«الجماعة» فوق الوطن.. الإرهاب سبيل الإخوان للسيطرة بالقمع والتهديد ومحاولات الاغتيال
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
لم يتوقف خطر جماعة الإخوان الإرهابية عند كونها تنظيماً يحاول فرض سطوته ونفوذه على المجتمع، بل تخطى الأمر إلى حد تهديد الأمن القومى المصرى، وبدأ بمشاهد سوداء مع اعتلاء الرئيس الإخوانى محمد مرسى سُدة الحكم، بإصداره قرارات رئاسية بالعفو عن المدانين من عناصرها، والمنتمين إلى تنظيمات إرهابية أخرى، وكذلك نقل واستبعاد رجال جهاز الأمن الوطنى من مناصبهم وملفاتهم الرئيسية، خاصة المسئولين منهم عن ملفات أنشطة الجماعات الإرهابية، وذلك بالنقل إلى أماكن أخرى أو بالتقاعد، فضلاً عن محاولات الاغتيال المباشرة لرجال الأمن الوطنى، والذى كان من بينهم الضابط محمد مبروك الشاهد الرئيسى فى قضية التخابر الشهيرة.
كما اتخذت «الجماعة» من أسلوب فرض القوة واستخدام العنف سياسة لها، وهو ما ظهر جلياً، فى 5 ديسمبر 2012، حينما قرر شباب القوى المعارضة والثورية الاعتصام فى محيط قصر الاتحادية، اعتراضاً على الإعلان الدستورى الذى وسَّع صلاحيات محمد مرسى، حيث قام أنصار الجماعة بتوجيه من قياداتها بالاعتداء على المتظاهرين السلميين أمام قصر الاتحادية، الأمر الذى وصل إلى حد التعذيب للمعتصمين فى مخيمات أنشأها رجال الإخوان بالقرب من بوابات قصر الاتحادية لتتحول إلى مراكز للاعتقالات، حيث أسفرت هذه الأحداث عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 748 آخرين، بحسب تقرير للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، وذلك دون أن يتخذ «مرسى» أى قرارات لوقف هذه الاشتباكات.
وتكرر هذا الأمر فى 22 مارس 2013، حينما اعتدى عناصر «الجماعة» على المتظاهرين الرافضين لحكم التنظيم أمام مقر مكتب الإرشاد فى المقطم، حيث قام رجال «الجماعة» باستخدام العنف وإطلاق النار وزجاجات المولوتوف على المتظاهرين، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 91 آخرين.
وعملت «الجماعة» على تعميق التواصل والعلاقات مع الجماعات الإرهابية الأخرى، من خلال الإفراج عن عناصرها بعفو رئاسى ممن تم اتهامهم فى قضايا إرهاب وحيازة أسلحة وذخيرة والتجارة فيها، وذلك مقابل تقديم هذه الجماعات الخدمات للإخوان لتمكينها من استمرار سلطتها، حيث رصدت قوات الأمن دخول ما يقرب من «3000» جهادى إلى الأراضى المصرية، وبالتحديد فى سيناء من العائدين من أفغانستان، وسط تجاهل تام من محمد مرسى لجميع التقارير الأمنية التى أكدت خطورة ذلك الأمر وتهديده للأمن العام.
ولعل هذا التنسيق بين الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية الأخرى ظهر بشكل أوضح فى أحداث مايو 2013، حينما تم اختطاف 7 جنود من القوات المسلحة والشرطة فى العريش، عندما طالب «مرسى»، فى بيان جمهورى، القوات المسلحة بضرورة الحفاظ على سلامة حياة الخاطفين والمخطوفين خلال تنفيذ عملية تحرير المختطفين.
وظلت قيادات جماعة الإخوان يلوحون باستخدام العنف وإعلانها مباشرة بأن عزل «مرسى» وجماعة الإخوان سينعكس أثره على تهديد الأمن القومى المصرى، وهو ما قاله بشكل مباشر محمد البلتاجى، القيادى بالجماعة فى 8 يوليو 2013 فى أثناء اعتصام رابعة، حينما أعلنها: «ما يحدث فى سيناء سيتوقف فى اللحظة التى يعود فيها مرسى إلى مهامه».
وبعد سقوط حكم الإخوان عقب ثورة 30 يونيو، شهدت البلاد موجة من الأعمال الإرهابية التى حاولت تهديد الأمن القومى، على يد كيانات مسلحة منبثقة من التنظيم الأم بعد سقوطه، من بينها «حسم، العقاب الثورى، المقاومة الشعبية، لواء الثورة، كتيبة الإعدام، وكتائب حلوان»، حيث نفذت هذه الكيانات عدة عمليات إرهابية ومحاولات اغتيالات لشخصيات سياسية وعامة كانت لهم مواقف ضد جماعة الإخوان خلال فترة حكمها.
وبجانب نهج الجماعة وتهديدها للأمن القومى باستخدام العنف والإرهاب، فقد حاولت الجماعة الإرهابية فرض سيطرتها ونفوذها وأخونة مفاصل الدولة بشكل يهدد أمنها القومى، ففى أعقاب وصول الإخوان إلى كرسى السلطة، زاد نهمهم للسيطرة على مصادر القرار، فعملوا على إلحاق أعضاء الجماعة بالأجهزة المهمة فى الدولة لتطبيق فكرة «أخونة الدولة» وجعلها حقيقة على أرض الواقع، ففى تقارير وردت بالملف الذى سلمه حزب النور «السلفى» إلى «مرسى» شخصياً خلال رئاسته للدولة، كشف الحزب عن تعيين التنظيم لـ1300 إخوانى فى الجهاز الإدارى للدولة، ونتيجة ذلك شن الإخوان حملة ممنهجة ضد حزب النور، وسخروا كل أعضائهم وحلفائهم للهجوم على الحزب، وعملوا على معاقبته بإقالة خالد علم الدين أحد قيادات «النور»، والذى كان ضمن أعضاء الهيئة الاستشارية لـ«مرسى» بحجة تورطه فى ملفات فساد. ورد حزب النور حينها على هذا القرار قائلاً: «سنقف لعملية أخونة الدولة بالمرصاد، وعلى جماعة الإخوان الكف عن إخفاء الحقائق التى يلمسها ويشاهدها عموم الشعب، وإلا سننشر ملف أخونة الدولة فى الإعلام تفصيلياً إذا استمر هذا النهج».
طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، قال لـ«الوطن» إن الإخوان كان لديهم مخطط وهمى قائم على فكرة مشروع النهضة، وهذا المشروع يعتمد على قدر كبير من العبثية، وكان لديهم اعتقاد راسخ بأن المشروع قادر على نقل مصر إلى مساحة أخرى، ولكن المشروع كان يفتقد كلياً إلى الضوابط والمحددات.
وأوضح «فهمى» أن أخونة مصر لم تكن مخطط الجماعة الرئيسى، ولكن كان المخطط الرئيسى هو السيطرة على مفاصل الدولة المصرية، وتولّى زمام الأمور فى جميع أجهزة الدولة، عن طريق مخططاتهم التى تعتمد على استبدال أجهزة الدولة بأجهزة إدارية بديلة، وأجهزة إعلامية بديلة تؤيد سياستهم وتحقق أهداف الجماعة، وأجهزة أمنية بديلة تكون خاضعة لسيطرتهم، وتم العمل على ذلك بعقد اللقاءات بين مسئولى أعضاء الجماعة خيرت الشاطر وعصام العريان وحسن مالك، كخلية مشكّلة تهدف إلى إعادة بناء الدولة المصرية وفق مقاربة إخوانية. وأكد أستاذ العلوم السياسية أن الإخوان كانوا ينظرون إلى مصر أنها دولة ممر لدولة الخلافة الإسلامية، وبدأوا مشروع أخونة الدولة المصرية وتجزئتها وتفكيك مؤسساتها، كما أرادوا أن يبنوا حرساً ثورياً مصرياً على غرار الحرس الثورى الإيرانى، بهدف استحداث مؤسسات أجهزة عميلة وأمنية بديلة داخل الدولة.
وقال إبراهيم ربيع، القيادى الإخوانى المنشق، والباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إن عقيدة تنظيم الإخوان الإجرامى قائمة على رباعية تدميرية تتضمن: «التكفير، الإرهاب، العنصرية، والطائفية»، ولذلك حكموا بالإرهاب والتهديد، وأيديولوجيتهم مبنية على العنف والمصلحة، فمصر قضت عاماً تحت حكم التنظيم مارَس خلاله القتل للوصول إلى مصالحه وأغراضه.
وأضاف أن أيديولوجية «الإخوان» قائمة على العنف والمصلحة، وكان شعارها إما أن تكون مع الجماعة وإما كافراً مرتداً وعدواً للإسلام، على اعتبار أن التنظيم هو الإسلام، كما استغلوا جماعات الإسلام السياسى كقطعان لتحقيق غايتهم، مشيراً إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية حكمت مصر بالترهيب والتهديد، فلا وجود للدولة أمام مصلحتها، وهو ما تجلى فى كل السياسات الاستفزازية المتبعة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: 30 يونيو الاخوان الإرهاب الإخوان جماعة الإخوان
إقرأ أيضاً:
هل تفعلها قطر في الأردن كما فعلتها في سورية؟
محمد الجوهري
أعلنت الأردن حظر جماعة الإخوان المسلمين في البلاد، لا لخطيئةٍ ارتكبته، وإنما لنصرة بعض شبابها للقضية الفلسطينية وانخراطهم في أنشطة داعمة لغزة، وهذا ليس جرماً، بل هو الشرف بذاته، لكن وضع إخوان الأردن يختلف عن وضع إخوانهم في سورية، فالنظام هناك كان معادية لـ”إسرائيل” وداعماً للمقاومة الفلسطينية، بينما الحال في الأردن يختلف، فالدولة بكلها عميلة، وهذا من سوء حظ الجماعة هناك.
وبما أن دولة قطر مولت جماعة الإخوان السورية على مدى عقد ونصف، وزودتها بمختلف الأسلحة حتى تسنى لها إسقاط الدولة، فإنها في الأردن، وبدافعٍ أخلاقي، مطالبة بنصرة الإخوان، سيما وهم جماعة مظلومة، وتتداعى على قمعهم الدولة الأردنية وحلفائها في السعودية والإمارات، كما أن نصرتهم من نصرة الشعب الفلسطيني، خاصة إذا تحركوا اليوم لإعلان الجهاد ضد النظام وضد الكيان الموالين له.
إنّ التجربة القطرية في دعم جماعة الإخوان السورية ليست سرًا، بل هي من أبرز تجارب التمويل السياسي-العسكري التي شهدها العقد الماضي في المنطقة. فقد تلقّت الجماعة في سورية دعمًا سخيًّا من الدوحة، شمل المال والسلاح والمنصات الإعلامية، حتى باتت الذراع الأبرز لها في المنطقة، ونجحت في إسقاط الدولة، بالتعاون مع الجماعات المتطرفة المنبثقة منها، كالقاعدة وداعش وتحرير الشام.
لكن رغم ذلك، فإن ذلك الدعم لم يكن مجرد انحياز سياسي، بل كان انعكاسًا لتقاطع مصالح بين قطر، وبعض القوى الغربية خدمةً لـ”إسرائيل”، ولو أن نظام الأسد أقام علاقات تطبيعية مع الكيان الغاصب لما سُلطت عليه جماعة الإخوان، مهما تعرضت له من القمع والحظر والملاحقة، كما هو حال نظرائهم في بعض الدول الخليجية، خاصة السعودية والإمارات.
أما في الأردن، فالصورة تختلف من حيث البيئة، لكن لا تختلف كثيرًا من حيث المظلومية. فالجماعة هناك لا تزال تحتكم إلى أدوات سلمية، ولم ترفع السلاح قط، بل اكتفت بالتحرك الشعبي والنقابي والبرلماني، وكانت شريكًا سياسيًا لبعض الحكومات. لكنّ ذلك لم يشفع لها، إذ تعرضت في السنوات الأخيرة لسلسلة من الإجراءات الاستئصالية، تمثلت في إغلاق مقراتها، وحظرها رسميًا، وتجفيف منابع تمويلها، لا لسبب إلا لمواقفها من العدوان على غزة، واحتضانها لأصوات شبابية ترى في فلسطين قضية الأمة المركزية.
والسؤال المطروح اليوم: ألا تستحق جماعة الإخوان في الأردن، دعمًا مماثلًا من قطر؟
خاصة وأن الدوحة قدّمت ذلك الدعم يومًا لجماعة رفعت السلاح في بلدٍ يقف ضد “إسرائيل”، فهل يُعقل أن تتخلى عن جماعة يُجرَّم أفرادها فقط لأنهم قالوا “لا” للتطبيع؟
إنّ دعم إخوان الأردن اليوم لا ينفصل عن دعم إخوان سورية، فالأردن، كما هو معلوم، يمثل عمقًا استراتيجيًا حساسًا للمشروع الصهيوني، وأي انتفاضة فيه أو تصدع داخلي يُربك حسابات تل أبيب وواشنطن، ويعيد خلط أوراق الصفقة الإقليمية التي تُطبخ على نار هادئة. كما أن الأردن هو إحدى بوابات غزة والضفة الغربية من جهة الشرق، وأي تغير في ميزان القوى فيه قد يُسهم في فك الحصار الجغرافي-السياسي المفروض على الشعب الفلسطيني.
لذلك فإن دعم إخوان الأردن اليوم هو استثمار في خيار وطني-قومي ، وهو خطوة في طريق دعم الشعب الفلسطيني، لا سيما إن تحولت الجماعة إلى حالة شعبية مقاومة، تضع النظام الأردني أمام لحظة الحقيقة: إما أن يكون مع الأمة، أو مع أعدائها.
لقد دعمت قطر إخوان سورية في لحظة مفصلية، وسواء أصابت أم أخطأت في رهاناتها، فإن اللحظة الحالية تتطلب منها إعادة النظر في موقعها من جماعة الإخوان الأردنية التي تقف اليوم في موقع الضحية فعلياً. فهل تفعلها قطر؟ وهل ترى في نصرة المظلوم فريضة، وفي إسقاط المؤامرة على فلسطين واجبًا؟
أم علينا الانتظار حتى يأتي طرف شريف في الأردن ويسقط الحكومة المطبعة، وعندها ستتحرك قطر ودول الخليج الأخرى في استخدام الإخوان لفتح جبهة عسكرية هناك ضد أبناء الشعب الأردني، كما سبق وفعلوا في اليمن؟!