات مدرسة التجمعمحدش أنقذها وكانوا بيتفرجوا| والد طالبة التجمع يتهم المدرسة بالإهمالوأكد والد الفتاة خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “آخر النهار”، المذاع عبر قناة “النهار” تقديم الإعلامى تامر أمين، أنه ابنته تعرضت لضرب مبرح داخل المدرسة، معقبا:" اللى حصل صدمة اجتماعية".
وتابع والد الفتاة:" ربنا ياخد بإيد بنتى وتتعافى وأشوفها كويسة، مناخيرها تعرضت لكسر مضاعف، واللى حصل في بنتى نفسيا أكبر من أى اصابة تعرضت لها".
وقال شادي زلطة، متحدث وزارة التربية والتعليم، إن واقعة التعدي على طالبة من قبل اثنين من الطلاب في مدرسة دولية بالتجمع الخامس واقعة مؤسفة للغاية.
وأضاف شادي زلطة،أن وزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، يتابع الموضوع بنفسه، لأن مثل تلك الوقائع تتحرك فيها الوزارة بشكل عاجل، سواء كانت المدرسة خاصة أو حكومية.
وأكد شادي زلطة، أن الوزارة شكلت لجنة، ستتحرك غدًا إلى المدرسة التي حدثت فيها الواقعة، وستحقق فيها؛ لكشف الملابسات
عقوبة التعدي على الآخرين بالضربنصت المادة 236 من قانون العقوبات، على أن كل من جرح أو ضرب أحدًا عمدا، أو إعطاء مواد ضارة، ولم يقصد من ذلك قتلًا، ولكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالسجن المشدد، أو السجن من ثلاث سنوات إلى 7 سنوات، وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة السجن المشدد.
ونصت المادة 240 من قانون العقوبات أن جريمة الجرح أو الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، تستوجب عقوبة السجن من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وتشدد العقوبة في حالة ما إذا كانت الجريمة مقترنة بسبق الإصرار أو الترصد، فتكون السجن المشدد من ثلاث سنين إلى عشر سنين.