عبدالناصر قنديل يكتب: لماذا كانت الثورة واجبة؟
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
يمثل الحراك الجمعى المصحوب بتأييد شعبى واسع حالة استثنائية خاصة فى تاريخ الشعوب والأمم؛ تستدعى حشد طاقات وتوافر ممكنات ذات طبيعة خاصة لا تتوافر للأمم إلا فى حالات شديدة الخصوصية تستدعى إحاطتها بهالة وإفراد صفحات متفردة لها فى التاريخ الإنسانى من منطلق أن تكرارها أمر يمكن الطموح له لكن لا يمكن تحديد موعده مطلقاً، ومن هنا تأتى الاستثنائية والانبهار بالحالة المصرية التى تصر دوماً على تعليم البشرية والإنسانية معنى أن تكون مصرياً.
فما كاد العالم يستفيق من حالة الانبهار والتأمل فى المسلك المصرى المصاحب لانتفاضته الشعبية لتنحية حاكم استبد بموقعه لثلاثة عقود تراكم فيها الفساد والاستبداد لدرجة خال البعض معها استحالة تصحيح المسار، فإذا بالشعب المصرى يخرج إلى الساحات والميادين طوال ثمانية عشر يوماً من (25 يناير 2011) وحتى (11 فبراير 2011) متمسكاً برحيل النظام ورافضاً لكل المسكنات والتنازلات التى لا ترقى لآماله حتى تحقق له ما أراد لحظتها، وإن كانت مكاسبه قد تسربت من بين يديه فى لحظات تالية لسوء إدارة المرحلة الانتقالية، ليعود الشعب وبعد عامين ونصف (فقط) من موجته الثورية الأولى وعام (أول) من حلف اليمين للرئيس الجديد ليستجمع طاقة ما كان للكثيرين توقع امتلاكه لها بل والاحتشاد بأعداد فاقت بأضعاف وصلت إلى (أربعة) أضعاف حجم الحشود الشعبية السابقة لتنحى مبارك، وفق وكالات أنباء عالمية، بل ووصفها البعض بأنها أكبر موجة ثورية فى تاريخ البشرية وتجمع بشرى استثنائى يصعب تخيل إمكانية تكراره مستقبلاً ليعزل الشعب رئيساً رآه أقل من حجم طموحاته ولا يحقق للثورة مطالبها التى قامت من أجلها بقدر ما يحقق لتنظيمه الخاص إملاءاته التى يأمره بها.
وقد مهد للوصول لتلك اللحظة التردى الشديد فى الأداءات السياسية المباشرة لذلك الرئيس المنتخب مع حالة الالتباس الواضحة فى المواقف والانحيازات بل والقرارات أيضاً، وهو ما تبدى من اللحظة الأولى فى عملية حلف اليمين التى كررها الرئيس عدة مرات؛ من ميدان التحرير إلى المحكمة الدستورية إلى جامعة القاهرة، ومن الحلف أمام شباب التحرير إلى تكراره أمام قيادات جماعته وتنظيمه ليظهر مرسى رئيساً مرتبكاً وشخصاً منفذاً للإملاءات أكثر مما هو قادر على اتخاذ القرار والذى تظهر دلالاته فى رصد وتحليل العديد من المواقف المرتبطة بقراراته على النحو التالى:
أولاً: غياب مبادئ المشاركة فى صناعة واتخاذ القرار الرئاسى (الانفراد بالقرار)، حيث عكست قرارات الرئاسة المصرية حالة من الانفراد التام للرئيس وحزب الجماعة الحاكم بصناعة القرار الرئاسى الذى لم يشرك فيه أى قوى سياسية أو حزبية أو سلطات الدولة غير المسيطر عليها من قبل الجماعة.
ثانياً: عشوائية القرار السياسى، حيث لم ترتبط قرارات مؤسسة الرئاسة بأى شكل من الأشكال بالوعود الرئاسية قبل تولى المنصب أو بالبرنامج الانتخابى أو بخطة استراتيجية ممنهجة، ولكنها عكست سيلاً من قرارات التعيين والتنظيم العشوائى لمؤسسات الدولة.
ثالثاً: تجاوز حدود السلطة وإهانة الدستور والقانون، حيث حملت القرارات الرئاسية منذ بداية العام الأول للرئيس تصادماً واضحاً مع السلطة القضائية وغياباً تاماً لاحترام أعلى سلطات الدولة عندما بادر بإقرار عدد من الإعلانات الدستورية تصدّرها إلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا الخاص ببطلان تشكيل مجلس الشعب بعد أيام معدودة من توليه السلطة، وثانيهما تمثل فى قرار إقالة النائب وتعيين نائب عام جديد، أما القرار الثالث فقد كان تحصيناً لقراراته وإعلاناته من الطعن أو الإلغاء بشكل فج مثّل استهانة كاملة للمؤسسة القضائية وللقانون والدستور المصرى.
رابعاً: استخدام القرارات الرئاسية لتصفية حسابات حزبية وتحقيق مصالح حزب الجماعة الحاكم مثل صدور قرارات بالعفو الرئاسى عن فصيل كبير من المحكوم عليهم فى قضايا جنائية من المنتمين لتيار الإسلام السياسى، بالإضافة لقرارات تخصيص الأراضى والتعيين وقرارات الصراع مع السلطة القضائية والمجتمع المدنى بما جعلها نموذجاً مهماً لتوجهات الرئاسة حول تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين والمدنيين لصالح تحقيق مصالح وأهداف الجماعة الحاكمة.
ليصبح الحراك الثورى للشعب المصرى فى 30 يونيو وما حققه فى موجته الثورية الثانية من إنجاز رآه البعض مستحيلاً سواء بالخروج بهذا العدد أو مواجهة تنظيم وراءه تنظيمات وأعوان وجماعات مصالح داخلية وخارجية وممكنات عنف يجرى التلويح بها فى كل لحظة ليخلع حاكماً ديكتاتورياً ويزيح جماعته وإخوانه؛ يصبح هذا الحراك بمثابة درس مهم وقاسٍ لكل من يفكر فى الاستهانة بإرادة هذا الشعب أو محاولة تغيير هويته والتحكم فى مصالحة لصالح تنظيمه وجماعته التى لقنها المصريون درساً يصعب أن تطويه صفحات التاريخ
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: 30 يونيو الاخوان الإرهاب الإخوان
إقرأ أيضاً:
السلطة المحلية بمحافظة ذمار تعلن موقفها من العفو الحوثي عن قاتل المواطن طارق الخلقي .. عاجل
أدانت السلطة المحلية بمحافظة ذمار بشدة قرار مليشيات الحوثي الإرهابية العفو عن قاتل المواطن طارق بازل الخلقي في سابقة خطيرة تؤكد مدى استهتار المليشيات المارقة بحياة المواطنين وهدر دمائهم."
وقالت السلطة المحلية بمحافظة ذمار في بيان صادر عنها اليوم: "في الوقت الذي تسعى فيه المليشيات الانقلابية لتنفيذ أحكام إعدام أصدرتها في يونيو المنصرم بحق 41 مدنيًا مختطفًا لديها، معظمهم من أبناء محافظة ذمار، في محاكمات صورية جائرة، فإنها تعفو عن المدعو إبراهيم مطير، المدان من قبل منظومتها القضائية بقتل المواطن طارق بازل الخلقي.
وأوضحت أن طريقة تعاطي المليشيات الحوثية مع أحكام المحاكم الخاضعة كليًا لسلطتها تؤكد أنها تستخدم القضاء كأداة للانتقام السياسي لتصفية حساباتها مع خصومها، فتحكم بإعدام من تشاء كما فعلت مع المدنيين الأبرياء، وتعفو عن من تشاء كما فعلت مع قاتل المواطن الخلقي، في استهتار واضح بحياة المواطنين وحقوقهم، وتناقض صارخ يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه المليشيات غير معنية بتحقيق العدالة بأي شكل من الأشكال.
واعتبرت أن قرار العفو الصادر ممن لا يملك حق العفو لمن لا يستحقه ماهو إلا دليل إضافي على أن المليشيات الحوثية لا تأبه بحياة اليمنيين ولا بحقوقهم، وتكشف عن مساعيها الخبيثة لتأجيج الصراع وإشعال نيران الثأر بين اليمنيين.
وأهابت السلطة المحلية لمحافظة ذمار بكافة المواطنين بعدم التعامل مع أي قرارات صادرة عن المليشيات الحوثية أو "قضائها" المسلوب الإرادة، سواء في قضية المواطن الخلقي أو قضية المعتقلين المدنيين الذي أصدرت المليشيات أحكام إعدام بحقهم أو غيرها من القضايا المتعلقة بنهب الأموال العامة والخاصة ورفض تلك القرارات باعتبارها قرارات فاقدة للمشروعية القانونية والأخلاقية، وتفتقد لأبسط مبادئ العدالة.
مؤكدة تضامنها الكامل مع أبناء قبيلة عنس عامة ومع آل الخلقي بشكل خاص حتى نيل كافة حقوقهم المقررة شرعاً وقانونًا وعرفًا، ولن تسقطها قرارات مليشيات عابثة استباحت دماء اليمنيين ودمرت وطنهم.