الوطن:
2025-02-06@07:33:34 GMT

أحمد العوضي يكتب: نقطة تحول تاريخية

تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT

أحمد العوضي يكتب: نقطة تحول تاريخية

تحتفل مصر بالذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو، التى تشكل محطة مفصلية فى تاريخ الوطن. هذه الثورة، التى جسدت إرادة الشعب المصرى فى التخلص من حكم جماعة الإخوان، وتعتبر علامة فارقة فى مسيرة الدولة نحو تحقيق الاستقرار والتنمية. فثورة 30 يونيو لم تكن مجرد حركة احتجاجية عابرة، بل كانت تحولاً جذرياً أعاد للدولة المصرية هويتها واستقلالها.

الشعب المصرى، الذى خرج بالملايين فى مختلف محافظات البلاد، أظهر معدناً أصيلاً وقف بشجاعة ضد محاولات تفتيت الدولة وزعزعة استقرارها. وبهذا السياق، أرى أن الثورة مثلت بداية جمهورية جديدة، جلبت الاستقرار والأمن بعد فترة من الاضطرابات.

ولا يمكن إنكار أن ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من مصير مجهول كان ينتظرها تحت حكم الإخوان، بالإضافة إلى انحياز القوات المسلحة لملايين الشعب المصرى التى ملأت ميادين محافظات مصر. نجاحات عديدة حققتها الثورة، بدءاً من تحقيق الأمن والاستقرار، ومروراً بإطلاق مشروعات قومية ضخمة، وصولاً إلى بناء دولة حديثة وعصرية، هى إنجازات لا يمكن تجاهلها. لقد أثبت المصريون قدرتهم على تحديد مصيرهم بأنفسهم، ورفضهم لأى تدخل خارجى أو محاولة لفرض أجندات غير وطنية. الثورة كانت تعبيراً واضحاً عن رفض الشعب لمحاولات فرض السيطرة والتحكم فى مصيره، وتمسّكه بقراره الحر فى رسم مستقبل بلاده.

من بين أهم نتائج ثورة 30 يونيو هو تمكين المرأة المصرية وإعادة الاعتبار لها. لقد أفشلت الثورة مخططات الإخوان لتهميش المرأة وإبعادها عن المشهد السياسى والاجتماعى. بفضل السياسات التى أعقبت الثورة، شهدت مصر زيادة غير مسبوقة فى نسبة تمثيل المرأة فى مجلسى النواب والشيوخ، بالإضافة إلى تعيين عدد كبير من القاضيات فى مجلس الدولة. لقد كانت هذه الخطوات جزءاً من رؤية أوسع لتمكين المرأة وتعزيز دورها فى المجتمع، وهو ما يعكس التوجه نحو تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.

فثورة 30 يونيو لم تقتصر على إعادة الاستقرار السياسى فحسب، بل كانت بداية لمرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية. الحكومة المصرية، بدعم من الشعب، أطلقت مجموعة من المشروعات القومية الكبرى التى تهدف إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد الوطنى. من بين هذه المشروعات نجد مشروع قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروعات الإسكان الاجتماعى، وتطوير شبكة الطرق والمواصلات. هذه المشروعات لم تعزز فقط من البنية التحتية للدولة، بل وفرت أيضاً آلاف فرص العمل وساهمت فى دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام.

بالإضافة إلى ذلك، عملت الثورة على تقوية الروح الوطنية وتعزيز الوحدة بين أفراد الشعب. فالشعب المصرى، الذى وحّدته إرادة التغيير، أصبح أكثر تماسكاً وإصراراً على بناء مستقبل أفضل. هذا الشعور بالوحدة والانتماء كان له أثر كبير فى تجاوز التحديات التى واجهتها البلاد خلال السنوات الماضية، وساهم فى تعزيز الأمن الداخلى وتحقيق الاستقرار.

ومن بين الإنجازات الأخرى التى حققتها الثورة هو القضاء على المخططات الإرهابية التى كانت تستهدف تفتيت الدولة وإضعافها. بفضل دعم الجيش المصرى ومساندته لمطالب الشعب، استطاعت مصر تجاوز هذه المرحلة الحرجة وتحقيق الاستقرار. إن إرادة المصريين الحرة وتصميمهم على بناء مستقبلهم بأيديهم سيظل علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث.

ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد حركة احتجاجية، بل كانت تحولاً جذرياً أعاد لمصر استقرارها وهويتها. إنها تمثل إرادة الشعب المصرى فى رفض الظلامية والتطرف، وبناء دولة حديثة تقوم على العدالة والمساواة. النجاحات التى تحققت بفضل هذه الثورة، سواء على صعيد الأمن والاستقرار أو على صعيد تمكين المرأة وبناء مشروعات قومية ضخمة، تؤكد أن 30 يونيو ستظل نقطة تحول تاريخية فى مسيرة الوطن.

إن الحديث عن ثورة 30 يونيو لا يكتمل دون الإشارة إلى التحولات الثقافية والاجتماعية التى نتجت عنها. هذه الثورة أعادت الروح للشعب المصرى، وأيقظت فيه شعوراً بالفخر والانتماء. لقد استعاد المصريون ثقتهم بأنفسهم وبقدرتهم على تحقيق التغيير. الإعلام المصرى لعب دوراً كبيراً فى تعزيز هذه الروح الوطنية، من خلال تسليط الضوء على النجاحات والإنجازات التى تحققت بعد الثورة، ومن خلال دعم القضايا الوطنية وتعزيز القيم والمبادئ التى تمثل الهوية المصرية الأصيلة.

ومع استمرار هذه المسيرة، تبقى التحديات قائمة، إلا أن الإرادة الصلبة والعزيمة التى أظهرها الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو تبعث برسالة أمل وتفاؤل بأن المستقبل سيكون أفضل. فالمصريون الذين اجتمعوا على قلب رجل واحد لتحقيق التغيير، قادرون على مواجهة أى تحديات قادمة، وبناء وطن يليق بتضحياتهم وأحلامهم. إن هذا العزم والإصرار هو ما سيضمن لمصر أن تبقى دائماً قوية ومستقرة، وقادرة على تحقيق المزيد من الإنجازات والتقدم فى مختلف المجالات

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: 30 يونيو الاخوان الإرهاب الإخوان الشعب المصرى ثورة 30 یونیو

إقرأ أيضاً:

سوريا والعبور نحو المستقبل

سيبقى يوم الثامن من شهر كانون الأول/ ديسمبر يوما عظيما في حياة السوريين، وشاهدا يؤرخ سقوط أسوء الديكتاتوريات ومنظومات الحكم الاستبدادي على الإطلاق. أربعة وخمسون عاما رزح الشعب السوري خلالها تحت إجرام طغمة حاكمة تعاقب على قيادتها الأب والابن؛ من عائلة لم تحمل يوما من الأيام إلا الحقد والكراهية لشعب طيب مكافح معروف بتفوّقه وجدارته أينما حل وارتحل في أصقاع المعمورة، وتعاقبا على تحويل الوطن بترابه وسمائه إلى سجن ومعتقل قيدا فيه أحلام السوريين بمجتمع الحرية والكرامة والعدالة.

بدأت القصة مع الأب الذي باع جزءا من تراب الوطن في صفقة سهلت له الوصول إلى كرسي الحكم، وانكب على اكتساب مشروعيته في السلطة من خلال النضال المزعوم لدعم القضية الفلسطينية وتحرير الأرض التي باعها وقبض ثمنها. فلسطين التي عرفها السوريون من خلال فرع الاستخبارات الشهير الذي جثم لعقود على صدر الأحرار والأبرياء، وفلسطين التي اخترع جيشا لتحريرها أسماه جيش التحرير الفلسطيني من دون أن يطلق طلقة واحدة لتحريرها، ثم فلسطين التي استنسخ من كل تنظيماتها نسخة تعمل على هواه وتشق الصف الفلسطيني، وأخيرا فلسطين التي عمل مع حلفائه على حصار أبنائها وتصفيتهم في مخيمات الذل والعار والهوان في لبنان.

ومن مشروعيته القومية في الخارج إلى مشروعه الطائفي في الداخل، انتقل حافظ الأسد بخطوات حثيثة إلى السيطرة على الحياة السياسية في البلد، من تصفية حلفاء الأمس وخصوم المرحلة، إلى السيطرة على النقابات والمنظمات، وتجفيف المجتمع المدني، وصولا إلى إنهاء وجود السلطة الرابعة وتركيز كل السلطات السياسية والتشريعية والقضائية في قبضة واحدة كان لها القوة والقدرة على تدمير مدينة حماة فوق رؤوس أهلها، في مشهد مأساوي لإنهاء آخر مظاهر المعارضة في سوريا وتدجين الشعب في مملكة الصمت والبؤس.

يشاء القدر أن يقول كلمته في سوريا ويخرج مشروع التوريث الذي أعد له الأب بعناية فائقة عما تم رسمه له بعد مقتل ابنه البكر في حادث غامض أوائل العام 1994، ليترك الأب في حالة ذهول ويترك الشعب بانتظار ما سيحمله له الوريث الجديد من تغييرات قد تمحو آثار الماضي وتفتح صفحة جديدة؛ مع شعب متسامح لم يحمل يوما حقدا أو ضغينة على أي من شعوب المنطقة بكل مشاربها وأعراقها.

بعد 11 عاما من حكم الوريث القاصر انضمت سوريا إلى قطار الشعوب المنهكة الراغبة في الولوج إلى ربيع عربي يزهر عدلا وحرية ورخاء، لكن هذا القطار تعرض إلى الكثير من الصدمات ومضت كلٌ من عرباته خارج سكتها لتبقى سوريا وشعبها الثائر على الطريق الوعر والشائك، طريق شهد كل أنواع الإثم والعدوان؛ من قصف بري وجوي، إلى هجمات كيماوية وبراميل متفجرة مملوءة بأحقاد طائفية، إلى الموت في مخيمات اللجوء بردا وحوعا وحرقا، مرورا بالموت غرقا في بحار ابتلعت أهلنا المهجرين الذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت.

استمرّ قطار الثورة السورية في رحلته نحو الربيع المنشود، وسط خذلان دولي وتواطئ على قتل هذا الشعب الذي تم ترك وحيدا أعزل في مواجهة مليشيات طائفية ومرتزقة مأجورين تم استجلابهم هذه المرة بموافقة الوريث القاصر الذي كرر ما قام به الأب قبل أكثر من أربعة عقود ليقوم بالبيع، لكن هذه المرة بيع الوطن كاملا لمشروع فارسي مدمِّر هجّر أكثر من خمسة عشر مليونا وقتل أكثر من مليون شخص ودمر مدنا بأكملها؛ من الموصل إلى أغلبية التراب السوري.

لم تنته قصتنا ولم يدخل اليأس قلب من ركبوا قطار هذه الثورة وخاضوا غمارها وجمحوا في مغامرتها حتى الجنون، ولم يكن ذلك الجنون إلا العمل والتحضير لتحرير سوريا كلها وإنهاء حكم العائلة التي حولت سوريا من بلد كنا نتغنى بالحديث عنه كمهد الحضارات إلى أرض المخدرات.

لم تذهب قوافل الشهداء وتضحيات المعتقلين والمغيبين قسرا سدى، بل كتبت بمداد من دم سفرا خالدا يروي قصة تضحيات شعب عظيم لم يقبل أن تختزل بلاده وتاريخها العريق بعائلة احترفت الإجرام والخيانة وحكمت بمنظومة الظلم والاستبداد
لم تذهب قوافل الشهداء وتضحيات المعتقلين والمغيبين قسرا سدى، بل كتبت بمداد من دم سفرا خالدا يروي قصة تضحيات شعب عظيم لم يقبل أن تختزل بلاده وتاريخها العريق بعائلة احترفت الإجرام والخيانة وحكمت بمنظومة الظلم والاستبداد. وشهد السوريون والعالم أجمع أن قوات الثورة لم تدخل إلى دمشق الفيحاء وحلب الشهباء وحماة أبي الفداء وحمص ابن الوليد على أصوات ونيران المدافع، بل على صوت عبد الباسط الساروت وابتسامة حمزة الخطيب ومشهد انشقاق الشهيد حسين الهرموش، وغيرها من مشاهد الأبطال العظام من بنات وأبناء هذه الثورة التي كان النصر خيارها الوحيد وجزاءها الأكيد.

سوريا تعبر نحو المستقبل وكلنا تفاؤل وأمل بالشعب السوري أن ينهض من جديد وينفض عنه غبار الحرب التي دمرت حجره لكنها لم تدمر إرادته، كلنا أمل أن الشباب الذين خرجوا يوما بالباصات الخضراء وعادوا اليوم محررين لبلدهم سينتقلون مع كل أبناء شعبنا من مرحلة الثورة إلى بناء دولة المؤسسات، فهم أهلنا ونحن أهلهم، وهؤلاء الشباب أشرف من رأس المنظومة ومن معه ممن فروا وتركوا البلاد وكأنهم لم يشربوا يوما من مائها.

سوريا إلى خير بهمة أبطال التحرير وسواعد بنات وأبناء البلد جميعا، فكلنا شركاء في رحلة تأخذنا جميعا إلى ربيع مستدام يزهر فيه الياسمين والجوري من جديد، ويبقى فيه سيف بني أمية ممشوقا ومجردا من غمده يحرس أبناء الوطن جميعا يقظا متوثبا للذود عنهم وحماية ترابهم الذي عشقوه وضحوا من أجله.

مقالات مشابهة

  • "رحلة" كانت نقطة تحول.. من أين أتت خطة ترامب بشأن غزة؟
  • أسرار أم كلثوم.. لا يعرفها أحد!
  • سوريا والعبور نحو المستقبل
  • رواق عمر بن الخطاب: نقطة تحول جديدة لراحة الزوار حول المسجد النبوي .. فيديو وصور
  • د.حماد عبدالله يكتب: قراءة فى صفحات تاريخ الوطن !!
  • محمد عبدالقادر يكتب عن رحلة المخاطر والبشريات
  • الشرع: الشعب السوري لن ينسى وقفة تركيا معه والمرحلة المقبلة تشهد تحولًا في العلاقات
  • البريد فى عامه الـ160: نجاحات بارزة وطموحات تصطدم بالتحديات
  • المستشار وليد رضوان يكتب: أزمة القوانين الاستثنائية فى العلاقة بين المالك والمستأجر
  • مصر الدرع والسند لـ«غزة».. القاهرة أطلقت عشرات القوافل لإغاثة أهل القطاع (ملف خاص)