الجزيرة:
2025-01-23@09:46:16 GMT

نصوص في الذاكرة.. الغريب من كتاب أبي حيان التوحيدي

تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT

نصوص في الذاكرة.. الغريب من كتاب أبي حيان التوحيدي

لا تكاد تحظى شخصية أدبية في التراث العربي بما حظي به أبو حيان التوحيدي (310-414هـ/ 922- 1023م) من إثارة للجدل حول أفكاره، واستدعاء لشخصيته في إشارة للاغتراب والمظلومية وعدم جدوى المثقف.

فقد غدا التوحيدي رمزا للمثقف المظلوم الذي رغم إمكانياته الكبيرة، مفكرا وفيلسوفا ومتصوفا، فإنه لم يحظ على مستوى حياته بما يليق به من مكانة مادية تدفع عنه شظف الحياة التي لاحقته.

ويستدعى التوحيدي رمزا للأديب المخذول من أصدقائه الذين تبوؤوا في عهده مكانة كبيرة في الدولة، وهم من أهل مهنته، في حين ظل يعاني البؤس والحرمان.

ولطالما عانى الاغتراب والغربة في حياته وعبر عنها في كثير من كتبه، لعل أشهرها كتابه " الإشارات الإلهية" الذي جنح فيه إلى التصوف، وربما كانت الغربة دافعه أيضا في تأليف رسالته في الصداقة والصديق.

ولعل حادثة حرقه كتبه كانت تعبر عن ذلك اليأس الكبير الذي أصابه من "عدمية" المثقف والثقافة في عصره؛ ذلك الاغتراب الذي عبر عنه الشاعر وليد سيف في إحدى قصائده:

وهنا أبو حيان يوغل في اغتراب الروح..
لا الدنيا تراوده، ولا الصحراء تعرفه..
ولا بغداد تمنحه يديها
أواه ما أقسى اغتراب الروح في زمن..
يرى الشعراء والحكماء نافلة وحاشية
يريح التاجر العنين ركبته عليها
فاحرق كتابك أيها العقل النبيل
وادفن سؤالك في المدى..
ولينتحر فيك النخيل
وانصب لشمس الله وجهك، قد دعاك له الرحيل

وأبو حيان هو علي بن محمد بن العباس، وعن نسبه يقول محقق كتابه "الإشارات الإلهية" خميس حسن "إن ما وصل عن أبي حيان من معلومات عن حياته قليل وهو قليل ومضطرب، ولا يعدو الأمر أن يكون ظنا وترجيحا، أما اليقين فلا يكاد يتجاوز ما ذكره أبو حيان بنفسه عن نفسه في كتبه ورسائله، وهذا راجع -برأي حسن- إلى تجاهل أدباء عصره ومؤرخيه له.

وينقل عن ياقوت الحموي تعجبه من تجاهل كتاب عصره له "إننا نجهل تماما أصله ونشأته"، خصوصا أن "أحدا لم يذكره في كتاب ولا دمجه في خطاب وهذا من العجب العجاب".

ويقول ياقوت الحموي في ترجمته لأبي حيان إنه "شيرازي الأصل، وقيل نيسابوري، ووجدت بعض الوسطاء يقول واسطي".

وهناك من يميل إلى أنه عربي الأصل منهم محمد كرد علي مستندا إلى أنه ليس في اسمه ما يشير إلى فارسيته كما أن أبا حيان التوحيدي لم يكن يعرف الفارسية ولا يوجد في كتبه ما يدل على أنه فارسي.

وبغض النظر عن فارسيته أو عروبته، يرى حسن أنه في "كلتا الحالتين لن يكون إلا إنسانا مفكرا يحاول أن يكمل نفسه بالعلم والدين والأخلاق، ويسعى جاهدا في سبيل العمل على ربط الحكمة النظرية بالحكمة العملية".

وعن مكانته العلمية، يقول "إنه واحد من ألمع ثمرات الفكر الإسلامي وأكثرها نضوجا، فهو صاحب عقلية من أكثر العقليات الإسلامية خصوبة وعطاء وتفجرا بالنفيس من القول، والسديد من الرأي، والوفير من الإنتاج، كما يعد التوحيدي مرآة ناصعة لثقافة عصره التي قطف ثمارها الفلسفية والصوفية والبلاغية".

ترك التوحيدي وراءه كثيرا من المؤلفات منها "كتاب الصداقة والصديق"، و"الرد على ابن جني في شعر المتنبي"، و"الإمتاع والمؤانسة"، و"المقابسات"، و"رياض العارفين"، و"تقريظ الجاحظ"، و"ذم الوزيرين"، وكتاب "الرسالة في الحنين إلى الأوطان"، و"البصائر والذخائر"، و"الهوامل والشوامل" وغيرها.

وتأثر أبو حيان -الذي لقب بأديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء- بشخصية الجاحظ وأسلوبه في الكتابة، بل إن باحثين ودارسين يطلقون عليه لقب "الجاحظ الثاني"، ولا يخفي التوحيدي إعجابه بالجاحظ وألف كتابا في تقريظه وبه يشيد قائلا: "ومتى رأيت ديباجة كلامه، رأيت حولها كثير الوشي، قليل الصنعة بعيد التكلف، حلو الحلي له سلاسة كسلاسة الماء ورقة كرقة الهواء.. فسبحان من سخر له البيان وعلمه، وسلم في يديه قصب الرهان.. إن جد لم يُسبق، وإن هزل لم يُلحق".

عاش التوحيدي في بغداد وتنقل بين كثير من البلدان وقيل إنه توفي في شيراز، وفي ما يلي مقتطف من نصوصه:

في معنى الغريب من كتاب الإشارات الإلهية

يا هذا! هذا وصف غريب نأى عن وطن بني بالماء والطين، وبعد عن آلاف له عهدهم الخشونة واللين.. فأين أنت عن غريب طالت غربته في وطنه، وقل حظه ونصيبه من حبيبه وسكنه؟! وأين أنت عن غريب لا سبيل له إلى الأوطان، ولا طاقة به على الاستيطان؟! قد علاه الشحوب وهو في كن، وغلبه الحزن حتى صار كأنه شن. إن نطق، نطق حزنان منقطعا، وإن سكت، سكت حيران مرتدعا، وإن قرب، قرب خاضعا، وإن بعُد، بعُد خاشعا، وإن ظهر، ظهر ذليلا، وإن توارى عليلا، وإن طلب، طلب واليأس غالب عليه، وإن أمسك، أمسك والبلاء قاصد إليه، وإن أصبح، أصبح حائل اللون من وساوس الفكر، وإن أمسى، أمسى منتهب السر من هواتك الستر؛ وإن قال، قال هائبا، وإن سكت، سكت خائبا؛ قد أكله الخمول، ومصه الذبول، وحالفه النحول، لا يتمنى إلا على بعض بني جنسه، حتى يفضي إليه بكامنات نفسه، ويتعلل برؤية طلعته، ويتذكر لمشاهدته قديم لوعته.

وقد قيل: الغريب من جفاه الحبيب. وأنا أقول: بل الغريب من واصله الحبيب، بل الغريب من تغافل عنه الرقيب.. بل الغريب من نودي من قريب، بل الغريب من في غربته غريب، بل الغريب من ليس له نسيب، بل الغريب من ليس له من الحق نصيب.

يا هذا! الغريب من غربت شمس جماله، واغترب عن حبيبه وعذاله، وأغرب في أقواله وأفعاله، وغرب في إدباره وإقباله.. يا هذا! الغريب من نطق وصفه بالمحنة بعد بالمحنة.. الغريب من إن حضر كان غائبا، وإن غاب كان حاضرا. الغريب من إن رأيته لم تعرفه، وإن لم تره لم تستعرفه.

هذا وصف رجل لحقته الغربة، فتمنى أهلا يأنس بهم، ووطنا يأوي إليه، وسكنا يتوادع عنده. فأما وصف الغريب الذي اكتنفته الأحزان من كل جانب، واشتملت عليه الأشجان من كل حاضر وغائب، وتحكمت فيه الأيام من كل جانب وذاهب، واستغرقته الحسرات على كل فائت وآئب، وشتته الزمان والمكان من كل ثقة ورائب، وفي الجملة، أتت عليه أحكام المصائب والنوائب، وحطته بأيدي العواتب عن المراتب، فوصف يخفى دونه القلم، ويفنى من ورائه القرطاس، ويشل عن بجسه اللفظ، لأنه وصف الغريب الذي لا اسم له فيُذكر، ولا رسم له فيُشهر، ولا طي له فيُنشر، ولا عذر له فيُعذر، ولا ذنب له فيُغفر، ولا عيب عنده فيُستر.

هذا غريب لم يتزحزح عن مسقط رأسه، ولم يتزعزع عن مهب أنفاسه. وأغرب الغرباء من صار غريبا في وطنه، وأبعد البعداء من كان بعيدا في محل قربه.

يا هذا! الغريب من إذا ذكر الحق هجر، وإذا دعا إلى الحق زجر. الغريب من إذا أسند كُذب، وإذا تطاهر عُذب، الغريب من إذا امتار لم يُمر، وإذا قعد لم يُزر. يا رحمتا للغريب! طال سفره من غير قدوم، وطال بلاؤه من غير ذنب، واشتد ضرره من غير تقصير، وعظم عناؤه من غير جدوى!

الغريب من إذا قال لم يسمعوا قوله، وإذا رأوه لم يدوروا حوله. الغريب من إذا تنفس أحرقه الأسى والأسف، وإن كتم أكمده الحزن واللهف. الغريب من إذا أقبل لم يوسع له، وإذا أعرض لم يُسأل عنه. الغريب من إذا سأل لم يعط، وإن سكت لم يُبدأ.. الغريب من إذا نادى لم يُجَب، وإن هادى لم يُحَب. اللهم إنا قد أصبحنا غرباء بين خلقك، فآنسنا في فنائك. اللهم وأمسينا مهجورين عندهم، فصِلنا بحبائك.

يا هذا! الغريب في الجملة كله حُرقة، وبعضه فُرقة، وليلة أسف، ونهاره لهف، وغداؤه حزن، وعشاؤه شجن، وآراؤه ظنن، وجميعه فتن، ومفرقه محن، وسره علن، وخوفه وطن.

الغريب من إذا دعا لم يُجب، وإذا هاب لم يُهب.. الغريب من فجعته مُحكمة، ولوعته مضرمة. الغريب من لبسته خرقة، وأكلته سلقة، وهجعته خفقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات من غیر

إقرأ أيضاً:

التعليم في القدس.. إما الإهمال أو الأسرلة.. قراءة في كتاب

الكتاب: التعليم في القدس الشرقية، الأسرلة الزاحفة (1967-2022)
المؤلف: مرام مصاروة
الناشر: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية/ الأهلية للنشر والتوزيع


يواجه المقدسيون منذ العام 1967 تحديات كبيرة يفرضها عليهم الاحتلال الإسرائيلي، تشمل كل قطاعات الحياة، في إطار استراتيجية صهيونية تهدف إلى فرض سيطرة إسرائيل على الأرض والإنسان الفلسطيني، وطمس كامل معالم الهوية الثقافية والتاريخية للمدينة وأهلها.

في هذا الكتاب ترصد أستاذة العلوم الاجتماعية، مرام مصاروة، السياسات الإسرائيلية الموجهة ضد جهاز التربية والتعليم في القدس الشرقية، وحملات الأسرلة التي يتعرض لها هذا الجهاز والمناهج الدراسية الفلسطينية باستمرار. وتشرح التحديات التي يواجهها العاملون في هذا الجهاز، وواقع المناهج المدرسية، وأثر التحولات السياسية على مضامين هذه المناهج.

السلطة لم تصدر أي قرارات من شأنها دعم المدارس الخاصة ماليا لمواجهة مخاطر فرض المناهج الإسرائيلية على الطلبة، كما لم تتخذ أية إجراءات دولية يمكن أن توفر الحماية لهؤلاء الطلاب.كما تتناول العلاقة بين التعليم في القدس وإمكانيات إيجاد فرص ووظائف في سوق العمل، وأهم التحديات التي تواجه الطلاب المقدسيين في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية. بينما تخصص مصاروة الفصل الأول من كتابها لإلقاء الضوء على التحديات التي يواجهها المقدسيون في ظل القوانين التي تسري عليهم ، سيما قانون القومية وإسقاطاته على المدينة بشكل عام وعلى جهاز التعليم بخاصة.

يرزح القطاع التعليمي في القدس الشرقية تحت ضغوطات هائلة، فهناك نقص حاد في عدد المدارس والغرف الصفية، مع غياب شبه كامل لأعمال الصيانة، ونقص كبير في المختبرات والملاعب، نتيجة الإهمال المتعمد من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بالإضافة إلى افتقار المدينة إلى مرجعية موحدة لإدارة العملية التعليمية والتربوية. حيث تتولى السلطة الوطنية الفلسطينية المسؤولية عن المدارس التابعة للأوقاف الإسلامية فقط، وتتوزع مسؤولياتالمدارس الأخرى على وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، ووزارة المعارف وبلدية القدس التابعتان للحكومة الإسرائيلية، والقطاع الخاص.

إضافة إلى ذلك تقول مصاروة إن الطلاب يتلقون تعليما ضعيفا، وتنتشر حالات التسرب المدرسي بينهم. ويقدر عدد متعاطي المخدرات بأكثر من 29 ألفا، من الشباب والمراهقين الذين تركوا التعليم والتحقوا بسوق العمل. كل ذلك يقع في ظل تحديات اقتصادية وأمنية وسياسية عامة يواجهها المجتمع المقدسي ككل، من عمليات الاعتقال والإبعاد وفرض الإقامة الجبرية، ومصادرة الممتلكات والأراضي، إضافة إلى جدار الفصل العنصري الذي تحول من العام 2002إلى أداة إسرائيلية لعزل المدينة عن امتدادها الثقافي والمجتمعي.

من جهة أخرى تلفت مصاروة إلى أن الطاقم التربوي نفسه يشعر إجمالا بعدم الانتماء والغربية تجاه المنظومة التربوية الإسرائيلية. بل إنه يراها امتدادا للسلطة والأمن الإسرائيليين. فثمة رقابة تفرضها وزارة المعارف الإسرائيلية على هؤلاء تزيد من إحساسهم بعدم الأمان، والخوف المستمر من فقدان بطاقة الهوية، ومكان العمل.

الخطة الخماسية

في العام 2014 بدأت وزارة المعارف الإسرائيلية تطبيق برنامج تعليمي لا منهجي، يركز على تطوير مهارات وهوايات الطلاب بعد اليوم الدراسي. شمل هذا البرنامج 15 مدرسة، هي المدارس التي اعتقل عدد كبير من طلابها بتهمة إلقاء الحجارة، أو تلك التي تقع في مناطق المواجهات مع الشرطة، مثل العيسوية، وسلوان، وشعفاط. كان واضحا أن البرنامج يهدف إلى وضع الطلاب تحت المراقبة لأطول وقت ممكن، ومنعهم من الانخراط في أي نشاط سياسي، سيما بعد ما شهدته المنطقة من ردة فعل عنيفة على خطف وقتل الطفل محمد أبو خضير من قبل مستوطنين.

بعد توقيع اتفاق أوسلو حل المنهاج الذي أعدته السلطة الوطنية الفلسطينية محل المنهاج الأردني. وهو منهاج محكوم حسب الاتفاقية بتبني مبدأ التعليم من أجل السلام ووقف التحريض. ورغم ذلك بدأ أعضاء في الكنيست الإسرائيلي منذ العام 2010 حملة ضد هذا المنهاج، ولجأت مديرية التعليم العربي في بلدية القدس إلى خدمات شركة إسرائيلية خاصة، لمراقبة كتب المنهاج الفلسطيني ومن ثم حذف كل ما يعتبر تحريضا على إسرائيل، أو دالا على الهوية الفلسطينية السياسية..تقول مصاروة أن ما بدأ كبرنامج محدود الهدف توسعت فكرته ليصبح جزءا من خطة حكومية حجمها 2،3 مليار شيكل تحت عنوان الخطة الخماسية. وتمثلت الأهداف الرئيسية لهذه الخطة في زيادة عدد المؤسسات التي تدرس وفقا للمنهاج الإسرائيلي، وتسهيل اندماج الطلاب المقدسيين في سوق العمل الإسرائيلي. وكرست الخطة العديد من الموارد لتطوير المدارس التابعة لبلدية القدس، وتسويقها على أنها مدارس ذات محتوى متطور.

كما تعمل على استقطاب الطلاب المقدسيين إلى الجامعات والكليات الإسرائيلية، سواء من أجل معادلة شهاداتهم الأكاديمية غير المعترف بها من قبل سوق العمل الإسرائيلي، أو من أجل إدماجهم في التعليم الأكاديمي الإسرائيلي، وبهذا تعمل على ربط الطالب المقدسي بحلقة أخرى من حلقات الاقتصاد والمجتمع الإسرائيليين. وتضيف أنه من أجل تنفيذ مخطط أسرلة جهاز التربية والتعليم في القدس الشرقية خصصت الحكومة 20 مليون شيكل لتطوير المرافق التربوية والبنية التحتية للمدارس بشرط أن تدرس المنهاج الإسرائيلي. ومع ذلك تلفت مصاروة إلى أن الكثير من المقدسيين ينظرون إلى المعارضة الفعلية لتطبيق المناهج الإسرائيلية في مدارس البلدية في القدس الشرقية بعد العام 1967، أحد أبرز انجازاتهم في الحفاظ على هويتهم العربية الفلسطينية.

خارج الصورة

بعد توقيع اتفاق أوسلو حل المنهاج الذي أعدته السلطة الوطنية الفلسطينية محل المنهاج الأردني. وهو منهاج محكوم حسب الاتفاقية بتبني مبدأ التعليم من أجل السلام ووقف التحريض. ورغم ذلك بدأ أعضاء في الكنيست الإسرائيلي منذ العام 2010 حملة ضد هذا المنهاج، ولجأت مديرية التعليم العربي في بلدية القدس إلى خدمات شركة إسرائيلية خاصة، لمراقبة كتب المنهاج الفلسطيني ومن ثم حذف كل ما يعتبر تحريضا على إسرائيل، أو دالا على الهوية الفلسطينية السياسية ـ (صورة العلم الفلسطيني، صورة قبة الصخرة، معلومات عن الجهاد وحب الوطن، معلومات عن نشأة الحركة الصهيونية، وعن الانتفاضات الشعبية الفلسطينية، وقصائد عن الشهادة وحق العودة) ـ وطباعة الكتب من جديد وتوزيعها على المدارس التابعة لها.

ولذلك سنجد مدارس في القدس الشرقية تدرس المنهاج الفلسطيني كما هو، وبعضها يدرس المنهاج الفلسطيني الذي مر من تحت مقص الرقيب الإسرائيلي، ومدارس تدرس المنهاج الإسرائيلي. تشير مصاروة إلى خطة خمسية كانت السلطات الإسرائيلية قد وضعتها في العام 2018 تهدف إلى أسرلة التعليم بنسبة 90%، تضم ست نقاط مهمة هي: تفريغ البلدة القديمة من المدارس والسيطرة على مبانيها التاريخية بهدف تحويلها إلى مدينة سياحية، وإغلاق مدارس القدس التابعة للأونروا، وإغلاق المدارس التي ترفض تدريس المنهاج الإسرائيلي، وإغلاق رياض الأطفال الخاصة، وفتح مراكز جماهيرية تسعى إلى التطبيع وترويض الشباب المقدسي، ونشر الشرطة الجماهيرية في أحياء القدس التي تتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية الإسرائيلية.

تقول مصاروة إنه في العام 2021 بلغت نسبة الطلاب المقدسيين الذين يدرسون المنهاج الإسرائيلي في المدارس التابعة للبلدية  15% من مجمل عدد الطلبة من الصف الأول حتى الصف الثاني عشر، بينما كانت نسبتهم 8% في العام 2018 الذي سبق تفعيل الخطة.

تنتقد مصاروة موقف السلطة الفلسطينية من عملية أسرلة المناهج، إذ تبدو، بحسب تعبيرها، خارج الصورة، باستثناء تصريحات إعلامية تصدر عن حكومتها، وتكتفي بدور المراقب مع بعض الإدانات الرسمية والشعبية التي تصدر عن مؤسساتها. وتوضح مصاروة أن السلطة لم تصدر أي قرارات من شأنها دعم المدارس الخاصة ماليا لمواجهة مخاطر فرض المناهج الإسرائيلية على الطلبة، كما لم تتخذ أية إجراءات دولية يمكن أن توفر الحماية لهؤلاء الطلاب.

ترى مصاروة أن وضع سكان القدس الاقتصادي المتدني جدا، وسياسات الإهمال والانتهاك لحقوق السكان الأساسية، إضافة إلى جدار الفصل، وعزلها عن الضفة الغربية، حول القدس الشرقية إلى مدينة هامشية، فرص تطور سوق العمل فيها ضعيف جدا. وقد أثر كل ذلك على واقع التعليم، وأضاف المزيد من العوائق أمام التحصيل العلمي والتأهيل المهني في المدينة. وبدون شك فإن سياسات الاحتلال القائمة على الهيمنة الاستعمارية، تربط جهاز التربية والتعليم والاقتصاد من خلال آليات السيطرة على متطلبات سوق العمل. وهي تعي تماما أهمية التعليم كمحور للتغيير، وهندسة الوعي القومي السياسي والاجتماعي. ويحاول الاحتلال من خلال نظام التعليم ترسيخ منظومة قيم وهوية جديدة للواقعين تحت سيطرته تضمن هيمنته.

مقالات مشابهة

  • التعليم في القدس.. إما الإهمال أو الأسرلة.. قراءة في كتاب
  • افتتاح معرض الكتاب وإطلاق مبادرة «مليون كتاب» غدا
  • تدشين كتاب محطات في عُمان لتعزيز قيم المواطنة
  • مذابح ود مدني و«الذاكرة السمكية»
  • مذابح ودمدني و”الذاكرة السمكية”
  • 30 يناير.. ندوة لمناقشة رواية الغريب بجزويت الإسكندرية
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب "البهجةُ السَّنيةُ على متنِ السَّنوسيَّة"
  • للباحثين وطلَّاب العلم.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب البهجةُ السَّنيةُ
  • جناح الأزهر يقدم كتاب "العقائد السُّنية" في معرض الكتاب
  • ظهرا معا في حفل لترامب.. ملامح من علاقة إيلون ماسك بابنه وسر اسمه الغريب