حاولت جماعة الإخوان الإرهابية، خلال عام حكمت فيه البلاد، اختطاف الهوية الوطنية، وتفريغ مصر من ثقافتها وفنونها التى اعتبرها التنظيم من المحرمات، فحاول فرض السيطرة على كل أشكالها، فى محاولة منه لجعلها «وطناً بلا روح» وبدون قواه الناعمة المؤثرة فى العالم أجمع، واتخذ لهذا النهج سياسات عديدة ومختلفة، حتى جاءت ثورة 30 يونيو وأنقذت مصر من الدخول فى عصور الظلام التى خططت لها الجماعة الإرهابية.

وطوال عام من حكمهم، مارست «الإخوان» القهر المعنوى على المصريين، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، من تهديدات وابتزاز من قبل عناصر التنظيم، بهدف إرهابهم وإجبارهم سواء بالتصويت لقرارات تخدم الجماعة أو الامتناع عن أى شىء ضد مصلحة الجماعة، التى استخدمت وسائل الإعلام التابعة لها لبث الفتنة والتحريض على العنف ضد مؤسسات الدولة والمواطنين، ما أدى إلى زيادة التوتر والانقسام بين أفراد المجتمع.

وأيضاً استهدفت الجماعة الإرهابية الشخصيات العامة والسياسيين والإعلاميين الذين أعلنوا موقفهم المعارض لسياسات محمد مرسى وخاصة سياساته التى تحلل دماء المصريين، من خلال حملات تشهير وتهديدات بالقتل، ما أثر على حياتهم وأسرهم.

وحاولت «الإخوان» خلال فترة حكمها اتباع سياسية «التمزيق» فى العلاقة بين مصر والعالم والدول الأخرى، وكذلك تمزيق الوطن داخلياً وبث الخلافات بين أبناء الشعب، خاصة أن عناصر التنظيم لا يتقبلون الرأى الآخر أو من يعارضهم.

رأت جماعة الإخوان الإرهابية أن الفن المصرى يحتاج إلى تطهير وكذلك حاولوا جاهدين السيطرة على أوجه الثقافة بما فى ذلك وزارة الثقافة، حيث قرر محمد مرسى تعيين علاء عبدالعزيز فى منصب وزير الثقافة، فى ظل عدم وجود أى تاريخ فنى أو ثقافى له، وليس لديه ما يؤهله لذلك، ما أثار غضب الفنانين والمثقفين، بل وأقاموا اعتصاماً فى وزارة الثقافة يوم 4 يونيو 2023 بعد عزل قيادات فى الوزارة من مناصبها فى بداية فترة الوزير الإخوانى، وخاصة بعد موقف عزل الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة السابقة، رئيس دار الأوبرا وقتها، من منصبها.

ولم تسلم الآثار المصرية من محاولات الجماعة، حيث بدأت التصريحات من الإعلام الموالى لها لتحليل سرقة الآثار والاتجار بها، بل والبعض منهم كان يرى أن تحطيم تمثال أبوالهول أمر واجب، خاصة أنه يعتبر «صنماً»، فضلاً عن ارتداء سيدات الأقباط الحجاب بشكل قسرى، بحسب دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية.

وعقب فض اعتصام رابعة العدوية، حاولت جماعة الإخوان الإرهابية الانتقام من كل ما هو يخص الهوية المصرية، حيث قاموا بتدمير متحف ملوى بالمنيا، وتهشيم كامل وجهات المتحف وسرقة المئات من القطع الأثرية، الأمر ذاته تكرر فى متحف «روميل» بمرسى مطروح، ومتحف ومخازن البهنسة بالمنيا، فضلاً عن هدم «مدش مرزا» الأثرى فى 2013، والهجوم المسلح على قصرى ثقافة سوهاج والمنيا وسرقة محتوياتها، وأقدمت الجماعة على تدمير معبد سرابيط الخادم بسيناء وطمس نقوشه، فى مايو 2013، وكذلك تحويل جامعة «أون» الأثرية، إلى مقالب للقمامة ورعاية الأغنام، تلك الجامعة التى تعد من أقدم الجامعات التى عرفتها البشرية، وغيرها من الأعمال التى استهدفت تخريب المتاحف وقصور الثقافة فى مصر.

ماهر فرغلى، الباحث فى شئون الجماعات الإرهابية، قال لـ«الوطن» إن جماعة الإخوان استغلوا الدين بشكل سيئ للتقرب من المواطن، مؤكداً أنهم فشلوا فى تحقيق التماسك الاجتماعى، وأضاف أن «الإخوان» أدارت الدولة بعقلية التنظيم، مؤكداً أنهم كانوا يستعدون للقيام بما يشبه الحرس الثورى.

وتابع: الجماعة كان هدفها إقامة مشروع الخلافة الإسلامية، لكنها فشلت فى القيام بهذا المشروع، ليس فى مصر فقط، ولكن فى دول الشرق الأوسط.

وقال زكى القاضى، المقرر المساعد للجنة الشباب بالحوار الوطنى، أحد شباب حركة تمرد، إن العام الذى سبق تاريخ 30 يونيو 2013 يعتبر أخطر سنة مرت على مصر، وكان يهدد مستقبل مصر بأكمله، حيث ظهر الوجه الحقيقى لجماعة الإخوان، فكانت الحرب حينها تمثل حرباً لتغيير الهوية الوطنية للشعب المصرى.

وأضاف: «ظهرت أفكار كانت تدار فى السراديب والغرف المغلقة، وحاول الإخوان جاهدين فرض الهوية الجديدة بالعنف والضغط طوال فترة وجودهم على الساحة، علماً بأن طريقة تعامل الإخوان بالقوة لم تبدأ مع توليهم رئاسة الدولة، بل ظهرت منذ 2011، حيث كان التوجيه الدائم بضرورة تكييف الأحداث واستغلال طاقات وأفكار الشباب لتحقيق مصالحهم الشخصية».

وتابع: فى الفترة بين 30 يونيو و26 يوليو 2013 تشكل لدى المصريين وعى مختلف تماماً، وهو وعى اللحظة، وذلك الوعى كان ضرورياً للغاية فى تأمين مسار الثورة، مشيراً إلى أن شباب حركة تمرد قدموا تضحيات من أجل التخلص من حكم جماعة الإخوان، واستطاعوا مواجهة المخاوف التى واجهتهم مثل استهدافهم على يد عناصر جماعة الإخوان، لافتاً إلى أن وعى الشعب حينها كان العامل الأساسى لحمايتهم، والإيمان بالحركة وأهدافها وجهودها والتى تكللت بالنجاح وبإسقاط حكم جماعة الإخوان.

وقال كريم كمال، الكاتب والباحث فى الشأن السياسى والمسيحى، إنّ من أخطر الأشياء التى حدثت فى فترة حكم الجماعة المحظورة اختطاف الهوية الوطنية، حيث دأب التنظيم منذ اليوم الأول لحكمه على زرع الفرقة والفتن الطائفية بين أبناء الشعب الواحد، ما نتج عنه العديد من الحوادث الطائفية.

وأضاف أن عناصر الجماعة تعمدوا طمس الهوية المصرية من خلال العمل على تغير ثقافة المصريين المعتدلة وزرع الفكر المتطرف بين الأطفال وطلاب المدارس والجامعات وقد فشلوا فى ذلك، لأن الشعب المصرى واعٍ ومثقف ومتدين دون تعصب.

وتابع «كمال»: «كانت هناك خطة ممنهجة لطمس كل شىء من تاريخ وثقافة وفن لتغيير الهوية الثقافية المصرية وقد كان نزول الشعب بالملايين فى الثلاثين من يونيو نهاية لهذه المحاولات غير الناجحة»، مشيراً إلى أن «30يونيو» أنقذت مصر وشعبها من مصير مجهول وحافظت على الهوية الوطنية والتى أهم ركائزها وحدة شعبها وقوة جيشها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: 30 يونيو الاخوان الإرهاب الإخوان الهویة الوطنیة جماعة الإخوان

إقرأ أيضاً:

الإخوان "مكملين" في التآمر.. ماذا يريد التنظيم الإرهابي؟

منذ تأسيسه، واجه تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر والأردن ودول أخرى، اتهامات عديدة بالتورط في مؤامرات تستهدف زعزعة استقرار الدول العربية، والتغلغل في مؤسسات الدولة، والتعاون مع جهات خارجية لتحقيق أهدافه، والتعامل مع الأوطان كساحات لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية.

في مصر، اتُهم التنظيم منذ عقود بتشكيل تنظيمات سرية، مثل "النظام الخاص"، الذي تورط في اغتيالات سياسية بارزة، فضلا عن الصدامات العنيفة بعد محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر في حادثة المنشية عام 1954، والتي أدت إلى حظر التنظيم وسجن قياداته.

كيف فشل تنظيم الإخوان الإرهابي في استغلال أزمة غزة؟ - موقع 24يعيش تنظيم الإخوان الإرهابي حالة من التخبط والإحباط الشديد، وفي هذه الأيام تشن حملات تشكيك ضد الدولة المصرية، وجدوى المساعدات العربية المقدمة للمدنيين في قطاع غزة.

كما تورط التنظيم بالتخطيط لإسقاط الدولة، من خلال اختراق مؤسساتها الأمنية والاقتصادية، والتحريض على أعمال العنف خلال أحداث 2011 وما بعدها. وواجه اتهامات بالتعاون مع جهات أجنبية لزعزعة استقرار البلاد، وتشكيل خلايا إرهابية مسؤولة عن تفجيرات وعمليات اغتيال.
أما في الأردن، فقد اتُهم التنظيم الإرهابي بالسعي للتأثير في القرار السياسي من خلال النقابات المهنية ومجلس النواب، فضلاً عن اتهامات بالتنسيق مع حركة حماس، والتدخل في الشؤون المحلية للدولة، ومحاولة تأجيج الشارع ضد السلطات.
إضافة لذلك واجه الإخوان اتهامات بتشكيل "تنظيم سري" يوجه قراراته، وهي معلومات كشفها منشقون بارزون.

الإخوان بعد 2013

بعد الضربة القاصمة التي تلقاها الإخوان في مصر عام 2013، والتي امتدت آثارها إلى الأردن، أصبحت مساحة "التآمر" ضيقة أمام التنظيم، مما دفعه إلى محاولة إيجاد مكان في الخارج لمواصلة بث خطابات ودعايات، تهدف إلى التأثير على استقرار الدول العربية، بحسب محللين سياسيين.
ولجأ الإخوان إلى تأسيس فضائيات وقنوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي منها قناة الشرق، التي أغلقتها السلطات التركية، مما دفع بالعاملين فيها إلى تأسيس قنوات على منصات مثل يوتيوب، إضافة إلى قناة مكملين، التي طردت من تركيا، وقناة الحوار في لندن وغيرها.
واتخذ التنظيم من هذه القنوات، وسيلة لمهاجمة الدول العربية، ومحاولة دائمة لضرب الاستقرار، ودعم الجماعات الإرهابية، عبر استخدام الخطاب الديني لبث شائعات وتزوير الحقائق وفقا للمحللين.
أحدث هذه المحاولات، هو تشكيك قناة "مكملين" في الموقف الرسمي المصري والأردني والعربي الرافض لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، رغم المواقف المعلنة المؤكدة على ضرورة بقاء الفلسطينيين في أرضهم، واعتبار هذا الموضوع خطاً أحمر للأمن القومي بالنسبة للدولتين.
ويقول المحلل السياسي عامر ملحم إن "الموقف الأردني والمصري الرافض للتهجير ليس جديداً، ولم يُعلن بعد مقترح ترامب، وإنما هو قرار ثابت وراسخ في العقيدة السياسية للدولتين"، موضحاً "أن الدولتين سبق أن أحبطتا محاولات ترامب السابقة لوأد القضية الفلسطينية، كما وقفتا أمام إدارة جو بايدن، التي حاولت فتح قضية التهجير مع بداية حرب غزة".
وأضاف ملحم لـ"24" أن "أي خطاب مناوئ للموقف المصري والأردني هو قبول بالتهجير"، معبراً عن استغرابه من "محاولات الإخوان التشكيك تجاه قضية لطالما استخدموها للتأثير على عواطف الشعوب العربية".
ويعتقد ملحم أن "التشكيك نابع من مخاوف من نزع السلطة من أيدي حماس، وتسليمها للسلطة الفلسطينية، المعترف بها في غزة، وهي ضربة جديدة للإخوان لا يرغبون في تلقيها".
وتكشف آراء أعضاء في الإخوان، الوجه الحقيقي للتنظيم المخالف لتوجهات حكومات وشعوب المنطقة الداعمة لتثبيت الفلسطينيين على أرضهم.
ودعا جمال سلطان، وهو عضو بارز في التنظيم الإرهابي، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، حذفه لاحقاً، إلى "إلى استغلال ما يعتبره فرصة سانحة لتقديم الجماعة نفسها كبديل سياسي" بعد إصرار مصر والأردن على رفض مخططات التهجير.
ويشير سلطان إلى ضرورة التحلي البراغماتية والواقعية في التعامل مع الوضع الحالي.

بشعارات حماس..إخوان الأردن يتاجرون بمأساة غزة من أجل الفوز في الانتخابات - موقع 24تواجه جماعة الإخوان في الأردن، اتهامات بـ"المتاجرة" بحرب غزة، بالتزامن مع اشتداد الحملات لانتخابات مجلس النواب المزمع تنظيمها في 10 سبتمبر (أيلول) الجاري.

ودعوة سلطان ليست موقفاً فردياً، إذ يرى الإخواني الآخر أنس حسن، في سياسات ترامب فرصة غير مباشرة لصالح التنظيم.
ويقول المحلل السياسي ملحم إن :"الإخوان يرون المرحلة الراهنة بمثابة فرصة لإعادة ترتيب وضعها".

مقالات مشابهة

  • غدا.. نظر إعادة محاكمة متهم بقضية خلية العجوزة الإرهابية
  • وزير الخارجية اليمني يدعو الدول لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أسوة بواشنطن
  • تأجيل إعادة محاكمة متهم بقضية خلية الوراق الإرهابية لجلسة 16 مارس
  • اليوم.. فض الأحراز في قضية متهم بخلية "تنظيم داعش بولاق"
  • محاكمة متهم في خلية الوراق الإرهابية اليوم
  • نظر إعادة محاكمة متهم بقضية خلية الوراق الإرهابية.. اليوم
  • هل يستخدم السيسي فزاعة الإخوان ليثني ترامب عن خطط تهجير الفلسطينيين؟
  • فى ذكراه.. قصة وفاة زكى رستم المأساوية
  • إصابة 16 فلسطينيا فى اعتداءات المستوطنين بمنطقة المنيا فى بيت لحم
  • الإخوان "مكملين" في التآمر.. ماذا يريد التنظيم الإرهابي؟